لماذا لم تقدم لقاءات باريس أي خرق على الصعيد الحكومي؟
 

لم تنجح أجواء باريس بستراتها الصفراء، للسبت الحادي عشر، في ايجاد مخارج حثيثة في لقاء العاصمة الفرنسية لملف تشكيل الحكومة، فالمسألة اللبنانية اعقد من صقيع باريس وحرارة الحركة النقابية للسترات الصفراء، ويبدو أن الملف بكل تعقيداته سيعود الى بيروت. الوضع في أزمة لأن تشكيل الحكومة ما زال يخضع للشروط والشروط المضادة، وكأن هناك كلمة سر تستبعد تشكيل الحكومة راهناً كان من المتوقع أن يُحسم وضع الحكومة نهاية الأسبوع المنصرم وفق بورصة أيامه الأولى، إلا أنه مرة جديدة يبدو أن الفول لا يزال بعيداً عن المكيول.

فبعد انتقال المفاوضات إلى العاصمة الفرنسية باريس، لم يرشح أي جديد من اللقاءات الثلاثة التي جمعت الرئيس المكلف سعد الحريري برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ولقاء الحريري برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. وفي المعلومات أن عقدة تمثيل اللقاء التشاوري لا تزال على حالها، في حين لم يتم الحديث مع النواب السنة الستة بعد بأي طرح جديد، ليعود تمثيل هؤلاء ليتصدر بعد اعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة إصرار الحزب على تمثيل اللقاء التشاوري بوزير، إلا أن المفاوضات الحكومية القائمة تتركز على عقدة مستحدثة تمثلت بإعادة توزيع الحقائب، الأمر الذي قاد الحريري إلى عين التينة ومنها الى كليمنصو ولاحقاً للقاء جعجع، إلا أن هذه المهمة لن تكون سهلة، خاصة وأن إقفال بورصة الحقائب لم يكن برضى كل الفرقاء لا سيما "القوات" الذي قبل على مضض، وبالتالي ما الذي سيدفعه اليوم ليقبل بطرح الحريري الذي جاء تلبية للرغبة المستجدة بحقيبة البيئة.

إقرأ أيضًا: هل ستنجح المشاورات وتتشكل الحكومة؟!

وبما أن اللقاءات الباريسية لم تقدم أي جديد، فسيبقى الوضع في اطار المراوحة، وإذا لم تبصر الحكومة النور، أي خيارات يمكن أن يتم الاتجاه إليها؟، وإذا بقي الوضع على هذه الدرجة من الخلاف فإن الحكومة يمكن أن لا تولَد في المدى القريب، خصوصًا أن بعض الأخبار بدأت تتوالى عن ارتباط هذا الإستحقاق بمحطات إقليمية ودولية.

ففي وارسو في بولندا، يواصل الأميركيون إعداد مكان المؤتمر الدولي في منتصف شباط المقبل، لبحث كيفية التعاطي مع تنامي القوة الإيرانية في منطقة الشرق الاوسط. الأميركيون يُولون عناية فائقة لهذا المؤتمر، ويحشدون له المشاركة والحضور والدعم، لبنان حاضرٌ غائب عن هذا المؤتمر، فلجهة الحضور، هو غير قادر على المشاركة لأن القضايا التي ستُطرَح ليس بإمكانه تحملها، لكنه "حاضرٌ" بمعنى المتابعة الدقيقة له، أي انه معنيٌ بما سيُطرَح في المؤتمر لجهة الطروحات والتوصيات.

إذًا هو معنيٌّ بالنتائج التي ستصدر عن المؤتمر، فإذا كانت النتائج التي ستصدر، سلبية أو ايجابية من وجهة نظره، فإن الوضع السياسي الداخلي سيكون مرتبطاً بهذه النتائج. هناك استحقاق آخر لا بد من التوقف عنده، وهو الإنتخابات الإسرائيلية التي ستجري في الربيع المقبل. المنطقة، ومنها لبنان، معنية بهذا الإستحقاق، سلماً ام حرباً، في ظل معلومات تتحدث عن "ربيع عاصف"، فهل تجري الإنتخابات الإسرائيلية "على الساخن"؟

وكيف سيتأثر لبنان بهذه التطورات، خصوصاً انه بلد مشرَّع على كل العواصف من خلال كل ما تقدّم، فإن لبنان ما زال تحت تأثير تطورات سلبية: اسبوع يطوي اسبوعاً، وشهر يطوي شهراً، والأزمة إلى مزيدٍ من التعقيد.