قبّل والديه، ودّع أخوته، حمل دمه على كفّه وتوجه إلى خدمته لحماية وطنه. على درب الشهادة مشى خطواته بكل شجاعة. وعندما حانت مهمة توقيف مطلوب للعدالة لم يرفَّ له جفن. انطلق مع زملائه للقيام بواجبهم، فكانت يد الغدر في انتظاره... هو الجندي خالد محمود خليل الذي ارتقى بالأمس شهيداً لينضم إلى قائمة أبطال سبقوه بفداء وطنهم بدمائهم.


اللقاء الأخير

قبل ساعات من مداهمة الجيش اللبناني منطقة باب التبانة "التقى خالد ابن خاله على الطريق، أطلعه أنه لا يمكنه الحديث طويلاً معه لأن لديه مهمة بعد قليل، ليصل خبر استشهاده إلى بلدته مشمش بعد ساعات، وبالتحديد عند الساعة الحادية عشرة والنصف من ليل أول من امس الأحد"، بحسب ما قاله ابن عمه عثمان لـ"النهار"، مضيفاً "قبل يومين التحق خالد بمركز خدمته، كان سعيداً مبتسماً كعادته، ودّع عائلته على أمل اللقاء القريب، من دون أن يتوقع أن أحلامه ستنهار بسبب مجرمين".

حلم في مهب الريح

"كان طموح كبير أشقائه الـ13 أن ينضم إلى صفوف الجيش اللبناني، وبعد أن حقق ذلك، شجع 3 من أخوته أن يسيروا على الدرب ذاته، وينضموا إلى صفوف المؤسسة العسكرية"، قال عثمان. مردفاً "كما كان يأمل الانتهاء من بناء بيته والارتباط بفتاة عشقها قلبه، لكن للأسف انتهى كل شيء في لحظة، بعدما ألقى مجرم قنبلة على دورية للجيش أصابت إحدى شظاياها رقبته، نقل إلى مستشفى طرابلس الحكومي قبل أن نعلم بالكارثة ونتوجه إلى هناك لنجده جسداً بلا روح". وأوضح "لم يتسن لنا أن نفرح به عريساً نزفّه إلى من حلم أن يكمل الطريق معها، لكننا سنزفّه شهيداً لكل لبنان بعدما ضحى بدمه من أجل تطهير بلده من الخارجين على القانون".

حال من الصدمة والذهول أصابت بلدة مشمش، التي لفت رئيس بلديتها محمد عمر علي في اتصال مع "النهار" إلى أن"خالداً بدأ اليوم حياته. وسنقيم له عرس الشهادة والكرامة والعنفوان. وأقول لقوى الظلام لن تنالوا من وطن لدى أبنائه انتماء وطني لانهائي، مسيرة الشهادة طويلة ونفتخر بابن بلدتنا شهيداً على مذبح الوطن، كما نتمنى الشفاء العاجل للجرحى الذين اصيبوا في مهمة الأمس".

تراب مشمش رحّب بخالد شهيداً. وسيبقى خالداً في ذاكرة عائلته وبلدته ووطنه!