التسوية الجديدة إنتصار أم هزيمة ؟

 

المستقبل :

قُضي الأمر فانقضت مرحلة الترقب والتحليل والتأويل مع إضفاء رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري فسحة من «التريث» والأمل على أرض الواقع السياسي المأزوم، افساحاً في المجال أمام بلورة شراكة وطنية «حقيقية» تضع مصلحة لبنان فوق كل المصالح وتنأى به «جدّياً» عن نزاعات وصراعات الخارج بشكل يصون استقراره ويجدد الاعتصام بحبل «الطائف» دستوراً ووفاقاً وطنياً وصولاً إلى الابتعاد عن كل ما يُفسد للود قضية في العلاقات اللبنانية – العربية. هي «خارطة طريق» رسمها الحريري بتجاوبه مع تمني رئيس الجمهورية ميشال عون التريث في تقديم استقالته، علّها بخطوطها الوطنية العريضة تُشكل مدخلاً جدّياً للحوار المسؤول بين «أهل الربط والحل» في إعادة بناء الدولة وإعادة ترميم الثقة الأخوية المتبادلة بين لبنان والعرب. ولأنّه يثبت في كل خطوة يخطوها ألا همّ لديه أكبر من همّ البلد والناس، كان الحريري ظهر الأحد أمام «لحظة للتاريخ والجغرافيا» مع «أهل الصدق والوفا» الذين أمّوا «بيت الوسط» من كل أصقاع الأرض اللبنانية ليبايعوا زعامته ونهجه وخياراته على الملأ.. «ومن له عيون ترى فليرَ ومن له أذنان تسمع فليسمع». 

إذاً، في يوم الاستقلال قال الحريري كلمته وقال الناس كلمتهم، لتُطوى بذلك صفحة الماضي بكل تردداته السلبية وتُفتح أخرى مشرعة الآفاق نحو المستقبل بكل انعكاساته وآماله المعقودة على روح التعاون الإيجابي بين مختلف المكونات الوطنية تحقيقاً لما فيه مصلحة لبنان أولاً وأخيراً. فصبيحة الثاني والعشرين المجيد، كان جمع الشمل الرئاسي على «جادة» الاستقلال لاستعراض قوى الشرعية، قبل أن ينتقل الحدث الاستقلالي إلى قصر بعبدا حيث عقد رئيس الجمهورية خلوة مع رئيس مجلس الوزراء الذي وصل القصر في سيارته برفقة رئيس مجلس النواب نبيه بري، ليخرج الحريري بعد الخلوة معلناً التجاوب مع تمني عون «التريث

في تقديم الاستقالة والاحتفاظ بها لمزيد من التشاور في أسبابها وخلفياتها السياسية»، وأردف: «وطننا الحبيب يحتاج في هذه المرحلة الدقيقة من حياتنا الوطنية إلى جهود استثنائية من الجميع لتحصينه في مواجهة المخاطر والتحديات، وفي مقدمة هذه الجهود وجوب الالتزام بسياسة النأي بالنفس عن الحروب وعن الصراعات الخارجية والنزاعات الإقليمية وعن كل ما يسيء إلى الاستقرار الداخلي والعلاقات الأخوية مع الأشقاء العرب»، مشدداً على عدم جواز «التفريط بلبنان الأمانة التي أودعها الشعب اللبناني في ضمائر كل الأحزاب والتيارات والقيادات».

ومن القصر الجمهوري إلى بيت الوسط، حيث تقاطر عشرات الآلاف من مناصري «تيار المستقبل» ومحبي الرئيس الحريري ليجددوا الولاء والوفاء لنهجه الوطني وخياراته السياسية فكانت «لحظة القلب» التي لن ينساها الحريري كما أكد مخاطباً الوفود الشعبية التي أمّت دارته، شاكراً وعيهم وإدراكهم لأهمية الحفاظ على البلد واستقراره وأمنه، مضيفاً: «أنا باقٍ معكم ومستمر معكم لنكون خط الدفاع عن لبنان وعن استقراره وعروبته (...) ليس لدينا أغلى من بلدنا وشعارنا سيبقى لبنان أولاً».

وفي يوم الاستقلال أيضاً، كانت للحريري محطتان أساسيتان، الأولى من دار الفتوى حيث زار مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان مثمناً مرجعيته الوطنية وشاكراً مواقفه التي حصنت الوحدة الوطنية، والثانية في عين التينة حيث جدد الحريري بعد مشاورات دامت لأكثر من ساعة مع رئيس المجلس النيابي التأكيد على «النأي بالنفس» باعتباره «المبدأ الأساس لتجنيب لبنان المصاعب»، منوهاً بالإيجابية الكبيرة التي أبداها بري، وأوضح رداً على أسئلة الصحافيين: «أنا تريثت (في الاستقالة) لأنّ فخامة الرئيس طلب مني ذلك، ولأنني وجدت من الأفرقاء السياسيين إيجابية بالحوار والتشاور»، مشيراً إلى أنه وعون وبري سيرون «مع الأفرقاء السياسيين الآخرين كيف نصل إلى مكان معين»، وأردف: «برأيي قادرون أن نصل، وبرأيي أنّ الأشقاء العرب يفهمون موقفنا ويعرفون ماذا نحاول أن نفعل (...) نحن الآن في مرحلة تشاور وجس نبض، فقد أصبحنا في مكان حساس ويجب علينا أن نحل هذا الموضوع بشكل إيجابي».

وأمس، استقبل رئيس مجلس الوزراء في بيت الوسط رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي أشاد إثر اللقاء «بحكمة الشيخ سعد وأغلبية الفرقاء» لمعالجة «الظرف الاستثنائي الذي مرّ على البلد»، وأضاف: «علينا أن نتمسك بالاستقرار وتثبيت التسوية وتبين كالعادة أن أصدقاء لبنان وأصدقاء الشيخ سعد وأصدقاء الاستقرار كثر جداً في هذا العالم».

وكان «المستقبل» قد عقد اجتماعاً مشتركاً ظهر أمس جمع كتلته النيابية ومكتبيه السياسي والتنفيذي برئاسة الحريري في بيت الوسط، وخلص وفق البيان الذي تلاه نائب رئيس التيار النائب السابق باسم السبع إلى الإعراب عن الارتياح التام لعودة رئيسه «إلى موقعه الطبيعي في قيادة المسيرة السياسية والوطنية»، مثمناً تجاوب الحريري مع تمني رئيس الجمهورية التريث في الاستقالة من رئاسة مجلس الوزراء باعتبارها «خطوة حكيمة لأجل مزيد من التشاور حول الأسباب والخلفيات وإعادة الاعتبار لمفهوم النأي بالنفس والامتناع عن كل ما يسيء إلى علاقات لبنان بأشقائه العرب».

وإذ توجّه «المستقبل» بالامتنان والتقدير للحشود الشعبية التي تقاطرت من كل لبنان إلى بيت الوسط لتجدد الثقة بخيارات الرئيس الحريري، لفت إلى أنّ جمهور التيار «قدّم مشهداً وطنياً راقياً ورائعاً في الوفاء لزعامته وفي تأكيد التفويض لدورها ومكانتها في الشراكة الوطنية»، وختم: «إنه زمن التيار الأزرق الذي ينتفض مجدداً دفاعاً عن استقرار لبنان وسلامة العيش المشترك بين أبنائه وتحصيناً لعروبته في وجه المتطاولين عليها».

وفي نشاط الرئيس الحريري أمس، برزت مشاركته في افتتاح أعمال المؤتمر المصرفي العربي السنوي في فندق فينيسيا حيث شدد في كلمته على كون «المرحلة التي مرّت تشكل صحوة لنا جميعاً للنظر إلى مصلحة لبنان أولاً»، مع التأكيد على وجوب أن تكون «علاقاتنا مع أشقائنا العرب الأساس» وضرورة البحث عن «كل الوسائل للوصول إلى نأي حقيقي بلبنان ليس بالقول فقط ولكن بالفعل أيضاً».

على المستوى الدولي، تلقى رئيس مجلس الوزراء رسالة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمناسبة الاستقلال شدد فيها على وقوف بلاده بثبات مع لبنان الذي كان شريكاً قوياً مع الولايات المتحدة في مواجهة الإرهاب والتطرف، مؤكداً على مواصلة الدعم الأميركي لجهود لبنان وحماية استقراره واستقلاله وسيادته.

أما عربياً، فأجرى الحريري اتصالاً هاتفياً بأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح للاطمئنان على صحته وللتأكيد على العلاقة الأخوية بين الدولتين، كما تلقى اتصالاً من نائب رئيس الجمهورية العراقية أياد علاوي الذي أشاد بجهود الحريري للحفاظ على استقرار لبنان والنأي به عن الصراعات الإقليمية. في حين استقبل في «بيت الوسط» الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الذي أبدى ثقته بأنّ «المستقبل سيحمل الكثير من الخير للبنان».

كذلك كانت للحريري مشاورات ديبلوماسية أمس، شملت السفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد والسفير الفرنسي برنار فوشيه.

 

الديار :

هل في لبنان أزمة حكومية سياسية أم هنالك أزمة كيان وانتماء، وهل الجميع يطبّقون الفدرالية وشرها، دون إعلانها، ثم يقولون بلبنان الوطن ثم يقولون بلبنان أولا؟
قبل كل شيء عروبة أي بلد عربي مقياسها التصدّي للعدو الإسرائيلي ومساعدة الشعب الفلسطيني المظلوم، لا القيام بحلف مع إسرائيل مثل الحلف السعودي - الإسرائيلي حاليا، الذي أقامه محمد بن سلمان مع اعلى القيادات الإسرائيلية، وباتوا ينسقون معاً، وأي عروبة في السعودية والرياض أصبحت في تل ابيب وتل ابيب أصبحت في الرياض.
نحن نعيش فدرالية وشرها، ولبنان ليس وطناً فعليا، بل هو كيان اصطناعي يضم طوائف وكل طائفة لها انتماء. أليس حزب الله والمقاومة بدأا بمقاومة الاحتلال الاسرائيلي في الجنوب، ومعهم رشاش كلاشينكوف وبالكاد قذيفة آر. بي. جي، ولم يجدا الا سوريا تساعدهما بقدر استطاعتها، ولكن ليس كثيرا، في بداية مقاومتها، لكنها دعمتهما معنويا وببعض الأسلحة ووجدت المقاومة نفسها وحدها تقاتل العدو الإسرائيلي لتحرير الجنوب، ولم تتحرك أي دولة عربية لمساعدة مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، لا السعودية ولا الخليج ولا بقية الدول العربية، ولا هم ذهبوا الى مؤتمر طارئ لجامعة الدول العربية لوزراء الخارجية، ولا هم ذهبوا الى الأمم المتحدة لتنفيذ القرار 425 الذي يقول بانسحاب اسرائيلي غير مشروط ن جنوب لبنان.
دخلت ايران على الخط وساعدت المقاومة ونشأت علاقة بين المقاومة وايران، وعلاقة بين شيعة لبنان وشيعة ايران، وولاء حزب الله لولاية الفقيه. فقد قدمت ايران كل المال والسلاح لحزب الله، فأصبح حزب الله في حلف مع ايران وفي ولاء مطلق مع معظم الطائفة الشيعية لولاية الفقيه او للمرجع الأعلى الشيعي في النجف وكربلاء. هذا هو وضع الطائفة الشيعية والمقاومة وحزب الله.
 

 

 

 السنة موالون للسعودية والشيعة لإيران


في المقابل، الطائفة السنية موالية للسعودية منذ زمن طويل وبعيد، والحاكم باسم الله في السعودية يستند الى الوهابية والى الشريعة الإسلامية، ويحكم الشعب باسم الله. والإسلام هو دين المملكة العربية السعودية، والسنّة في لبنان يوالون السعودية ويعتبرونها الدولة السنيّة القوية في المنطقة، وهي مرجع. والرئيس سعد الحريري رئيس وزراء لبنان، على تنسيق كامل مع السعودية، وهو يواليها وينفذ توجيهاتها. 
وكان الرئيس سعد الحريري يناقش مع القيادة السعودية امورا كثيرة قبل تنفيذها، لكن الحريري وجد نفسه تحت ضغط لم يسبق له مثيل من محمد بن سلمان ولي اعهد، ولم يستطع النقاش في وضع لبنان، مع ان الرئيس سعد الحريري كان رمز الاعتدال ورمز العمل على اعمار لبنان وتسهيل المؤسسات من خلال رئاسته للحكومة طوال 10 اشهر، كان اللبنانيون يراهنون على امر هام، وكان الحريري  القادر على القيام بنهضة عمرانية عبر رئاسته للحكومة وادارتها لنهضة الاقتصاد اللبناني وزيادة نموه وإخراج لبنان من الازمة الاقتصادية التي يعيشها في حالة صعبة جدا.
وجد الحريري نفسه انه لا يستطيع النهوض اقتصادياً في لبنان دون مساعدة الخليج، وبخاصة المملكة العربية السعودية، لكن الطائفة السنية توالي السعودية والطائفة الشيعية توالي ايران، فكيف الحل؟
 

 استقالة الحريري والنأي بالنفس


استقال الرئيس سعد الحريري وطالب بالنأي في النفس وتنفيذه فورا. واعلن تريثه في تقديم استقالته نتيجة تمني رئيس الجمهورية. واذا استطاعت طاولة الحوار الوصول الى حلول، فان سحب خبراء حزب الله من اليمن يحتاج الى وقت. ثم ان انسحاب حزب الله من العراق يحتاج الى اشهر، كما ان انسحابه من سوريا يحتاج الى سنة او سنتين. ثم ان البحث في سلاح حزب الله في لبنان يحتاج الى وضع سياسة دفاعية كاملة تشمل الجيش والأجهزة الأمنية والشعب والمقاومة اللبنانية، وحزب الله لتحديد كيفية ردع أي عدوان إسرائيلي على لبنان، لأنه بات معروفا ان الجيش اللبناني عبر انكشاف كل ثكناته العسكرية ووزارة دفاعه واسلحته ودباباته، فان الطيران الإسرائيلي قادر على تدميرها، اما وجود المقاومة تحت الانفاق وعدم ظهور صواريخها والقيام بإنشاء مراكز تحت الارض في غرف عمليات ووجود عناصر مسلحة كي تنهض من الانفاق وتتصدى للجيش الاسرائيلي وتهزمه، كما قام المجاهدون في مارون الراس وضربوا لواء غولاني نخبة الجيش العدو وقتلوا من الجيش الاسرائيلي عددا كبيرا وهزموا لواء غولاني في مارون الراس ومحيطها.
لذلك، فان السياسة الدفاعية المطلوب وضعها، تحتاج الى طاولة حوار ونقاش مع قيادة الجيش اللبناني لوضع استراتيجية دفاعية متكاملة. ضباط الجيش اللبناني هم مثقفون واشتركوا في دورات تدريبية عالية ودورات اركان في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا، وهم يستطيعون وضع سياسة دفاعية، وإذّاك يتم بحث سلاح المقاومة.
 

 نحن أمام مشكلة كيان وانتماء


نحن امام مشكلة ليس ازمة حكومية سياسية، نحن أمام مشكلة كيان وانتماء. الطائفة السنية تنتمي الى السعودية وتواليها بمعظمها. المقاومة والشيعة ينتمون بمعظمهم الى ايران، وايران والسعودية في حرب كبرى، فهل يستطيع الرئيس عون او الرئيس بري او الرئيس سعد الحريري او الوزير جنبلاط وضع حد للصراع الإيراني - السعودي، في حين نرى اميركا وروسيا وأوروبا غائبة عن هذا الصراع، باستثناء فرض عقوبات لفظية وغير هامة من قبل إدارة ترامب او أوروبا على ايران او حزب الله، وليس لها قيمة فعلية على الأرض.
 

 أميركا والمؤامرة على سوريا


في العراق الجيش الأميركي موجود، والحشد الشعبي وايران موجودان، والجيش الأميركي لم يتحرك قط تجاه إيران، ويتعايش مع القوة الإيرانية في العراق. في سوريا لم تحرك اميركا ساكناً، بل تركت الخليج ودولاً أخرى ودعمت بالمال القوى التكفيرية ضد سوريا، لكنها فعلا لم تفعل شيئاً سوى المؤامرة على سوريا، لكنها لم تضع حداً لأي تدخل إيراني في سوريا. 
ثم انه في لبنان تفرض أميركا عقوبات على حزب الله، وحزب الله لا يحتاج الى حسابات مصرفية، فهو يستعمل المال الإيراني نقدا لدفع كل مصاريفه.
 

 الاعلام الاميركي والاوروبي ينتقد السعودية بسبب اليمن  


اما في اليمن فان الصحف الأميركية والأوروبية تنتقد الحرب السعودية على اليمن وحصار 230 مليون يمني وموت الأطفال في اليمن ومنع الغذاء والدواء عن 20 مليون يمني بسبب الحصار السعودي والقصف الجوي وحرب عاصفة الحزم على اليمن. ثم ان الغرب قلق من خلال حصار السعودية والدول الأربع على قطر، وهو حتى الآن لم يجد حلاً لهذه الأزمة، لا بل ان قطر ازدادت قربا من ايران.

 

 

الجمهورية :

عاد الوضع في لبنان إلى ما كان عليه قبل الرابع من تشرين الثاني مع بعض التصدّعات غير العصيّة عن الرأب في قابل الأيام. الأميركيون أوحوا، والفرنسيون والمصريون تحرّكوا باتّصالات حثيثة مع بيروت والرياض وفي اتّجاهات أخرى، فوُلدت التسوية لأزمة الاستقالة، وأولى خطواتها كانت تمنّي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على الرئيس سعد الحريري التريّث في هذه الاستقالة، فاستجابَ ليبدأ البحث عن مخرج تحدّثَ عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري متوقّعاً تبَلورَه خلال «أيام قليلة». وكان لافتاً في هذا الصَدد زيارة السفيرين الأميركي والفرنسي إليزابيت ريتشارد وبرنار فوشيه للحريري على وقعِ برقيتَي تهنئة ودعم تلقّاهما كلّ مِن عون والحريري من الرئيسين الأميركي دونالد ترامب الذي أكّد وقوفَ الولايات المتحدة «بثبات مع لبنان»، وأنّها «ستواصل دعمَ جهود لبنان لحماية استقراره واستقلاله وسيادته». والفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أكّد تمسّكَ المجموعة الدولية بوحدة لبنان وسيادته واستقراره إضافةً إلى أهمّية استمرار حسنِ سير المؤسسات فيه، مشدّداً على «أن استقرار لبنان يشكّل أولوية فرنسية. في المقابل، برز موقف إيراني متشدّد أكّد أن لا تفاوض على سلاح «حزب الله». ما فُسّر على أنه تشدُّد إيراني في وجه الهجمة العربية والأميركية، أو ربّما لرفع سقفِ المطالب قبل التفاوض على أزمات المنطقة.

كشفَت مصادر بعبدا لـ«الجمهورية» أنّ عون ليس بصَدد تنظيم طاولة حوار إنّما سيُجري بعيداً مِن الأضواء مروحة اتّصالات ولقاءات تشاورية، وستكون ثنائية في المرحلة الأولى حول ثلاثة عناوين أساسية هي «اتّفاق الطائف» و«النأي بالنفس»(تعريفه وحدوده وإمكاناته) والعلاقات مع الدول العربية. وعوّلت هذه المصادر على التطوّرات الإقليمية والدولية ولا سيّما منها التقدّم في العملية السياسية وتخفيض محاور القتال والحراك الدولي المتعدّد الوجوه المُرافق لها لمواكبة الحوار اللبناني.

وغابت أمس اللقاءات الرسمية عن قصر بعبدا، وتحدثت دوائره لـ«الجمهورية» عن أنّ رئيس الجمهورية عكفَ على تقويم التطورات التي اعقبَت عودة الحريري وموقفه المتجاوب مع رغبته بالتريّث في تقديم استقالة حكومته. وقد عَقد لهذه الغاية اجتماعات مع فريق عمله تمهيداً لِما يجب اتخاذه من قرارات في المراحل القريبة والمتوسطة والبعيدة المدى.

ولفَتت هذه الدوائر الى «أنّ ما شهده القصر الجمهوري في عيد الاستقلال عزّز الاستقرار على كلّ المستويات، ولا بدّ من اتّخاذ التدابير المتأنّية لعبور المرحلة المقبلة بالطريقة التي تضمن هذا الاستقرار الذي تُرجِم أمس انفراجات واسعة على كلّ الصُعد الوطنية والسياسية والمالية والاقتصادية، وهي أمور تزيد من اقتناع رئيس الجمهورية بضرورة التأنّي في اتخاذ الإجراءات التي تحمي كلّ هذه الإنجازات ولا سيّما منها تلك التي اعقبَت تجاوبَ رئيس الحكومة مع رغبته بالتريّث في الاستقالة لإفساح المجال امام عددٍ من الإجراءات التي تنتفي معها الظروف التي دعَته الى الاستقالة».

وقالت «إنّ البلاد انتقلت اوّل مِن امس من مرحلة الى أخرى وإنّ رئيس الجمهورية يسعى الى تحصينها بالقرارات المناسبة وإنّ اتصالاته الداخلية والخارجية في هذه المرحلة ستبقى سرّية الى ابعدِ الحدود على قاعدة: «إستعينوا على قضاء حاجاتكم بالكتمان».

برّي يتحدّث عن مخرج

وأبدى رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس ارتياحه إلى المناخ السياسي السائد في ضوء تريّثِ رئيس الحكومة سعد الحريري في الاستقالة، منوّهاً في هذا السياق بالبيانين الصادرين عن تيار «المستقبل» وكتلة «الوفاء للمقاومة» لتضمّنِهما «إيجابيات ملحوظة».

وكشَف بري عن «جهود تُبذل في سبيل بلوغ مخرج للأزمة السياسية السائدة»، ولم يدخل في تفاصيل حولَ هذا المخرج، وقال: «الشغل ماشي والجميع يعمل، المهم أن نأكل العنب في النهاية، الجميع يَعملون والحلّ ستجدونه أمامكم، وأعتقد انّه لا يجب ان تطولَ محاولة الوصول اليه، إذ لا يجوز ان يبقى الوضع لشهرٍ أو شهرين، او حتى لأسابيع، بل المطلوب ايام قليلة».

وقال برّي: «لا خيار سوى أن نمشي في محاولة البحث عن حلّ، وإن شاءَ الله الامور ماشية والمطلوب من كلّ طرَف ان يتقدّم خطوة الى الامام حتى نلتقي في منتصف الطريق وهناك استعداد لدى الجميع».

وردّاً على سؤال عمّا إذا كان لبنان قد تجاوَز القطوع، أجاب برّي: «لقد تجاوَزناه بنسبة 90 في المئة، وأثبتَ اللبنانيون انّهم تجاوزوا أزمة كبيرة». مذكّراً بتشديدِه على «الوحدة الداخلية التي تجعلنا أقوياء فبوحدتنا نكون أقوياء وبتفرُّقِنا نكون أوهن وأضعفَ مِن بيت العنكبوت».

وردّاً على سؤال حول الوضع الحكومي، قال بري: «وضعُ الحكومة طبيعي وهي كاملة المواصفات وتستطيع ان تجتمع وتقرّر». وسُئل بري أيضاً: هناك أمرٌ يتعلق بتراخيص التنقيب عن النفط التي تحتاج الى قرار حكومي، فأجاب: «تستطيع الحكومة ان تجتمع وتقرّر ذلك».

الحريري

على أنّ قريبين من الحريري أبدوا ارتياحَهم التام إلى الخطوة الاستيعابية التي خطاها فريق 8 آذار والتسوية التي حِيكت في ساعات الفجر قبل إعلان الحريري التريّثَ في الاستقالة والتي على اساسِها أُبلِغَ الحريري انّ القوى السياسية ستتعاون معه في التزام سياسة «النأي بالنفس».

وعليه أكّد مصدر وزاري بارز في فريق 8 آذار «انّ الأمور عادت الى ما كانت عليه قبل سفرِ الحريري الى السعودية، وتباعاً ستستعيد الحكومة عافيتَها ومعها البلد»، كاشفاً «أنّ معظم ما تمَّ الاتفاق عليه داخل دائرة ضيّقة جداً منذ خروج الحريري الى منزله الباريسي قد تحقّقَ ضِمن خريطة طريق من نقاط عدة يقدر الجميع عليها من دون تحميلِ أيّ فريق ما لا يقوى على فِعله، فتنازُلات محدودة ومعقولة كانت وافيةً للغرض وجَعلت الفريقَين يلتقيان في منتصف الطريق».

وعلمت «الجمهورية» انّ اتصالات مكثّفة جرت ليل الثلثاء ـ الأربعاء بين أطراف لم يتجاوز عددهم أصابعَ يدٍ واحدة وكان محورها عون - بري - الحريري عبر معاونيهم، ترافقَت مع اجتماعات بين الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل ومعاون الأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل، وتخَلّلها تنسيق مع مستشار رئيس الحكومة نادر الحريري فأفضت الى التسوية ـ البيان الذي أجرى بري والحريري مراجعةً أخيرة له وهما في طريقِهما من مكان الاحتفال بعِيد الاستقلال الى بعبدا قبل ظهرِ الاربعاء.

«بيت الوسط»
وإلى ذلك، لاحَظ المراقبون التطابقَ في قراءة المرحلة ما بين قصر بعبدا و«بيت الوسط» الذي أشارت مصادرُه لـ«الجمهورية» أنّه وإلى جانب اللقاءات التي عَقدها رئيس الحكومة امس هناك جانبٌ آخر مِن نشاطه لم ولن يعلنَ عنه.

فهو، الى ورشة الإتصالات التي تعهّد بها رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، عليه ان يُجريَ اتصالاته الخاصة لملاقاتها في ظروف أوحَت بتوزيع أدوار متقَن تمّ التفاهم عليه في اللقاء الرئاسي الثلاثي في قصر بعبدا الذي انتهى الى تجاوبِ رئيس الحكومة مع رغبة رئيس الجمهورية بالتريّث في الاستقالة بعدما لاحَظ الجميع أنّ البيان الذي تلاه الحريري بعد لقائه وعون يعني انّه كان ثمرةَ تفاهمٍ سبق اللقاءَ، ما جعله يعدّ بيانه سلفاً، في خطوةٍ لم تكن منتظرة لدى كثير من المحافل السياسية والحزبية وشكّلت في رأي أوساط «بيت الوسط» صدمةً إيجابية ثانية بعد الصدمة التي أرادها من إعلان الاستقالة في الرياض.

جنبلاط
وإلى ذلك، التقى الحريري مساء رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط يرافقه النائب وائل ابو فاعور، في حضور وزير الثقافة غطاس الخوري. وقال النائب جنبلاط بعد اللقاء: «مرَّ علينا وعلى البلاد وعلى الشيخ سعد ظرفٌ استثنائي، إذا صحَّ التعبير، لكنّه طبعاًعولجَ بالحكمة وبالسياسة، بحكمةِ الشيخ سعد وجميع الفرقاء في لبنان، وإن لم نقل جميعهم فغالبيتهم. وهنا ننطلق انطلاقة جديدة».

وأضاف: «إنّ ما طرَحه الشيخ سعد في ما يتعلق بالتشديد على الاستقرار هو شيء مهم جداً، وعلينا أن نتمسّك بهذا الاستقرار وبمضامين التسوية التي أقرّها الشيخ سعد منذ أكثر من عام، ونتمنّى عليه أن تطول لحظة التريّث هذه وأن تعود المياه إلى مجاريها. هذا الأمر يقرّره الشيخ سعد بالطريقة المناسبة.

البلاد في حاجة إلى تثبيتِ التسوية والانطلاق السياسي والإنمائي، وأعتقد أنّ الغيمة مرّت وأنّ هناك أصدقاء كثُراً للبنان، وقد تبيّن كالعادة أنّ أصدقاء لبنان وأصدقاء الشيخ سعد وأصدقاء الاستقرار كثُر جداً في هذا العالم».

مواقف
مِن جهته، أكّد وزير الداخلية نهاد المشنوق أنّ «قرار الحريري بالتريّث يَدعمه عون وبري»، لافتاً الى أنّ «عون أقرب بالشراكة مع الحريري في موضوع النأي بالنفس لأنّ همّه الحفاظ على أمن واستقرار البلد». وأكد أنّ «التريث لا يعني إلغاءَ مضمون الاستقالة، فلبنان غير قادر على تحمّلِ تمدّد حزب الله». ورأى أنّ «هناك بوادر حصار أمني وسياسي على لبنان، والجميع يتصرف على قاعدة احتواء هذه الأزمة»، معتبراً أنّ «هناك فصلاً بين البند المتعلق بسلاح «حزب الله» وبند الاستراتيجية الدفاعية الوطنية».

وعن العلاقة مع «القوات اللبنانية» قال المشنوق: «أعتقد أنّ الطرفين حريصان على الحوار حول هذه العلاقة، المرحلة الماضية تركت ندوباً في هذه العلاقة، وكلّ من يقول غير ذلك يكون غيرَ موضوعي، هذه الندوب ممكن معالجتُها بالحوار والمناقشة ووضع الأمور في نصابها الحقيقي، امّا ان نقولَ إنّ العلاقة ممتازة وجبّارة وعظيمة وفظيعة ولم يَحدث شيء، فغير صحيح».

و«القوات» تردّ
مِن جهتها، ردَّت مصادر القوات» على المشنوق، وقالت لـ«الجمهورية»: صحيح انّ هناك ندوباً في العلاقة بين «القوات» و«المستقبل»، وهذه الندوب هي نتيجة تعاملِ بعض قيادات «المستقبل» التي استغلّت غيابَ الحريري لاستهداف «القوات» لحسابات معروفة، فيما القوات آثرَت الصمتَ بانتظار عودة الحريري لمفاتحتِه بتصرّف هؤلاء الأشخاص الذين يسيؤون الى علاقة استراتيجية من طبيعة سيادية تؤمّن التوازن الوطني، واستهدافُها الذي يُراد منه فرطُها، لا يَخدم إلّا مشروع «حزب الله».

الحرس الثوري
من جهةٍ ثانية، نقل التلفزيون الرسمي الايراني عن قائد الحرس الثوري الإيراني (الباسدران) محمد علي جعفري أنّ «الحرس الثوري سيلعب دوراً نشِطاً في تحقيق وقفِ إطلاق نار دائم في سوريا»، مضيفاً: «أنّ نزع سلاح جماعة «حزب الله» اللبنانية غير قابل للتفاوض».

ورفضَ أيّ «محادثات بشأن برنامج إيران للصواريخ الباليستية كما تطالب فرنسا وقوى غربية أخرى». وقال: «إنّ مطلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون البحثَ في النشاط الصاروخي الدفاعي للبلاد يرجع إلى أنه شابّ يَفتقر للخبرة».

قمّة سوتشي
دولياً، اتّفق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إثر قمّة عَقدها الاربعاء في سوتشي، مع نظيريه الايراني حسن روحاني والتركي رجب طيب اردوغان، على عقدِ مؤتمر للحكومة والمعارضة السوريتين في روسيا، معتبراً انّه توجد «فرصة حقيقية» لإنهاء النزاع في سوريا.

غير انّ المعارضة السورية التي اجتمعت في الرياض تمسّكت بموقفها الرافض أن يكون للرئيس السوري بشّار الأسد أيّ دور في الفترة الانتقالية بموجب أيّ اتفاق سلام ترعاه الأمم المتحدة.

 

 

اللواء :

شيء واحد كشفته عودة الرئيس سعد الحريري، وحركة الاتصالات والاجتماعات والزيارات والاستقبالات التي كان هو محورها، ان الاستقرار مطلب لدى اللبنانيين، على كافة انتماءاتهم واتجاهاتهم، وأن «تجاوب الرئيس الحريري مع تمني رئيس الجمهورية التريّث في تقديم الاستقالة، هو «خطوة حكيم لأجل المزيد من التشاور»، على حد تعبير البيان الصادر عن الاجتماع المشترك لكتلة المستقبل والمكتب السياسي والمكتب التنفيذي لتيار المستقبل برئاسة الرئيس الحريري.
ومحور المشاورات، الذي اطلقته عودة الحريري، وقراره بالتريث بتقديم استقالته رسمياً يدور حول نقاط ثلاث، وفقاً لما ردّده رئيس الحكومة امام زواره، وعكس بيان الاجتماع المشترك للمستقبل:
1- إعادة الاعتبار للنأي بالنفس عن الحروب والصراعات المحيطة.. بشكل فعلي وعملي، ضمن تفاهم يوضع وضع التنفيذ.
2- الامتناع عن كل ما يُسيء إلى علاقات لبنان بأشقائه العرب.
3- رفض تدخل أي جهة لبنانية أو إقليمية في الشؤون الداخلية للبلدان العربية..
وقالت مصادر مطلعة ان هذه النقاط محور المشاورات الثنائية أو الموسعة التي سيطلقها الرئيس عون بالتفاهم مع الرئيسين نبيه برّي والحريري.
وكشفت المصادر ان الأزمة التي يُعمل علىاحتوائها الآن ما تزال قائمة، وأن الرئيس الحريري يحرص على وضع فحوى استقالته قيد البحث الجدي.
وقال مصدر وزاري لـ«اللواء» ان لا جلسات لمجلس الوزراء في هذه المرحلة، مشيراً إلى ان فترة التريث قد تطول، وهي بالتأكيد ليست خلال أسبوعين كما تردّد سابقاً.
وأكّد المصدر ان جميع الأطراف معنية بالتوصل إلى «تفاهم ما لمواجهة محاولات حصار لبنان سياسياً واقتصادياً، عبر الابتعاد عن سياسة المحاور».
وتوقف المصدر عند ما نقله التلفزيون الإيراني عن قائد الحرس الثوري الإيراني محمّد علي جعفري، من انه «نزع سلاح حزب الله غير قابل للتفاوض»، معلناً رفضه لهذا الموقف، من زاوية ان هذا النوع من التصريحات يعقد الأمور، ولا يقدم أو يؤخر في مقاربة صحيحة لأوضاع لبنان، مع العلم ان لا أحد في لبنان يطرح هذا الموضوع الآن، والموضوع المطروح يتعلق بابتعاد حزب الله عن الصراعات الإقليمية والانخراط بحوار حول الاستراتيجية الدفاعية.
التريث
ابدت مصادر رسمية متابعة للاتصالات واللقاءات التي تلت إعلان الرئيس سعد الحريري التريث بتقديم استقالته رسميا، عن ارتياحها للاجواء السياسية والشعبية التي اعقبت بيان الحريري من القصر الجمهوري، وبيان اجتماع «تيار المستقبل» بكتلته النيابية ومكتبه السياسي، وكذلك بيان كتلة «الوفاء للمقاومة» امس، واعتبرت انها كلها مؤشرات جيدة تبشّر بالسعي الجدي لإيجاد حل للأزمة السياسية – الحكومية.
واوضحت المصادر ان الرئيس عون اجرى امس في اتصالاته ولقاءاته تقييماً للموقف وللمناخات السياسية، لكنه سيأخذ وقته الكافي لتقرير المسار الذي سيسلكه في مشاوراته مع القوى السياسية، مستبعدة احتمال عقد طاولة مستديرة تجمع كل الاطراف لأن التجربة السابقة بالطاولات المستديرة لم تكن مشجعة. لكن قدتكون اللقاءات مصغرة ثنائية او ثلاثية ولا سقف زمنياً لها.
واشارت المصادر الى ان لا خلاف على مبدأ «النأي بالنفس» لكن هناك اختلافاً في تفسيره، فالبعض يريد النأي بالنفس عن الصراعات الاقليمية-العربية، والبعض الاخر يرى النأي بالنفس عن الصراعات العربية – العربية.والمهم في البحث كيف تتم ترجمة النأي بالنفس. لذلك سيأخذ الرئيس عون وقته لأن الامور غير واضحة بعد.
وتحدثت بعض المعلومات ان الرئيس نبيه بري سيشارك في الاتصالات والمشاورات وقد يكون لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط دوراً ما أيضا. خاصة انه بدأ تحركه مساء امس بلقاء مع الرئيس الحريري في بيت الوسط، رأى بعده ان «الغيمة مرّت وهناك أصدقاء كثر جداً للبنان وللشيخ عد، في إشارة إلى الرؤساء الفرنسي والمصري والقبرصي»، متمنياً ان «لا تطول لحظة التريث وأن تعود المياه الى مجاريها».
تفاؤل برّي
ومن جهته أبدى الرئيس برّي امام زواره ارتياحه لمضمون بياني كتلة «المستقبل» وكتلة «الوفاء للمقاومة»، مؤكداً اننا «تجاوزنا 90 في المائة من القطوع الحكومي»، مشيراً إلى ان «الكل يعمل وسترون الحل امامكم».
واعتبر برّي الذي تلقى رسالة من جنبلاط حملها إليه النائب غازي العريضي، ان الحكومة الآن طبيعية، متوقعاً ان لا يكون الحل بعيداً «لا شهرين ولا ثلاثة ولا حتى أسابيع، لكنه آثر عدم كشف النقاب عن ماهية هذا الحل، الا انه شدّد على انه مرتاح جداً للأجواء السائدة».
وإذا كان الرئيس برّي شاء بوصف وضع الحكومة حالياً «بالطبيعي» من دون ان يُؤكّد انها «قائمة» بالمعنى الدستوري لها على اعتبار ان الرئيس الحريري تريث بتقديم الاستقالة، بناءً على تمني الرئيس عون، فإن وزير الداخلية نهاد المشنوق وصف الحكومة بأنها «عادية لكنها لا تجتمع»، مشيراً إلى ان الأزمة مفتوحة، لكن الرئيسين عون وبري يتصرفان على قاعدة احتواء هذه الأزمة التي هي خارجية بالدرجة الأولى، موضحاً بأن الرئيس عون أقرب إلى الشراكة مع الرئيس الحريري في كيفية تناول موضوع النأي بالنفس في المرحلة المقبلة، وانه يهمه الحفاظ على الأمن والاستقرار بالشراكة مع الحريري.
وشدّد المشنوق في حديث إلى تلفزيون المؤسسة اللبنانية للارسال على ان التريث لا يعني إلغاء مضمون الاستقالة، لأن لبنان لا يستطيع ان يتحمل مسألة تمدد «حزب الله» خارج لبنان، مضيفاً بأننا «نعوّل على استراتيجية دفاعية يكون فيها سلاح حزب الله موجهاً ضد اسرائيل فقط، وليس أي دولة عربية، موضحاً بأن كل الكلام عن «لائحة ضحايا» في ما يتعلق بما قيل عن انقلاب ما في تيّار «المستقبل» لا حقيقة له، لكنه لفت إلى اننا «مررنا بأزمة كبيرة كان فيها تعدد أراء، لكنها، عبرت، والرئيس الحريري موجود وبابه مفتوح يناقشنا في أي موضوع استراتيجي، تاركا النقاش حول العلاقة مع «القوات اللبنانية» للرئيس الحريري والدكتور سمير جعجع.
«المستقبل»
وفي المعلومات، ان الرئيس الحريري شدّد خلال الاجتماع المشترك الذي رأسه ظهر أمس، لكتلة وتيار «المستقبل» على التفاهم إلى حل بينه وبين الرئيس عون، لافتا إلى ان موضوع الاستقالة بات في عهدته، وهو قيد التشاور لديه، بالتعاون مع الرئيس برّي، طالبا من نواب الكتلة التوقف عن انتقاد التيار الوطني الحر، خاصة وأن التفاهم معه سيكون حاسما للاستقرار اللبناني، مشيرا إلى انه سيكون هناك حوار مع «القوات» في الأيام المقبلة، وانه سيعالج بنفسه مسألة الحوار داخل «المستقبل».
وكان الإجتماع عبر عن ارتياحه لعودة الرئيس الحريري إلى موقعه الطبيعي في قيادة المسيرة السياسية والوطنية، ورأى في التحرّك الذي سعى ويسعى إليه التزاما مسؤولا بالخيارات التي تحمي استقرار البلاد وتجنبه مخاطر الانزلاق في الحرائق المشتعلة من حوله، معتبرا تجاوب الحريري مع تمني رئيس الجمهورية التريث في تقديم الاستقالة خطوة حكيمة لأجل المزيد من التشاور حول الأسباب والخلفيات وإعادة الاعتبار لمفهوم المادة النأي بالنفس عن الحروب والصراعات المحيطة والامتناع عن كل ما يُسيء إلى علاقات لبنان باشقائه العرب ورفض تدخل أي جهة لبنانية أو إقليمية في الشؤون الداخلية للبلدان العربية، وهي النقاط الثلاث التي شدّد عليها الرئيس الحريري في بيان التريث عن تقديم الاستقالة الذي اذاعه في بعبدا، على هامش حفل الاستقبال بعيد الاستقلال، وتم الاتفاق عليه بين الرؤساء الثلاثة على أنت تكون محور البحث والتشاور بشأنها في المستقبل.
وجزمت مصادر المعلومات لـ «اللواء» ان تعتمد بعبدا دبلوماسية محترفة بالنسبة للاتصالات التي ستتم حول العناوين الثلاثة التي حددها الرئيس الحريري، وأن الحوار في شأنها لن يكون على شكل طاولة حوار، مرجحة ان تتخذ الطابع الثنائي في المرحلة الأولى، متوقعة ان تساعد التطورات الحاصلة في المنطقة، لا سيما ما يتعلق بترجيح كفة الحل السياسي في سوريا بعد انتهاء وجود تنظيم «داعش» هناك وفي العراق، في مواكبة الحراك الداخلي بهدف الوصول إلى مناخ إيجابي يمهد للخروج بنتيجته، مشيرة الىان هناك اطرافا داخلية لها دورها في المساعدة برزت مؤشرات هذا الدور سواء في الإيجابية التي تجلّت في الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، أو في بيان كتلة الوفاء للمقاومة الذي تجنّب الإشارة للمرة الأولى بالاسم الى السعودية، مستخدما عبارة «بعض الدول الخليجية»، منوهاً بعودة رئيس الحكومة إلى البلاد والتصريحات الإيجابية التي صدرت عنه، وكذلك المسار الإيجابي الذي تسلكه المساعي، معتبرا انها تبشر بإمكانية عودة الأمور إلى طبيعتها».
وإلى جانب تطورات المنطقة، ثم مسعى آخر عربي، رفض الكشف عن تفاصيله الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، بعد زيارته أمس للرئيس الحريري في «بيت الوسط»، لكنه تحدث عن «مستقبل يبشر بالخير بالنسبة إلى لبنان».
وعلمت «اللواء» ان أبو الغيط الموجود حاليا في بيروت، زار الأردن خلال اليومين الماضيين في سياق الجهد الذي يقوم به على صعيد مساعدة لبنان لتخطي ازمته الحالية.
لحظات الوفاء والصدق
كل هذه التطورات جاءت عقب عودة الحريري إلى لبنان، حيث كان «نجم» العرض العسكري الذي اقامته قيادة الجيش في ذكرى الاستقلال في جادة شفيق الوزان، وحيث  لقي ترحيباً حاراً من الرئيسين عون وبري، ثم انتقل بسيارة واحدة مع رئيس المجلس التي قادها بنفسه إلى بعبدا، وهناك عقد الرؤساء الثلاثة اجتماعاً طويلاً، قبل أن يتحوّل إلى خلوة ثنائية، أذاع بعدها الحريري بيان التريث عن تقديم الاستقالة.
ومن بعبدا، انتقل الحريري إلى «بيت الوسط» الذي شهد تجمعاً شعبياً قدر بعشرات الألوف من المواطنين جاؤوا من مختلف المناطق اللبنانية للترحيب به والإعراب عن مبايعة رئيس التيار الأزرق، والتشديد على زعامته الوطنية، وأعلنت هذه الحشود عن دعمها وتأييدها لنهج الحريري ووقوفها إلى جانبه في كل الظروف والمواقف التي يتخذها، ما دفع اجتماع كتلة وتيار «المستقبل» إلى وصف ما جرى بأنه «زمن التيار الأزرق» الذي ينتفض مجدداً دفاعاً عن استقرار لبنان وسلامة العيش المشترك بين أبنائه، وتحصيناً لعروبته في وجه المتطاولين عليه».

 

الاخبار :

أما وقد «تريّث» الرئيس سعد الحريري في تقديم استقالته، فإن الخطوة التالية المتوقعة هي عودة مجلس الوزراء الى الانعقاد، في وقت ليس ببعيد. وهو ما بدأه «رئيس الحكومة» فعلياً، أمس، بافتتاحه المؤتمر المصرفي العربي، وباعلانه انه سينصرف الى توقيع بريده المتراكم منذ ثلاثة أسابيع. وعليه، فإن «التريث» يعني عودة عن الاستقالة، وبذلك تكون مفاعيل أزمة إقالة الحريري واحتجازه في السعودية قد انتهت... وكأنها لم تكن.

وليس تفصيلاً، في هذا السياق، إعلان النائب وليد جنبلاط، بعد لقائه الحريري أمس، أن «الغيمة مرت»، وتأكيده «التمسك بمضامين التسوية»، وحديثه عن «انطلاقة جديدة».


 


أما كل ما يشيعه السعوديون وأتباعهم في لبنان عن دعوات الى مؤتمر حوار أو طاولة حوار للبحث في سلاح المقاومة فلن يعدو كونه مجرد مشاورات يجريها رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا مع قيادات سياسية، لحفظ بعض ماء الوجه السعودي، ولـ«تبليع» جمهور تيار المستقبل الضربة التي وُجهت الى زعيمه «من بيت أبيه»، وتمهيداً لعودة انتظام العمل الحكومي. فلا رئيس الجمهورية الذي أشار في خطاب الاستقلال الى «تحرير لبنان من العدو الاسرائيلي والتكفيري» في هذا الوارد، ولا حزب الله سيسلّم تحت ضغط استقالة ما لم يسلّمه تحت ضغط عدوان 2006. فيما يدرك الجميع أن قتال الحزب في سوريا بات جزءاً من صراع دولي ـــ اقليمي، وأكبر من اقالة الحريري نفسه. باختصار، بحسب مصادر مطلعة على موقف حزب الله، «هذه طروحات غير واقعية وليست مطروحة للبحث. ونقطة على أول السطر».
المصادر نفسها تؤكد أن السعودية (وأتباعها في لبنان) خرجت من أزمة إقالة الحريري واحتجازه «خاسراً أول وأوحد». وقد تحتاج الى بعض الوقت لتقييم سوء التقدير الذي وقعت فيه بناء على نصائح أطراف لبنانية بأن الضغط على حزب الله يتطلب الخروج من الحكومة وتفجير التسوية السياسية. ناهيك عن سوء إخراج الاستقالة وتوقيتها. ففي المعلومات أن السعوديين طلبوا من دار الفتوى الايعاز الى خطباء المساجد بمهاجمة حزب الله والدعوة الى التظاهر في خطب الجمعة التي تلي الاستقالة. لكن مرور أسبوع في ظل الالتباس الذي ساد وضع الحريري في الرياض، معطوفاً على تحركات الدائرة اللصيقة به، أدى الى امتناع الدار عن تلبية الطلب. كما طلب السعوديون من رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، أكثر المتحمسين للاستقالة، القيام بخطوات «ما فوق سياسية»، كقطع طرقات وغير ذلك، ما وضعه في إحراج بين رفض الضغط السعودي وبين غياب الغطاء السني لخطوات كهذه، وبين الوقائع على الأرض في ظل وجود جيش ملتفّ حول رئيس الجمهورية.
في المقابل، كانت المكاسب اللبنانية بالجملة:
أولاً، انتزع لبنان تجديد الاعتراف الدولي بأهمية الحفاظ على استقراره. فالتحرك الفرنسي ـــ المصري للوصول الى مخرج من الأزمة التي افتعلتها الرياض كان واجهة لإجماع دولي على رفض هذه السابقة في العلاقات بين الدول.


 

 وإذا كان الفرنسيون قد تصدّروا هذا التحرك لاعتبارات تاريخية وأخرى ذات صلة بعلاقتهم بآل الحريري، إلا أن ذلك لم يكن ليتم من دون ضوء أخضر أميركي. إذ إن واشنطن تعتبر الاستقرار في لبنان مكسباً مهماً لها في ظل انعدام التوازن لمصلحة حلفائها في البلد. هذا الضغط أدى الى إجبار السعودية على إطلاق الحريري وترك الأمر للفرنسيين لتدبّر المخرج «اللائق». وبالتزامن مع وصول الحريري الى باريس السبت الماضي، كانت مروحة الاتصالات الفرنسية تشمل القاهرة وطهران والرئيس عون وحزب الله وبقية الأطراف السياسية، وتم التوصل بنتيجتها الى «التريث في تقديم الاستقالة». ومع نزول رئيس الحكومة في مطار بيروت ليل الثلثاء كانت كل الأطراف السياسية الرئيسية في جو بيانه الذي سيعلنه من قصر بعبدا في اليوم التالي.
ثانياً، انتزع رئيس الجمهورية اعترافاً محلياً ودولياً ببراعته في إدارة الأزمة وبأهمية «الرئيس القوي» في قصر بعبدا.
ثالثاً، رغم الاهانة التي وجّهت اليه، تمكّن الحريري من إنعاش شعبيته على أبواب الانتخابات المقبلة، بعدما كانت المعطيات الانتخابية تشير الى أن خصومه المنشقين ع