الحزب الذي تراجع عن مواقفه الهجومية في لبنان فهو يسعى إلى الاستظلال بمظلة شرعية برلمانية وحكومية لاتقاء الضغوط التي تستهدفه من قبل أطراف خارجية
 

ينتظر اللبنانيون يوم الأحد السادس من أيار الجاري بفارغ الصبر. يغالبهم شعور بعبور هذا المفصل الانتخابي بمنسوب كبير من الآمال والتمنيات بانتقال البلد من حالة الركود الاقتصادي والاجتماعي والسياسي إلى تنشيط الحياة للعبة الديمقراطية داخل المؤسسات الدستورية خلال اجتياز مطبات الاستحقاقات الملحقة عادة بالانتخابات النيابية كانتخاب رئيس للمجلس النيابي الجديد وتشكيل حكومة جديدة بعد إجراء الاستشارات النيابية الملزمة لرئيس الجمهورية والتي على أساسها يتم تكليف الشخصية التي تنال القبول من أكثرية الكتل النيابية والنواب المستقلين كي تتولى عملية تشكيل الحكومة المقبلة وصولا إلى صياغة البيان الوزاري لنيل ثقة مجلس النواب بالحكومة العتيدة. ويترافق ذلك مع هواجس وعوامل خوف لدى أكثرية الشعب اللبناني نشأت من تجارب الحكم السابقة، من أن ثمة قوى سياسية وحزبية قد لا تريد للبلد أن يعيش في واحة من الأمان والاستقرار في ظل العوامل الإقليمية المتحركة والتي تلقي بثقلها على الواقع الداخلي في البلد. وتعمل هذه القوى على إدخال البلد كما ادخل في فترات سابقة في نفق من التعطيل والمماطلة والعجز عن إنجاز اي ملف من الملفات الملحة بروح التعاون والمشاركة والوطنية، و "حزب الله" الذي يبدو قلقًا من مغبة حصول اختراقات للوائحه في بعض دوائر الجنوب واختراق مؤكد في منطقة بعلبك الهرمل من خلال مرشحين أو ثلاثة مرشحين وهو ما عبر عنه واعترف به الأمين العام لحزب الله السيد "حسن نصر الله " في غير خطاب انتخابي. إلا أنه ومع ذلك فإن الحزب مطمئن إلى حصته داخل المجلس النيابي المقبل. وبالتالي فإن الحزب الذي تراجع عن مواقفه الهجومية في لبنان فهو يسعى إلى الاستظلال بمظلة شرعية برلمانية وحكومية لاتقاء الضغوط التي تستهدفه من قبل أطراف خارجية كما تستهدف النظام الإيراني الذي يدعمه ويرعاه. 

إقرأ أيضًا: إعادة إنتاج السلطة في السادس من أيار
وفي حملته الانتخابية فقد أوحى "حزب الله" إلى أن برنامجه الانتخابي يرتكز على مسألة أساسية ومهمة وتخص جميع اللبنانيين وهي محاربة الفساد. ومع أن خطاب السيد "حسن نصر الله" الأخير الذي ألقاه على المسامع عصر يوم الثلاثاء الماضي جاء خاليًا من أي التزام يفسح في المجال مستقبلا لمحاسبته بالتقصير. إلا أنه وفي كلام سابق فقد وعد ناخبيه بمحاربة الفساد ومكافحته في مختلف مفاصل الدولة، وهو بذلك يوحي إلى براءة الحزب من تهمة الفساد ومن انغماسه في أي من دهاليزه المظلمة. ويوجه أصابع الاتهام إلى بقية الطبقة السياسية الحاكمة في البلد وخصوصا تيار المستقبل باعتبارها كانت المسؤولة عن الملفات المعيشية والانمائية والاقتصادية المتدهورة. فيما كان الحزب منهمكا بوظائف المقاومة والوقوف بوجه العدو الصهيوني وإقامة معادلة توازن الرعب معه ومحاربة الجماعات الإرهابية والتكفيرية في لبنان و سوريا والحؤول دون انتشارها وتمددها في الداخل اللبناني. 
الا ان هناك إجماع من المراقبين اللبنانيين على أن "حزب الله" يتحمل مسؤولية مباشرة لرعايته جزء كبير من سلوكيات الفساد داخل العديد من مؤسسات ودوائر الدولة اللبنانية، سيما وأنه شارك في الحكومات المتعاقبة منذ العام 2005، وكذلك فإن الحزب الذي انقلب على حكومة الرئيس سعد الحريري في العام 2011 وأتى بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي كانت خالية من أي قوى مناهضة له ومع ذلك فإنه فشل في الإمساك بالبلد والسيطرة على الحكم دستوريا ومؤسساتيا.
وهذا يعني أن الخطاب الانتخابي لـ "حزب الله" والذي يتطرق إلى محاربة الفساد فإنه يسعى إلى توسيع دائرة هيمنته داخل مؤسسات لتشمل المؤسسات المالية والاقتصادية بعد سيطرته على مفاصل القرار داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية.