أليس من المعيب أن يقضي الإنسان على الطبيعة بعدما ساندته وحرصت على راحته؟ أليس من المشين أن ينسى فضل الأرض وخيراتها عليه؟ أليس من المسيء أن يقتل أو يخنق سماءً حضنته؟

يرتكب الإنسان اليوم أبشع مظاهر الإجرام بحق البيئة وبحق نفسه، وما من رقابة ولا محاسبة.

أكثر من 15 ألف مواطن يعيشون في منطقة شكا وجوارها وهم معرضون يومياً لمواجهة أخطر أنواع الأمراض مثل ضغط الدم، وأمراض القلب، والربو الصدري، والأهمّ والأخطر من ذلك كلّه السرطانات المتنوعة، بسبب التلوث الناتج عن معمل الإسمنت الذي لا يبعد إلا بضعة كيلومترات عن البيوت. وهو ليس مُجهّزاً بما فيه الكفاية لحماية البيئة والسكّان من خطر التلوّث.

 كسّارات المعمل تنتج أكثر من ٧٥٠٠ طن من الاسمنت يومياً، بالإضافة إلى أنّ كل 100 ألف طن يتمّ طحنها تنتج 36 ألف طن من ثاني أوكسيد الكربون، ما يتسبّب بمشكلة احتباس حراري.

كما أنّ الأمطار الحمضية التي تتساقط جرّاء هذا التلوث، تحرق المزروعات وبالأخص تتسبّب بيباس زراعات تراثية وطنية بالكامل مثل التين والعنب، إلى جانب التسبّب بخسائر هائلة لغابة زيتون الكورة التي تشكّل أحد أهم مصادر العيش لأهل المنطقة.

بالحديث مع أحد مديري الشركة، أكّد لنا أنّ الشركة تخضع لرقابة كل سنة من جانب شركة متخصصة في التدقيق البيئي لصناعة الاسمنت، وأنّ الشّركة تحقّق تقدماً ملحوظاً في خفض نسبة التلوث. كما أفاد أنّ الشركة وضعت خطّة للتنفيذ تكلّف ملايين الدولارات وهي قيّد الدرس، علماً بأنّه سيجري تنفيذها بعد التأكّد من أنها صالحة ومفيدة للبيئة.

ومع هذه المشاكل، لا يجب أن ننكر الفوائد الحقيقية لهذه الشركات من حيث فرص العمل التي تقدّمها. فليس المطلوب إقفال الشركات بل التطلّع الى وضع بيئي سليم، لأنه لا شكّ في أنّ شكا دفعت من صحة أهلها ثمناً باهظاً، ولا يجوز التغاضي عن هذا الموضوع أو السكوت عنه. فهل الإجراءات التي تتّخذها الشركة كافية لحماية أولاد المنطقة وحماية البيئة التي توفّر لنا الراحة والإستمرار في الحياة؟

 

(مقالة كتبتها ماغالي مراد طالبة في كلية الصحافة - جامعة الروح القدس الكسليك)