لعب النظام السوري دوراً في تقديم المعارضة على أنها القاعدة، ومجموعة من الارهابين الذين يريدون هدم سورية تلبية لمصالح خارجية، وتنفيذاً لمؤامرات خارجية انتقاماً من موقع النظام الممانع، والمقاوم ،ونتيجة لارتباطه العميق بالجمهورية الاسلامية الايرانية .
ونتيجة لحساسية أمريكية من الارهاب القاعدي، حاولت القيادة السورية لفت نظر الدول الغربية الى الارهاب كبديل عنه اذا ما تُرك مستشرياً ومستشرساً في سوريا ،تماماً كما فعل من قبل الليبي معمَر القذافي، واليمني علي عبدالله صالح .
بعد سنتين من عمر الأزمة السورية، مازال النظام مصرَاً على أنَ النُصرة ربيبة القاعدة، هي من تقود تفتيت سورية خدمة للارهاب والمؤامرة .
ساهمت المعارضة السورية من خلال انقساماتها وبعدها عن المشهد الداخلي وممارسة أدوارها الاعتراضية من الخارج ،في جعل جبهة النُصرة جبهة وازنة وفاعلة في سورية وضمن مستويات متعددة، تبدأ بمبايعتها لتنظيم القاعدة، واستمالتها لسوريين مستسلمين لخدماتهم المُنظمة، ولا تنتهي عند حدود مذهبة الصراع ،ومنح الحرب بعداً جديداً يلبي رغبات عدوة لسورية وللعرب .
كما أن تنادي المعارضة ،ودعوتها الغرب والولايات المتحدة تحديداً الى التدخل المباشر لتغيير النظام وبسرعة، مساهمة مضافة، لأن تمديد الأزمة بحسب رأيها سيضاعف من قوَة النُصرة، ويجعل من لحية القاعدة طويلة جداً في سورية، وبالتالي ستكون هناك صعوبة في مقاومة التطرف اذا ما سيطر، وخسر العلمانيون نفوذهم المعنوي على المعارضة المسلحة في سورية .
اذاً استخدم النظام والمعارضة ورقة النُصرة ،ولوَح كل منهما بارهابها طمعاً بنصرة حقيقية من أوروبا وأميركا، وغاب عنهما ،أن توظيفهما السياسي للنُصرة ،غير موفق ،لأن الأبعاد التي اتخذتها الأزمة السورية، والمساهمات المتعددة في حروبها الدائرة تحت عناوين متعددة تتيح للمصالح الغربية عروضاً أفضل بكثير من عرضيَ النظام والمعارضة .
بتقديري أن أمريكا تحديداً، تريد للنُصرة وأمثالها من المتطرفين ،ومن "المعتدلين" من أهل الاسلام السياسي، والجهادي، أن يسيطروا على الربيع العربي من جهة، وعلى عموم البلدان العربية والاسلامية، انسجاماً مع مصالحها الحيوية في تسليم السلطويات الى النُخب الاسلامية، وتلبية منهم لرغبات عربية واسلامية تجدُ في الصيغ الاسلاموية حلولاً لمشاكلها المتكدَسة منذ حلول الدولة الوطنية وبصفتها العلموية.
ان حاجة كلً من الولايات المتحدة الأمريكية، والشعوب العربية والاسلامية، الى الاسلاميين بفروعهم، وبصيغهم كافة، تدفع بطريقة هائلة بوصولهم الى السلطة ،طمعاً بالوصول الى رغبات مختلفة ،تعطي الغرب حاجات ملحة في الأمن، والاستقرار ،والسلام ببعده الاسرائيلي، اضافة الى الاستثمار وورشه الاقتصادية ، وتعطي الشعوب العربية والاسلامية فرصتهم المعتمدة على الغيب، لتوفير احتياجاتهم الدنيوية المُزمنة ، وجاءت صناديق الاقتراع في مصر وتونس وليبيا، مصادر حيَة، ودلائل مشيرة بوضوح الى الحلَ الذي انتظروه طويلاً . كما أن أحجام التنظيم الاسلامي بمذاهبه وتيَاراته، من المشرق العربي، والى مغربه، وحيث يرتفع آذان للمسلمين ،هي القوة الفاعلة والوازنة والقادرة على تحريك الرأي العام بشعوذة صغيرة ،ومن أصغر مشعوذ لديها .