من المفترض، وفق المباحثات، أن يبدأ لبنان إعداد لوائح اللاجئين والمناطق التي تهجروا منها، على أن يتم تسليمها تباعاً إلى اللجنة الروسية، التي ستدرس مع النظام إمكانية إعادة هؤلاء ووضع خيارات لأماكن عودتهم
 

تريد موسكو لمبادرتها في إعادة اللاجئين السوريين إلى الداخل السوري أن تسير بسرعة. الموقف أبلغه الموفد الرئاسي الروسي الكسندر لافرنتييف إلى المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم في قصر بعبدا، الخميس في 26 تموز 2018. تتوقع المصادر الروسية أن يبدأ المسار التنفيذي للخطة خلال شهرين، بعد إنجاز الترتيبات السياسية واللوجستية. وتقول المصادر: "سيتم إنشاء مراكز لاستقبال اللاجئين، وتسهيل المعاملات من الجانب اللبناني ممثلاً بالأمن العام، لمعاجلة مسألة المعابر الحدودية والأوراق الثبوتية وجوازات السفر. وسيكون ذلك بالتنسيق مع الجانب السوري لتأمين سرعة في الإنجاز والتنفيذ. فيما الرقم المتوقع إعادته يصل إلى نحو 890 ألف لاجئ سوري، سيسلكون الطرقات البرية بين لبنان وسوريا، عبر معبر الزمراني الذي استخدمه الأمن العام في عمليات إعادة اللاجئين السابقة".

يتفق السياسيون اللبنانيون على ضرورة الخروج بصيغة موحّدة وسياسة عامة، للانتهاء من أعباء اللجوء. لذلك، أصر رئيس الجمهورية ميشال عون على عقد لقاء موسع في قصر بعبدا، ضمّ إليه رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة سعد الحريري، ووزير الدفاع وقائد الجيش والمدير العام للأمن العام، وممثل عن وزارة الخارجية. وجرى البحث في مختلف التفاصيل العامة والتفصيلية لبلورة الخطّة الروسية. ولا بد من الإشارة إلى أن عون والحريري أصرا على تجاوز ما حكي سابقاً عن وجود سوء تفاهم بينهما حيال هذا الملف، على خلفية تخطي الحريري عون في تكليف مستشاره التواصل مع الروس. وقد تم تبديد ذلك، بإصرار عون على عقد اللقاء في بعبدا ليخرج القرار بحضور الجميع وموافقتهم. وقبل الاجتماع الموسع، كان لافرنتييف قد التقى الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، في بيت الوسط لبحث الخطة والترتيبات اللوجستية أيضاً.

ومن المفترض، وفق المباحثات، أن يبدأ لبنان إعداد لوائح اللاجئين والمناطق التي تهجروا منها، على أن يتم تسليمها تباعاً إلى اللجنة الروسية، التي ستدرس مع النظام إمكانية إعادة هؤلاء ووضع خيارات لأماكن عودتهم، إذا تعثّرت إعادتهم إلى أراضيهم. وتكشف المصادر أن هذا سيكون مرتبطاً بتوفير المال لتأمين بناء وحدات سكنية يقطنها اللاجئون العائدون، المهدمة منازلهم. وهذا يحتاج إلى وقت. لكن من المفترض أن تبدأ العملية خلال الشهرين المقبلين، لاسيما أن الموفد الروسي أكد بعد لقاء بعبدا أن المباحثات كانت إيجابية، والمبادرة الروسية تنطلق من خلفية عودة العديد من اللاجئين إلى بلدهم. ما يعني أن الظروف بدأت تسمح بهذه العودة.

لكن مصادر لبنانية لا تبدي تفاؤلاً كبيراً من إمكانية تحقيق خرق أساسي أو إيجاد حلّ جذري لمشكلة اللاجئين في المدى المنظور أو القريب، لأن الخطّة الروسية ستواجه عقبات عديدة. أولاً، توفير المناطق الآمنة داخل سوريا، وثانياً إيجاد ضمانات لهؤلاء اللاجئين ليعودوا من دون القبض عليهم أو إلزامهم بالذهاب إلى جبهات القتال مع الجيش السوري، بالإضافة إلى تأمين مساكن لهم، ناهيك عن فرص العمل أو المساعدات التي يحتاجون إليها لتتوفر لهم حياة كريمة.

فيما يبقى عائق أساسي على موسكو أن تجدّ حلّاً له، وفق مصادر دولية. وهو أن لبنان أقدم منذ فترة على إعادة عدد من اللاجئين السوريين إلى الداخل السوري، ولكن هذه العمليات كانت تحصل بناء على تقديم لبنان لوائح بأسماء الراغبين في العودة. فكان النظام يوافق على بعض من هؤلاء ويرفض البعض الآخر. ما يعني أن ما يجري هو عملية فرز جديدة للاجئين، بين من يرضى عنهم النظام ويسمح بعودتهم ومن لا يرضى عنهم، الذين يجب السؤال عن مصيرهم. وهذا ما سيلقي مسؤولية أساسية على موسكو، لوقف عمليات فرز اللاجئين بعد الفرز الديمغرافي والمذهبي الذي شهدته سوريا، لتأمين عودة حقيقية لهم.