نجح نائب وزير خارجية روسيا في التعامل مع تفاعل اللبنانيين في الأزمة السورية من خلال آدانية روسية مرنة خلعت عنه ثوب الدّب الروسي الرث، وقرّبته زلفى من المهارة الدبلوماسية لكل من الولايات المتحدة ودول أوروبا وبذلك فتح بوغدنوف فتحاً دبلوماسياً لبّ فيه المزاج اللبناني العام وإن لم يكن مقنعاً لهم لأن لروسيا دور معروف وواضح في سوريا وهو لا يحتاج إلى اجتهادات خاصة لتسويق روسيا كدولة حيادية في موضوع لا تنفع معه الحيادية بالنسبة للدول والأطراف المتداخلة المصالح والمعنية في مستقبل سورية السياسي.
من المهم جداً اطراء روسيا على حيادية لبنان من الأزمة السورية وهذا ردّ مباشر على دعوة الرئيس السوري إلى ضرورة انخراط لبنان في الأزمة السورية من موقع الدفاع عن النظام ،كما أن ذلك يرضي الغرب والعرب عموماً لأن هناك تقاطع واضح في مسألة نأي لبنان عن أحداث سورية وفيه "أعتراض" على كل من يساهم في سورية من قبل حزب الله والجماعات التي أفتت بوجوب القتال في سورية.
الأبرز في لقاءات الدبلوماسي الروسي والأطراف اللبنانية الرسمية والحزبية ومن مائدتيّ كتلتيّ النضال والمقاومة لقاء بوغدنوف مع أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله والذي حرّك في الشكل دعوات إلى اخراج الحزب من الشرك السوري كي يضع حدّآّ للصيد المذهبي والطائفي لأن طبيعة المشاركة توظف لصالح الانقسام الطائفي إلاّ أن المضمون السياسي للقاء بين جبهتين معنيتين وبشكل مباشر في الأزمة السورية أسّس لمشاركة فعلية في كلُ ما يسهم في تعزيز النظام وتمكينه من الاستمرار لأنّ ذلك وبالنسبة لروسيا يؤفر لها القوة المطلوبة في ألمفاوضات الفعلية وخاصة تلك المرتقبة بين بوتين وأوباما حيث يحتاج الأول إلى نظام متماسك ميدانياً وماسك لمدن ومحافظات كي يفاوض الرئيس الأميركي وفي سلته ورقة قوية وغير ضعيفة أو واهنة.
من هنا ثمّة متانة في علاقة متمحورة حول سوريا بين إيران وحزب الله وبين روسيا وهي تتخذ أشكالاً متعددة في التعبير عن نفسها كعلاقات قوّة وعلامات تتجاوز حدود الدفاع عن النظام السوري لتصل إلى قيام ما يشبه الحلف في ملفات تستدعي من روسيا وإيران التعاون لحفظ مصالح البلدين الاستراتيجية ،خاصة وان التقاطعات فيما بين الايرانيين والروسي كثيرة بدءّا من نووية إيران والدور الروسي في تفعيل المفاعل النووي الايراني ودورهما المشترك في بلاد القوقاز من الشيشان إلى ارمينا. مروراً بمنطقة الشرق الأوسط وما فيها من ملفات سياسية واقتصادية دعّمت من العلاقات الايرانية- الروسية وجاءت المسألة السورية لتدفع بمصلحتيّهما المشتركة في سورية إلى مواقع متقدمة في الدفاع عن نظام الاسد باسخدام الفتيو وارسال بواخرمحملّة بالاسلحه النوعية والمتطورة من قبل روسيا وبطريقة لم تتوفر للنظام أثناء الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على منشآت سورية العسكرية.
بالتأكيد هناك حسابات روسية مختلفة جداً عن الحسابات الايرانية وفي كثير من العناوين والملّفات وفي الموضوع السوري على وجه التحديد باعتبار أنّ الروسي جاهز للمساهمة في السوق السياسي إذا ما فتحت ابوابه لبيع النظام في حين ان الإيراني جاهز فقط لشراء النظام ولن يبيعه مهما كانت العروضات ساخية ووافرة .
ان روسيا اليوم ونتيجة لمساهمتها العسكرية والمفتوحة في سورية تعيد الدور الذي لعبه الاتحاد السوفياتي في الستينيات والسبعينيات مع دول عربية ومع المقاومة الفلسطينة وحركات التحرر العربي وأحزاب الحركة الوطنية في لبنان من خلال توفير كل السلاح المطلوب لمعارك الداخل وعدم توفيره لرصاصة صالحة في شبه المواجهة المفتوحة مع العدو الاسرائيلي.