الجميع منشغلون بقانون الانتخاب وتشكيل الحكومة الجديدة وشكلها ومهمتها. لكن ما يشغل بال النائب سامي الجميل، الى انغماسه في تقديم الاقتراحات الواحد تلو الآخر ومواظبته على جلسات لجنة التواصل النيابية التي لم تتوصل الى شيء، أمران اساسيان: الخشية من انتقال الازمة السورية الى الداخل اللبناني، وموضوع اللاجئين السوريين المنتشرين في كل المناطق اللبنانية الذين يشكلون قنبلة موقوتة أمنياً واجتماعياً قد تنفجر في أي لحظة في ظل غياب الدولة عن المعالجة الجدية لهذه المسألة.

في ما عدا حضور الجلسات النيابية واللجان الانتخابية، لا يبارح نائب المتن الكتائبي مقره في بكفيا، والى هناك قصدناه لنسأله في اقتراحات القوانين وتشكيل الحكومة وشؤون اللاجئين.
* ماذا بعد فشل لجنة التواصل؟ وهل من جديد ستتقدمون به؟
- قدم حزب الكتائب كل ما عنده من اقتراحات من الدوائر الصغرى والدائرة الفردية والمختلط بصيغة الاقضية الصغيرة والمحافظات التسع. وكنا بنائين وفاعلين وحاولنا إعطاء الفرصة. لذلك كل الحلول أصبحت موجودة. وبعدما وصلنا في اللجنة النيابية الفرعية الى الحائط المسدود، يجب ان نذهب الى الهيئة العامة لتطرح القوانين على التصويت، والقانون الذي يحظى بالأكثرية يمشي. لأننا اذا عدنا الى اعطاء فرصة جديدة للتوافق فستطير الانتخابات، ونحن يهمنا ان تحصل. لذلك يجب الا نتأخر اكثر، ولنذهب الى مجلس النواب ونصوت. 
* في الهيئة العامة سيتم التصويت الاساسي على الارثوذكسي.
- كلا. المفروض بالرئيس نبيه بري ان يطرح كل القوانين.
* لكنه اقتراح القانون الوحيد الذي طرح على اللجان المشتركة؟
- وإن يكن، في إمكان الرئيس بري ان يقرر على طريقته ماذا يريد ان يضع في جدول الاعمال،  من قانون الدوائر الصغرى، الى مشروع الحكومة وغيره. الامر يعود له. 
* هل لا يزال الاقتراح الارثوذكسي خياركم؟
- نحن نريد تحقيق صحة التمثيل المسيحي، والشراكة الوطنية بقانون انتخاب يؤمن تمثيلاً صحيحاً لجميع اللبنانيين. ونقولها بوضوح: نعرف ان القانون الارثوذكسي يشكل مشكلة كبيرة لفريقين اساسيين في البلاد، لذلك اذا استطعنا التوصل الى قانون آخر يؤمن التمثيل الصحيح من دون اللجوء الى التصويت المذهبي فنحن نفضله. اما اذا كانوا سيخيروننا بين قانون الستين والارثوذكسي فسنصوت للارثوذكسي. لكننا نراهن على امكان التوصل بالاتصالات، الى حل غير الأرثوذكسي يحقق التمثيل الصحيح.
* هل تراهنون على عامل الوقت الضاغط والفرصة الأخيرة للوصول الى اتفاق؟
- المشكلة عند من لا يحاول ايجاد الحلول. نحن قدمنا اقتراحات وناقشنا وهناك أفرقاء لم يناقشوا وسيصلون الى الحائط المسدود. اعتقد ان "حزب الله"  وحركة "أمل" لا يريدان "الأرثوذكسي"وقاما بمناورة على أساس أننا لن نرفضه، فوافقنا عليه، وأصبحوا هم امام مشكلة وليس نحن.
* لكن هم لا مشكلة لديهم وضامنون انفسهم مع أي قانون.
- لا تتصوري انه بهذه السهولة يمكن "حزب الله" و"أمل" ان يصوتا مع "الارثوذكسي". لذلك سيعيد الجميع حساباتهم الصحيحة من الآن حتى 19 أيار. هناك مصير بلد على المحك، ونرى ارتدادات الازمة السورية على الداخل اللبناني، ولا نريد زيادة التوتر بإقصاء فريقين اساسيين عن التصويت على قانون انتخابات. لذلك لم يعد يجوز "التذاكي" بعضنا على بعض. هناك رهانات لدى البعض، لكننا وصلنا الى  مرحلة يجب ان نفكر جميعاً اننا نريد قانوناً يؤمن الشراكة الحقيقية لكل اللبنانيين.
* من يقوم بالاتصالات؟
- الرئيس بري يجري اتصالات مع كل الأفرقاء، ونحن نقوم باتصالات ثنائية في ما بيننا.
* بعد 19 أيار يبقى قانون الستين هو النافذ. هل تمشون به؟
- لن نمشي بالستين.
* ماذا تفعلون؟ هل ستقاطعون؟
- لم نصل الى هذه النقطة بعد. هناك قوانين ستطرح على التصويت، ولا بد ان يحظى أحدها بالأكثرية. 
* هل انتم مع التمديد للمجلس؟
- نحن ضد التمديد في المطلق وعلى كل المستويات. نرفض أي تمديد لمجلس النواب او لرئاسة الجمهورية او لأي موقع آخر في الدولة.
* "حزب الله" وقبله الرئيس بري وضعا الكرة في ملعب المسيحيين للاتفاق على قانون. هل المسيحيون هم فعلاً العقبة؟
- كلا. هذا الكلام غير صحيح. كنت سأقول في الجلسة التالية لو انعقدت اتفقوا انتم على قانون ونحن نسير به. نحن كنا دائماً ايجابيين، وإذا اردنا الوصول الى نتائج ايجابية فعلى كل طرف ان يتخلى عن أنانياته، وان يتوقف "غنج" من يقول هذه الدائرة لا تقتربوا منها. هذا سينتهي عند الوصول الى اللحظة الصفر. سنصل الى وقت نتفق فيه على حل مشترك يكون مقبولاً من الجميع ونتمكن من اجراء الانتخابات. 
 

الحكومة لا حل وسط * ما الذي يعوق تشكيل الحكومة؟
- هناك نظرتان مختلفتان عند 8 و14 آذار ولا اعرف الى أي درجة سيتمكن الرئيس المكلف من التوفيق بينهما، الاولى تريد حكومة سياسية والاخرى حيادية. ولا اعتقد اننا سنصل الى حل وسط بين الاثنين.
* ماذا طلبتم من الرئيس سلام؟
- لم نضع شروطاً. هنأناه وتمنينا له التوفيق ولم نعد الاتصال به. نعتبر ان لديه مقدرات تمكنه من تشكيل حكومة وقيادتها، وتركنا له اجراء الاتصالات. لا نريد ان نزيد عليه صعوبات بل تسهيل مهمته ومن البداية طالبنا بحكومة انقاذية، وما دام لم يصدر قانون الانتخاب الجديد هناك خطر في حال حصل تأجيل، ان تكون المرحلة التي ستقطع فيها الحكومة، طويلة وصعبة ودقيقة وفيها استحقاقات كبيرة، ولا يمكن حكومة تكنوقراط مواجهة قرارات مهمة في البلد. 
* الرئيس سليمان قال ان الحكومة يجب ان تكون حكومة انتخابات، وتجري الانتخابات، وهو لن يوقع التمديد للمجلس؟
- اذا كان الامر كذلك فليشكل حكومة حيادية ويقنع قوى 8 آذار. نحن في الاساس ضد أي حكومة وحدة وطنية، لأن تجربتها كانت فاشلة. لذلك نقول اما حكومة انقاذ يجتمع فيها  الاقطاب ويتحملون مسؤولياتهم في هذه المرحلة، وينهون موضوع قانون الانتخابات، ويتحملون مسؤولية الأمن في لبنان ويحمون حدوده، او حكومة حيادية مدعومة من كل الأفرقاء، وقادرة على مواجهة الاستحقاقات.

الجيش والقوة الدولية * لماذا تطالب بنشر قوة دولية على الحدود مع سوريا؟
- تؤدي "اليونيفيل" دوراً مهماً لمنع حصول احتكاك مع اسرائيل، ونجحت في العديد من المهمات. نحن في حاجة الى امكاناتها لحماية حدودنا وضبطها. في الامكان تعزيز القوة الموجودة وتوسيع صلاحياتها لتتمكن من القيام بهذا الدور. ما يحصل اليوم يظهر انه لم تعد ثمة حدود بين لبنان وسوريا، فالمناطق الشيعية تتعاون مع النظام السوري، والمناطق السنية مفتوحة على "الجيش الحر" ايضاً. اصبحت الحدود مفتوحة كلياً.
* وأين دور الجيش اللبناني في حماية الحدود؟
-  ليس لدى الجيش القرار السياسي الذي يمكنه من القيام بهذا الدور. 
* لديه الغطاء الكامل من مجلس الوزراء. 
- ليس عنده الغطاء السياسي الحقيقي للضرب بيد من حديد. مجلس الوزراء اتخذ موقفاً من اجل المجتمع الدولي، ولكن لم نر فعلياً أي قرار جدي. كل يوم تقصف المناطق اللبنانية وتحصل معارك وخرق للحدود ولا أحد يرد. والجيش غير موجود هناك لان لا قرار بوجوده، وربما ليست لديه القدرة اليوم. لذلك نقول يجب ان تضبط الحدود، والا فستنتقل الازمة السورية الى لبنان، وستتحول الحرب الاهلية السورية حرباً اهلية لبنانية. عندما نرى "حزب الله" يقاتل في سوريا، ونسمع دعوات بعض الافرقاء في الشارع السني الى القتال في سوريا فكأنهم يواعدون بعضهم في سوريا ويقاتلون هناك، نتساءل ماذا يمنع  المعارك التي تحصل بين لبنانيين في سوريا، ألا تحصل على الاراضي اللبنانية؟ والتدهور هنا سريع جداً. يمكن بساعتين ان تنتقل المعارك من الحدود الى صيدا وبيروت وغيرها، ما الذي يردعها؟  وماذا نفعل لنمنع حصول ذلك؟ لا شيء.
* والحل بالقوة الدولية؟
- الحل بالجيش اللبناني بمؤازرة من القوة الدولية كما هو الواقع اليوم، حيث اليونيفيل موجودة على الحدود بمهمة واضحة. فليكن الوضع ذاته.  الكل يرحب بدور "اليونيفيل"، و"حزب الله" مرحب بالقرار 1701 الذي يعطي الدولة اللبنانية و"اليونيفيل"  الحق في ضبط الحدود بين لبنان وسوريا، لأنه يتضمن مسألة تهريب السلاح، مما يعطي اليونيفيل القدرة على الانتشار على كل الحدود اللبنانية – السورية تطبيقاً لهذا القرار. وهذا ما يجب ان يحصل، وفي اسرع وقت.
 
اللاجئون قنبلة موقوتة * تركزون كثيراً على مسألة اللاجئين السوريين. ما الذي تخشونه؟
- تنقسم هذه المسألة شقين، الاول يتعلق بالسوريين الموجودين حالياً في لبنان، والاخر بالذين لا يزالون يتوافدون. هناك مشكلة قائمة يجب معالجتها، ومشكلة اخرى تتفاقم يجب ايقافها.
في ما يتعلق بالوافدين نحن مع اقامة  المخيمات على الحدود لنستطيع ان نحصي ونضبط وان نؤمن الخدمات الصحية والانسانية لهم، ونضمن عودتهم الى بلادهم فور انتهاء الصراع، من دون اغلاق الحدود والتخلي عن التزاماتنا الدولية والمعاهدات الموقعين عليها التي تجبرنا ان نستقبل لاجئين. 
بالنسبة الى الموجودين على الاراضي اللبنانية: هناك مئات الآلاف منتشرون على كل الاراضي، في جبل لبنان يوجد اكثر من 150 ألفاً، وصارت اعداد السوريين في بعض القرى اكثر من اهاليها. اذا اقيمت مخيمات على الحدود فيمكن سحب جزء منهم اليها.
في ظل عدم القدرة على زيادة عديد قوى الأمن الداخلي، اصبح من الضروري على الدولة اللبنانية إعطاء القدرة والصلاحية للبلديات كي تتمكن من تنظيم دوريات ليلية، وضبط اعداد الموجودين، ومعرفة اماكنهم لنتمكن من السيطرة والحؤول دون حصول مشاكل. 
هناك تقارير تشير الى تصاعد  نسبة الجريمة منذ سنة ونصف السنة، وهذا لن يتوقف. وكل ذلك بسبب وجود حكومة لم تكن لديها القدرة او حتى الرغبة في اتخاذ قرار لاقامة مخيمات على الحدود. ونحن اليوم ندفع ثمن التلكؤ والتردد والاستلشاق. 
اضافة الى ذلك، خلال حرب مخيم اليرموك في سوريا، دخل الى لبنان 30 ألف فلسطيني وتوزعوا في المخيمات، واندمجوا بالفلسطينيين الذين لا يملكون اوراقاً ثبوتية، ولم يعد في الامكان اعادتهم الى سوريا، ولن تستطيع الدولة اللبنانية ان تعرف من هم ولا أين هم لانها لا تملك احصاء عن الموجودين اصلاً، وبالتالي ازداد عدد اللاجئين الفلسطينيين 30 ألفاً.
كل هذا يشكل قنبلة موقوتة يمكن ان تنفجر في أي وقت، ودويها كبير جداً. 

may.abiakl@annahar.com.lb