في موازاة الضجة الكبرى التي أثارها قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، وهي ضجة لن تتراجع في المدى المنظور، هناك ضجة مكتومة تتعلق بشخصية إيرانية مهمة جداً هي الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني الذي غابت فجأة أخباره في وقت كان موضوع القدس يشغل العالم قاطبة. فهل هناك من تفسير؟ وهل لهذا الموضوع صلة بالولايات المتحدة الاميركية؟

قبل الاجابة عن هذين السؤاليّن لا بد من الاشارة الى ان وسائل الاعلام في العالم ومنها موقع “سبوتنك” الروسي الالكتروني لا تزال تتداول أنباء الرسالة التي بعث بها منذ فترة قصيرة مدير المخابرات المركزية (سي آي أي) مايكل بومبيو الى سليماني والتي قيل انها انطوت على تحذير أميركي لإيران. وفي هذا الاطار، ذكر موقع ( بي بي سي) الالكتروني في الثالث من الشهر الجاري، ان المسؤول الاميركي مايكل بومبيو كشف انه حذّر الجنرال الايراني من مغبة التعرّض للمصالح الاميركية في العراق. وفيما أفاد بومبيو أن سليماني رفض فتح الرسالة، أكد هذه الواقعة محمد غولبايكاني مدير مكتب المرشد الاعلى الامام علي خامنئي، فقال ان موفداً من (سي آي أي) حاول تسليم رسالة الى سليماني في مدينة البوكمال السورية في تشرين الثاني الماضي، لكن سليماني ردّ على الموفد بالقول: “لن آخذ رسالتك ولن أقرأها…”.

ما هي الصلة بين هذه المعطيات وبين موضوعنا الحالي حول غياب سليماني عن مسرح الاحداث في عزّ احتدام قضية القدس التي أولاها مؤسس الجمهورية الاسلامية الامام الخميني أهمية قصوى، وخصّص لها يوماً على مدار الاعوام هو آخر جمعة من شهر رمضان؟


بالتأكيد هناك صلة، كما يرى المتابعون لادوار الجنرال الايراني الذي صوّره إعلام بلاده ولا يزال، أيقونة حروب إيران الدائرة في المنطقة والتي جعلت الساسة الايرانيين يفاخرون في أن أربعة عواصم عربية هي بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء صارت في كنف طهران. فهل هناك من تطور في الموقف الاميركي جعل سليماني يعود الى السرية، كحال الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في لبنان وعبد الملك الحوثي في اليمن؟

في انتظار جلاء هذه القضية، تقترح أوساط شيعية بارزة ان يوجّه المرشد الايراني توجيهاته الى نحو مئة ألف من عناصر الباسيج كي ينتشروا من جنوب لبنان الى الجولان السوري لكي ينطلقوا في معركة تحرير القدس التي تتهيأ لها إيران منذ العام 1979 فجعلت طريق القدس تمر حتى الان بأربع عواصم عربية. وفي هذا السياق، على نصرالله ان يستعيض عن التظاهرة الجماهيرية التي دعا اليها الاثنين المقبل في الضاحية الجنوبية لبيروت بالذهاب الى تحرير القدس وترك التظاهرات الى من لا سلاح لديه أو جيوش. لكن كل ذلك يتطلّب ظهور قائد فيلق القدس، وبالتالي سؤال الرئيس ترامب: أين الجنرال سليماني؟