المُضحك المبكي هنا أنّ رجلاً سياسياً (امتهن الإعلام بحرفية وشطارة) يعتاش من الفساد والارتهان لتيار الممانعة، ولا ضير عنده أن يُفاخر بالقبض من ريع النفط الإيراني
 

أولاً: مصائب اللبنانيين وصلت إلى وسائل الإعلام...

مصائب اللبنانيين لم تقتصر على الحكّام الفاسدين، وشاغلي المناصب الإدارية والمالية والأمنية والقضائية، بل امتدّت في الآونة الأخيرة إلى وسائل الإعلام، فبعد غياب الصحف "الوطنية" و"القومية" خلت الساحة لصحيفة "الأخبار" المتخصصة في الدفاع عن تيار "المقاومة والممانعة"، ولم يبق في الميدان سوى شاشات التلفزة الفضائية، والتي تُفسح مجالاً واسعاً لمُحلّلين سياسيين نالوا قصب السباق في شتم مُعارضيهم وكيل المدائح لاسيادهم، حتى باتوا نجوماً تلفزيونية تتسابق الفضائيات على استقبالهم وعرض شخصياتهم "البهيّة" وتحليلاتهم السّخيفة، بما فيها من "صرامي" وقاذورات، ويأتي في مقدمة هؤلاء الإعلاميّون سالم زهران ووئام وهّاب وجوزيف أبو فاضل (يُستحسن أن نقتصر على هؤلاء، فالقائمة طويلة وتبعث على الغثيان).

ثانياً: وهاب يحاضر في العفّة...

مناسبة هذا القول، خروج الوزير السابق وئام وهاب  على قناة المنار مُحاضراً في العفّة والطهارة والاستقامة، ثائراً على الفساد وناهبي المال العام واحتقار المواطنين وإذلالهم، شاهراً سيف النّقمة على المسؤولين الذين "أذلّوا" المسافرين في مطار رفيق الحريري، والمُضحك المبكي هنا أنّ رجلاً سياسياً (امتهن الإعلام بحرفية وشطارة) يعتاش من الفساد والارتهان لتيار الممانعة، ولا ضير عنده أن يُفاخر بالقبض من ريع النفط الإيراني، وبذلك يقتني القصور والأملاك وموكب أمني جرّار، ويصرف على الحاشية والمرافقين والمحازبين، ويمتد نشاطه من عرينه في جبل لبنان حتى مشارف جبل السويداء في سوريا "الأسد"، وهذا كلّه ليس بجديد، فقد دأب وهاب على ذلك منذ مدّة طويلة، إنّما الجديد أنّ وهاب يُطلق بالوناته الفارغة هذه المرّة من على قناة المنار، قناة سماحة السّيد حسن نصرالله صانع رئاسة الجنرال ميشال عون، وحامي حمى مزارع الوزير جبران باسيل ومُعاونيه من وزراء ومستشارين، ولعلّ وهاب ّ أخذته النشوة التمثيليّة فنسي أنّه على المنار، وليس على الMTV أو الLBC ، أو لعلّ (والله أعلم وبعض الظنّ إثم) أنّ أموال الجمهورية الإسلامية شارفت على النّضوب، وكان لا بدّ من لفت النّظر ولو على قناة أسياده، فعسى أن تعود "حنفية" الممانعة إلى السّيلان، وتكون حادثة مطار بيروت المُحفّز على ذلك، ورُبّ ضارّةٍ نافعة، وربما كان وهاب بحاجة ماسّة هذه الأيام لأموال الجمهورية الإسلامية أكثر ممّا هم بحاجة إليه ملايين الجوعى والمرضى والمحتاجين في إيران، وللّه  في خلقه شؤون.

قال معاوية لعمرو بن العاص: إنّ أهل العراق قد قرنوا بك رجلاً طويل اللسان قصير الرأي (يعني أبو موسى الأشعري، رفيق عمرو في التّحكيم)، فأجدّ الحزّ وطبّق المفصل، وإياك أن تلقاه برأيك كلّه.

وهل هاهنا من يُجيدُ الحزّ ويُطبق المفصل أكثر من وئام وهاب، على سُّنّة سلفيه معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص، والله هو الوهّاب و علاّم الغيوب.