مضى أحد عشر شهراً على اللبنانيين المخطوفين في سوريا، والقضية لم تزل معلقة في الهواء، وكل جهة تتهرب من تحمل مسؤوليتها إزاء هذا الملف، تهرّب يُبقي مصير المخطوفين اللبنانيين في اعزاز مجهولاً، ما استدعى ذويّهم لتحريك الملف عبر تحركات ميدانية مختلفة عن سابقاتها، خصوصاً بعد انقطاع التواصل مع المخطوفين منذ أربعة أشهر، والدولة خارج الخدمة.
ذرع الأهالي ضاق الانتظار والتسويف فلجأوا الى التأثير على الوضع المعيشي للعمال السوريين باعتباره السبيل الوحيد للفت الأنظار إلى قضيتهم المعلّقة من أيار(مايو) الماضي.
موقع لبنان الجديد زار حيّ السلم وعاين الأحوال هناك بعد إجبار أهالي المنطقة السوريين المقيمين فيها على إقفال محالهم التجارية. مريم مواطنة لبنانية لديها محلّ لبيع الألبسة، أكدّت أن المحلات التجارية السورية لم تقفل إلا يوم الأحد الماضي لمدة ساعتين فقط، متمنيةً لو أنها تقفل دائماً، لزيادة كسبها.
مواطنة أخرى، قالت بأن السوريين هنا لا ذنب لهم بالخطف، ولا يستطيعون أن يتفوّهوا بأية كلمة، نحن نعيش وإياهم منذ سنين ولا شيء يفرق بيننا.
نحن مساكين ولا علاقة لنا بالسياسة نحن نمكث هنا للعيش بكرامة وكسب الرزق هذا ما قاله بغصة مواطن سوري متوجها الى الجميع: "ليس لنا أيّ ذنب بقضية المخطوفين اللبنانيين في سوريا، ونحن نتألم لألم أهلنا هنا.
مواطن فلسطيني رفض التعريف عن اسمه، أكدّ لنا بأن المحالّ التجارية السورية لم تقفل إلا ليومٍ واحد، قائلاً"حرام نقطع برزق العالم، هم مهجرّون ونحن تهجّرنا من قبل".
وقمنا بزيارة مكتب حملة الصدر للحج والعمرة في مدينة العّباس، والتقينا بالحاج عوض إبراهيم، أحد المخطوفينالمحررّين، الذي أكدّ إصرارهم على المتابعة في الخطوة التي بدأوا بها، مستلمين خط البركات حيّ السلم الشويفات، مركّزين على إقفال معامل التيرو، بينما المحلاّت التجارية السورية قاموا بإعادة فتحها شفقةً على أصحابها، معبّراً عن استيائه من الحكومة والأحزاب الحاكمة في المنطقة (حزب الله وحركة أمل) التي تمنع الشعب من التظاهر معهم في حملتهم.
قائلاً بأن هذا الشعب "غنم كما قال جبران تويني"، يستعملونه فقط للتصفيق وللتصويت، غامزا من الصفقة التي أبرمت بين النظام السوري والمعارضة بضغط إيراني لإطلاق سراح 48 إيرانيا مقابل 2100 معتقل من سجون النظام، لم يخَف الحاج عوض استياءه من تجاهل الثنائي الشيعي لهذه القضية الانسانية والتدخّل لحلّها. وعندما سألناه عن نسبة الأمل في تحرّكهم هذا، قال "الأمل بالله، وهذا كل ما نستطيع فعله"، واعداً بالاستمرار والتصعيد على الرغم من المضايقات التي يتعرّضون لها وانعدام الدعم والتأييد، داعياً لمقاطعة الانتخابات التي أوصلت مسؤولين غير آبهين بمصير الشعب الذي أوصلهم إلى مراكز السلطة.

في ضوء انكفاء السلطة اللبنانية وجميع المعنيين عن التدخل في هذه القضية تبقى الأبواب مفتوحة على كافة الاحتمالات، لا سيّما بعد تهديد الأهالي القيام بخطوات تصعيدية ستطال المرافق والمصالح العائدة لبعض الدول، ما سيزيد تردّي العلاقات اللبنانية مع هذه الدول، وما سينذر بتفاقم الأمور على الأرض والوصول إلى حالة لا تُحمد عقباها...