هذا الإضطراب المعنوي الذي يحكم سلوك المملكة في لبنان والمنطقة مديد
 

أولاً: الزيارة الملتبسة للسفيرين

أثارت زيارة السفيرين السعودي والإماراتي لمنطقة بعلبك-الهرمل علامات إستفهامٍ وامتعاضٍ عدّة في أوساط المعارضة الشيعية، وتساءلت عن معاني توقيتها ومراميها وأهدافها، فالثنائية الشيعية بدأت باستغلالها فوراً باتهام المعارضة بالتهمة القديمة والجاهزة: العمالة للسفارات، وساعدت الزيارة هذه الثنائية في شدّ العصب الشيعي ضد المملكة العربية السعودية وتدخلها في الحياة السياسية اللبنانية، وقد تداول بعض الناشطين في المعارضة مخاوف فعلية في تدني حظوظ الخرق في المقعد الشيعي السادس في هذه المنطقة.
في جميع الأحوال، هذا الإضطراب المعنوي الذي يحكم سلوك المملكة في لبنان والمنطقة مديد، وله تاريخ مرير ومأساوي، فقد سمحت دول الخليج بزعامة السعودية لإيران بالدخول إلى مسام الأمة العربية طوال أربعين عاماً، منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران بداية ثمانينيات القرن الماضي، وهاهم يتخبّطون اليوم في سبيل مواجهتها بلا مشروع ولا استراتيجية ولا رؤية، وما زال يُصاب بالخيبة والخسران كل من يُراهن على دعمهم ورعايتهم.

إقرأ ايضًا: أحكام عامر الشعبي في المسجد الخراب والبرلمانات الخربة

 

ثانياً: النهي عن القتال بأهل المدينة ومكة

قال الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان لثابت بن عبدالله بن الزبير: "أبوك ما كان أعلمُ بك حيث كان يشتمك. "قال: "يا أمير المؤمنين ، إنّما كان يشتمني أنّي كنتُ أنهاهُ أن يقاتل بأهل المدينة وأهل مكة؛ فإنّ الله لا ينصرُ بهما؛ أمّا أهل مكّة فأخرجوا النبي (ص) وأخافوه، ثم جاءوا إلى المدينة فآذوهُ حتى سيّرهم- يُعرّض بالحكم بن أبي العاص طريد النبي (الحكم هو جدّ عبدالملك)- ؛ وأمّا أهل المدينة فخذلوا عثمان، حتى قُتل بين أظهرهم، ولم يدفعوا عنه. "قال عبدالملك: "عليك لعنة الله."
لم يملك الخليفة بعد أن بهتهُ ثابت بالجواب القاطع سوى صبّ اللعنة عليه.علّ من لا يزال يراهن على دور سعودي إيجابي يتّعظ بقول ثابت بن عبدالله بن الزير، فما زال قولُهُ ثابتاٌ وصالحاً عبر القرون والحقب والحدثان.