عودة الحريري هذه المرة ليست كما المرات السابقة. فهو لم يعد مظفراً على حصان أبيض، كما لم يستقبله آلاف المناصرين الى بيت الوسط لمبايعته، لأنّ هؤلاء منشغلون حالياً في قطع الطرق والإعداد للثورة مع «الثائرين»، بعدما انتهت الإنتفاضة برأيهم وبدأت الثورة الحقيقية. وانشغل الرئيس المستقيل، بعد العودة، بالردّ على «العهد» ومن خلفه، وعلى الذين طالبوه بتصريف الاعمال بواسطة كتلته، بأنّه يعلم واجباته ويقوم بتصريف الأعمال منذ اليوم الأول للإستقالة، فيما هم يريدون تحويل النظر عن فشلهم في تأليف الحكومة... كما لم يتأخّر الحريري في الردّ على الكلام الذي نُقل عن لسان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، عن عدم نيته بإعادة تسمية الحريري مجدداً، حتى لو تمّ سحب التكليف من دياب، فجاء الردّ بلسان كتلته النيابية التي لاقته فور وصوله مساء أمس الى بيت الوسط بالقول: «ومن قال لعون إنّ الحريري سيقبل بالعودة»؟
 

وفي السياق، تجيب مصادر كتلة «المستقبل» عن فرضية مساندتها دياب، بعدما اتضح الانقلاب عليه من قِبل من سمّاه لتأليف الحكومة، وإذا كانت راضية على آدائه بالقول: «ليس هناك رضا او عدم رضا على دياب، بل هناك موقف محايد من كل ما يحصل. فالحريري الذي قال للجميع، اذا لم أتمكن من تشكيل الحكومة كما اريد لن اقف حجر عثرة امام تشكيلها، فهو منذ استقالته يتواصل مع دول عدة ومع المؤسسات العربية والدولية، لكنّ الإجابة جاءت موحّدة من قِبل الجميع «نريد حكومة مكتملة ومجلس وزراء قادراً على الاجتماع واتخاذ القرارات، فلا أحد من تلك الدول مستعد لعقد اتفاقات مع حكومة تصريف اعمال».

 

واضافت المصادر: «بالنسبة للحريري الاولوية هي لتشكيل الحكومة، ورغم أنّ حدود صلاحياته في حكومة تصريف الاعمال ضيّقة جداً، إلاّ أنّ إجازة الأسبوع التي أمضاها خارج البلاد لملاقاة عائلته، لم تنهه عن مواصلة عمله. فهو كان على تواصل يومي مع الداخل والخارج منذ اليوم الاوّل لإستقالته... كذلك، حكومة تصريف الاعمال لا يمكنها تقديم التزامات، فلا احد وفق المصادر «يرمي هباته في سلة مثقوبة»، لأنّه مقابل الهبات على الحكومة تقديم التزامات اصلاحية او مالية او تشريعية او قرارات يجب ان تُنفّذ».

 

وعن إتهام الحريري من قِبل البعض بالتقصير في تصريف الاعمال، إعتبرت المصادر «أنّها كذبة اخترعوها لتغطية فشلهم في تأليف الحكومة».

 

وقالت: «ما يحصل اليوم انّه إذا اتخذ اي وزير قراراً يمكن اتهامه بتخطّي حدود تصريف الاعمال، فكيف اذا أراد الرئيس الحريري ان يوقّع اتفاقاً دولياً مع دول اخرى، فمن المؤكّد عندها انّه سيُتهم بتخطّي حدود تصريف الاعمال».

 

موقف من دياب

وأوضحت المصادر، «نحن لم نتخذ موقفاً من حسان دياب سوى أننا طالبناه بتشكيل حكومة في اسرع وقت ممكن، ولم نضع شروطاً عليه بل وضع الحريري شروطاً على حكومته فقط، اما الآخرون فهم احرارٌ في اختيار شكل حكومتهم. أما الحريري فهو اختار عنواناً واحداً للحكومة التي اراد تشكيلها برئاسته وهي حكومة تكنوقراط او من الاختصاصيين، لأنّ تجربته الشخصية عبر اتصالاته اليومية، تؤكّد صوابية خياره. والرئيس الحريري توقّع الذي يحصل اليوم ونبّه الى ضرورة تشكيل حكومة خلال 24 ساعة، فاتضح له بأنّهم لم يتمكنوا حتى الساعة من الاتفاق حتى على شكلها، وهذه المشكلة واضحة وهي ليست عند الحريري، لأنّه لم يصرف او صرّف الاعمال»!

 

وتؤكّد المصادر، أنّه «لو طُلب من الحريري العودة فهو لن يوافق ولن يعود، وهو ما زال على رأيه من ضرورة تشكيل الحكومة سريعاً، وهو حريص على عدم عرقلتها بأي طريقة، لذلك هو لا يتكلم ولا يعلّق، وعلى رغم من ذلك يُتهم بالعرقلة ويُحمّل المسؤولية فكيف لو تدخّل فعلاً»؟

 

هل يساند الحريري دياب؟

على هذا السؤال، تجيب مصادر كتلة «المستقبل» بأنّ «الحريري لم يرفض تكليف دياب. والذين تظاهروا امام منزل الأخير ليسوا من مناصري المستقبل». و»إذا كان هناك حالة إحباط لدى الطائفة السنّية بعد تكليف اي شخصية تعتبرها الطائفة غير مناسبة للمركز السنّي الاول في الدولة فهذا أمر آخر».

 

«اما «تيار المستقبل»، فقد وقف بوجه المتظاهرين وعانى شعبياً لأنّ الناس عبّرت عن مواقف شخصية لا يمكن لجمها، بالاضافة الى انّ البعض نزل الى الشارع للاعتراض ليس حباً بالحريري بل لأنّهم ليسوا مقتنعين بدياب».

 

كما تلفت المصادر الى انّ «الغضب السنّي قائم ولكن ليس بسبب تيار المستقبل. فمن الواضح انّ الجميع يتساءل من اين نبت حسان دياب في بلد قائم على تقاسم المناصب».

 

وتكشف أنّ «سعد الحريري حاول العودة ولكنه اتُهم بأنّه يمنع غيره من الوصول، واكتشف انّ شروطه للعودة مستحيلة وبالتالي هو اليوم لن يعود بشروطهم او بشروط فاشلة سلفاً».

 

وعن «قصة إبريق الزيت الحكومية»، قالت المصادر: «لم نفهم العقدة حتى الساعة، خصوصاً انّهم اتفقوا في ما بينهم وسمّوا الرئيس وتغنّوا طوال هذه المرحلة بتفاهمهم مع بعضهم، فليتفضلوا إذا وليشكّلوا الحكومة التي يريدون، وليس مطلوباً منهم اكثر من ذلك. فنستطيع التكلم اقلّه مع الخارج».. وتختم المصادر بالتساؤل من هو المعطل؟ وهل هناك ارادة لعدم تشكيل الحكومة؟ وهل هذا مخطط؟

 

ومن المعرقل، دياب ام ذئاب الداخل التي انقلبت عليه؟

بحسب تحليل المصادر نفسها تمّ الإنقلاب على الاتفاق مع دياب عندما ذهب هو الى التشكيل لاسباب عدّة...

 

أما للذين يقولون بأنّ اغتيال سليماني كان السبب الفعلي لتعديل الاتفاقية بين دياب والعهد تسأل المصادر، «أولم يحاول الوزير جبران باسيل وضع يده على الحكومة شكلاً وتشكيلاً في تعيين الوزراء المسيحيين وغيرهم.. قبل اغتيال سليماني؟».