هل المنطقة مقبلة على ربيع ساخن؟ سؤال صاغه أحد المراجع بناء على ما سمّاها مجموعة تطورات مقلقة ومتلاحقة منذ مدة من لبنان الى إسرائيل، وصولاً إلى الميدان السوري والجبهات العسكرية المفتوحة على مصراعيها فيه
 

في لبنان الذي يتحضّر لإجراء الانتخابات النيابية بعد نحو سبعين يوما، يلاحظ المرجع عودة المجموعات والخلايا الارهابية الى التحرك في الداخل. والأجهزة الأمنية، والعسكرية تحديداً، أحبطت مجموعة كبيرة من العمليات الإرهابية الخطيرة، وآخرها لم يمض عليها زمن طويل، وألقت القبض في فترة زمنية قصيرة نسبياً على مئات من الإرهابيين الخطيرين. بالتأكيد يقول المرجع، انّ هذه المجموعات لا تتحرك من تلقاء نفسها.

وهنا يصبح الحذر أكثر من واجب. وفي لبنان، ايضاً، إفتعل الإسرائيليون أزمة الجدار الإسمنتي على الحدود، من خلال محاولة بنائه في المنطقة المتنازَع عليها مع لبنان. المريب في الأمر أنّ الإسرائيليين ما زالوا مصرّين على البناء في هذه النقطة.

ولبنان أوصلَ الى الاميركيين كلاماً مباشراً عبر مراجع رسمية وعسكرية بأنّ هذه المسألة تُشعل حرباً. الاميركيون كما يقول المرجع المذكور حاولوا طمأنة لبنان، الّا انّ الاسرائيليين ماضون في الجدار وطبعاً بتناغم كامل مع الأميركيين. وهذا التناغم نفسه تجلّى في إثارتهم لأزمة النفط البحري ومحاولة السطو الاسرائيلي على النفط اللبناني ومساحات واسعة من المياه الاقليمية والحدود المائية اللبنانية.

بالتضامن والتكافل مع الأميركيين. انهم يتحايلون عليها، يقول المرجع، ويعتقدون أنّ لبنان هو الحلقة الاضعف، هَوّلوا علينا، وقالوا انّ لبنان لا يستطيع ان يحتمل حرباً على النفط، فقلنا لهم أنتم والاوروبيون قلتم لنا إنّ إسرائيل ستكون الخاسر الأكبر من وضع النفط البحري على برميل بارود. وفي الخلاصة نحن نشعر انهم سيزيدون من الضغط علينا، وما علينا إلّا أن نواجه.

- وعلى الجانب الإسرائيلي المقابل للبنان وسوريا، مناورات عسكرية إسرائيلية، في سياق إعداداتها الدائمة للحرب. وآخرها قبل أيام في الجولان. التقديرات الغربية بالإضافة إلى ما يقوله الأميركيون تقلّل من احتمالات الحرب الإسرائيلية على لبنان أو غيره. لكن اذا تعمّقنا في الداخل الاسرائيلي نجد انه تحت تأثير عاصفتين، عاصفة نتنياهو واتهامه بالفساد وتلقّي الرشوة، وعاصفة إسقاط الـ«اف ١٦»، والخشية هنا ان يغامر العقل الاسرائيلي في اتجاه نقل المشكلة الى الخارج عبر افتعال توتر او مواجهة او حرب ما في مكان ما، فمن جهة تصرف النظر عن أزمة نتنياهو وفساده، ومن جهة ثانية لتعويض شيء من ماء الوجه لسلاح الطيران الإسرائيلي بعدما انكسرت هيبته بإسقاط الـ«اف ١٦».

- وفي سوريا، يبدو الميدان العسكري يسير نحو مزيد من التصعيد والمتغيرات.

وفي السياق التمهيدي لذلك يمكن إدراج:

• الإنفجارات الأخيرة التي شهدتها الجبهات السورية على امتداد رقعة الصراع الممتدة من حدود الجولان جنوباً إلى عفرين شمالاً، ومن وادي الفرات شرقاً إلى غوطة دمشق غرباً.

• إسقاط الـ«اف ١٦» وقواعد الاشتباك الجديدة التي فرضها في الجنوب السوري.

• الكمين الأخطر، الذي شهدته منطقة دير الزور الذي أوقع «العشرات» من «مواطني» روسيا ودول الكومنولث السوفياتي السابق بين «قتلى وجرحى». الجانب الروسي لم يكشف حتى الآن عن الخسائر البشرية، سوى الاعتراف بخمسة قتلى - مع العلم بأنّ معلومات ميدانية تشير إلى أنّ غالبية القتلى ينتمون إلى إحدى الفرق الخاصة في الجيش الروسي.

وبالتأكيد انّ المسألة لا تقف هنا عند الروس. وبالتالي يجب مراقبة الميدان السوري. حيث بَدا أنّ الروس يحاولون تحويل ما تعرّضوا له إلى قاعدة اشتباك جديدة في الصراع السوري، ومن هنا يأتي الجهد الروسي لتبريد جبهة عفرين بتسوية غير معلنة مع الأتراك. وعلى نحو موازٍ، تسعى روسيا إلى فرض أمر واقع على الأميركيين، من خلال تغيير المعادلة الميدانية في غوطة دمشق، سواء من خلال الحسم العسكري المباشر على غرار ما حدثَ في حلب، أو من خلال التوصّل إلى تفاهمات مع شركاء إقليميين للتوصّل إلى تسوية ميدانية، تسهّل بدورها التسوية السياسية. وعلى هذا الأساس، فتح الجيش السوري جبهة الغوطة على نحو يمهّد إلى الحسم العسكري.

• الإشتباكات الجارية، منذ أيام في المخيم الفلسطيني بين المجموعات الارهابية التي تَشي بتكرار سيناريو جرود القلمون، وعلى نحو مُشابه، وإنما أكثر خطورة، تستمر الاشتباكات العنيفة بين الفصائل السورية المسلحة في محافظة إدلب، وسط حالات كر وفر وقصف متبادل.

هذان التطوران، قد يشكّلان الاضافة الى ما تقدّم من تطورات في الميدان، انتصاراً مجانياً لسوريا و«الحلفاء»، يُحرج جهات دولية وإقليمية أخرى، ويؤدي بطبيعة الحال إلى فرض أجندات مختلفة على الجبهات، وكذلك على جداول أعمال المفاوضات السياسية. هنا يبرز السؤال: هل يمكن أن يحصل ذلك بسهولة، وهل يمكن ان يسلّم الاميركيون بأجندات وقواعد جديدة يفرضها الروس؟. في النهاية الكلمة للميدان.