تنتظر الجلسة المقبلة للحكومة ملفاتٌ عدة لإعادة البحث بها وإقرارها، وأبرزها ملفات النفط والكهرباء وقانون الانتخاب. قبل يوم من تقديم الرئيس سعد الحريري استقالته، عقدت اللجنة الوزارية المكلّفة البحث في تطبيق آليات القانون الجديد اجتماعاً لم يصل إلى نتيجة بخصوص الخلافات التي لا تزال قائمة، سواء أكان في شأن البطاقة البيومترية أم في شأن إنشاء مراكز "ميغا سنتر" لتسجيل اسماء الناخبين الراغبين للإقتراع خارج مسقط رأسهم. استمر الخلاف بدون الوصول إلى أي حلّ. مضى أكثر من شهر على أزمة الاستقالة، فيما الوقت أصبح داهماً انتخابياً، على صعيد انهاء الإجراءات ودعوة الهيئات الناخبة في الموعد القانوني.

من المفترض أن تعاود اللجنة نشاطها في الأيام المقبلة، وربما بعد الجلسة الأولى التي ستعقدها الحكومة. سيتركز البحث على الاتفاق في شأن النقطتين الأساسيتين اللتين تعرقلان إنجاز كل التفاصيل الإجرائية للقانون الجديد. لكن، وفق مصادر متابعة، فإن الوقت أصبح ضاغطاً جداً، لناحية القدرة على إنجاز البطاقات البيومترية، التي تشير أجواء إلى أن البعض سيطرح اعتماد بطاقة الهوية للتصويت، على أن تؤجل البطاقة الممغنطة للانتخابات المقبلة. فيما النقطة العالقة الثانية، وهي إنشاء مراكز للتسجيل المسبق للناخبين، لا يزال دونها عقبات أيضاً، لما ستستغرقه من وقت، وبسبب معارضة بعض الأفرقاء هذا الخيار لكونه سيحدّ من حرّية الناخب، ويخفض نسبة الإقتراع.

ولكن، بعيداً من هذه النقاشات التقنية، ثمة معلومات تشير إلى شدّ حبال بين بعض الأفرقاء. فهناك من يسعى إلى إدخال تعديلات على القانون، منها ما يتعلّق بتعديل آلية احتساب الأصوات، وبتغيير الصوت التفضيلي من صعيد القضاء إلى صعيد الدائرة. فيما هناك من يطرح أيضاً اعتماد صوتين تفضيليين بدلاً من صوت واحد.

لا شك أن من يطرح إدخال هذه التعديلات، كان قد أعلن مسبقاً نيته حصول تغيير القانون. هذا ما أعلنه الوزير جبران باسيل، الذي اعتبر أن النضال الانتخابي لن يتوقف للحصول على أفضل صيغة تؤمن صحة التمثيل. وتشير المصادر إلى أن هذه الرغبة لا تزال موجودة، وهي توسّعت، إذ أن هناك أكثر من فريق يريد التعديلات.

الرغبة في التعديلات توسّعت بناء على توسع استطلاعات الرأي، التي أظهرت عكس ما يشتهيه البعض. وهناك من اعتبر أن النسبية بكاملها لا تصب في مصلحته، وذلك بناء على التحالفات الجديدة التي ستشهدها الانتخابات المقبلة، رغم أنه من المبكر الحديث عن التحالفات. ولدى سؤال أي سياسي معني بالانتخابات، يرد بأنه غير قادر على الإجابة كيف ستكون التحالفات لأن القانون معقّد جداً.

وسط هذا النقاش، هناك من يعتبر أن من مصلحته تعليق العمل بالقانون الجديد، والعودة إلى قانون الستين، للخروج من دوامة إدخال تعديلات وتعديلات مضادة تضيع الوقت بدون تحقيق أي إنجاز. بل يهدد الانتخابات. ويطرح هؤلاء مسألة استقالة الحريري وما أحدثته من أزمة سياسية استغرقت شهراً لم يتم خلاله تحقيق أي شيء على صعيد القانون. بالتالي، فإن الوقت أصبح داهماً. ويجد هؤلاء، في ضوء التحالفات التي ينوون نسجها، أنه من الأفضل العودة إلى قانون الستين، لكونه يمنحهم أكثرية ساحقة، ويمنع تعرّضهم لخروقات كبيرة بفعل النسبية والصوت التفضيلي. العودة إلى الستين، تخدم ما أصبح يسمى الحلف الخماسي، الذي يطمح لاكتساح المجلس النيابي، لا سيما إذا ما بقيت الانتخابات على حالها وفق ما يحكى، وإذا ما عُقد تحالف بين تياري المستقبل والوطني الحرّ والحزب التقدمي الإشتراكي وحزب الله وحركة أمل، سواء أكان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر.

حتى الآن، لا يزال حزب الله يعارض إدخال أي تعديلات على القانون الجديد، أو العودة إلى الستين. يتمسك مع الرئيس نبيه بري بالقانون الجديد، لا سيما أنه سيوفر للحزب وحلفائه أكثر من الاكثرية الساحقة. فيما هناك من يلوّح بإمكانية حصول الحزب وحلفائه على الثلثين. ولا شك أن الحريري سمع كثيراً من الانتقادات الخارجية للقانون الجديد، وبأنه سيمنح أكثرية ساحقة لحزب الله. وهذا الأمر لا يمكن القبول به، كما ألقي باللوم على الحريري لقبوله بهذا القانون وبتقديم هذا الكم من التنازلات، بشكل سيسمح لحزب الله بإيصال عشرة نواب سنّة موالين له.

قد يفتح البعض معركة تعديل القانون، ربما للاستثمار بالوقت والوصول إلى اللحظة الحرجة التي تفرض العودة إلى الستين بدلاً من التمديد الجديد. وهؤلاء يستندون إلى موقف خارجي بشأن أهمية إجراء الانتخابات في موعدها. كما أن الوفد اللبناني في مؤتمر مجموعة الدعم الدولية في باريس، الذي تلقى وعوداً بمزيد من المساعدات والاستثمارات، قد سمع مواقف متعددة، بأن تعزيز الاستثمار الغربي في لبنان وتقديم المساعدات المالية له، سيكون مرتبطاً بالنتائج التي ستفرزها الانتخابات، وإذا ما تبين أن حزب الله هو الفائز الأكبر، فإن هذا الدعم لن يصل.

لا شك أن أي قرار بتعليق القانون الجديد، يحتاج إلى جلسة نيابية،. وهذه يمتلك مفاتيحها الرئيس برّي وحده. وهو متمسك بالقانون الجديد. عليه، ستشهد الأيام المقبلة مزيداً من شدّ الحبال بشأن الانتخابات. فيما هناك من يعتبر أن لا شيء سيتغير والتوافق سيغلب مجدداً لمصلحة القانون الجديد، ولكن بدون إقرار الاصلاحات، أي السير بالنسبية مع اعتماد الآليات الانتخابية السابقة.