وبناءً على الشروط التي فرضها نصرالله، أو رسم خطوطها وخريطتها، فإن أي حكومة ستتشكّل عليها أن تلتزم بهذا البرنامج، وهذا الخيار السياسي، وما يترتب عليه من ارتداداتٍ دولية.
 
إذا كان ترميم الدولة في لبنان مستحيلاً، وإذا كان الحل الوحيد المنقذ هو بناء دولة جديدة وهذا أمراً بالغ الصعوبة في هذه المرحلة جرّاء انهيار النظام الاقليمي في الشرق الأوسط والدولة اللبنانية جزء منه، وفي ظل الاوضاع السائدة 
يعود الجميع إلى السؤال المحوري حول الصراع السياسي بين القوى المختلفة، عن اي لبنان أن يكون هونغ كونغ اوهانوي. وينقسم المشهد السياسي حالياً بين طرفٍ يريد الشرق، وفق توصيف السيّد حسن نصر الله للمرحلة المقبلة، وإصراره على الاتجاه نحو الصين، مقابل طرفٍ آخر يريد الغرب وحريص على العلاقة معهم، وعندما يقول السيد حسن نصرالله أنه إذا تشكلت حكومة تكنوقراط فإن هذا سيكون إنقلاباً على حزب الله فهذا يعني أنه هو الذي يحكم لبنان وأن حزبه هو الذي يهيمن على هذا البلد، الذي كان يعتبر تعددياًّ، وأنه مثله مثل الأحزاب التي كانت قد هيمنت على العديد من الدول العربية مثل سوريا والعراق واليمن الجنوبي وجماهيرية القذافي ومصر، في مرحلة سابقة،
 لقد رسم حزب الله خطوط المرحلة المقبلة بضرورة الانضمام إلى المحور الإيراني، وحلفاء إيران روسيا والصين، في حديث نصر الله عن تشكيل حكومة سيادية تنفتح على سوريا وتعارض الأميركيين، وتفتح الأسواق اللبنانية أمام الاستثمارات الإيرانية.
 
وبناءً على الشروط التي فرضها نصرالله، أو رسم خطوطها وخريطتها، فإن أي حكومة ستتشكّل عليها أن تلتزم بهذا البرنامج، وهذا الخيار السياسي، وما يترتب عليه من ارتداداتٍ دولية. هذا الأمر قد يجعل مهمة الرئيس سعد الحريري بقبول العروض المقدّمة إليه لتشكيل حكومة تكنو- سياسية مستحيلة، وهو لذلك لا يزال يتمسك بشروطه بتشكيل حكومة تكنوقراط صرفة خالية من تأثير الأحزاب.
 
حتى مساء أمس استمر الحريري برفض طرح حزب الله والتمسّك بشروطه، ما دفع الحزب ورئيس الجمهورية، مع الوزير جبران باسيل، إلى عقد اجتماعات وإجراء اتصالاتٍ متنوعة ومتتالية للبحث في الخروج من المأزق، إما عبر إقناع الحريري بالسير بخيارهما، أو بالبحث عن بديلٍ عنه يحلّ مكانه، ويعمل على تشكيل حكومة تكون مقبولة من المجتمع الدولي، ومن الشعب اللبناني، ولا سيّما الطائفة السنّية.
 
وفي وقت كانت تجري فيه هذه الاتصالات، كان القصر الجمهوري يستضيف بعض الوجوه الاعلامية في إطلالةٍ تلفزيونية لرئيس الجمهورية ميشال عون. وقد تحدث الرئيس عون عن موعد الاستشارات النيابية التي قد تحصل أواخر الأسبوع، لكسب المزيد من الوقت بلاضافة الى طلب الرئيس من المعتصمين انهاء الاعتصام الامر الذي ادى الى لجوء المعتصمين الى اعادة قطع الطرق رداً على موقف رئيس الجمهورية   وعلى ما يبدو ان الامور تزداد صعوبة وحول المفاوضات مع الرئيس الحريري لغاية الان لم يحصل أي تقدم فإن الاتجاه لدى عون وحزب الله هو الذهاب إلى تشكيل حكومتهما.
 
في الخلاصة الأكيد ما بعد كلام نصرالله، هو أن الوضع السياسي في لبنان أصبح يتخطى موضوع تشكيل الحكومة، وهو وضعه على سكّة الاصطفافات الإقليمية والدولية، خاصةً في ظل خارطة الطريق التي رسمها أمين عام حزب الله، والتي ستجعل الحكومة، أياً كان رئيسها، الحريري أم غيره، أمام استحقاقات صعبة تجاه المجتمع الدولي، وهي بلا شك ستمثّل انقلاباً كبيراً في السياسة اللبنانية لصالح الذهاب باتجاه محور على حساب آخر، وما سيكون لذلك من تداعيات على الواقع السياسي وتوازناته.