لم نعد نتعجّب من تغريدة أبو فاضل العنصريّة، لأنّ هناك حضور قوّي لهذه القضيّة على الصعيد السياسيّ
 
من جديد، عادت قضيّة منح الأمّ اللبنانيّة الجنسيّة لأولادها إلى الواجهة، بعد تغريدةٍ لـِ الكاتب والصحافي جوزيف أبو فاضل، أثار من خلالها جدلًا واسعًا، حيثُ كتب:" نعم أنا ضد أن تعطي الأم الجنسية اللبنانية لأولادها كي لا يتغير وجه لبنان ويصبح هناك أكثرية ديموغرافية على حساب لبنانيين آخريين فلتعطيهم جنسية زوجها أو ترحل وأولادها إلى بلادهم".
 
وتابع أبو فاضل:" أما أسطوانة إعطاء المرأة الجنسية اللبنانية لأولادها فهذه سقطت للأبد، لا توطين ولا تجنيس".
 
بدورها، علّقت الصحافيّة في قناة الـ MTV، رانين إدريس على تغريدة أبو فاضل:" اصلا الام اللبنانية اشرفلها ما تعطي الجنسية لولادها بتعرف لي؟ لان انت وامثالك حاملين نفس الجنسية! #جنسية_للبيع".
 
وكتبت الناشطة نادين جوني:" صباح الذكورية وقرفها والعداء القانوني والتمييزي للمرأة! بوجه جوزيف أبو فاضل وغيره من معرقلي إقرار قانون الجنسية، نعم لحق النساء في لبنان بمنح الجنسية لزوجها وأسرتها! #تفه."
 
وينصّ قانون الجنسيّة اللّبنانيّ، الصادر خلال عام 1925 والمعدّل خلال 1960 على عدم قدرة الأمّ اللّبنانيّة المتزوّجة من أجنبي على إعطاء الجنسيّة لأولادها ، فإنّ الأم اللّبنانيّة لا تزال محرومة من حقّها بإعطاء الجنسيّة لأولادها، فيما تكمن المفارقة في أنّ القانون يتيحُ للأم الأجنبيّة التي إستحصلت على الجنسيّة اللّبنانيّة بسبب الزواج من لبنانيّ، بمنح الجنسيّة لأولادها الأجانب من زواج سابق، قبل زواجها بـِ لبناني.
 
ولا يسمح القانون اللّبنانيّ، للأم اللّبنانيّة المتزوّجة من أجنبي باعطاء الجنسيّة لأولادها، وهذا ما كرّسه بالمادّة الأولى من قانون الجنسيّة "يُعدّ لبناني كل شخص مولود من أبّ لبناني".
 
واليوم لم نعد نتعجّب من تغريدة أبو فاضل العنصريّة، لأنّ هناك حضور قوّي لهذه القضيّة على الصعيد السياسيّ، وقد أشار إلى ذلك التيّار الوطنيّ الحرّ عبر رئيسه الوزير جبران باسيل بحيث لن يكون من حقّ الرجل منح الجنسيّة لأولاده وزوجته ممن يحملون جنسيّة دول الجوار.
 
وفي محاولة لفهم عنصريّة أبو فاضل، طرحنا هذه المسألة على المعالجة النفسيّة الدكتورة كارلا مهنّا، التي رأت أنّ في علم النفس كلّ شخص يلجأ إلى العنصريّة في حديثه أوّ سلوكه فهو يُعاني من عقدة نقص أو شعور بالدونيّة، وقالت:" لا أقصد أنا السيّد أبو فاضل أبدًا،  لكنّ الذي  يلجأ إلى العنصريّة هو يحاول تضخيم الأنا وإعلاء شأنه أو شأن الجماعة التي ينتمي إليها على حساب الآخر".
 
وإعتبرت مهنا أنّ كلّ إمرأة لها حقّ في إعطاء الجنسيّة لأولادها وقالت:" المرأة هي كالرجل تتمتع بحقوق ومن الغير منطقي أن تشعر بالدونيّة، لذا المرأة اللّبنانيّة لها حقّ مثلما الرجل اللّبنانيّ له حقّ بأن يجنّس زوجته وأولاده، من الطبيعي أن يكون للمرأة اللّبنانيّة الحقّ بإعطاء الجنسيّة لأولادها وزوجها".
 
في المقابل، طالبت حملة "جنسيّتي حق لي ولأسرتي" بـ "أولويّة حصول النساء اللّبنانيّات المقيمات في لبنان على حقوقهنّ في المواطنة الكاملة، قبل المتحدّرين في المهجر".
 
ومن الأمور اللافتة، أنّ القوى السياسيّة الشيعيّة والسنيّة والدرزيّة توافق على مطلب إعطاء المرأة اللّبنانيّة الجنسية لأولادها، وكذلك حزبا القوات اللّبنانيّة والكتائب، بالرغم من القلق الذي يرافق المسيحيين منذ عام 1991 حين صدر بغير رضاهم مرسوم تجنيس منح الجنسيّة اللّبنانيّة لنحو 200 ألف شخص، معظمهم سوريون وفلسطينيون، وهو ما اعتبروا أنه أحدث خللاً ديموغرافيّاً لاسيّما أن عدداً كبيراً من المجنسين إستخدم كأوراق إنتخابيّة.
 
بالرغم من أنّ حجة التوطين لا زال يتم إستخدامها، لكن ذلك لا يجب ان ينطبق على مسألة حقوقيّة وإنسانيّة تمس حياة جزء من اللّبنانيّين.