باشر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري المرحلة الأصعب في مهمته، وهي التنقل بين حقل واسع من الألغام، بحثاً عن التوليفة الوزارية لحكومته الثالثة، والثانية توالياً في عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، في وقت قد لا تكون حسابات الحريري المتفائل جداً، متطابقة مع حسابات الحقل للقوى السياسية التي أمطرت الرئيس المكلف بكم هائل من المطالب والشرط الاستيزارية خلال الاستشارات، ما يجعل الأمور على درجة كبيرة من التعقيد الذي قد يمنع الحريري من إنجاز مهمة تشكيل الحكومة في وقت قريب، إلا في حال تراجعت هذه القوى عن مطالبها، واقتنعت بالحد الأدنى منها الذي يسمح بولادة قريبة للحكومة قد لا تتجاوز عيد الفطر المقبل. واستناداً إلى المعلومات المتوافرة لـ”السياسة”، من أوساط موثوقة تسنى لها الاطلاع على مشاورات ما بعد الاستشارات النيابية غير الملزمة التي أجراها الحريري، فإن الأخير يعتقد أنه ليس في وارد الاستجابة لكل المطالب التي قدمت إليه من الكتل النيابية، وبالتالي سيحاول التوفيق بين هذه المطالب ضمن المعقول، في إطار تشكيلة متوازنة تمثل غالبية الأطراف السياسية وتعكس في مكانٍ ما، ما أفرزته نتائج الانتخابات النيابية، بعد التشاور في الحقائب والأسماء مع رئيس الجمهورية ميشال عون الذي ترجح المعلومات حصوله بالتوافق مع الرئيس المكلف على كتلة وزارية من ثلاثة وزراء موزعين على الطوائف الأساسية.
وفي هذا السياق، لفت القيادي في “تيار المستقبل” مصطفى علوش، إلى أن الكلام الذي يدور خلال الاستشارات لا يعكس إمكانية التشكيل بسرعة أو ببطء، لكن ما صدر عن الكتل النيابية والقوى السياسية، يؤكد أن هناك صعوبة في تحقيق خلطة وزارية تحظى بموافقة الجميع.
وقال لـ”السياسة”، إنه لا يتوقع ولادة حكومة بشكلٍ سريع، مشدداً على أن الجميع يريدون أن يكونوا شركاء بالحكم، وهذا ما يلغي مبدأ المحاسبة، كما هي الحال في المجتمعات الديموقراطية، باعتبار أن الذين يريدون حصصاً في الحكم، فإنهم في الواقع يهدفون إلى حصد المغانم وليس للمشاركة.
واعتبر علوش، أن المخرج من مسألة الخلاف الدائر بشأن ما يقال عن حصة وزارية لرئيس الجمهورية، هو أن نخرج من مسألة هذه الحصة وغيرها من الحصص ففي النظام البرلماني الديموقراطي، فإن القوى البرلمانية هي التي تشكل الحكومة، لافتاًَ إلى أن وجود “حزب الله” في الحكومة لا يسهّل التأليف، لأن للبنان إشكالية كبيرة في ما يتعلق بموضوع العقوبات، لكن “حزب الله” لا يطالب بشيء أكثر من حجمه، إضافةً إلى بروز إشكالية أخرى، وهي أنه كيف يمكن لـ”حزب الله” أن يشارك في الحكومة، وهو لم يسم الرئيس الحريري لتشكيلها، وقال إنه في ظل وجود العقوبات على “حزب الله”، فإن لبنان سيتعرّض لردات فعل في هذا الخصوص، كاشفاً أن اسمه مطروح ليكون وزيراً في الحكومة الجديدة، لكن القرار في النهاية يعود لتيار المستقبل.