هل البلد أمام إمتحان جديد على إيقاع الشعور بفائض القوة عند حزب الله؟
 

بعيداً عن أزمة تشكيل الحكومة يتأكد أن لبنان يواجه أزمة في نظامه غير القادر على استيلاد حلول ومعالجات لسائر مشكلاته الماثلة في مختلف المرافق والقطاعات، ففي حين تتصدر مشكلة النفايات والتلوث اهتمامات اللبنانيين، وسط الحديث عن كارثة صحية وبيئية، نجد أن المسؤولين منشغلون بتسجيل النقاط، والتباري في الهجاء، وإلا كيف نفسر هذا الكم من التراشق؟!

أزمة تشكيل الحكومة تفصيل صغير في أزمة نظام كرس معادلات شوهاء في الممارسة السياسية، وما سوق عكاظ القائم إلا بعض تجليات نظام عقيم،طبيعته ولاّدة أزمات، مبقياً التفلت من ضوابط ومحصنات سمة راسخة في بلد ينتظر أشهراً ليشكل حكومة، وينتظر سنوات لمعالجة أزمة حياتية تمس المواطن بحياته وصحته ومستقبله.

بلد تتحكم فيه "ديموقراطيات" الطوائف هو أعجز من أن يشكل حكومة دون وصي خارجي، بلد تتعدد ولاءات أبنائه بين دول تعيش أزماتها من خاصرة الصراع الإقليمي والدولي، سيظل مترنحا وآيلا في كل لحظة إلى السقوط في أزمات المنطقة.

إقرأ أيضًا: هل سيتخلى الحريري عن سني ثانٍ؟

وفي غمرة "الفولكلور" اللبناني وممارسة السياسة بعقلية الاستئثار وبث الفرقة وتسعير المواقف وتحديد الأحجام والحصص، وكأن البلاد سائبة بين من يتناتشون المواقع والمناصب، أو هي كذلك بالأعراف الجديدة، وقد تكرست مع ما جاد به أرباب الدولة منذ اتفاق الطائف إلى الآن. 

يختلف اللبنانيون في توصيف الازمة التي يتخبط فيها البلد منذ فترة البعض يصفها أزمة نظام، وآخر يعتبرها أزمة قيادات، وآخر يحملها لسوء الادارة السياسية، التي تفتقد المرونة ولا تتمتع بالخيال المبدع، ورب قائل أن الازمة المستفحلة حالياً تجمع بين كل التوصيفات السابقة، ولكن المفصل الأساس يبقى يدور حول مستوى الأداء المتردي للأطراف السياسية، والتي سرعان ما ينكشف عجزها عن المعالجات الناجعة، والتوصل الى تسويات مبدعة، قبل ان تستفحل الأزمات، ويصبح الجميع أسرى مواقفهم، وتصل الأمور الى نقطة اللاعودة، كما هو الحال مع عقدة تمثيل سنة 8 آذار في الحكومة العتيدة. 

لبنان هو بلد التسويات ووطن المعادلات المتوازنة وأن أي إختلال في المعادلات  نتيجة الخروج عن قواعد وأسس التسويات ،من شأنه أن يهدد الاستقرار الداخلي ويفتح أبواب التدخلات الخارجية على مصراعيها. وكذلك علمتنا التجارب المريرة، والتي تكبد اللبنانيون أثمانها الباهظة، من أمنهم ودمائهم وأرواحهم، وعلى حساب أعمالهم وأموالهم، أن لا أحد يستطيع أن يُلغي الآخر، ولا أحد يقدر أن يفرض خياراته ومواقفه على الآخرين، مهما إمتلك من فائض القوة، وأن أي حل أو تسوية يتم فرضها بقوة الأمر الواقع، سرعان ما تنهار عند أول إهتزاز داخلي، أو بمجرد تغير موازين القوى، محلياً وإقليمياً، وظهور أمر واقع جديد تُرى هل البلد أمام إمتحان جديد على إيقاع الشعور بفائض القوة عند حزب الله؟