هل بدأ دونالد ترامب يلحس تهديداته بضرب سوريا، وهل ان فلاديمير بوتين كما أشيع مستعد للذهاب الى حرب نووية مع أميركا وفرنسا وبريطانيا، إذا تعرضت دمشق للقصف بالصواريخ الاميركية؟

لا يستطيع المراقب ان يفعل سوى التخمين في هذه الساعات الدقيقة، ففي حين بدا الرئيس الاميركي قبل ساعات، وكأنه بدأ ينزل تدريجاً عن الشجرة العالية التي تسلقها عندما غرد مخاطباً بوتين: “روسيا تعهدت وتوعدت بإسقاط أي صواريخ أميركية تستهدف سوريا، فإستعدي يا روسيا لأن صواريخنا آتية وستكون جديدة وجميلة وذكية”، بدا بوتين كأنه يرفع التحدي الى مداه الأقصى.

فقد نقلت وكالة “وورلد نيوز” عن رئاسة الأركان الروسية ان لديها معلومات عن استعدادات أميركية لتدمير وزارة الدفاع ورئاسة الأركان ومبنى قيادة سلاح الطيران في سوريا، لكن موسكو سارعت ليل الأربعاء الى ارسال منظومة ” أس 600″ التي أخرجتها للمرة الأولى من روسيا وأنها مستعدة فعلاً لإسقاط الصواريخ الاميركية التي تستهدف دمشق. وكان الرد من قيادة الجيش الروسي “إياكم أن تضربوا دمشق لأننا سنضرب القواعد الأميركية في الخليج وسندمر مصافي النفط في السعودية وأبو ظبي والكويت”. وسبق هذا الكلام تسريب أخبار تقول إن بوتين استدعى السفير الأميركي في موسكو مارك لايبلي وأبلغه إنذاراً حاسماً:

“لقد أعطيت الأمر للأسطول الروسي في البحر الأسود باستهداف القواعد الاميركية في الخليج وتدميرها وإسقاط مقاتلاتها فوق سوريا وإذا إضطر الأمر إسقاط طائرة الرئيس ترامب”.

طبعاً من المبكر ان نقول إننا امام أزمة روسية – أميركية تتجاوز في خطورتها ازمة خليج الخنازير في كوبا بين جون كينيدي ونيكيتا خروشوف عام 1961، لكن التدقيق في التغريدات الترامبية الأخيرة توحي فعلاً بأنه يحاول ان ينزل عن الشجرة عندما يغرّد “أنا لم أقل متى سيحدث الهجوم على سوريا… قد يكون قريباً وقد لا يكون”، وكل ذلك يضعنا امام مواقف تشبه الأحاجي.

هل وصل الإستئساد عند بوتين الى درجة التلويح باشعال حرب نووية شاملة دفاعاً عن النظام السوري المتهم بإستعمال الكيميائي، وهل قرر فعلاً ان يعيد فرض الهيبة الروسية على المسرح الدولي برفع التحدي في وجه أميركا الى هذا الحد؟

وفي المقابل، هل وصل الإستعجال والتهور عند دونالد ترامب الى درجة إلحاق السخرية بهيبة أميركا، عندما تسرّع في توجيه التهديدات الى سوريا وروسيا [إستعدي يا روسيا الصواريخ آتية] ثم بدأ يعد الى العشرة على ما يبدو في حين لا يزال التهديد قائماً بأن الضربة ستحصل في غضون 72 ساعة؟

الشيء الوحيد المطمئن وسط هذه التأويلات المقلقة، هو الإعلان عن ان الإتصالات مفتوحة بين الجيشين الأميركي والروسي، حيث لا وجود لا لتهريج ترامب ولا غطرسة بوتين.