أيّ تنازل جديد من الحريري سيجعله أشبه بخاسرٍ أكبر ويجعل وضعه ضعيفاً ما يمهّد لمزيد من الإستضعاف
 
في سبيل تجاوز العقد من أجل تسهيل ولادة الحكومة العتيدة ، كافة الاطراف السياسية قدمت تنازلات وهذه هي الخلاصة التي تنطبق على كل الأفرقاء بلا استثناء وسط عقدٍ تُذلّل إحداها لتنبت أخرى. اليوم ما زالت عقدة توزير سنة 8 آذار تتفاعل بين أخذٍ وردٍّ وسط تمسّك حزب الله التمسّك بتوزير أحدهم، وإصرار أعضاء اللقاء التشاوري على توزير واحدٍ منهم وليس أي سنّي مستقلّ، باعتبار أنهم كتلة مؤلفة من ستّة نواب فيما حظي آخرون بوزير لكتلة لا تتجاوز النواب الثلاثة. 
 
تكثر الآراء ليبقى ذاك المسعى الذي يقوده رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل بالتنسيق مع الرئيس نبيه بري. وبعدما بات محسومًا في أرجاء قصر بعبدا أنّ التنازل لن يكون من حصّة الرئيس هذه المرة، نبتت صيغة التبادل بين رئيسَي الجمهورية والحكومة المكلّف على أن يأخذ رئيس الجمهورية وزيرًا مسيحيًّا من حصّة الرئيس سعد الحريري ليُعطى الأخير وزيرًا سنيًّا من خارج كتلته. هذا الطرح يرفضه بيت الوسط جملةً وتفصيلًا، حيث تقول مصادره يكفينا تنازلات. وكأن ليس في الميدان سوى الرئيس الحريري. وتعيد المصادر تذكير الأفرقاء بأن الحريري سبق وتنازل عن مقعدٍ سنيّ لصالح الرئيس نجيب ميقاتي، وبالتالي لا يمكن الاستغناء عن سنيٍّ آخر. ذاك الكلام يتماهى مع حقيقة حرص الحريري من خلال كتلته السداسيّة على توفير عنصرين جوهريَّين: أولهما عدم المغامرة بتوزير سنّي من خارج كتلته رغم أن هذا المبدأ سيسقط إن يُوزَّر سنيٌّ من خارج تيار المستقبل ولو لم يكن من حصّته. وثانيهما، الحفاظ على نوع من التوازن السني المسيحي الذي لطالما عُرِفت به كتلة المستقبل الوزارية خصوصًا بعد الخسارة المدويّة التي مُني بها المستقبل في أوساط المسيحيين من خلال القانون الانتخابي الجديد .
 
وعليه، يقف الحريري بين فكي كماشة : فمن جهةٍ يريد إنهاء مهزلة التأليف ليصبح رئيس حكومة أصيلًا وليبدأ بوضع الخطط الإصلاحية الاقتصادية على مسارها الصحيح قبل أن تطير هبات مؤتمر سيدر، ومن جهةٍ أخرى يأبى أن تكون معافاة البلد على حسابه بما أنه قدّم كثيرًا من التضحيات وأيّ تنازل جديد سيجعله أشبه بخاسرٍ أكبر ويجعل وضعه ضعيفاً ما يمهّد لمزيد من الإستضعاف. 
 
وفي غمرة هذه الحيرة، يواصل البلد تخبُّطه إقتصاديًّا وربما إلى المزيد من السوء .