على الضفة الأخرى، تنفي مصادر قريبة من «الحزب» وجود «أيّ لقاء أو حوار سياسي «مع القوات»، بل إنّ التواصل محدود بين زملاء وزراء أو نواب فقط». وإذ تشير الى أنّ «هناك الكثير من الخلافات المبدئية مع «القوات»، تقول: «لكن في النتيجة الحزبان لبنانيان، ولديهما قواسم مشتركة في إطار المصلحة الوطنية، ولا مانع من حصول لقاء كهذا في يومٍ من الأيام، ففي لبنان كلّ شيء وارد.
 

كتبت راكيل عتيِّق  في الجمهورية  : 

 


يُشدّد حزب «القوات اللبنانية» على خطوات إصلاحية أساسيّة توفّر على لبنان مليارات الدولارات، وتُخفّض من عجز الخزينة والموازنة العامة، وتُسهم في حلّ جزء من المشكلة المالية - الإقتصادية، ومن بينها إغلاق المعابر غير الشرعية، الأمر الذي يدرّ على البلد نحو 200 مليون دولار. وفي إطار هذه المطالبة، تغمز «القوات» من قناة «حزب الله»، على لسان مسؤوليها، ومن بينهم رئيس الحزب سمير جعجع، الذي تطرّق الى هذا الموضوع من القصر الجمهوري.

 

 

بعد انتهاء الإجتماع الوطني المالي، الذي عُقد في 6 أيار الجاري في القصر الجمهوري في بعبدا، قال جعجع، إنّ «هناك مسألة المعابر غير الشرعية، والجميع يعرف بوجودها، وانا لا أتكلّم عن زواريب إنّما عن طرقات تعبر عليها شاحنات، وأكثر من محطة تلفزيونية صوّرتها»، مشيراً الى أنّ رئيس «الحزب الديموقراطي اللبناني» طلال ارسلان استغرب خلال الإجتماع، وجود بضائع في الضاحية الجنوبية تُباع بسعر أقل بنحو 40 أو 50% من سعر السوق.

 

 

وقال جعجع: «على سبيل المثال، يُمكنك أن تذهب الى زحلة، حيث تشتري من صالات العرض بسعر معيّن، وإذا ذهبت نحو 2 كلم في اتجاه السهل، فأنت تشتري بنحو 20 الى 40 في المئة أقل». وأكّد أنّ «الجيش والقوى الأمنية تعرف هذه المعابر وباستطاعتها إقفالها سريعاً، إنّما يحتاج الأمر الى قرار».

 

وعلى رغم أنّ «الديموقراطي اللبناني» أوضح أنّ ما قصده أرسلان يختلف عمّا أشار اليه جعجع، إلّا أنّه كان جلياً أنّ «استشهاد» جعجع بكلام أرسلان عن الأسعار في الضاحية الجنوبية، حيث الفاعلية الأكبر لـ»حزب الله»، يهدف الى الإشارة الى الجهة التي تستفيد من التهريب أو تغطّيه. كذلك، يغمز «القواتيون» من قناة «حزب الله» حين يُطالبون بضبط المرفأ والجمارك.. وكلّ ما هو متّصل بعمليات التهريب، إن عبر المعابر الشرعية أو غير الشرعية.

 

 

بالنسبة الى «حزب الله»، إنّ هذه «الإتهامات غير جديدة ولن تنتهي». وتقول مصادر مطّلعة على موقف «الحزب»: «لو أنّ هذا الكلام صحيحاً لما بقي كلاماً فقط، خصوصاً الآن في عصر الهواتف الذكية ومواقع التواصل الإجتماعي، حيث لا يُمكن إخفاء أيّ شيء، ويُمكن أيّ موظّف أن يوثّق هذه العمليات بالصوت والصورة». وتؤكّد أنّ «أصحاب هذه الإتهامات لو كانوا يملكون إثباتات «لخربوا الدني»، ولا يُمكن توجيه الإتهامات من دون إثبات».
وإذ تشير الى أنّ «كلّ الأجهزة الأمنية موجودة في المرفأ على سبيل المثال، من الجمارك الى الجيش ومخابرات الجيش والمعلومات..»، تسأل: «كيف يسيطر «حزب الله» على المرفأ؟ وما علاقة «حزب الله» بالمعابر غير الشرعية في الشمال؟». وتقول: «أمّا في البقاع فالحزب هو أكثر من يُعاني من هذه المعابر ويُطالب الجيش بإغلاقها، إذ إنّ كثيرين من المزارعين الذين يخسرون جرّاء التهريب هم من جماعة «الحزب».

 

 

وإذ تعترف المصادر أنّ «الحزب» يستخدم معابر لإمرار المقاتلين الى سوريا، تؤكّد أنّ «المعابر التي يستخدمها الحزب، ممنوع أن يمرّ عبرها إلّا «العسكر»، وتحديداً العسكري أو المقاتل الذاهب بمهمة، ويملك بطاقة تخوّله المرور».

 

 

أمّا بالنسبة الى «القوات» فـ»بمعزل عن الإثباتات التي تدين أيّ طرف، هناك واقع مشكو منه، والجميع يعلم كيف تخرج البضائع من المرفأ وتذهب الى نقطة خلف الحدود، ثمّ تعود الى لبنان، بلا دفع الضريبة على القمية المضافة TVA، وكيف تستفيد هذه الجماعات من هذا الواقع، وتعيد إدخال البضائع الى لبنان بخلفية أنها ستُصدّر الى الخارج».

 

 

وتقول مصادر «القوات»، إنّ «الجميع يتحدّث عن نقاط معروفة وتقارير مثبتة، وبمعزل عن اتّهام أيّ طرف، المطلوب الآن وبإلحاح إقفال هذه المعابر التي تخسّر لبنان ملايين الدولارات، فضلاً عن ضبط المعابر الشرعية، وضرورة تغيير الإدارة الجمركية، من رأس هرمها الى أسفل قاعدتها لضبط هذه المسألة».

 

 

 
في الموازاة، يستمرّ الحديث عن تقارب بين «القوات» و»حزب الله»، على رغم الخلافات والتباعد الإستراتيجيين والتاريخيين والعقائديين بين الحزبين، وذلك استناداً الى أنّ أكثر من تعاون حصل بين الطرفين على المستويين النيابي والوزاري. إلّا أنّ «القوات» تعتبر أنّ «الإلتقاء ضمن المؤسسات الدستورية شيء وخارجها شيء آخر». وتقول مصادرها، إنّ «هناك تعايشاً قسرياً بين «حزب الله» والقوى السياسية الأخرى المعارضة له ضمن المؤسسات، انطلاقاً من الحرص على الإستقرار ورفض إنزلاق لبنان نحو الفوضى الكارثية».

 

 

وتوضح، أنّ «الإلتقاء ضمن البرلمان والحكومة طبيعي، انطلاقاً من التعايش المفروض منذ عام 2005، والمُتّبع حتى الآن، وأنّ للقاء خارج المؤسسات مدلولات أخرى، خصوصاً أنّ هناك خلافاً عميقاً بين الطرفين على مستوى استراتيجية كلّ منهما. فاستراتيجية «القوات» تقوم على بناء دولة حرّة سيّدة مستقلّة ممسكة بقرارها الإستراتيجي، تلتزم سياسة صارمة في موضوع النأي بالنفس ولبنان نهائي، بينما استراتيجية «الحزب» مختلفة، فهو يعتبر لبنان منصة لمشروعه الإقليمي، ولا يلتزم سياسات النأي بالنفس، ويمتلك السلاح خارج إطار الدولة، ما ينعكس سلباً على الدولة وسيادتها وعلاقاتها الخارجية واستقرارها المالي والنقدي».

 

 

حسب «القوات»، إنّ «إيديولوجية «الحزب» ونظرته الى لبنان ومعناه وفلسفته، تُعارض فلسفة «القوات»، وفي ظلّ هذا التباعد الإستراتيجي الكبير في الرؤيتين لكيانية لبنان وبُعده، لا مجال لحصول الإلتقاء بينهما خارج المؤسسات. فهذا اللقاء غير مفيد ولا يؤدي النتائج المطلوبة، ولا مجال لحوار في ظلّ هذا الخلاف الكبير والإستراتيجي والعميق. وإنّ التعاون مُقتصر على مساحة مشتركة هي المؤسسات الدستورية، وذلك لدفع الأمور قدماً نحو مزيد من الإستقرار على كلّ المستويات، ونحو دولة المؤسسات».

 

 

على الضفة الأخرى، تنفي مصادر قريبة من «الحزب» وجود «أيّ لقاء أو حوار سياسي «مع القوات»، بل إنّ التواصل محدود بين زملاء وزراء أو نواب فقط». وإذ تشير الى أنّ «هناك الكثير من الخلافات المبدئية مع «القوات»، تقول: «لكن في النتيجة الحزبان لبنانيان، ولديهما قواسم مشتركة في إطار المصلحة الوطنية، ولا مانع من حصول لقاء كهذا في يومٍ من الأيام، ففي لبنان كلّ شيء وارد».

 

 

والى أسباب البُعد والخلاف العميقة والجذرية، تعترف المصادر، أنّ «زعل» حليف «مار مخايل» «التيار الوطني الحر» ورئيسه جبران باسيل «قد يكون الآن، أحد أسباب 
عدم تفعيل أيّ حوار بين «حزب الله» و«القوات».