هذه القضية حسّاسة جداً ويجب التعاطي معها بمسؤولية وطنية
 

 

إنشغل اللبنانيون في الأيام القليلة الماضية بخبر توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون لمرسوم تجنيس حوالي ال ١٠٠ شخصية من الجنسيات السورية والفلسطينية وغيرها ، إضافة إلى بعض أحفاد ضباط  متقاعدين من المقرّبين منه  الذين وُلدوا في الخارج ولم يحصلوا على حق الجنسية بحسب ما أفاد موقع mtv.

وشكّل الخبر صدمة لكثر كون من وقعّه بحسب ما ذكرت بعض المصادر الإعلامية هو الرئيس ميشال عون ، وهو نفسه من رفع شعارات مع التيار الوطني الحرّ قبل الإنتخابات النيابية الأخيرة  رفض فيها كل محاولات التوطين المقنّعة وغير المقنّعة.

واللافت في المرسوم الجديد أن معظم من يطالهم هم من فئة رجال الأعمال والأغنياء ، ما جعل البعض يسأل حول سرّ هذا الأمر ، في وقت تُطالب الأم اللبنانية بمنح الجنسية لأولادها من غير اللبنانيين .

في التوقيت ، جاء المرسوم ليطرح أسئلة حول سبب تأجيله إلى ما بعد الإنتخابات ، فالتأجيل لا شك أنّه مدروس لكي لا يُشكِّل عبئاً إعلامياً على التيار وحملته الإنتخابية ، ما كان سيُؤدّي إلى تشكيك في برنامجه الإنتخابي.

وهو يأتي أيضاً في سياق زمني شهد عدة قرارات لافتة ومريبة حول التوطين المقنّع في لبنان ، كالمادة ٤٩ من موازنة ٢٠١٨ ، والقرار الرقم ١٠ الذي أصدره  رئيس النظام السوري " بشار الأسد " والذي يسمح بمصادرة الدولة السورية لممتلكات النازحين وتملّكها .

 

إقرأ أيضا : فادي سعد: لا يمكننا أن نتفهم مبدأ التجنيس في هذه المرحلة الدقيقة

 

 

وقد سبق ذلك ما ورد من كلام " غير مفهوم " على لسان الرئيس الأميركي دونالد ترمب  عن التوطين المؤقت للاجئين السوريين في بلدان لجوئهم حتى تستقر الأوضاع في "سوريا ".

كل هذه الأحداث جعلت اللبنانيين يرتابون من المرسوم الجديد ، رغم أن من حق رئيس الجمهورية منح الجنسية لأي كان وإصدار هكذا مراسيم ، وقد صدرت في السابق مراسيم مشابهة في عهدي الرئيسين إلياس الهراوي وميشال سليمان .

لكن قضية التوطين تُشكِّل هاجس وجودي وحقيقي للعديد من اللبنانيين ، خصوصاً المسيحيين والشيعة ، وهي من أهم أسباب الحرب الأهلية في لبنان عام ١٩٧٥ والتي إستمرت ل ١٥ عاماً خلّفت ١٥٠ ألف قتيل ومئات الآلاف من الجرحى والمفقودين.

 

إقرأ أيضا : حنكش: هناك أمر غير مفهوم في مرسوم التجنيس

 

 

وتحاول أوساط القصر والتيار التقليل من خطورة الأمر ، عبر إعتبار أن العدد المستهدف قليل ولا يؤثّر على الديمغرافيا اللبنانية ، إلاّ أن هذه المحاولات باءت بالفشل حتى الآن .

فمن يضمن عدم تكرار الأمر مرة ثانية ؟

قد يتم تجنيس العديد من الأشخاص على دفعات ، وكل مرّة حينها سيقولون أن العدد قليل ، لنتفاجأ بعدها بأن العدد سيكبر .

لذلك ، فإن هذه القضية حسّاسة جداً ويجب التعاطي معها بمسؤولية وطنية ، والأولوية في هذا الوقت هو العمل بقوة على إعطاء المرأة حق منح الجنسية لأولادها من غير اللبنانيين ، بدل التلاعب بمصير وأمن البلد .