لم يعد تشكيل الحكومة، بعد الانتخابات النيابية التي أجريت على أساس قانون النسبية والنتائج التي تمخضت عنها، يقتصر على ضم القوى السياسية الكبرى مع بعض حلفائها (وإنْ ضعفاء سياسياً وشعبياً) الى جنة الحكم، بل صار تمثيل كل الطوائف، وحتى الأقليات منها، والنوابِ المستقلين أمراً واجباً ومفروضاً على المتعاطين بالتركيبة الحكومية، حجماً وشكلاً وتوزيعَ حقائب.

وكما بات معروفاً، فقد أفرزت الانتخابات عدداً لا بأس به من نواب مختلف المناطق والطوائف غير التابعين للقوى السياسية الكبرى المهيمنة على قرار البلاد سياسياً واقتصادياً، بل والمتمتّعين بحيثية شعبية واجتماعية ملحوظة ومحترمة في أوساط نخبة الرأي العام وجمهور الناس العاديين معاً. وقد بات في المجلس النيابي الجديد نحو عشرين نائباً مستقلاً، ولو أنهم فازوا بتحالفهم مع بعض القوى السياسية، نتيجةَ طبيعة قانون الانتخاب التي تفرض التحالفات لتشكيل لوائح مقفلة، ولذلك لم يكن مستغرباً أن نسمع بعد فترة أن هذا النائب أو ذاك خرج من تحت جناح هذا الحزب أو ذاك التيار الذي تحالف معه انتخابياً.


بهذا المعنى، يصبح توزير أحد النواب المستقلين من باب تحصيل الحاصل، وبخاصة النواب السنة العشرة، والذين قد يصبحون أحد عشر إذا نجح الطعن الذي سيقدمه المرشح على لائحة "الكرامة الوطنية" في دائرة "طرابلس- المنية- الضنية" الشيخ طه ناجي أمام المجلس الدستوري، والذي تقول أوساط لائحته إنه خسر نتيجة خطأ حسابي يمكن تصحيحه عبر الطعن بعد توفير كل الارقام والوثائق التي تثبت صحة ذلك.


 ويُجمع النواب السنة فيصل كرامي وعبد الرحيم مراد وجهاد الصمد، على القول لموقعنا إن توزير أحدهم ليس منحة أو هبة أو منّة، بل هم موجودون بحكم انتشارهم الوطني في أكثر من منطقة، بينما يؤكد كرامي أنه يجب تمثيلهم بوزيرين لا وزير واحد، كون "التكتل الوطني" الذي ينتمي إليه يضم أيضاً نواباً مسيحيين وشيعياً ومن مناطق مختلفة.


وبالنسبة إلى القوى المسيحية الأخرى التي حصلت على عدد قليل من النواب، مثل حزب "الكتائب"، فإن تمثيلها ممكن أيضاً، وبخاصة بعدما بدأ الحزب عملية تقييم لمرحلة الانتخابات ونتائجها، ولعلاقاته مع القوى السياسية الأخرى التي خاصمها كلها وغرد منفرداً في سماء المعارضة. وبدأ الحزب تصحيح وضعه من تسمية "كتلة نواب الكتائب" الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة، فيما يقول أحد النواب غير المسيحيين ومن خصوم "الكتائب" سياسياً، إن لهذا الحزب رمزية سياسية ومعنوية ووطنية لا يمكن تجاهلها ولو اختلفنا معه، ومن الواجب تمثيله بوزير واحد، وهو يملك طاقات بشرية تؤهله لتولي وزارة.


هذا ويتحول توزير الأقليات، من سريان وعلويين وإنجيليين، موضوعاً وطنياً، جانَبَه رئيسُ الجمهورية من باب الصواب، بطرحه إمكان توزير نائبين من الاقليات الطائفية، طالما أن المسعى الرئاسي هو نحو حكومة جامعة لا تستثني أحداً، برغم الخلاف السياسي على الحصص والأحجام، وعلى نوعية التمثيل وكيفيته.