تزاحمت الاعتصامات في ساحة رياض الصلح وكادت تتضارب المواعيد لولا انّ «جرح» المتظاهرين واحد وهو «التثبيت». كالعدوى تنتقل ظاهرة التحركات بين الروابط التعليمية ولجان الأساتذة، إذ لا يمضي أسبوع من دون وقفة احتجاجية، إمّا في رياض الصلح أو أمام وزارة التربية. فأمس كانت ساحة رياض الصلح على موعد مع اعتصامين: الأول لمتعاقدي التعليم المهني والتقني والثاني لمتعاقدي التعليم الأساسي الرسمي.
 

ما عاد للصلح «مطرح» في ساحة رياض الصلح. عبارة تختصر الاجواء المتشنجة التي تُرافق قضيتي تثبيت نحو 30 ألف استاذ متعاقد بين التعليم المهني والتقني والتعليم الرسمي، فكلّ يطالب بالتثبيت ضمن خصوصية محددة، مباراة محصورة أو مفتوحة، مع أو من دون استثناء شرط السن، وغيرها من التفاصيل التي يُحدّدها المتضررون ضمن قائمة طويلة من الشروط. «شبنا وما تثبتنا»، تهتف إحدى المعلمات للإشارة إلى انّ مطلب التثبيت «قديم جديد»، إلّا انّ المعنيين «دايرين الدينة الطرشا»، سواء أكانت الحكومة قائمة أم لا. 

في التفاصيل 

تعانقت الحناجر، تلاقت اليافطات منذ التاسعة والنصف صباحاً مع وصول المعلمين من المهني ومن التعليم الاساسي إلى الساحة وسط تدابير أمنية مشددة، وخطوات احترازية من القوى الامنية لمنع أيّ محاولة لقطع الطريق.

لم يأت توقيت الحراك صدفة، إنّما بالتزامن مع انعقاد لجنة التربية النيابية والتعليم العالي التي خصّصت اجتماعها لمناقشة أوضاع الطلاب السوريين، «متجاهلة قضيتنا»، بحسب الأساتذة. 

كان الحراك الأوّل مع الأساتذة المتعاقدين في التعليم المهني والتقني، الذين رفعوا مجموعة من الشعارات: «من حقّ الأستاذ المتعاقد الطبابة، العيش بكرامة، «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء». في هذا الإطار، أوضح رئيس لجنة التنسيق للأساتذة المتعاقدين وليد نمير في حديث لـ«الجمهورية»: «نطالب بمباراة محصورة مع إعطاء علامات ترجيحية عن سنوات الخبرة، استثناء شرط السنّ، بالإضافة إلى دورات تدريبية قبل المباراة»، مشيراً إلى «انّ المرّة الأخيرة التي تمّ فيها التثبيت العام 1997، ومنذ ذلك الحين «عالأرض يا حكم»، وفي ملفنا نحو 14 ألف متعاقد على كامل الاراضي اللبنانية، ينتظرون التثبيت موزّعين على نحو 165 معهد ومجمع مهني، والمؤسف أننا منذ 12 شهراً لم نتقاض رواتبنا، ولا نعلم ما إذا كنّا سنتقاضى الدفعة المنتظرة في الأول من تشرين الاول، في ظلّ الحديث عن انّ «الدولة مكسورة». 

«وما يزيد الطين بلّة التعاقد مع أساتذة جدد»، بحسب نمير، لذا «نناشد وزير التربية والتعليم العالي مروان حماده، وقف التعاقد الجديد، لأنّ ذلك لا يخدم مصلحة التعليم»، مؤكداً «استمرارهم في الاعتصامات حتى وإن بات العام الدراسي في خطر». 
 

نحن لا نُضرب!

إلى ذلك، نفّذ الاساتذة المتعاقدون في التعليم الاساسي الرسمي اعتصاماً، «لرفع الصوت ضدّ الاعتداء الذي تعرّض له أحد الاساتذة في الاعتصام الأخير أمام وزارة التربية»، وفق ما أوضحت رئيسة اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين نسرين شاهين في حديث لـ«الجمهورية». وقالت: «لا شك في انّ مطلبنا الاول والأخير تثبيتنا وإيقاف المجزرة بحقّ الاساتذة الذين «أُخذوا لحماً وتحاول الدولة رميهم عظماً»، من دون أيّ تثبيت يضمن أبسط حقوقهم» . وتابعت: «ثمرة نضالنا أمام وزارة التربية للحصول على مشروع تثبيت عادل كانت صفعة كفّ من القوى الأمنية لأحد الأساتذة المناضلين». 

ودعت شاهين، باسم المعتصمين، وزارة الداخلية والمعنيين أن «يباشروا في التحقيق ومحاسبة الذي أعطى الأمر بالتعامل بعنف مع المتظاهرين»، مذكّرة «انّ أساتذة الأساسي في شباط الماضي تعرضوا أمام القصر الجمهوري للضرب، وأمس تكرر دور أساتذة الأساسي». 

وتوجّهت شاهين إلى لجنة التربية النيابية المجتمعة قائلة: «انّ ربّ العائلة لا يبحث عن مشرّدين في الطرقات، وأولاده جياع يتذوّقون قهر الحياة. نقول للمجتمعين إنّ حقّنا في مشروع تثبيت عادل لن نتنازل عنه وهم مؤتمنون على مستقبل التعليم في لبنان، والمتعاقدون كالنار على فوهة بركان، عليهم استيعابهم ووضع البديل للوضع الراهن الذي يميتهم بدون ضمان وبدل نقل واستقرار نفسي ومعنوي ومادي واجتماعي».

وكان قد شارك في الاعتصام النائب بولا يعقوبيان، رئيس «الحزب الشيوعي» الدكتور حنا غريب وممثل عن المكتب التربوي في «حركة أمل» الدكتور حسان أشمر، ورئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر الذي قال: «نؤكّد دعمنا المطلق في التثبيت، ومن تعب في عمله له الحقّ في الضمان الاجتماعي والعطل السنوية وأن يتقاضى راتبه دورياً، وهذه أمور بديهية، نحن في الاتحاد باشرنا اتصالاتنا مع المسؤولين، ونأمل خيراً، وإلا سنواصل تحرّكاتنا حتى ينال الأستاذ إلى حقوقه».