تتواصل الإتصالات بين اقطاب السلطة السياسية الهادفة إلى تشكيل الحُكومة الجديدة، في ظلّ مُناشدات بضرورة تسريع الإتصالات والجُهود، كي تتمّ عمليّة التشكيل. فما هي المَعلومات المُتوفّرة، وما هي العقبات المَوجودة وتلك المُتوقّعة.
 
مبدئياً ليس دقيق الحديث عن أنّ النقاش لا يزال في مرحلة وضع الهيكليّة العامة للحُكومة، من دون التطرّق للأسماء، بالتزامن مع تسريب بعض الأسماء لإختبار ردّ فعل الشارع عليها. 
 
كذلك من حيث الشكل، جرى التوافق على أن تكون الحُكومة المُقبلة مُصغّرة إلى أقصى الدرجات، وبعد أن كان الحديث عن حكومة ما بين 18 إلى 24 وزيرًا، زاد الحديث أخيرًا عن إمكان أن تكون الحكومة مُكوّنة من 14 وزيرًا فقط. 
يُوجد حاليًا تباين نسبي في مواقف مسؤولي القوى السياسيّة الرئيسة الثلاث التي تمكّنت من إنجاز التكليف بشأن المدى الذي يُمكن الوُصول إليه على مُستوى إستقلاليّة وزراء الحُكومة المُقبلة، في ظلّ تضارب في المَعلومات في هذا الصدد، بين من يتحدّث عن إختصاصيّين مُستقلّين لإمتصاص المُعارضة الداخليّة والخارجيّة على إختلاف أنواعها، ومن يقول عن وزراء إختصاصيّين أيضًا لكن ستتمّ تسمية أغلبيّتهم من قبل قوى الأكثرية النيابيّة، مع تقاسم للوزارات الأساسيّة والخدماتيّة.
 
في هذا السياق إنّ باب التواصل مع تيّار المُستقبل غير مُفتوح سوى جزئيًا، وبالنسبة إلى العقبات المَوجودة وتلك المُتوقّعة، إنّ إزدياد عدد الرافضين الإنضمام إلى الحُكومة المُقبلة بشكل مُباشر أو غير مُباشر، يُمهّد لمعارضة داخليّة قويّة لها، خاصة في ظلّ رفض أحزاب القوّات والإشتراكي والكتائب، إضافة إلى الحراك الشعبي، المُشاركة في الحُكومة أو تأمين التغطية لها، كلّ من موقعه ولأهداف مُختلفة. كما أنّ التدهور الحاصل في العلاقة بين كلّ من تيّار المُستقبل والتيّار الوطني الحُرّ، بالتزامن مع إستمرار مُناصري التيّار الأزرق بعمليّات قطع الطرقات وسط تصعيد ملحوظ للخطاب المذهبي، وإنعكس سلبًا على جُهود إقناع شخصيّات سنيّة بالإنضمام إلى الحُكومة المُقبلة، من دون أن تكون مُقرّبة من قوى 8 آذار. إلى ذلك، إنّ المواقف العربيّة والغربيّة التي صدرت حتى تاريخه، تراوحت بين المُشكّكة والمُعارضة من جهة، والتي تنتظر حُكومة إصلاحيّة تستجيب لمطالب المُتظاهرين من جهة أخرى، الأمر الذي يُخشى أن يسفر عن مزيد من الصُعوبات مُستقبلاً، باعتبار أنّ الغطاء العربي والدَولي غير مُؤمّن حتى اللحظة، علمًا أنّ هذا الغطاء حاسم لتوفير المُساعدات الماليّة والقروض الضروريّة جدًا لمُساعدة لبنان على مُواجهة الأزمة الإقتصاديّة والماليّة والحياتيّة الخانقة التي يُعاني منها حاليًا. 
فالرئيس المكلف الهابط على الأزمة الوطنية الكبرى من حبائل منظومة الفساد والإفساد قد يكون مهندساً بارعاً أو أستاذاً جامعياً لامعاً، لكنه لا يناسب مرحلة سقطت فيها الأقنعة وأفلست الدولة وبات المركب يحتاج إلى قبطان. وحسَّان دياب الذي يتحضَّر لملء مقام رئاسة الحكومة ليس مستقلاً، كما يدّعي، إلا عن موجبات الثورة التي هتفت ضد كل التركيبة السياسية الفاسدة وكل من عَبَر في حكوماتها وبرلماناتها، اللهم إلا من نوادر استثناءات.  
 
أن ما يحتاج إليه لبنان المأزوم نقدياً ومالياً واقتصادياً وسياسياً، هو حكومة إنقاذ وطني قادرة على إجراء الإصلاحات المطلوبة لتنال ثقة الشارع الثائر و"المجموعة الدولية لدعم لبنان المستعدة لتقديم المساعدات عبر برنامج مؤتمر سيدر ومن خارجه.
لكن الأولوية عند الفريق الذي اختار الدكتور دياب هي لحكومة ترضي في الشكل، المجتمع الدولي وتحول دون عزلة  لبنان، وتغطي في الجوهر، بقاء السلطة والامتيازات في أيدي القوى النافذة. فالإصلاحات الجذرية التي يطلبها الشعب تضرب مصالح التركيبة السياسية وتكبل أيدي الفاسدين وناهبي المال العام.
رغم كل ما تقدم تقول المصادر المطلعة إنّ الأجواء الايجابية التي سادت بفعل زيارة الموفد الاميركي لا تعني وقف العقوبات الأميركية بحق مزيد من الشخصيات اللبنانية متحدثةً عن السياسة البراغماتية أو مدرسة الواقعية السياسية التي ينتمي إليها ديفيد هيل والتي لا تلغي وجود رأي آخر أكثر تشدداً حيال لبنان لدرجة رفض مساعدته، معربةً عن ثقتها بأنّ لبنان لا يحتل صدارة الاهتمام الاميركي في الوقت الراهن .
 
في الختام، لا شكّ أنّ التركيبة الحُكوميّة النهائيّة ستُحدّد مواقف الكثير من القوى الداخليّة والخارجيّة منها، وبالتالي تبعًا للتركيبة النهائية للحُكومة التي ستُعلن، يُمكن تقدير الإتجاه الذي ستسلكه الأمور. ويُمكن القول إنّ الرهانات الحالية مُتضاربة جدًا بين من لا يزال حتى الساعة يُراهن على إفشال ولادة حُكومة جديدة برئاسة الدُكتور دياب  وذلك بالنظر الى العديد من العقبات امام تأليفها ومن الطبيعي ان هذا لا يُبشّر بالخير.