ساد الغموض الملف الحكومي يوم أمس أكثر من أي يوم مضى، فاللبنانينون سمعوا كثيرا من ″القرقعة من دون يروا طحينا″، والتفاؤل والايجابية التي تمسك بهما عرابو التأليف لم ينتجان حكومة كما كان متوقعا، بل يبدو أن العقدة السنية أنتجت عقدا صغيرة من محاولة اللقاء التشاوري للنواب السنة القبض على قرار ممثله في الحكومة جواد عدرة، الى محاولة البعض تبديل حقائب وزارية لا سيما البيئة والاعلام التي يسعى الجميع الى التنصل منهما، إضافة الى الصناعة والزراعة والمهجرين، وقد كان لذلك تأثيرا سلبيا حال دون إصدار المراسيم يوم أمس، ووضع ″اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين″ في موقف لا يحسدون عليه.

لم يستوعب أحد من اللبنانيين ما يحصل في اللقاء التشاوري، وهل ما يتعرض له النواب السنة الستة مرده الى أن هناك من يريد أن يُضعف موقفهم الى أقصى الحدود وصولا الى إنهاء هذا اللقاء بعدما إستخدمه في إيصال مرشح يريده رئيس الجمهورية والثنائي الشيعي والوزير جبران باسيل؟، أم أن نواب اللقاء تنطبق عليهم الآية الكريمة: ″وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون″..

وإلا، كيف يمكن أن يفسر نواب اللقاء تسميتة ممثل عنهم في الحكومة يرفض أن يحضر معهم إجتماعا، ويطلب مهلة للتفكير إذا كان يوافق على تمثيلهم حصرا، ثم يُنقل عنه أنه لا يريد أن يكون محسوبا على فئة سياسية معينة وأنه يفضل أن يكون من حصة رئيس الجمهورية؟، وكيف للقاء التشاوري أن يقبل بذلك؟، ولماذا لا يسحب إسم جواد عدرة ويطرح إسما بديلا؟، أم أن ما كتب قد كتب، وأن اللقاء لا يملك أن يبدل هذا الاسم الذي تشير تصرفاته معه الى أنه أقوى بالدعم الذي يملكه من النواب الستة مجتمعين؟..

لا يختلف إثنان على أن اللقاء التشاوري بدأ يدفع غاليا من رصيده ومن رصيد نوابه، خصوصا أنهم قدموا تنازلات دراماتيكية وسريعة جدا، حيث أن كل ″اللاءات″ التي أعلنوا في البداية تمسكوا بها إنقلبت الى نعم، من ″لا حكومة من دون تمثيل أحد أعضاء اللقاء التشاوري في حكومة الوحدة الوطنية″، مرورا بـ ″لا تمثيل لأي شخص من خارج أعضاء اللقاء الستة″، وصولا الى ″لا نريد أن نكون من حصة أي طرف بل من حصة الشريحة التي نمثلها؟، وأيضا ″لا نقبل أن نمثل من دون حقيبة″، وكانت آخر اللاءات هي ″لا حكومة من دون أن يستقبلنا الرئيس سعد الحريري وأن يعترف بحقنا في التمثيل″، حيث بات اللقاء مع الرئيس المكلف بالنسبة لهم ليس شرطا وغير مهم، طالما أن اللقاء سيمثل في الحكومة.

كل ذلك يجعل كثيرون على قناعة بأن اللقاء كان يتصرف بوحي سياسي، وأن هذا الوحي نفسه هو الذي حوّل لاءاته الى نعم، وهو الذي سمى جواد عدرة ممثلا عنه في الحكومة، ما يعني أن تمثيلهم في الحكومة عبر جواد عدرة سيكون شكليا، أما في المضمون فهو ممثل للجهة الأساسية التي قامت بتسميته والتي جعلته يشعر بفائض قوة إستخدمها بعدم حضور إجتماع اللقاء التشاوري حيث نقل عن عدرا أنه ″لن يدلي بأي موقف قبل موافقة رئيس الجمهورية عليه″، وكيف لرئيس الجمهورية أن يوافق عليه قبل أن يتبناه كل نواب اللقاء التشاوري؟، أم أن الأمر بات خارج إرادة اللقاء وأنه بات مرغما على القبول بالتسمية التي فرضت عليه من خلال النائب قاسم هاشم.

هذا الواقع دفع كثير من المتابعين الى التعبير عن التخبط الحاصل في اللقاء التشاوري بعبارة: ″رضينا بـ عدرا.. وعدرا ما رضي فينا″..