لا تتوانى الولايات المتحدة الأميركية عن الضغط على حزب الله. خطوة جديدة في مسار العقوبات التي تفرضها ادارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الحزب، تمثّلت في إعلان وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على 6 أفراد و7 كيانات بموجب قوانين العقوبات المالية على الحزب. وتأتي هذه العقوبات وفق لوائح مالية تستهدف الحزب، وهي تمثّل الاطار العملاني والتنفيذي لقانون العقوبات الذي يستهدف الحزب وعدّل قبل أشهر من قبل الكونغرس.

تشمل العقوبات جهاد قانصو، علي قانصو، عصام سعد، نبيل عسّاف، عبد اللطيف سعد ومحمد بدر الدين، بالإضافة إلى شخص سابع عراقي الجنسية. ومعظمهم، وفق القرار، مرتبطون بأعمال الإنماء الهندسي والمقاولات. مع الإشارة إلى أن مقرات هؤلاء الأشخاص والكيانات والشركات في سيراليون وليبريا وغانا ولبنان.

يتزامن الضغط الأميركي الجديد مع زيارة وفد أميركي قبل أيام إلى لبنان، للبحث في كيفية وقف التعاملات المصرفية للحزب، في ضوء الاتهامات الأميركية للحزب بأنه يستخدم بعض المصارف، لتسيير تجارة غير مشروعة، غالبيتها في المخدرات. وهناك اتهام للحزب باستخدام هذه الأموال لتمويل أنشطة إرهابية. وتقول معلومات متابعة إن هذا الضغط سيزداد في الفترة المقبلة، وقد ينعكس على الصعيد الانتخابي، لناحية بروز مؤشرات ومطالبات أميركية بوجوب عدم فتح حسابات مصرفية لمسؤولي الحزب، وحتى لمرشحيه في الانتخابات.

لم يكن هذا الطلب الأول من نوعه، فقبل نحو سنتين، ولدى التطبيق الأول لقانون العقوبات لمكافحة تمويل حزب الله، ضغطت الادارة الأميركية السابقة على مصرف لبنان لإقفال حسابات مسؤولي الحزب، بمن فيهم النواب والوزراء. لكن، في تلك الفترة، استطاع لبنان تخطّي هذه المعضلة، عبر إجراءات عملية وزيارات رسمية إلى واشنطن، قام بها حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، إلى جانب اتصالات سياسية أفضت إلى إقناع الادارة الأميركية بأنه لا يمكن إقفال حسابات هذا العدد من الناس، كما أنه لا يمكن إقفال حسابات نواب ووزراء، خصوصاً أن رواتبهم بالليرة اللبنانية. لكن هذا المطلب يتكرر اليوم، وبشدّة، وفق المصادر، مع زيادة الضغط الأميركي للمقايضة بين إلتزام لبنان بالعقوبات والإجراءات من جهة، والمساعدات التي تقدّمها الإدارة الأميركية للجيش اللبناني والمؤسسات اللبنانية، ومعها ما ستقدّمه في المؤتمرات الإقتصادية التي ستعقد لمساعدة لبنان في جوانب شتّى، من جهة أخرى. هذا عدا عن التلويح بإتخاذ إجراءات في حق المصارف التي لن تلتزم بتنفيذ الاملاءات الأميركية. لكن لبنان يدرس خيارات متعددة، للرد على هذه الإجراءات، وأولها عبر تقديم رؤية سياسية بأن هذه الإجراءات لن تؤدي إلى إضعاف حزب الله، بل إلى تقويته.

وتلفت مصادر متابعة إلى أن هذه الإجراءات لن يكون لها تأثير مباشر على الحزب، ولكن إذا ما كانت جديّة وستحمل الأذية لمجتمع حزب الله وبيئته الحاضنة، فحينها سيكون لكل حادث حديث، وسيتم الردّ على هذه الإجراءات وفق ما يجده الحزب مناسباً.

أما عن تأثير ذلك على الانتخابات وخوص مرشحي الحزب المعركة، فتشير المصادر إلى أن هذه الإجراءات غير ذات قيمة، وقانون الانتخاب يلحظ أي طارئ على هذا الصعيد، وتحتوي مواده على من يتعذر عليه فتح حساب مصرفي لحملته الانتخابية، أن يفتح حساباً لدى وزارة المال، ويكون خاضعاً لرقابة لجنة مختصّة من الوزارة.

يتضح السياق السياسي لهذه الإجراءات، إذ يأتي بعد كلام لافت لمساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفليد، وهو سفير سابق في بيروت، أكد فيه استمرار بلاده في دعم الجيش اللبناني ووصفه بأنه قوة توازن محتملة في وجه جماعة حزب الله المدعومة من إيران، رغم ادعاء إسرائيل إنه لا يمكن التمييز بين القوتين وإنهما هدفان لها خلال أي حرب في المستقبل. ورمزية هذه الرسالة، أن ساترفيلد قالها من تل أبيب. والضغط لا ينفصل عن المناورات التي ستطلقها إسرائيل في الأيام المقبلة، وهي محاكاة لاحتمال وقوع حرب مع لبنان، في ظل الهجوم الإسرائيلي لسرقة النفط اللبناني، أو الخلاف على النقاط الـ13. وهذه التراكمات جميعها، قد تؤدي إلى ما هو غير محسوب، أو غير متوقع.