نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركيّة مقالاً تحدّثت فيه عن الرسائل الأميركية المختلفة جرّاء العمليّة العسكرية التركية على الأكراد في عفرين
 

ولفتت الى أنّ البيت الأبيض بعث رسالة، فُهم منها أنّ الولايات المتحدة ستقلّص دعمها للأكراد في سوريا، فما كان من البنتاغون إلا أن سارع الى معارضة الرسالة، والتأكيد على الإستمرار في دعم الأكراد، على الرغم من اجتياح تركيا لمعقلهم في شمال سوريا.

البيانات المختلفة تعكس الجهود داخل الإدارة الأميركية من أجل إقامة توازن بين التحديات الراهنة، فتركيا الغاضبة من الدعم الأميركي للأكراد هي حليفة ضمن الناتو، أمّا الأكراد فقد كانوا حلفاء رئيسيين للأميركيين في الحرب ضد "داعش"، بحسب الصحيفة.

كذلك يتنصّل البيت الأبيض من خطّة للجيش الأميركي القاضية بإقامة قوة كردية في شمال سوريا، وهو الأمر الذي عارضته تركيا بقوة. وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى للصحيفة "إنّ الخطّة أتت من مخططين عسكريين متوسّطي المستوى، ولم تجر مناقشتها بجديّة ولم تقدّم رسميًا على مستوى رفيع أو في البيت الأبيض".

وأضاف المسؤول الذي لم تكشف الصحيفة هويّته، أنّه لا يوجد اتصال بين الولايات المتحدة والأكراد المتواجدين في عفرين، حيثُ أطلق الجيش التركي عملية الأسبوع الماضي. ولفت إلى أنّ التصرفات الأميركية على الأرض في سوريا يجب أن تتوجّه بحسب حسابات المصالح الأميركية.

وتأتي البيانات الصادرة عن الإدارة الأميركية بإطار محاولات مهمّة لطمأنة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يعتبر الأكراد تهديدًا للإستقرار الداخلي في تركيا، في الوقت الذي ثمّن مسؤول أميركي الشراكة مع الأكراد، الذين كانوا الشريك الأساسي في الحرب ضد "داعش".

وكان قائد المنطقة الوسطى جوزيف فوتيل قال في مقابلة الشهر الماضي إنّ القوات الأميركية ستبقى في شرق سوريا الى جانب الأكراد والحلفاء العرب، حتّى تتم هزيمة "داعش".

الخطر آتِ من منبج

وهنا، أشارت الصحيفة الى أنّ حملة التحالف استهدفت "داعش" على ضفاف الفرات في سوريا، على الحدود العراقية. ومع تضاؤل الحملة، أصبحت الشراكة الأميركية الكردية تتحوّل الى صراع مباشر مع تركيا. وأضافت: "مع أنّ العمليّة التركية العسكرية خطفت أنظار العالم، إلا أنّ مسؤولين أميركيين، أتراك وفي حلف الناتو صوّبوا أنظارهم نحو الشرق، الى مدينة منبج الإستراتيجية".

فباعتبار الصحيفة، الخطر آتِ من منبج، بعد عفرين، إذ قالت: "قد يجرّ الهجوم التركي على منبج الى اشتباك مباشر بين الأتراك والأميركيين، مع نتائج لا يمكن توقعها الآن". وفي السياق عينه قالت غونول تو، مديرة البرنامج التركي في معهد الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية في واشنطن "إنّ القوات الأميركية موجودة في منبج، وأي هجوم تركي قد يؤدّي الى إشتباك بينهما. كما أنّ مقتل جندي أميركي واحد سوف يكسر العلاقات كليًا بين البلدين".

ومن جانبه، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو : "الإرهابيون في منبج يطلقون دومًا نيرانًا استفزازية. وإذا لم توقف الولايات المتحدة هذا فسنوقفه".

والجدير ذكره أنّ تركيا تتشارك حدودًا طويلة مع المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا، وكانت شديدة الغضب من سيطرتهم على قرى ومدن على الحدود. والأهمّ هو أنّ منبج تعدّ البوابة لهذه المناطق، ومركزًا مهمًا غرب الفرات، كما أنّها تخضع لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطيّة".

من جهته، كتب السفير الأميركي السابق لدى سوريا روبرت فورد، في مقال تحليلي إنّ العمليات العسكرية التركية في سوريا تظهر الصعوبات في الموقف الأميركي.