بعد 49 عاماً من المسيرة المهنية المقترنة بالبراعة التمثيلية الاستثنائية، ما زال دونجوان السينما المصرية وأميرُها الوسيم، الممثل الكبير حسين فهمي يحتفظ بالكثير من سحر حضوره الكاريزماتيكي الآسر الذي جعله واحداً من أهمّ وجوه الشاشة المصرية والعربية مع رصيد هائل من الأعمال التمثيلية في السينما والدراما والمسرح. وبمزيجٍ من الخلفية الثقافية الصلبة وروح الفكاهة المطعّمة بالذكاء الديبلوماسي، أجاب الفنان الكبير على أسئلة الصحافة أثناء تكريمه أخيراً في بيروت، حيث تشارك مع الحضور خلاصة تجربته الفنّية والإنسانية.
 

بعد تخرّجه عام 1963 من المعهد العالي للسينما بشهادة في الإخراج تابع حسين فهمي دراساته العليا في الولايات المتحدة الأميركية وهو يعتبر أنّ اختلاف أسلوب الحياة ما بين البلدَين صقل شخصيّته كثيراً وجعله أكثرَ إصراراً على تحقيق الأهداف التي سعى إليها في مشواره الفني، غير أنّ القدر شاء حينها أن ينتقل الفنان الشاب من خلف الكواليس إلى أمام العدسات فكانت الفرصة الأولى عام 1969 مع المخرج حسن إمام الذي تمّت على يده عملية انتقال حسين من الإخراج إلى التمثيل بعدما أسند إليه دوراً في فيلم «دلال المصرية» إلى جانب هدى سلطان وماجدة الخطيب.

هذه الانطلاقة الأولى مروراً بسنوات بريقه الذهبية على الشاشة الكبيرة في الستينات والسبعينات بالإضافة إلى تجربته المخضرمة مع صنّاع السينما والدراما من الجيلين القديم والجديد، استعادها فهمي أثناء حلوله أخيراً ضيفاً على لقاء «قصة نجاح» الذي نظّمته «جامعة بيروت العربية» وكرّمت خلاله النجم المصري الكبير عن مجمل مسيرته الفنية الزاخرة بالأعمال التمثيلية الناجحة والتي تميّزت بمحاكاتها لقضايا وشؤون إنسانية وحياتية تعني كل بيت عربي.

يتذكّر هذا الدور بتأثّر

وخلال اللقاء الذي جاء على هيئة حوار تلفزيوني قدّمته مديرة العلاقات العامة السيدة زينة العريس، استعاد النجم العربي أبرز محطات الألق في مشواره مع الأضواء وأعرب عن حبّه لبيروت شاكراً للّفتة التكريمية ولمنحه لقباً جديد يُضاف الى عشرات الألقاب التي حظي بها خلال مسيرته الفنية وهو لقب «ربيع كل الفنون».

وبعد حديث عن الطفولة والنشأة الاستقراطية ومرحلة الشباب، علّق النجم الذي قدّم مع النجمة الراحلة سعاد حسني أحد أشهر أدوارهما في «خلي بالك من زوزو»، على مختلف محطات مشواره الفني وبتأثر شديد استذكر دورَه في فيلم «الرصاصة ما تزال في جيبي» مشيراً الى تأديته هذا الدور بانفعال وولاء شديدَين دفع مخرج الفيلم آنذاك الى تهدئته أكثر من مرة، الى جانب أدوار وطنية عديدة قال فهمي بأنه أدّاها عن قناعة وانسجام لافتاً في هذا السياق الى رفضه قناعة أن لا يكون للفنان رأيٌ وموقفٌ من الأحداث التي تحيطه، رغم إشارته الى أنّ الإدلاءَ بالمواقف السياسية يُسهم بتراجع الجماهيرية.
وعن بعض الأدوار المركّبة قال فهمي إنه كان يجتهد لتأديتها عبر زيارات ميدانية قام بها للعديد من المواقع لدراسة البيئة التي يقوم فيها الدور.

إنفصالاتٌ توازي الزيجات

وعن حياته الخاصة اعترف أنّ زيجاته كانت كثيرة وأنّ معظمها انتهى في المحاكم للأسف، وبروح المزاح ورحابة الصدر اعترف بفشله في العلاقات العاطفية معتبراً أنه يجب سؤالُه عن انفصالاته بدلاً من زيجاته، ولكنه في المقابل أعرب عن أمل العثور على الحب الحقيقي الذي يحلم به، ومشدّداً على عدم خلطه ما بين التمثيل والحياة اليومية وذلك لاعتباره الكذب في الحياة العادية نوعاً من الجبن في مواجهة تحدّياتها.

وعند سؤاله عن أطول زيجة وأقصرها كشف أنّ زواجه الأول استمرّ 14 عاماً أما زواجه الأقصير فكان الأقصر ولم يتخطّ السنة ونصف السنة، رافضاً أن يكشفَ عن عدد زيجاته بالمجمل.

أصالة الدراما المصرية

وعند سؤاله عمّا يُحكى حول تراجع الدراما المصرية في العقد الأخير، رفض فهمي هذا التعميم مؤكّداً على «أصالة الدراما المصرية ووصولها الى كل بيت عربي، مهاجماً الدراما التركية التي وصفها بالرخيصة والتي تحمل افكاراً غير مفيدة للمجتمعات».

وإذ شدّد على تشجيعه لكل المواهب الشابة، رفض تسمية ممثلين شباب يرى فيهم حسين فهمي أو سعاد حسني الغد متوجِّها بنصيحة الى كل الشباب المقبلين على المجال الفني التحليق بأفكارهم والإبقاء على تواضعهم.