لم تكن مواقف الدكتور سمير جعجع جديدة بل هي بنت تاريخه ونضالاته، وبنت الرؤية والبرنامج وبنت التضحيات القديمة والحديثة وبنت الجمهورية القوية، الجمهورية التي يراد لها أن تحمي الدولة والوطن والمؤسسات بعيدا عن المزايدات على حساب هذه الجمهورية وشعبها، كما فعل ويفعل كثيرون.
 

سمير جعجع "حكيم القوات" نجم وسائل الإعلام المحلية والعربية منذ أيام بعد إطلالته الإعلامية مع مندوبي المواقع الإلكترونية في لبنان، واللقاءات العامة اليوم هي بحدّ ذاتها جرأة لأنه زمن الكورونا الذي فرض سطوته على أكثر من صعيد محليا وعربيا ودوليا.

 

يطل الدكتور جعجع القديم والجديد بنسخة واحدة عمرها عشرات السنين من التضحيات، التضحيات المفعمة بالقيم اللبنانية، بقيم الإنتماء لوطن واحد وشعب واحد، بقيم الإنتماء للدولة والمؤسسات، بقيم الثبات على مبدأ واحد، مبدأ الوطن، المبدأ غير القابل للتجزئة، وهو المبدأ الذي لا يقبل القسمة على ما عداه من أرقام ثانوية هو مبدأ لبنان الواحد الموحد، وهو نفسه لبنان الذي حمله جعجع في عقيدته السياسية التي لا تقبل التصنيف بين القديم والجديد لان قناعة الولاء للوطن هي واحدة.

 

سمير جعجع هو واحد وأوحد من السياسيين اللبنانيين ومن الزعامات السياسية اللبنانية الذي دفع أثمانا باهظة للثبات على مبادئه وقناعاته ولم يزل، وهو واحد من السياسيين اللبنانيين المنسجم أكثر مع تاريخه وحاضره، وهو الوحيد الذي امتلك بين سياسيي لبنان جرأة تقديم البرنامج، "برنامجه الإنتخابي" وهو برنامج بحجم وطن "الجمهورية القوية" ومنه وعليه ما زال "الحكيم" ينبض بمواقفه، مواقف خارج التسويات والمحاصصات إلا لمصلحة الوطن.

 

مواقف الدكتور جعجع الأخيرة أمام مندوبي المواقع الإلكترونية في لبنان تصدرت إهتمامات الصحافة اللبنانية والإعلاميين اللبنانيين، وخضعت لكثير من التحليل والتأويل والتحوير، وقد ظن بعض الإعلاميين الجدد أنها مادة للصعود والنجومية فحللوا وقائع الحديث الصحفي للدكتور جعجع بما ينسجم أكثر مع ما هو رائج اليوم من صراع حول "التراند" الإعلامي فوقعت هذه المحاولات خطأ مهني، وربما في إعلامنا اللبناني اليوم يكون هذا مقصودا وله مبرراته وأهدافه لا سيما إذا كانت منصات النشر منصات إعلامية حديثة، ولا سيما أيضا كان المنتقدون أصحاب غايات تتصل بتاريخهم مع الدكتور جعجع وجل ما في الأمر أنهم انصرفوا لمصالحم بينما ذهب جعجع إلى لبنانه.

 

لم تكن مواقف الدكتور سمير جعجع جديدة بل هي بنت تاريخه ونضالاته، وبنت الرؤية والبرنامج وبنت التضحيات القديمة والحديثة وبنت الجمهورية القوية، الجمهورية التي يراد لها أن تحمي الدولة والوطن والمؤسسات بعيدا عن المزايدات على حساب هذه الجمهورية وشعبها، كما فعل ويفعل كثيرون ممن امتهنوا المكر السياسي والخداع الإعلامي، وممن امتهنوا نقل البندقية من كتف إلى كتف، وممن امتهنوا تعجيل المواقف حسب الأهواء والمصالح الشخصية فيختلف الموقف بين أن أكون وزيرا سياديا أو أن أكون مشروع زعيم يتلطى خلف اللحظة المناسبة للإنقضاض على من خلقني في السياسة وسوّاني في الزعامات.


قارب الدكتور جعجع اللحظة السياسية بعناية فائقة لأن البلد كله في العناية الفائقة، ولأن الوقت الذي يمر به لبنان اليوم بحاجة إلى عقلاء لا متهورين، وبحاجة إلى حكماء لا غوغائيين، وهكذا كان "الحكيم" في مقاربة اللحظة اللبنانية وتصنيفها بين المهم والأهم، وبين العاجل والمتأخّر وبين ما هو أولوية وبين ما هو ثانوي في اللحظة الراهنة، فكان سمير جعجع حكيما وأكثر.

 سمير جعجع بين الثابت والمتغير شُبّه لهم، لأنه إبن اللحظة اللبنانية فقط وما تريد هذه اللحظة الآن المزيد من التعقل، والمزيد من الحكمة فقارب الأزمة بمسؤولية وطنية بعيدا عن المزايدات وبعيدا عما يريده الآخرون لأن الوطن والضرورات الوطنية فوق كل اعتبار، وأما في السياسة الممتدة على كل شبر من أرض لبنان فلكل حادث حديث وموقف، هو الموقف نفسه الذي لا يحيد عن القيم الوطنية والإنتماء الوطني أولا وأخيرا.