من المعيب على حزب الله أولًا وأخيرًا أن يصل بمقاومته الرائدة والشريفة إلى هذا المستوى من الإستثمار السياسي والإبتزاز الإجتماعي
 

إستيقظ اللبنانيون صباح اليوم على خبر إنهيار مبنى في برج البراجنة وأدى هذا الحادث المؤلم إلى سقوط ثلاثة ضحايا، وفيما لم تعرف الأسباب لسقوط المبنى، إلا أن هذه الفاجعة كانت مناسبة لإطلاق صواريخ المقاومة باتجاه العدو الإسرائيلي كتحذير من التعدي على البلوك رقم 9.
وبين هذه الفاجعة وبين إطلاق التهديدات على أنقاض المبنى ثمة تجاوز كبير ومسيء لحدود اللياقة الإنسانية والأخلاقية عندما ينتفض علي عمار عضو كتلة الوفاء للمقاومة وهو على أشلاء الضحايا لتحويل هذه المناسبة الأليمة إلى غير سياقها الإنساني فيما كان المفترض بنائب المنطقة العمل سريعًا على متابعة رفع الأنقاض وتحديد المسؤوليات ومحاسبة المقصرين ورعاية شؤون الضحايا بما يليق بهم.

إقرأ أيضًا: مهزلة التخوين والعمالة ضد المرشحين الشيعة
إن الإستخفاف بعقول الناس وأرواحهم أصبح اليوم سياسة معتمدة بل ومتبعة وعن قصد وإلى حد كبير على خلفية المقاومة وشعاراتها بمناسبة وغير مناسبة، ولم يكلف النائب علي عمار نفسه ومن وراءه في كتلة الوفاء للمقاومة وحزب الله النظر في أمور الناس والمجتمع والحالة المعيشية المزرية التي تمر بها الضاحية الجنوبية وغيرها من المناطق اللبنانية إلا من خلال المقاومة وكأن هذه المقاومة أصبحت هي الحلول لكل أزمات الضاحية ولبنان الإجتماعية والصحية والإقتصادية والمعيشية وغيرها.
إن إستغلال عقول الناس تحت شعارات المقاومة أصبح مسيئًا إلى المقاومة نفسها وإلى تاريخها المشرف وإلى دماء الشهداء، وقد أصبح أولًا وأخيرًا مسيئًا إلى الناس والمجتمع الشيعي خصوصًا من خلال ابتززاه الدائم بالمقاومة فيما حاجات المجتمع وتطلعاته إلى العيش الكريم والحياة الكريمة والحصول على الحد الأدنى من الخدمات التي يحصل عليها أي مواطن في أي بلد آخر يحترم نفسه وشعبه وأمته.

إقرأ أيضًا: كلام في الإنتخابات: ماذا فعل لكم التكليف الشرعي؟
يجب العمل على إخراج المقاومة وتضحياتها وشهدائها من البازار السياسي والإنتخابي والإقتراب أكثر من معاناة الناس الحقيقية، ولأن كانت المقاومة في مرحلة ما في حالة مواجهة مع العدو الإسرائيلي فإنها اليوم ربما لم تعد صالحة خصوصًا عندما تتحول إلى وسيلة للإستثمار السياسي والإبتزاز الإجتماعي ومن المعيب على حزب الله أولًا وأخيرًا أن يصل بمقاومته الرائدة والشريفة إلى هذا المستوى.
إن وظيفة النائب وصلاحياته بالدرجة الأولى التشريع والعمل باتجاه الصالح العام ووضع الحلول للأزمات التي تصيب المجتمع في نطاق عمله ومنطقته ودائرته وليس فقط التنظير للحرب وتكريس ثقافة المقاومة وحدها وهم يعلمون أن المجتمع الشيعي هو مجتمع مقاوم وقدم التضحيات تلو التضحيات وقدم الشهداء، وأما اليوم فإن هذا المجتمع يرزح تحت وطأة البطالة والفقر والمرض وتفشي الفساد والمخدرات وأعتقد أن الأولوية هنا لم تعد للمقاومة والتنظير للمقاومة وبالتالي فإن العمل المطلوب اليوم هو الذي يلامس حاجات الشعب وهي كثيرة وكبيرة.