التحالف الوحيد الذي بات في حكم المؤكد أنه سيستمر ما بعد الإنتخابات هو تحالف الثنائي الشيعي
 

لا داعي للتذكير بأنه في السياسة ليست هناك عداوات دائمة ولا صداقات دائمة ولا تحالفات ثابتة بل هناك مصالح دائمة. 
وفي لبنان فإن هذه القاعدة تأخذ أشكالا أكثر جذرية وأكثر حدة وعنف باعتباره بلد العجائب والغرائب، ذلك ان التحالفات بين الأطراف السياسية والحزبية فيه لا يتم بنائها على أسس مبدأية وعقائدية ووطنية، ولا على برامج انمائية واقتصادية ولا على مشاريع حضارية ومتطورة للنهوض بالمجتمع من براثن الجهل والتخلف ولا تقوم على رفاهية المواطن وتحسين أوضاعه المعيشية ولا على إصلاح الميزان التجاري للبلد بين الصادرات والواردات، ولا على مكافحة الفساد والصفقات والسمسرات والبطالة والرشاوى، ولا على منافسة الدول الأخرى في الصناعة والتجارة والزراعة واستقطاب الاستثمارات الخارجية ولا حتى على توفير الإحتياجات الضرورية لكل إنسان من مأكل ومشرب وملبس وسكن لائق ولا على ضمان الشيخوخة، ولا على معالجة مشاكل البلد المتراكمة وأزماته التي تتفاقم يوما بعد يوم حتى وصلت الأمور فيه إلى حافة الانهيار، بل أن التقارب بين الأقطاب السياسية والمكونات الحزبية فيه والتي تصل إلى حد التفاهمات فيما بينها وإنشاء التحالفات إنما يتم إقامتها على أسس ترتبط بمصلحة كل فريق وما يمكن أن يحققه من إنجازات لحزبه ولفريقه السياسي ولو كانت على حساب مصلحة الوطن والمواطن، وما يمكن ان يقدم له من تسهيلات لتشريع مشروعه الخاص به والذي غالبًا ما يكون مرتبطًا بمشاريع خارجية. 

إقرأ أيضًا: سوء إستخدام قانون الإنتخابات الجديد... هكذا شوّهوا النسبية
بمعنى أن السياسة في لبنان هي تغليب المصلحة الحزبية والفئوية الخاصة وأحيانا المصلحة الشخصية على حساب مصلحة البلد والمصلحة الوطنية. 
وفي مشهد التحضيرات للإنتخابات النيابية المقبلة، فالتنافس على أشده بين كافة الافرقاء في سعي حثيث من كل فريق للحصول على مقعد نيابي إضافي في المجلس الجديد. 
وفي سبيل ذلك، إختلط الحابل بالنابل في التحالفات التي جمعت الأضداد في لوائح في أقضية معينة وفرقتهم في أقضية أخرى. وينسحب ذلك على الحلفاء أيضا الذين تشتتوا في بعض المناطق فيما تحالفوا في مناطق أخرى، وكل ذلك يؤشر إلى أن لبنان بعد السادس من أيار المقبل المقرر فيه إجراء الانتخابات النيابية سيكون غيره قبل هذا الاستحقاق المفصل لجهة تحالفات وانقسامات القوى التي ستمسك بمفاصل السلطة. 
فقوى الصراع التي نتجت عقب اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتأطرت ضمن فريقي الثامن والرابع عشر من آذار وأدى إلى انقسام عامودي وحاد بين الطرفين فقد بدأ الصراع بينهما بالتلاشي منذ فترة غير قريبة حتى لم يعد يبقى منها غير بعض الشعارات الفارغة من أي مضمون وبعض الأفكار العقيمة التي لم يعد يحتفظ بها غير أصحابها. 

إقرأ أيضًا: إفراغ القانون الجديد من إيجابياته
التحالف الوحيد الذي بات في حكم المؤكد أنه سيستمر ما بعد الانتخابات هو تحالف الثنائي الشيعي (حزب الله) و (حركة أمل) لأنه تحالف استراتيجي مبني على التكامل بين الطرفين بحيث أن دور كل منهما يكمل دور الآخر على الساحة الداخلية، فيما تحالف الحزب مع التيار الوطني الحر مهدد بالإهتزاز وربما لاحقا بالانهيار بعد هذه الإنتخابات، وإن كانت الضرورة اليوم تقتضي حمايته ولو شكلا لتمرير الاستحقاق الانتخابي. 
فما أقدم عليه الوزير جبران باسيل في معركة جبيل كسروان وامتناعه عن ضم مرشح الحزب إلى لائحته يعتبر خطأً كبيرًا سيدفع ثمنه مستقبلًا، ذلك أن الحزب يرى أن التيار بشخص رئيسه باسيل وفريقه النيابي والوزاري يقدمون أوراق اعتماد للاميركي. 
ولم يعد خافيًا ان الوزير باسيل حارب الحزب خلال مرحلة تشكيل اللوائح بناءا على ضغوطات ومطالب أميركية.
وعليه فاستياء الحزب واضح من أداء باسيل حيث برزت علامات استفهام كبيرة حول الرجل بما يؤشر على ضرورة ترتيب العلاقة من جديد بين الحزب والتيار الوطني الحر بعد الانتخابات وفقًا لمقاربة جديدة بالكامل .