الصحفي: رياض محمد
 
 
 
ما قد يبدو انه نصر امريكي كبير وضربة قاصمة لايران قد يكون في الحقيقة شيء اخر.
 
كان لعملية محاصرة السفارة الامريكية في بغداد هدفين ستراتيجيين:
 
اولهما: اخراج الولايات المتحدة من العراق. ولتحقيق ذلك كان للعملية سيناريوهين مفترضين:
 
الف: ارعاب الحكومة الامريكية بمشهد حشود القادمين للسفارة واجبار الحكومة الامريكية لسحب موظفيها وحتى بعثتها العسكرية من العراق وهو - ان حدث - نصر ستراتيجي كبير لايران. لكن ذلك لم يحدث. فبدلا من اجلاء موظفي السفارة والعسكريين الامريكيين امر ترامب السفير الذي كان في اجازة خارج العراق بالعودة وزاد اعداد العسكريين الامريكيين في العراق. وهذا ما قاد للسيناريو الثاني.
 
باء: استفزاز حرس السفارة عسى ان يطلقوا النار على محاصري السفارة وتحدث مجزرة تؤلب الرأي العام العراقي والعربي والاسلامي والعالمي ضد الولايات المتحدة مما يشكل ضغطا على الحكومة العراقية لانهاء التواجد العسكري الامريكي في العراق. وهذا ايضا لم يتحقق. فقد ضبط حرس السفارة انفسهم ولم يطلقوا رصاصة واحدة.
 
والسيناريو باء يقودنا الى الهدف الستراتيجي الثاني لعملية محاصرة السفارة وهو تسديد ضربة لثورة تشرين في العراق عبر ابعاد الانظار عن ساحة التحرير الى مشهد محاصرة السفارة وابعاد النظر عن قتل المحتجين الى قتل محاصري السفارة (المفترض والمتمنى). ومن ثم محاولة تسديد ضربة قاضية للمعتصمين في التحرير بعد ان تراجعت اهميتهم.
 
وهذا الهدف لم يتحقق ايضا.
 
وهنا يبدو ان عملية السفارة قد فشلت وان الجولة حسمت بخسارة لايران امام الولايات المتحدة.
 
ولكن من جديد فان النصر التكتيكي لا يعني بالضرورة نصرا ستراتيجيا. فعندما تنظر الى الصورة الاكبر ترى ان الهدف الايراني قد تحقق في النهاية. فلثلاثة اشهر ضربت مصالح ايران في العراق واحرقت قنصلياتها وشتمت بالسنة ملايين العراقيين.
 
فكانت خطتها لقلب الاوضاع جر الولايات المتحدة لصراع في العراق مع حلفاء ايران. وهكذا قتل متعاقد امريكي في كركوك فكان الرد مضاعفا مرات ومرات بقصف 5 مواقع لكتائب حزب الله مما ادى لقتل ما لايقل عن 25 من مقاتلي الكتائب. ليعقب ذلك عملية محاصرة السفارة ثم ليعقبها عملية استهداف وقتل اللواء سليماني وابو مهدي المهندس وهو الرجل الثاني في الحشد الشعبي وبدرجة وكيل وزير. وفي النهاية فقد تحقق الهدف الايراني وهو جر الولايات المتحدة لصراع عسكري مع حلفاء ايران العراقيين.
 
من خلال هذا المنطق نستطيع ان نقول ان انتقام ورد ايران على مقتل سليماني والمهندس سيكون من ضمن نفس الاطار الحاكم لعقلية صانع القرار الايراني وهو توسيع دائرة الصراع ليتعب ويفاجيء اعدائها.
 
ماذا يعني ذلك؟ بما ان الضربة الامريكية حدثت في العراق فالكل يتوقع ان يكون الرد ضربات لحلفاء ايران العراقيين تستهدف القوات الامريكية في العراق.
 
لكن ذلك ليس منطق ايران. لو طبقنا منطق صانع القرار الايراني فان الرد الايراني سيكون توسيعا لدائرة الصراع وهذا يعني احتمالين:
 
اولا: استفزاز من حزب الله لاسرائيل لجرها للصراع مما يصعب على اعداء ايران العرب دعم الحملة الامريكية ضد ايران - لان اسرائيل جزء منها.
 
ثانيا: ضربات يشنها حلفاء ايران في منطقة الخليج سواء ضد الامارات او البحرين او السعودية.
 
ان هذا لايعني ان ايران قد لا تلجأ الى ردود اخرى خلال اسبوع او شهر يستهدف المواطنين الامريكيين بالقتل او الخطف او ضد القوات الامريكية في الشرق الاوسط او في اماكن اخرى في العالم او ضد البعثات الدبلوماسية الامريكية حول العالم ايضا.