تختلف حوادث السير من منطقة الى أخرى في لبنان ، وتعود أسبابها عادةً الى عوامل عدّة
 

على الرغم من حملات التوعية العديدة التي تتكثف بين الحين والآخر، إلاّ أنّ أعداد الحوادث والضحايا على إرتفاع... فلا يمرُّ يومًا في لبنان إلاّ ونسمع عن وقوع حادث سير لا بل حوادث على الطرقات اللّبنانيّة، وبعضها يكون قاتلاً... 

لاشكّ أنّ للسيّارات ميزات كإختصار الوقت والمسافات، فهي وفَّرت على الإنسان التعرّض لعوامل الطقس المختلفة، وبات إستخدامها محفوفاً، بالمخاطر إن لم يُحسِن الفرد إستخدامها، وأهمّها التعرّض لحوادث السير.

كما يفتقد السير في لبنان إلى ثلاثة شروط رئيسيّة هي:الحصول على إجازة قيادة من دون معرفة قانون السير، عدم توافر الأمان في العديد من السيّارات، وعدم توافر سلامة الطرق الرئيسيّة.

وتتكرّر الحوادث في لبنان في ثلاثة أماكن رئيسيّة هي، الأوتوسترادات التي تربط العاصمة بالضواحي، مثل أوتوستراد ضهر البيدر- بيروت، الشمال – بيروت، الجنوب – بيروت، فلا توجد عليها ضوابط لجّهة السرعة، ولا حواجز هندسيّة لتهدئة المرور، عند المداخل والمخارج. والتقاطعات التي تربط الضواحي بالعاصمة، لأنّ السيارات تكون مسرعة، ثم تدخل فجأة إلى المدينة، فتضطر إلى التخفيف من السرعة، مثل ما يحصل عند تقاطع مستديرة سامي الصلح – الدورة – الكرنتينا. أمّا الطرق السريعة التي تتلاقى مع الأحياء السكنية والمجمعات التجارية، مثل اوتوستراد رياق وصولاً إلى الهرمل، حيث توجد مداخل ومخارج القرى، ناهيك بوجود قرى يمّر الأوتوستراد في منتصفها، بينما لا يوجد على طول الأوتوستراد سوى جسر مشاة واحد:أوتوستراد المنية – الضنّية، والمدفون – شكّا في منطقة الشمال.

وأعلنت غرفة التحكّم المروريّ عبر حسابها الخاصّ على موقع "تويتر"، خلال هذا الأسبوع عن وفاة 115 قتيلاً وسقوط 729 جريحًا نتيجة حوادث الصدم منذ بداية عام 2018 حتى الآن، مُشيرةً إلى أنّ شهر تموز شهد إرتفاعًا ملحوظًا بنسبة حوادث السير، ما دفع بجمعية "اليازا" إلى توجيه نداء للسائقين طالبةً منهم القيادة بحذر وإحترام قوانين السير.

ولا شكّ أنّ نسبة حوادث السير، ترتفع في فصل الصيف بشكلٍ لافتٍ، نتيجة السهر وإمكانيّة إحتساء الكحول في صفوف الشباب، ما يُشكّل إمكانيّة حصول إصطدامات مروريّة، يُنتج عنها ضحايا ومأساة كبيرة.

أمّا أسباب إزدياد حوادث السير في لبنان فهي مُتعدّدة، أوّلها إزدياد عدد المُشاة وعدد السيارات على الطرق اللّبنانيّة، لاسيّما بسبب العدد الكبير للاجئين السوريّين في لبنان، إذ أنّ معظمهم مشاة وهم آتون من بيئة ريفيّة أيّ غير متأقلمين مع الأعداد الكبيرة للسيارات ومع السرعة على الطرق كما لا يقدّرون كيفية التعاطي مع هكذا أمور، بالإضافة إلى السرعة خلال القيادة عند عدد كبير من السائقين اللّبنانيّين وغيرهم. 

من جانبٍ آخر، فإنّ تطبيق قانون السير في شكلٍ موسميٍّ وعشوائيٍّ من القوى الأمنيّة، من دون إعتماد خطّة منهجيّة مبنيّة على إحصاءات حوادث السير أمّا إستهتار المواطنين بتطبيق قانون السير لعدم إقتناعهم بحتميّة العقوبة، وسرعة إتخاذ العقوبة على غرار ما يحصل في مخالفات السرعة.

إقرأ أيضًا: ليان حجازي ضحية جديدة للإهمال الطبّي.. هل تتحمّل مستشفى جبل عامل المسؤوليّة؟

كما أنّ عدد الرادارات على الطرق غير كافٍ، علماً أنّ عناصر قوى الأمن الداخلي يُنظمون محاضر الضبط لكنّ سعرها "50 ألف ليرة لبنانيّة"، فذلك ليس رادعاً، كما أنّ عدداً كبيراً من السيّارات التي تُسطّر بحقّها محاضر ضبط تكون نمرها غير قانونيّة أو حتى مُباعة عبر وكالات.وعدم وجود جهّة قياديّة تضمّ متخصّصين في إدارة السلامة المروريّة، للتنسيق بين مختلف إدارات الدّولة ووضع السياسات والخطط الإستراتيجيّة. وعدم توافر نظام معلومات يحصي الأرقام الدقيقة لحوادث السير وتحليلها لمعرفة أسباب حصولها وتحديد النقاط السود التي تتكرّر عليها الحوادث.

تختلف حوادث السير من منطقة الى أخرى، وتعود أسبابها عادةً الى عوامل عدّة أبرزها، عدم مهارة السائقين الذين لم يحصلوا بعد على رخصة قيادة، والذين لم يتعلموا تقنيات القيادة حسب المعايير الصحيحة، لمواجهة هذه الحالات. كذلك التلهي أثناء القيادة، والطريق غير المجهزة التي تفتقد لتقنيات الإضاءة، والفواصل والحواجز التي تحدد الطرقات.

العوامل التي تُساهم على تطبيق القانون بشكل صحيح، هو دور الأهل الذين لا يجب عليهم التسليم لإرادة أولادهم في هذا الموضوع، كذلك يجب تطبيق القانون في المناطق الجبلية من قبل البلدية التي تضع خطط لمتابعة هذا الملف من خلال إعطاء الشرطة الصلاحيات الكاملة لمتابعة المخالفات في قطاع السير، وتدريبها بشكل جدي على هذا الموضوع، فشرطة البلدية لها كل الحق في متابعة هذا الملف تماماً كقوى الأمن، هذه الإجراءات تخيف المواطن، وتردعه حتى في المناطق البعيدة عن الساحل والتي تغيب فيها المتابعة في قطاع السير.

ووقع يوم أمس حادث مروري عُرِفَ بـِ مجزرة بشامون، حيثُ ذهب ضحيّته قتيل و10 جرحى، وعلى الفور أوردت جمعيّة الـ"يازا" (YASA) تعليقاً جاء فيه:" من بشامون كفى. حوادث السير إلى تصاعد من جديد في لبنان. نطالب الحكومة اللبنانية والبلديات بتطبيق صارم وجاد لقانون السير وعدم الاكتفاء ببعض البنود فقط. أكثر من 8 جرحى (ارتفعت لاحقاً) في مجزرة مرورية جديدة على طريق بشامون خلدة منذ بعض الوقت، ونطالب جميع المسؤولين بإعطاء أولوية لحماية حياة الإنسان في لبنان".

وبعد المجزرة التي وقعت، نعتبرُ أنّ لا حلّ لمُشكلة حوادث السير في لبنان في ظلّ غياب الإرادة السياسيّة والتمويل، لذا يجب على مجلس الوزراء إتخاذ قرار في شأن المسائل السابقة وإلّا ستبقى معالجة مأساة حوادث المرور على طرق لبنان عشوائيّة، وستحصد المزيد من الضحايا.. لكنّ كموقع "لبنان الجديد"، نحن نحرص على سلامة أهانا وأعزّائنا نُقدّم الحلول التي يجبُ إتّباعها لحلّ هذه المُعضلة:

بدايةً، إنشاء المجلس الوطني للسلامة المروريّة (المادة 355 من قانون السير الرقم 243 تاريخ 22/10/2012) برئاسة رئيس مجلس الوزراء وأبرز مهامه:رسم السياسة العامة للسلامة المرورية والسهر على تطبيقها، والعمل على تطوير قانون السير.

من ثمّ، تشكيل لجنة وطنيّة للسلامة المروريّة (المادة 359) برئاسة وزير الداخليّة وتضمّ مُمثلين عن مختلف الإدارات المعنيّة بالسلامة المروريّة، كما تعزيز قدرات القوى الأمنيّة في التحقيق في الحوادث، وتطبيق قانون السير.