الشروط تتخذ جانب سياسي يرتكز على التزام لبنان سياسة النأي بالنفس وتنفيذ القرارين الدوليين 1559 و 1701 وبالاستراتيجية الدفاعية
 

المؤتمر الإقتصادي الدولي الخاص بدعم لبنان الذي انعقد يوم الجمعة الماضي في العاصمة الفرنسية باريس وشارك فيه أربعين دولة أجنبية وعربية تحت اسم سيدر 1 اختتم أعماله بعد ثلاثة ايام من المداولات والنقاشات بعد إعطائه منسوب كبير من الأمل للبنانيين بإمكانية إعادة تحريك عجلة الإقتصاد اللبناني التي أصيبت بحالة من الركود كادت أن توصل البلد إلى حافة الانهيار والافلاس، وذلك بعد أن تعهدت الدول المشاركة في هذا المؤتمر بدعم لبنان بما يقارب الأحد عشر مليار دولار على شكل هبات وقروض بعيدة المدى وميسرة الدفع كي يستعيد عافيته واستقراره. لكنها مشروطة بحزمة من الإصلاحات على مستوى المؤسسات وكافة الأجهزة والادارة العامة واعتماد الشفافية والالتزام فعليا بسلوك طريق مكافحة الفساد والصفقات المشبوهة وهدر المال العام الناتجة عن سوء الادارة والمحسوبيات والهيمنة على مفاصل السلطة وتحويلها إلى مزارع خاصة.

إقرأ ايضًا: مؤتمر سيدر ١ مرهون بالتزامات لبنان الدولية

وكذلك فإن من الشروط المطلوب من لبنان الايفاء بها سواء في هذا المؤتمر أو في مؤتمر روما الخاص بدعم الجيش اللبناني وباقي الأجهزة الأمنية الذي عقد منتصف الشهر الماضي في العاصمة الإيطالية روما او في المؤتمر المزمع عقده في بروكسل لدعم لبنان على شكل مساعدات إنسانية، فإن هذه الشروط تتخذ جانب سياسي يرتكز على التزام لبنان سياسة النأي بالنفس وتنفيذ القرارين الدوليين 1559 و 1701 وبالاستراتيجية الدفاعية التي تهدف إلى بسط القوى الشرعية اللبنانية سلطتها على مساحة الوطن بأكمله. 
من جهتها القوى السياسية والحزبية الفاعلة في البلد وكعادتها حول اي قضية تخص الوضع اللبناني انقسمت بين متفائل ومؤيد لمؤتمر سيدر وبين مشكك بمفاعيله ونتائجه الإيجابية ومعارض له استنادًا إلى افتراضات بأنه سيحمل خزينة الدولة أعباء إضافية ويزيد من المديونية المترتبة على البلد المثقل أصلا بمترتبات الدين وخدمته والتي تتزايد عام بعد عام. 
وفي هذا السياق فإن (حزب الله) الذي يتهرب من تحمل أي مسؤولية عن تدهور الأوضاع الإقتصادية والمعيشية في البلد فإنه أبدى اعتراضه على اي قروض جديدة بذريعة أنها تزيد الدين العام الذي يعاني منه البلد والذي يفوق قدرته على الايفاء بها.

إقرأ أيضًا: إفراغ القانون الجديد من إيجابياته

واعتبر الحزب وعلى لسان أحد نوابه أنه لا بد لمجلس النواب واللجان المختصة فيه من مناقشة أي قروض يمكن أن يحصل عليها لبنان، وتابع قائلا سنكون نحن وحلفاؤنا في المجلس واللجان حريصين على الحؤول دون تفاقم الدين العام. وبالتالي تفاقم خدمة الدين والعجز بالموازنة. 
مصادر سياسية لبنانية رأت في تحفظات الحزب على نتائج مؤتمر سيدر1 هي بمثابة رسائل وإشارات موجهة إلى رئيس الحكومة سعد الحريري وفريق عمله وإلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي كان ممثلًا في المؤتمر عبر وزير الخارجية جبران باسيل ومجموعة من الوزراء والمستشارين المرتبطين بكتلته، وبالتالي فهي إشارة إلى عون تؤكد على ان تقاربه مع الرئيس الحريري لا يعني في أي حال من الأحوال بأنه بات بأمكانه تجاهل متطلبات الحزب ورغباته ودوره المحوري على كافة الأصعدة. 
والحزب باعتباره أحد الحلقات القوية في المشروع الإيراني فإن تحفظاته على مؤتمر سيدر1 مبنية على انزعاج واضح من الرعاية الدولية والعربية للبنان المتأنية على خلفية المواجهة مع النفوذ الإيراني في المنطقة. إذ أنه يضع مصلحة إيران على رأس قائمة اهتماماته فيما مصلحة لبنان ليس لها مكان في أجندته. 
وعليه فإن موقف الحزب من مؤتمر سيدر1 ينسجم مع القول الشائع  بأنه "لا يرحم البلد ولا يترك رحمة الله تنزل عليه".