يصل إلى لبنان، الاثنين 26 شباط، الموفد السعودي نزار العلولا في زيارة تحمل كثيراً من الإشارات السياسية والانتخابية. وفق المعطيات، فإن العلولا يأتي لتوجيه دعوة إلى الحريري لزيارة المملكة. ما يعني أن العمل يجري على إعادة العلاقات إلى طبيعتها. وذلك ما يريده الطرفان في هذه المرحلة. سيحمل الموفد السعودي رسالة من المالك سلمان بن عبد العزيز إلى الرئيس ميشال عون. ووفق المصادر فإن الرسالة ستشدد على حرص المملكة على العلاقات الجدية مع لبنان، ودعم الشرعية اللبنانية. وسيجري الحريري جولة خليجية لعقد لقاءات مع المسؤولين الخليجيين، لمطالبتهم بمساعدة لبنان في مؤتمرات الدعم الدولية. وتحمل الزيارة رسالة سعودية أساسية، بأن المملكة حاضرة بقوة على الساحة اللبناني، بخلاف الكلام الذي يقول إنها تخلّت عن الملف اللبناني.

سيتجلى ذلك من خلال اللقاءات التي سيجريها الموفد السعودي، مع الأفرقاء كافة في البلد، إذ إن لقاءاته لن تقتصر على الرؤساء الثلاثة، بل ستكون هناك لقاءات مع مختلف القوى السياسية خصوصاً من يصنّفون في خانة 14 آذار، إذ سيتركز البحث على تجليات المواقف والتحالفات الانتخابية، ومحاولة لاستنباط النتائج التي ستفرزها الانتخابات وفق السيناريوهات التحالفية.

سيطلب لبنان من السعودية دعمه في المؤتمرات الدولية، خصوصاً أن المسؤولين اللبنانيين يعرفون أن الجهة الأكثر تمويلاً لهكذا مؤتمرات هي السعودية ودول الخليج. ولكن، على أي أساس ستمنح هذه الدول الدعم للبنان في ظل ما حصل في الفترة الماضية؟ وهل ستكون هذه التقديمات مشروطة بعدم التحالف مع حزب الله، وتشكّل الزيارة واللقاءات مظلّة دعم لتحالف المستقبل مع التيار الوطني الحر وخوض الانتخابات بوجه الحزب في دوائر متعددة؟ كبعلبك الهرمل مثلاً، والتي ينظر إليها على أنها معركة أساسية هناك إمكانية للتحالف بين القوات، المستقبل والتيار مع المعارضة الشيعية إلى تحقيق خرق واسع في عقر دار الحزب. على أن ينسحب هذا التحالف على دوائر أخرى، كزحلة، بعبدا والبقاع الغربي. لا شك في أن هذه الفكرة تعتبر ضرباً من ضروب الخيال، لكنها مطروحة بالنسبة إلى البعض، رغم أنها غير محسومة الخواتيم، إذ إن معطيات اليوم تتغير غداً.

ولكن هل ستنعكس الزيارة على التحالفات الانتخابية؟ لا شك أن السعوديين سيسعون إلى لم شمل ما تبقى من قوى 14 آذار، والسعي لخوض الانتخابات وفق تحالفات بين هذه القوى. لكن حسابات الحقل تختلف عن حسابات البيدر. لدى الحريري وجهة نظر تفيد بأن خوض الانتخابات وحيداً أفضل بالنسبة إليه من التحالف مع أي طرف، لأنه بذلك يكون قادراً على الاحتفاظ بكتلة وازنة.

ما يتقدّم على الحسابات الانتخابية رغم أهميتها في هذه المرحلة، هو إزالة كل الشوائب التي اعترت العلاقة بين الحريري والمملكة بعد مرحلة الاستقالة وما تلاها وما رافقها من كلام عن احتجاز وانحدار في العلاقة. وهذا قد يؤدي إلى مرونة سعودية تجاه الحريري وخياراته الانتخابية، لكنه بالتأكيد سينعكس على خصوم الحريري من الخط السياسي نفسه إن صح القول، أي سينعكس على حلفائه السابقين، الذين كان يعدون أنفسهم بدعم سعودي لخوض الانتخابات. فتح صفحة جديدة بين السعودية والحريري، سيؤدي إلى وقف السعودية أي حراك داعم لمن يريد خوض الانتخابات بوجه الحريري، لا سيما في بيروت والشمال.