تستعيض الممثلة اللبنانية زينة مكي عن فعل التمثيل نفسه، بفعل أكثر صدقيةً حيث تعيش حالة الشخصيّات التي تقدّمها بتماهٍ تام. هكذا كانت «حبّة لولو» اكتشفها الجمهور اللبناني عبر الشاشة الكبيرة في أولى أدوارها السينمائية بفيلم يحمل العنوان نفسه، وما زالت مشعّة بأدائها على الشاشتين الكبيرة والصغيرة، حيث تتفنّن بتقديم جرعات من ذاتها مع كل شخصية جديدة تلعبها وتضخّ فيها دماً جديداً يحييها من تحت الورق، يجري بالتوازي في عروق الصناعة الدرامية نفسها التي تتغذّى من قدرات ممثليها وطاقات المحترفين منهم على وجه الخصوص.
 

هكذا برعت زينة مكّي في شخصية «عبير» ضمن مسلسل «طريق» الذي تابعه المشاهدون خلال الشهر الفضيل، واستطاعت أن تصنع منها حالة يتفاعل المشاهد معها وتمسّه في جوانب أدائها الصادق.


رغم ذلك تؤكّد الممثلة اللبنانية في حوار خاص لـ«الجمهورية» أنّ شخصية «عبير» تحديداً لا تشبهها في شيء.

خلقتها من الصفر
وتقول: «لعبت هذه الشخصية الحالمة والساذجة أحياناً في مقاربتها غير الواقعية للأمور ويمكنني القول إنني خلقتها من الصفر, فقد بنيت تفاصيل الشخصية كلها من عدم، إذ إن لا صفة مُشتركة بيني وبين «عبير»، وهذا أجمل ما في الأمر فالدور يُشكّل تحدّياً كبيراً لي كممثلة إذ إنه يخرج من مساحة الأداء الآمنة وبه مجازفة ورهان يشكلان متعةً حقيقية فحتى بكاء عبير كان مختلفاً عن بكاء زينة». وتلفت إلى تدخل مخرجة المسلسل رشا شربتجي في جوانب إدارة الممثل، وتقول: «أكثر مُسلسل أعدتُ تصوير مشاهده هو «طريق»، وذلك كي نحافظ على الشخصية ولإظهار عبير بكافة تلوّناتها المتغيّرة التي تصنع فرادتها».

تريّو نسائي فريد
وعن التريو النسائي في «طريق»، نادين نجيم وختام اللحام وزينة مكي، تقول مكي: «العمل ضمن هذا التريو كان جميلاً ومريحاً جداً، فالانسجام والكيمياء كانا أهم أسس هذا التريو، إضافةً الى أنّ لكل ممثلة منا شخصية مختلفة عن الأخرى أضافت سحراً على هذه الخلطة وتركت انطباعاً خاصاً لدى الناس، واستطعنا جعل المشاهد يُصدّق فعلاً أننا عائلة واحدة».


وعن نادين نجيم، تقول: «إنها حتى أجمل ممّا تُظهرها الكاميرا. العمل معها مريح ومُمتع». وتوضح أنها استوحت أداء دور الأخت الصغيرة في المشاهد التي جمعتها بنادين من حياتها الخاصة خلال مراهقتها، وترى أنّ «نادين سخّرت مشاعر الأمومة في دور الأخت الكبيرة».

نقطة تحوّل
وتجد مكي أنّ دور «عبير» هو نقطة تحوّل في مسيرتها المهنية وهو «الدور الذي كنت أنتظره»، لافتةً إلى أنها انتقائية في اختيار الأدوار، وأنها لم توافق في الفترة الأخيرة على الأدوار التي عُرضت عليها لأنها رأت أنها مُكرَّرة ولا تُشكّل أيَّ إضافة لها». وتشير إلى أنها أعطت شخصية «عبير» كثيراً من الوقت والجهد والتعب على الصعيدَين الجسدي والنفسي، كي تظهر الشخصية كما يجب.


وتشير إلى أنّ هذا الدور زاد من المسؤولية في انتقاء الأدوار التي يجب أن تكون بمستوى دور «عبير»، إنما غير مُكرِّرة له.


وبعد تعرّف المشاهد على زينة مكي من خلال دور بطولي في الفيلم السينمائي «حبة لولو»، شاركت مكي في أعمال درامية عدة بأدوار مختلفة في مساحتها. وعن عدم اشتراطها المشاركة بالأدوار النسائية الاولى في المسلسلات الدرامية، تقول: «أنا أنانية في السينما وأطلب البطولة الأولى، ولكن في الدراما أبحث عن الدور المشغول والذي يترك بصمة ويُعلِّم في أذهان الناس بغض النظر عن مساحته كما هي الحال في دور عبير».


وإذ تؤكّد أنّ «المجال السينمائي سيبقى حبّي الأول»، تقول إنّ «السينما فيها متعة خاصة جداً ولها سحرها الذي تحتفظ به لسنوات طويلة. وفي المشهد العام، نجد أعمالاً ممتازة في مقابل اعمال أخرى لا تتمتع بمقاربة سينمائية جادّة، حيث تفتقد السينما إلى النصوص الجيدة، وبعض الأعمال السينمائية المحلية يكاد يكون أشبه بالحلقات التلفزيونية».

ثنائيّة «عبير وجُنيد»
وعن الثنائية التي جمعتها والممثل جنيد زين الدين، تكشف مكي أنها لم تتوقّع أن تُحدث هذه الثنائية الصدى الجماهيري الذي حققته. وتقول: «توقعتُ أن يكون العمل جيداً وجميلاً ولكن لم أتوقع هذه الضجة التي أحدثتها الثنائية، ويبدو أنّ المشاهدين أحبّوا وتلقّفوا العفوية والتلقائية بيني وبين جنيد، فحتى المواقف الكوميدية بيننا لم يكن مُخطّطاً لها وأتت بتلقائية دونما افتعال للضحكة».


وعن أداء جنيد في دوره الدرامي الأول، خصوصاً أنّ صورته ككوميدي مطبوعة في أذهان الناس، تقول مكي»الكوميدي إن كان ممثلاً جيداً يُبدع في الدراما». وتقول: قدّم جنيد في هذا الدور أداءً مختلفاً ومميّزاً ويحمل سِحراً خاصاً. وقد أحببت جنيد في الدراما كثيراً».

أعرف هذا الوجع
وبعد تناولها تجربتها الخاصة مع «اعوجاج العمود الفقري» ضمن فيلم وثائقي بعنوان «أنحني ولا أنكسر» حاز جائزة خاصة في مهرجان موناكو السينمائي، قرّرت زينة مكي تأسيس جمعية تحمل الاسم نفسه وهو بالانكليزية Bent not Broken، ستكون متخصّصة بهذه الحالة الصحية.


وتشرح مكي أنها اكتشفت معاناتها من هذه الحالة منذ سن يافعة جداً وتطلّب علاجها وضعَ مقوّم للظهر 23 ساعةً في اليوم ولحوالى السبع سنوات قبل أن تقرّر الخضوع لعملية جراحية بالغة الخطورة قضت بوضعها سيخاً حديدياً في ظهرها سيلازمانها مدى العمر. وزينة التي تعشق إلى جانب التمثيل رقص الباليه وركوب الخيل، تقول «مررت بكلّ حالات هذا المرض وأعرف هذا الوجع تماماً وهذا الأمر صعب جداً وأحياناً يُعيق عملي وتحرّكاتي كما أنني أواجه أحياناً انتقادات حول طريقة مشي معيّنة أو حركة من أشخاص لا يدركون حالتي ولذلك كانت فكرة انشاء هذه الجمعية وههدفها بالدرجة الاولى تقديم التوعية والمساعدة النفسية للأطفال الذين يعانون من «اعوجاج الظهر»، وهو أهم من المساعدة المالية».