الحريري في بيروت  .. غدا استئناف الازمة

 

المستقبل :

22 تشرين الثاني، العيد عيدان هذا العام.. هو يوم المجد والسعد في لبنان حيث لا مجد من دون استقلال و«لا سعد من دون سعد». عاد الرئيس سعد الحريري إلى البلد معيداً الروح والتوازن إلى البنية الوطنية بعد 18 يوماً عجاف عاشها اللبنانيون على غير هدى واتزان تحت تأثير غيابه المدوي عنهم. من الرياض إلى باريس والقاهرة وقبرص، انتهت رحلة الترقب وحبس الأنفاس وانطلقت مع لحظة وصوله إلى بيروت ليلاً رحلة البحث عن أرضية وطنية مشتركة تحصّن البلد وأبناءه وتنأى به وبهم قولاً وفعلاً عن نيران المنطقة. ما بعد «الصدمة الإيجابية» لا بد من ترجمات إيجابية لوقع الصدمة ولا بدّ للالتباس في المواقف أن ينجلي، فقد آن أوان «الكلام في السياسة» بعدما آثر الرئيس الحريري الصوم عنه خارج أرض الوطن.

إذاً، وعلى وقع الاحتفالات الشعبية التي عمّت بيروت والمناطق، وصل الرئيس الحريري قبيل منتصف الليلة الماضية إلى مطار رفيق الحريري الدولي لينطلق على الفور وسط إجراءات أمنية مشددة باتجاه ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري حيث قرأ الفاتحة عن روحه الطاهرة وأرواح رفاقه الشهداء بحضور مدير مكتبه نادر الحريري، مكتفياً بالقول رداً على أسئلة الصحافيين: «شكراً للبنانيين». وصباح اليوم يشارك الحريري إلى جانب رئيسي الجمهورية ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري في حفل الاستقلال الذي سيقام في وسط العاصمة على أن ينتقل الرؤساء الثلاثة بعد انتهاء العرض العسكري إلى قصر بعبدا لتقبل التهاني بالمناسبة. في حين سيكون «بيت الوسط» ظهراً محجّة لجمهور «المستقبل» ومحبي الرئيس الحريري المتلهفين للقائه وتجديد الولاء والوفاء لنهجه الوطني وخطه السياسي.

وعلى الطريق نحو بيروت، كانت محطتا مصر وقبرص حيث تداول الحريري مع كل من الرئيسين 

المصري عبد الفتاح السيسي والقبرصي نيكوس أناستسياديس في تطورات لبنان والمنطقة، وسط حفاوة رئاسية كبيرة أحاطت الزيارتين، بدءاً من القاهرة حيث برزت شكلاً ومضموناً الحرارة المصرية في استقبال الحريري من أرض مطار القاهرة الدولي وصولاً إلى قصر الاتحادية حيث استقبله الرئيس السيسي عند مدخل القصر مردداً مرات متتالية عبارة «أهلاً وسهلاً» في كل خطوة خطاها باتجاه مصافحة الحريري ليعود فيشبك يده بيده أثناء دخولهما إلى الصالون الرئاسي. وعلى الأثر عقدا اجتماعاً حضره وزير الخارجية سامح شكري ومدير المخابرات خالد فوزي ومدير مكتب الرئيس المصري اللواء عباس كامل، ثم عقد السيسي خلوة مع الحريري أعقبها بمأدبة عشاء تكريمية أقامها على شرفه. 

وبعد اللقاء، تحدث الرئيس الحريري إلى الصحافيين معرباً عن شكره لمصر ولرئيسها على دعمه للبنان واستقراره، وأوضح أنّ حديثاً مطولاً دار بينهما «مبنياً على استقرار لبنان وضرورة النأي بالنفس عن كل السياسات الإقليمية»، مجدداً التذكير بما قاله من باريس لجهة حرصه على عدم التحدث في السياسة قبل الوصول إلى لبنان. ولاحقاً، غرّد الحريري على صفحته عبر موقع «تويتر» قائلاً: «تاريخ أخوي يجمع أم الدنيا بلبنان كما الصداقة المميزة التي تجمعني بالرئيس السيسي».

كما كانت تغريدة أخرى للحريري صباح أمس إحياءً لذكرى استشهاد النائب بيار الجميل، جاء فيها: «في ذكرى استشهاد الصديق والأخ بيار أمين الجميّل نكرّر وفاءنا لشعاره وشعارنا: لبنان أولاً»، وختم متوجهاً إلى الشهيد بالقول: «لن أنسى أبداً كم كنت وفياً يا بيار!»

«رسائل» الاستقلال

وعشية الاستقلال، توجه رئيس الجمهورية إلى اللبنانيين بكلمة للمناسبة ضمّنها سلسلة «رسائل» للداخل والخارج متمحورة حول وجوب الحفاظ على سيادة واستقرار الوطن والنأي به عن «عواصف المنطقة» بالتوازي مع ضرورة استكمال «عملية بناء الدولة». وإذ رأى أنّ «الأزمة الحكومية الأخيرة شكلت للحكم وللشعب اختباراً صادماً وتحدياً بحجم القضايا الوطنية الكبرى»، ضمّن عون كلمته «ثلاث رسائل» دعا فيها اللبنانيين إلى الاعتصام بحبل «الوحدة» وعدم السماح للفتنة بأن تشق صفوفهم «لأنها الدمار الشامل الذي لا ينجو منه أحد»، بينما توجه إلى الجيش والقوى الأمنية برسالة تدعوهم إلى أن يكونوا «دوماً جاهزين لأداء الواجب». أما رسالته الأولى فناشد من خلالها الدول العربية «التعاطي مع لبنان بكثير من الحكمة والتعقل» وأردف قائلاً: «على الرغم من كل ما حصل لا تزال آمالنا معقودة على جامعة الدول العربية بأن تتخذ المبادرة انطلاقاً من مبادئ وأهداف وروحية ميثاقها»، داعياً في الوقت عينه «المجتمع الدولي إلى أن يصون الاستقرار في لبنان من خلال التطبيق الكامل للعدالة الدولية».

 

الديار :

اطل رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون في ذكرى عيد الاستقلال ليعلن خطابا هو خطاب رائع رفع فيه معنويات اللبنانيين بعد ان عانوا القلق وعدم الاستقرار منذ اكثر من 3 أسابيع وحتى يومنا هذا.
واعلن عون ان لبنان لن ينصاع الى أي رأي او نصيحة او قرار يدفعه باتجاه فتنة داخلية، ورأى ان الازمة الحكومية الأخيرة شكلت للحكم وللشعب اللبناني تحديا واختبارا صادما وقال هل كان يجوز التغاضي عن مسألة واجب وطني لاستعادة رئيس حكومتنا الى بلده، وان القضية هي مسألة كرامة وطن وشعب اظهر حيالها تماسكا وطنيا فريدا، ووجه الرئيس عون 3 رسائل في آن فدعا اللبنانيين الى ان يفرحوا ويحتفلوا بالاستقلال وقد دفعنا اغلى الاثمان قد يعود عيدا بعد ان كان ذكرى.
وتوجه الى الجيش اللبناني والقوى الأمنية بالقول انتم حراس الوحدة الوطنية وحماة الحدود فكونوا جاهزين دوما، اما في رسالته الى الدول العربية فقال ان التعاطي مع لبنا يحتاج الى الكثير من الحكمة والتعقل. وأضاف ان امالنا ما زالت معقودة على جامعة الدول العربية بأن تتخذ المبادرة لإنقاذ انسانها وسيادتها واستقلالها.
ودعا الرئيس عون رئيس الجمهورية المجتمع الدولي الى ان يصون الاستقرار في لبنان من خلال التطبيق الكامل للعدالة الدولية.
ثم قال الرئيس ميشال عون كلاما واضحا في شأن إسرائيل فاتهمها بانتهاك سيادة لبنان برا وبحرا وجوا، واعلن انه في خطاب القسم قال في طليعة اولوياتنا منع انتقال أي شرارة من النيران الى لبنان، وقال انه يؤكد على ضرورة ابتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية واحترامه ميثاق جامعة الدول العربية والمادة الثامنة منه، وانه في سياسته لقيادة لبنان تحاشى الدخول في النزاعات ودعونا الى الحوار والوفاق بين الاشقاء العرب. 
ثم قال الرئيس ميشال عون لقد نأى لبنان بنفسه ولكن للأسف الاخرين لم ينأوا بأنفسهم ولا بنفوذهم عن لبنان، فمع بدء الحرب في سوريا بدأت التنظيمات الإرهابية تخترق حدودنا الشرقية وتحاول السيطرة على القرى والمناطق زارعة الموت والدمار عبر تفجيرات إرهابية. وسأل من اين جاء الارهاب الى لبنان ومن ارسله ومن موله ومن سلحه ومن دربه اليس لضرب الاستقرار وزرع الفتنة، 
ثم هاجم إسرائيل وذكر الاعتداءات والحروب التدميرية التي شنتها منذ الستينات والسبعينات ضد لبنان الى اجتياحها سنة 82 ووصولها الى بيروت واحتلالها نصف لبنان ثم انسحابها محتفظة باجزاء من الجنوب. حتى اضطرت الى الانسحاب سنة 2000 تحت ضغط مقاومة اللبنانيين لتعود 2006 وتشن حربا ارتكبت خلالها ابشع المجازر ودمرت البنى التحتية في لبنان. 
ودعا الرئيس ميشال عون اللبنانيين الى الوقوف شعبا وجيشا ضد العدو الإسرائيلي كما التكفيري.
وقال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان مسألة الاستقالة الأخيرة اوجبت على لبنان وطنيا ضرورة استعادة رئيس حكومتنا الى بلده لاداء ما يوجبه عليه الدستور او العرف او الاستقالة او عدمها على ارض لبنان وقال انها مسألة كرامة وطن وشعب اظهر حيالها تماسكا وطنيا فريدا، فالسيادة كل لا يتجزأ، وانهى خطابه بثلاث رسائل والرسالة الأولى هي للاشقاء العرب وقال ان التعاطي مع لبنان يحتاج الى الكثير من الحكمة والتعقل، والرسالة الثانية الى المجتمع الدولي المدرك لأهمية الاستقرار في لبنان كي يعمل على صون هذا الاستقرار من خلال التطبيق الكامل للعدالة الدولية.
اما الى اللبنانيين فكانت الرسالة الثالثة بوحدتكم تخطيتم الكثير من الصعاب والأزمات والمخاطر، فلا تسمحوا للفتنة ان تطل برأسها بينكم لانها الدمار الشامل ولا ينجو احد منها. 
 

 

 

 بعد خطاب رئيس الجمهورية ارتفعت معنويات اللبنانيين


هذا وبعد خطاب فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ارتفعت معنويات اللبنانيين في شكل كبير وباتوا يشعرون ان مقام رئاسة الجمهورية قوي جدا، وان العماد ميشال عون رئيس الجمهورية يمسك زمام الأمور والمبادرة وانه مصمم على حل الازمة ومواجهة كل الاحتمالات أيا تكن، وانه يركز على الثوابت ولم يحد عن مبادئه وهو ماض في ولايته على أساس هذه المبادئ، لإنقاذ لبنان وتأمين الاستقرار الدائم له، واعماره والتركيز على وحدة اللبنانيين والدفاع عن سيادة لبنان ووحدة أراضيه وشعبه في وجه إسرائيل والتكفيريين.
 

 هل يتجاوب الرئيس الحريري مع إيجابية خطاب السيد حسن نصرالله


ويعود ليل الثلثاء الرئيس سعد الحريري الى بيروت آتيا من القاهرة بعد ان اجتمع مع الرئيس الفريق عبد الفتاح السيسي واثر خروجه من الاجتماع قال ان غدا عيد الاستقلال وانا سأكون في بيروت ولن اتحدث في السياسة ولم يجب عن أي سؤال بل كان ضاحكا، وتوجه نحو المطار، ليستقل الطائرة عائدا الى بيروت.
فيما كانت احياء من مدينة بيروت وخاصة الطريق الجديدة تستعد لاستقبال الرئيس سعد الحريري استقبالا شعبيا كبيرا وكذلك إقامة تجمعات كبيرة حول بيت الوسط والاحتفال بعودة الرئيس سعد الحريري.
والسؤال الان هو هل سيتجاوب الرئيس الحريري مع إيجابية خطاب السيد حسن نصرالله الذي ذكر فيه انه لم يرسل أي مقاتل او أي سلاح او مسدس الى اليمن للقتال ضد السعودية، كما ان مسألة اتهام حزب الله بارسال صاروخ بالستي او صواريخ بعيدة المدى، هو وهم وليس صحيحاً ابدا.
وانتقل الى موضوع العراق وقال ان الحرب شبه منتهية في العراق ونحن لم نرسل قوات عسكرية الى العراق بل ارسلنا قادة وخبراء كي يساعدوا الجيش العراقي على محاربة داعش والقوى التكفيرية، والان وقد انتهت الحرب العراقية يمكن فهم قول السيد حسن نصرالله ان حزب الله سينسحب من العراق بعدما انتهت الحرب فيه، وسقطت داعش دولة الخلافة التي كانت بعيدة عن الإسلام وكانت دولة الذبح والقتل والوحشية الكاملة.
ثم أشار الى خطوات حزب الله في لبنان انها كانت دائما تقوم بالسعي الى الحل والتسوية والمحافظة على وحدة لبنان وسيادته وكذلك على قيام المؤسسات اللبنانية بدورها. 
وقال ان تحرير مدينة البوكمال في سوريا انهى داعش نهائيا وتم الانتصار على التكفيريين الذين جاؤوا لتخريب سوريا، وقاتل حزب الله فيها بعدما تم ارسال عشرات الالاف من التكفيريين والمنظمات الإرهابية الى سوريا والى محاولة الوصول الى لبنان والقيام بالتفجيرات فيه.
 

 السيد نصرالله لم يعلن اي موقف بشأن الحكومة


وكان خطاب السيد حسن نصرالله الذي ذكرنا منه 4 نقاط إيجابيا للغاية وأعطى إشارات انه يريد إعادة التسوية في لبنان، واحياء الحكومة من جديد. لكن السيد حسن نصرالله امين عام حزب الله لم يعلن أي موقف سياسي في شأن الحكومة او موقف الرئيس سعد الحريري او غيره، بل ان حزب الله ينتظر مواقف الرئيس سعد الحريري بعد الخطاب الإيجابي للسيد حسن نصرالله.
والان السؤال هو هل سيتجاوب الرئيس سعد الحريري مع إيجابية خطاب السيد حسن نصرالله، فاذا تجاوب تمت إعادة التسوية في لبنان وان لم يتجاوب فقد تسقط التسوية.
في هذا الوقت، سيقوم الرئيس سعد الحريري بالاشتراك في احتفال عيد الاستقلال وقد يحضر حفل الاستقبال في قصر بعبدا مع رئيس الجمهورية والرئيس نبيه بري، ويتلقى تهنئة اللبنانيين مع الرئيسين عون وبري بمناسبة ذكرى عيد الاستقلال.
 

 اللقاء بين الرئيسين عون والحريري لم يحدد موعده بعد


ورغم انه لم يتم تحديد موعد اللقاء بين رئيس الجمهورية والرئيس سعد الحريري فانه من المتوقع ان يحصل اجتماع مسائي بعد انتهاء مراسم الاستقبال وعيد الاستقلال وحصول فترة الاستراحة للجميع وقد ينعقد الاجتماع في قصر بعبدا عند الساعة السادسة ويجري حوار بين رئيس الجمهورية والرئيس سعد الحريري من النقطة الأولى، منذ سفر الرئيس سعد الحريري الى وصوله الى لبنان والاجتماع مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وسيتم البحث في كل الأمور بمصارحة كاملة بين رئيس الجمهورية والرئيس الحريري.
 

 خطوط الاتصالات مفتوحة عربياًً ودولياً


وفي هذا الوقت، كانت الخطوط مفتوحة عربيا ودوليا، فالرئيس الفرنسي ماكرون اتصل بالرئيس الإيراني روحاني وتبادلوا الحوار في شأن الوضع في لبنان وضرورة إعادة الاستقرار اليه. 
كما ان الرئيس ميشال عون، تلقى اتصالاً من الرئيس السيسي  قبل استقباله الرئيس الحريري وبحث معه إعادة الاستقرار الى لبنان وإعادة التسوية ونزع فتيل الانفجار. 
كما ان معلومات ذكرت ان الرئيس السيسي بعد استقباله الرئيس سعد الحريري سيتصل بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للتشاور معه والتباحث في شأن الازمة اللبنانية وضرورة احياء التسوية من جديد في لبنان ومساعدة اللبنانيين على الخروج من الازمة ونزع فتيل أي فتنة في لبنان.
كما ان خطوط الاتصال كانت مفتوحة بين فرنسا وكافة الدول واتصل الرئيس الفرنسي ماكرون برئيس وزراء العدو الاسرائيلي نتنياهو وتباحث معه في شأن الوضع في لبنان.
 

 برقية ترامب لافتة: لبنان شريكاً


ويمكن القول ان الجو الدولي الأميركي والاوروبي والعربي حريص جدا على حصول التسوية في لبنان من جديد، وعدم حصول ازمة على الساحة اللبنانية، وبمناسبة عيد الاستقلال تلقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عشرات البرقيات من رؤساء دول العالم، لكن البارز في البرقيات كانت برقية رئيس الولايات المتحدة ترامب، الذي قال للرئيس ميشال عون ان الولايات المتحدة تعتبر لبنان شريكا لها، وانها تريد الحفاظ على الاستقرار فيه وعلى قيام المؤسسات وهي مستعدة لمساعدة لبنان في كل المجالات. 
وحملت برقية الرئيس الأميركي ترامب إشارات واضحة الى شراكة الولايات المتحدة مع لبنان واعتبار لبنان شريكاً لها وانها لن تتخلى عنه لان العبارات الواردة في البرقية تعبّر عن معاني كثيرة.
واذا كانت الخطوط مفتوحة بين باريس ومصر والرياض وايران وإسرائيل فان الخطوط مفتوحة بين القاهرة والرياض، وبين بيروت ومصر وبين بيروت وفرنسا، وامين عام الجامعة العربية السيد احمد أبو الغيط موجود في بيروت لمتابعة الأمور والسعي الى حصول التسوية. 
 

 كيف سيكون سيناريو الساعات القادمة في شأن الحل


البعض يتوقع سيناريو ان يزور الرئيس سعد الحريري قصر بعبدا ويجتمع بالرئيس ميشال عون ثم يخرج ويعلن عن مواقفه، ويقول هذا البعض اثر ذلك، سيعلن حزب الله موقفه ردا على الرئيس سعد الحريري، لكن العارفين في الأمور يقولون ان الأمور لن تجري بهذا الشكل بل ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيجتمع بالرئيس سعد الحريري مطوّلا ويبحثان سوية الوضع والاستقالة والتسوية. وسيقوم الرئيس العماد ميشال عون بالتواصل مع الرئيس نبيه بري وحزب الله والقيادات السياسية في لبنان، كما ان الرئيس سعد الحريري سيتواصل مع الرئيس نبيه بري والفاعليات السياسية في لبنان. وسيكون خط باريس من قبل الرئيس ماكرون على تواصل مع رئيس الجمهورية ومع الرئيس الحريري كي لا يتم اتخاذ وإعلان مواقف مفاجئة تؤدّي الى سقوط التسوية. 
كما ان ايران على تواصل مع حزب الله والرئيس روحاني ابلغ الرئيس الفرنسي حرص ايران على التسوية في لبنان واجراء الحوار.
وقد يتم عقد اجتماع ثلاثي لاحقا في قصر بعبدا، بين الرئيس عون والرئيس بري والرئيس الحريري يوم الخميس، لاستكمال التباحث في شأن الازمة في لبنان، اثر استقالة الرئيس سعد الحريري.
 

 عون قد يدعو القيادات كلها لطاولة الحوار


وقد يدعو رئيس الجمهورية العماد ميشال عون القيادات السياسية اللبنانية كلها الى قصر بعبدا لطاولة حوار والتباحث في حل الازمة. 
وقد قدم حزب الله إشارات واضحة الى السعودية والى الدول العربية في شأن مواقفه، فنفى كليا وجوده عسكريا في اليمن، واعلن انه مع انتهاء الحرب العراقية فسينسحب من العراق. 
وواقع الامر ان حزب الله هو مع التسوية السياسية في سوريا لكنه حارب التكفيريين وتنظيم داعش الوحشي الإرهابي. 
كما قال انه بالنسبة الى الداخل اللبناني، فحزب الله حريص على الحوار وعلى الحكومة وعلى الاستقرار في الساحة اللبنانية. فهل سيتجاوب الرئيس سعد الحريري مع هذه النقاط التي طرحها حزب الله.
 

 هل لدى الحريري حرية الحركة والقرار


والسؤال هو هل لدى الرئيس سعد الحريري حرية الحركة والقرار في لبنان واتخاذ المواقف دون مراجعة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ام سيكون على اتصال دائم مع الرياض ومع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لاطلاعه على المشاورات واتخاذ المواقف. 
كذلك فان الرئيس العماد ميشال عون سيكون على تواصل مع الرئيس الفرنسي ماكرون والرئيس المصري السيسي، كذلك فان الرئيس روحاني سيتواصل مع حزب الله في شأن الازمة. 
واذا كانت السعودية، وخاصة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مصر على عدم اشراك حزب الله في حكومة يترأسها الرئيس سعد الحريري، الا بعد مقايضة حزب الله بالخروج من كافة الدول العربية فان الامر سيكون معقدا وعندها ستستمر الازمة الحكومية وربما تزداد من ازمة حكومية الى كيفية تفعيل لبنان وتسيير اعمال الوزارات خاصة وان الاقتصاد اللبناني يتراجع مع ازدياد الازمة السياسية حدّة.
 

 الامور مفتوحة على كل الاتجاهات


والأمور مفتوحة على كل الاتجاهات، لكن من خلال الغطاء الدولي والعربي للاستقرار في لبنان يمكن القول ان التسوية ممكنة جدا. لكن الخطير في الامر ان يكون ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد الزم الرئيس سعد الحريري بخطوط معينة مثلما فعل الأمير محمد بن سلمان بحصار قطر وشنّ حرب على اليمن، وارسال التكفيريين من الخليج ودول إسلامية الى سوريا والعراق عبر تركيا ثم استدعاء الرئيس سعد الحريري والطلب اليه اعلان الاستقالة من الرياض، وبقاء الرئيس سعد الحريري أسبوعين في السعودية، الى ان جاء الرئيس الفرنسي ماكرون الى السعودية واجتمع مع محمد بن سلمان وتوصلت فرنسا الى إقناعه بسفر الرئيس الحريري الى فرنسا وعودته الى بيروت.

 

 

الجمهورية :

مع عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت ليلاً حيث توجّه من المطار الى ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري في حضور مدير مكتبه نادر الحريري، وقرأ الفاتحة عن روحه وأرواح رفاقه الشهداء وقال «شكراً للبنانيين»، من ثمّ عاد الى «بيت الوسط»، ازدحمت الساحة السياسية بوابلٍ مِن الأسئلة حول مصير استقالته وتالياً مصير الوضع الحكومي والخيارات التي يمكن اللجوء اليها حكومياً وعلى كلّ المستويات لإنجاز الاستحقاق النيابي في موعده، علّه بنتائجه يشكّل معبراً الى سلطة جديدة ينبغي ان تنقل البلاد الى واقعٍ جديد، بمعزل عمّا سيؤول إليه مصير الأزمات المشتعلة في المنطقة. وأجمعَت كلّ المعطيات والمعلومات التي توافرَت لـ»الجمهورية» حتى مساء امس على انّ الحريري سيؤكد استقالته في بيروت مشفوعةً بمجموعة لاءات ستشكّل عنوانَ تعاطيه وحلفاءَه مع الأفرقاء الآخرين في هذه المرحلة. وتؤكّد المعلومات انّ الحريري، وحسب ما تسرّبَ من اوساطه لن يقبل تكليفَه مجدداً تأليفَ حكومة جديدة في حال انتهَت الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة العتيد، وأكد مسؤول كبير لـ»الجمهورية» انّ رئيس الجمهورية ملزَم بالدعوة لهذه الاستشارات بمجرّد إصرار الحريري على الاستقالة وتخوّف من نشوء أزمة حكومية في البلاد ذات وجهين: الاوّل، إستنكاف الشخصيات السنّية ذات المواصفات الوازنة عن قبول التكليف، لاعتبارات داخلية وإقليمية، ترتبط بالأسباب والخلفيات التي انطوَت عليها استقالة الحريري. والثاني، وقوع البلاد تحت سلطةِ حكومة تصريف أعمال لا حول لها ولا طَول مع ما يمكن ان يَحول دون إجراء الانتخابات النيابية، مبكرةً أو في موعدها، خصوصاً انّ رئيس الجمهورية وأفرقاء آخرين بدأوا يُلمّحون في اتصالاتهم مع بعض عواصم القرار، وأمام بعض سفراء الدول الكبرى، إلى انّ هناك جهات محلية وخارجية تعمل على استيلاد مناخات لتعطيل إجراء الانتخابات، خصوصاً انّها قد لا تأتي بالنتائج التي تطمح إليها.

تحلّ الذكرى 74 للاستقلال هذه السنة في ظلّ وضعٍ غامض حيال مستقبل العلاقات السياسية بين مختلف الافرقاء السياسيين في ضوء استقالة الحريري ومصيرها، وبالتالي مصير الحكومة والحكم استطراداً، في موازاة ارتفاع حدة التوتر السعودي ـ الايراني والتهديدات الاميركية ـ الاسرائيلية. لكنّ لبنان يعوّل كثيراً على الوحدة الوطنية التي يشكّل العيد اليوم مناسبةً لانطلاقتها على أسسٍ جديدة تبقى رهنَ قدرةِ الحكم على خلقِ مناخات تسمح بها، وأبرزُها إبعاد لبنان عن النزاعات وسياسة المحاور...

برقيات تهنئة ومؤشّرات

ولاحظت مراجع سياسية متفائلة بتسويةٍ للوضع الحكومي، مؤشّرات الى تنشيط العلاقات اللبنانية ـ السعودية التي اعترَتها برودةٌ خلال الاسبوعين الاخيرين، وذلك في ضوء برقية خادِم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للتهنئة بالاستقلال، وكذلك برقيّة وليّ العهد الامير محمد بن سلمان التي تمنّى فيها «للحكومة والشعب اللبناني المزيدَ من التقدم والازدهار»، وذلك بعد مجيء السفير السعودي وليد اليعقوب الى لبنان.

وتوقّفَت هذه المراجع باهتمام كبيرعند الدورَين المصري والفرنسي لحلّ الأزمة المستجدة، عبر الدفع في اتّجاه معالجة اسباب استقالة الحريري وإعادة تطبيع الوضع الحكومي، فيَستمرّ الحريري على رأس الحكومة بما يُجنّب لبنان فراغاً حكومياً لأنّه قد يكون متعذّراً حصول اتّفاق بين الأفرقاء السياسيين على تأليف حكومة جديدة، خصوصاً إذا أصرّ البعض على أن لا تكون هذه الحكومة سياسية وتضمّ وزراءَ من التكنوقراط، أو سياسية ولا تضمّ كلّ المكوّنات السياسية.

وكذلك توقّفَت المراجع نفسُها عند تأكيد الرئيس الاميركي دونالد ترامب في برقيتيه الى عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري انّ لبنان «شريك قوي» للولايات المتحدة الاميركية «في مواجهة تهديد الارهاب والتطرّف العنيف». مؤكّداً وقوفَه «بثبات مع لبنان» ومواصلة «دعمِ جهود بلدِكم لحماية استقرار لبنان واستقلاله وسيادته».

عون

في هذا الوقت، أكّد عون في الرسالة التي وجّهها الى اللبنانيين عشيّة عيد الاستقلال أمس انّ «ما تلقّاه لبنان هو تداعيات الصدامات وشظايا الانفجارات ولا شيء ينفَع في معالجة التداعيات إنْ لم يقفل باب النزاعات، ولكنّه في كلّ الحالات لن ينصاع الى أيّ رأي أو نصيحة أو قرار يَدفعه في اتّجاه فتنة داخلية».

وقال: «تأتي الأزمة الحكومية الأخيرة والإشكالية التي أحاطتها، فصحيح أنّها عبَرت، إلّا أنّها قطعاً لم تكن قضيّة عابرة لأنّها شكّلت للحكم وللشعب اللبناني اختباراً صادماً وتحدّياً بحجم القضايا الوطنية الكبرى يستحيل إغفالها والسكوتُ عنها». وسأل: «هل كان يجوز التغاضي عن مسألة واجب وطنيّ فُرضَ علينا لاستعادة رئيس حكومتِنا إلى بلدِه لأداء ما يوجبه عليه الدستور والعرف استقالة أو عدمها وعلى أرض لبنان؟».

وتوجّه عون الى «الأشقّاء العرب»، قائلاً إنّ «التعاطي مع لبنان يحتاج الى كثير من الحكمة والتعقّل، وخلاف ذلك هو دفعٌ له في اتّجاه النار، وعلى الرغم من كلّ ما حصَل لا تزال آمالنا معقودة على جامعة الدول العربية بأن تتّخذ المبادرة انطلاقاً من مبادئ ميثاقِها وأهدافه وروحيته فتحفظ نفسَها والدولَ الأعضاء فيها، وتنقِذ إنسانَها وسيادتها واستقلالها».

الحريري عند السيسي

وعشية عودته الى بيروت حيث يقام له استقبال شعبي في «بيت الوسط» بعد ان يشارك في عرض الاستقلال وتقبّلِ التهانئ، انتقلَ الحريري من باريس الى القاهرة حيث اجرى محادثات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قصر الاتحادية تناوَلت آخرَ التطورات في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية.

وكان لافتاً استقبالُ السيسي الحريري بحرارةٍ عند مدخل القصر، وعقِد اجتماعٌ حضَره وزير الخارجية سامح شكري ومدير المخابرات خالد فوزي ومدير مكتب الرئيس المصري اللواء عباس كامل. وأعقبَ هذا الاجتماع خلوةٌ بين السيسي والحريري تلتها مأدبةُ عشاء تكريمية أقامها الرئيس المصري على شرف ضيفه.

وأفاد بيان أصدرَته الرئاسة المصرية أنّ السيسي شدّد خلال لقائه والحريري على ضرورة «توافقِ الأطراف» اللبنانية ورفضِ «التدخّل الأجنبي». وأكّد «دعمه الكامل للحفاظ على استقرار لبنان»، وطالب بضرورة «توافقِ جميع الأطراف اللبنانية في ما بينَها وإعلاء المصلحة الوطنية العليا للشعب اللبناني، ورفض مساعي التدخّل الأجنبي في الشؤون الداخلية للبنان».

الحريري

وبَعد اللقاء، شكرَ الحريري للرئيس المصري «استضافتَه لي في مصر والعشاء الذي أقامه، حيث كان لنا حديثٌ طويل مبنيّ على استقرار لبنان وضرورة أن يكون هناك في لبنان والمنطقة نأيٌ بالنفس عن كلّ السياسات الإقليمية».

وأضاف: «أشكر مِصر على دعمها وأشكر الرئيسَ السيسي على دعمه للبنان واستقراره، وإنْ شاء الله يكون عيد الاستقلال غداً (اليوم) في لبنان عيداً لجميع اللبنانيين. وكما قلت في باريس فإنّني سأعلن موقفي السياسي في لبنان، ولن أتحدّث الآن في السياسة».

وقد عرّج الحريري الى قبرص في طريق عودتِه من القاهرة الى بيروت حيث التقى الرئيس القبرصي نيكوس أناستسياديس وعرَض معه الأوضاع العامة وآخرَ التطورات في لبنان والمنطقة.

وفي هذه الأثناء تلقّى عون مساء أمس اتّصالاً هاتفياً من السيسي، وشكرَه على الاهتمام الذي أبداه في معالجة الأزمة التي نشأت بعد إعلان الحريري استقالته «وتمّ التأكيد خلال الاتصال على أهمّية المحافظة على الاستقرار السياسي والأمني في لبنان» .

مساعٍ فرنسية

وكانت الجهود قد انصبّت طوال الايام الثلاثة الماضية على خلقِ مناخ جديد وحلِّ الأزمة القائمة، وتولّت الديبلوماسية الفرنسية هذه المساعي، سواء من خلال الرئيس ايمانويل ماكرون شخصياً أو من خلال وزارة الخارجية وسفراء فرنسا في المنطقة، إضافةً الى الامم المتحدة والولايات المتحدة.

وعلمت «الجمهورية» من مصادر ديبلوماسية انّ الاتصال الذي أجراه ماكرون بنظيره الايراني الشيخ حسن روحاني «كان إيجابياً، لكنّ الجانب الفرنسي يريد ضمانَ المرشد الأعلى للثورة الاسلامية السيّد علي خامنئي الذي يمسِك بالقرار الايراني في المنطقة».

وقالت هذه المصادر إنّ السفير الفرنسي في طهران «تمكّنَ من الاطّلاع على الموقف الايراني الحقيقي وهو انّه لا يتدخّل في شؤون «حزب الله» وعلى الحزب ان يقرّر مدى ضرورة مشاركتِه في حروب المنطقة ضد الإرهاب أو الاكتفاء بالساحة اللبنانية ضد إسرائيل فقط».

وأضافت المصادر: «لكنّ الجانب الاميركي لم يثِق بالموقف الايراني هذا واعتبَره تنصّلاً من مسؤولية الضغط على «حزب الله» للانسحاب، على الأقلّ من اليمن، لكي تتمكّن المملكة العربية السعودية من القبول بعودة الحريري عن استقالته» .

وفي وقتٍ وصَف روحاني «حزب الله» بأنه «جزءٌ من الشعب اللبناني ويتّسِم بشعبية كبيرة للغاية وسلاحُه ذات طبيعة دفاعية فقط ويُستخدَم في الهجمات الاحتمالية على لبنان»، أملت فرنسا في أن يتخلى الحزب عن سلاحه وأن يلتزم بقرارات مجلس الأمن الدولي.

وقالت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية آنييس روماتيت أسبانييه، في بيان: «إنّ مطالب فرنسا في شأن «حزب الله» معروفة، نحن ننتظر من «حزب الله» أن يضع سلاحه جانباً وأن يتصرّف كحزب يحترم سيادة الدولة اللبنانية وفقاً لقرارات مجلس الأمن»، وأضافت: «الحفاظ على الاستقرار في لبنان يتطلّب أن ينأى «حزب الله» بنفسه عن التوتّرات في المنطقة».

وتابعَت: «في هذا الوضع الحسّاس نحن نكمِل سياستنا في الحوار مع جميع الأحزاب اللبنانية ونشَجّعها على الاتفاق على حسنِ سير عجَلة مؤسسات الدولة الذي يعَدّ عاملاً رئيسياً للاستقرار». واعتبرَت أنّ تدخّلَ «الحزب» في النزاع السوري «يمثّل أمراً خطيراً»، مذكّرةً بـ»ضرورة احترامِ أمنِ الخط الأزرق والحدود مع إسرائيل».

بوتين ـ الأسد

من جهةٍ ثانية، كان الحدث الإقليمي والدولي البارز القمّة الروسية ـ السورية المفاجئة في سوتشي أمس الاوّل بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشّار الأسد، والتي أُعلن عنها أمس وجاءت عقبَ إعلان المحور الروسي ـ الايراني ـ السوري، و«حزب الله» استطراداً انتهاءَ دولة «داعش»، بالانتصار عليها في مدينة البوكمال آخر معاقلها في سوريا.

وسبقَت هذه القمّة الثنائية القمّة الثلاثية الروسية ـ الايرانيةـ التركية المقررة في سوتشي اليوم للتحضير لحوار سوري ـ سوري لحلّ الأزمة السورية، كذلك جاءت قمّة بوتين ـ الأسد قبَيل انعقاد اجتماع المعارضة السورية في الرياض وسط سلسلة استقالات لكبار قادتها، ما حدا بمصدر ديبلوماسي عربي الى القول: «إنتظرنا سقوط النظام، فإذ بالمعارضة تسقط».

وتشير مجملُ هذه المعطيات الى انّ تسوية الأزمةِ السورية تنطلق من المعبَر الروسي، في وقتٍ لا تزال الولايات المتحدة الاميركية تُراهن على أنّ حصول هذه التسوية يتمّ في إطار مؤتمر جنيف الذي ترعاه وروسيا.

ويُنتظر أن يكون لهذه التطورات انعكاس معيّن، وربّما إيجابي، على الوضع اللبناني من زاويتين: الأولى، موضوع النازحين السوريين، حيث باتت عودتهم الآمنة متوافرة طالما إنّ النظام السوري يسيطر على 90 في المئة من المناطق السورية الآهلة.

والثانية، مصير دورِ «حزب الله» خارج الحدود اللبنانية، إذ إنّ انطلاق التسوية في سوريا يعني تراجُعَ المعارك العسكرية وبالتالي لا ضرورة لبقاء قوات غير سوريّة على أرض المعركة.

والواقع نفسُه بدأ ينطبق على العراق، حيث إنّ تطبيع الوضع فيه جعلَ دور «حزب الله» من الكماليات هناك، وهو أمرٌ ألمحَ إليه الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله امس الاوّل حين قال «إنّ العراق قد لا يعود يحتاج إلى قواتنا هناك».

مصادر بكركي
على صعيدٍ آخَر، أكّدت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» أنّ «البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي يتابع من الفاتيكان مجرَيات الأزمة اللبنانية، وهو على تنسيق مع الجميع». وأشارت إلى أنّ «الراعي لن يتوجّه الى باريس للقاء الرئيس الفرنسي قبل عودته الى لبنان، لكن لا شيء يَمنع حصولَ مِثل هذه الزيارة قريباً، خصوصاً أنّ التواصل بين بكركي وفرنسا مستمرّ ولم ينقطع يوماً».

 

 

اللواء :

الأهم في الاحتفال بعيد الاستقلال الـ74 اليوم، هو مشاركة الرئيس سعد الحريري، بصفته رئيساً لمجلس الوزراء في العرض العسكري الذي يقام في المناسبة بعد ان وصل في ساعة متأخرة من ليل أمس آتياً من القاهرة عبر قبرص حيث التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والقبرصي إيذاناً بأن «الأزمة الحكومية الأخيرة والاشكالية التي احاطتها، عبرت..»، كما جاء على لسان الرئيس ميشال عون في رسالة الاستقلال التي وجهها إلى اللبنانيين، وضعها سلسلة رسائل احداها «للأشقاء العرب» تدعوهم إلى التعاطي بكثير من الحكمة والتعقل، وعدم دفع لبنان باتجاه النار، مشدداً على ان الآمال ما تزال معقودة على جامعة الدول العربية، وثانيها للمجتمع الدولي ليصون استقرار لبنان، وثالثة للبنانيين لعدم السماح للفتنة ان تطل برأسها، فهي الدمار الشامل، ورابعها كانت للجيش والقوى الأمنية التي وصفها «حراس الوحدة الوطنية وحماة الحدود، ليكونوا جاهزين لأداء الواجب والوفاء بالقسم».
الرئيس الحريري، الذي وصل قبل منتصف الليل إلى العاصمة وانتقل من المطار مباشرة إلى ضريح والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري في وسط بيروت، لقراءة الفاتحة عن روحه، ثم الانتقال إلى «بيت الوسط» بعد غياب 18 يوماً كانت حافلة بالتكهنات والاخبار والاشاعات، ايذاناً بإنتهاء مرحلة سقطت معها «خرافة الاحتجاز» في المملكة العربية السعودية، فها هو في بيروت، يحمل التأكيد أن الرئيس الحريري غادر حراً إلى الرياض، وعاد منها حراً..
قرأ الرئيس الحريري عند منتصف الليل الفاتحة عن روح والده وعن أرواح شهداء 14 آذار، شاكراً اللبنانيين، ثم توجه إلى منزله في بيت الوسط، حيث غرد قائلاً عبر «تويتر»: «تاريخ اخوي يجمع أم الدنيا بلبنان» في إشارة إلى الزيارة التي قام بها إلى مصر.
الحريري في بيروت
وحرص الرئيس الحريري قبل عودته إلى بيروت على القيام بزيارة خاطفة إلى قبرص والتقى رئيسها نيكدس اناستسياديس، بعد زيارة القاهرة حيث التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في حضور وزير الخارجية سامح شكري ومدير المخابرات خالد فوزي ومدير مكتب السيسي اللواء عباس كامل، وتخلل اللقاء خلوة بين الرئيسين السيسي والحريري تبعها مائدة عشاء.
ومثلما فعل بعد لقائه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في قصر الاليزيه قبل ثلاثة أيام، لم يشأ الرئيس الحريري الحديث عن الأمور السياسية، مؤكداً ان موقفه السياسي سيعلنه في بيروت، لكنه أشار إلى انه كان له حديث طويل مع الرئيس المصري مبني على استقرار لبنان وضرورة ان يكون هناك في لبنان والمنطقة نأي بالنفس عن كل السياسات الإقليمية وشكر مصر على دعمها، وكذلك الرئيس السيسي على دعمه للبنان واستقراره، آملاً ان يكون عيد الاستقلال اليوم عيد لكل اللبنانيين.
ومن جهته أكّد الرئيس السيسي، حسب ما جاء في بيان صادر عن الرئاسة المصرية عقب اللقاء، على ضرورة توافق الأطراف اللبنانية، ورفض التدخل الأجنبي، مؤكداً على «دعمه الكامل للحفاظ على استقرار لبنان، مطالباً بضرورة قيام جميع الأطراف اللبنانية بالتوافق فيما بينها واعلاء المصلحة الوطنية العليا للشعب اللبناني، ورفض مساعي التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للبنان».
ولوحظ ان الرئيس السيسي أجرى في أثناء وجود الرئيس الحريري في مكتبه بقصر الاتحادية، اتصالاً بالرئيس عون، تمّ خلاله التداول في التطورات الراهنة.
وأوضح المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية ان الرئيس عون، شكر خلال الاتصال الرئيس المصري على الاهتمام الذي ابداه في معالجة الأزمة التي نشأت عن استقالة الرئيس الحريري، وتم التأكيد خلال الاتصال ايضا على أهمية المحافظة علىالاستقرار السياسي والأمني في لبنان.
وعكست عبارة الاستقرار السياسي احتمال ان يكون البحث على المستوى العربي والأوروبي وصل إلى إعادة تعديل التسوية الرئاسية تحت سقف التزام لبنان سياسة النأي بالنفس، في مقابل عودة الرئيس الحريري عن استقالته، وتعهد الدول المعنية بالنزاع الإقليمي عدم التدخل مجددا في الشؤون اللبنانية.
وفي هذا السياق نقلت مصادر عن مقربين من حزب الله عدم ممانعته بل اصراره على استمرار الحريري في ترؤس الحكومة الحالية، أو إعادة تكليفه مجددا في حال تمّ قبول الاستقالة.
ويفترض ان يتقرر هذا الأمر، في الاجتماع الذي سيجمع الرئيسين عون والحريري، بعد انتهاء الاحتفال بالاستقلال اليوم، وغدا، علما انه ستكون للرئيس الحريري استقبالات شعبية في باحة «بيت الوسط» ظهر اليوم.
وفي السياق أوضح مكتب الرئيس الفرنسي ماكرون انه أبلغ الرئيس الإيراني حسن روحاني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اتصالين هاتفيين بأن من الضروري إبقاء لبنان بعيدا عن الأزمة الإقليمية وانه حث دول المنطقة على العمل بشكل جماعي لتهدئة التوترات.
وأضاف مكتب الرئيس ان ماكرون أبلغ روحاني ونتنياهو ان فرنسا ملتزمة بالاتفاق النووي الذي وقعته طهران مع القوى العالمية في عام 2015 لكنه أوضح ضرورة بحث بعض القضايا الإقليمية وبرامج الصواريخ الباليستية بشكل منفصل.
رسالة عون
وكانت الأزمة الحكومية التي تولدت عن استقالة الرئيس الحريري، قد حضرت بقوة في رسالة الرئيس عون إلى اللبنانيين عشية عيد الاستقلال، سواء عبر الايحاءات أو الرسائل الثلاث التي وجهها إلى اللبنانيين، والدول العربية والمجتمع الدولي، خصوصا وانها أي الأزمة، شكلت بالنسبة للحكم أو للشعب اللبناني اختبارا صادماً وتحدياً بحجم القضايا الوطنية الكبرى يستحيل اغفاله أو السكوت عنها، بحسب تعبير الرئيس عون، الذي سأل ايضا عمّا إذا كان يحوز التغاضي عن واجب وطني فرض علينا لاستعادة رئيس حكومتنا إلى بلده لأداء ما يوجبه عليه الدستور والعرف، استقالة أو عدمها على أرض لبنان؟.. معتبرا ذلك بأنها «مسألة كرامة وطن وشعب أظهر حيالها تماسكا وطنيا فريدا، مؤكدا ان السيادة كل لا يتجزأ سواء على الأرض أو في السياستين الداخلية والخارجية».
وشدّد الرئيس عون على ان ما تلقاه لبنان هو تداعيات الصدامات وشظايا الانفجارات، معتبرا ان لا شيء ينفع في معالجة التداعيات ان لم يقفل باب النزاعات، لكنه في كل الحالات لن ينصاع إلى أي رأي أو نصيحة أو قرار يدفعه في اتجاه فتنة داخلية، مشددا على ان الوطن الذي حرّر أرضه من العدو الإسرائيلي والتكفيري ليس وطنا تسهل استباحته ما دام يعتصم بوحدته الداخلية.
وفي إشارة يمكن ان تكون عاملا مساعدا في إعادة احياء التسوية السياسية الرئاسية، أعاد الرئيس عون التذكير بخطاب القسم في «منع انتقال أي شرارة من النيران المشتعلة حولنا إلى الداخل اللبناني، والتأكيد على ضرورة ابتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية، والتزامه ميثاق جامعة الدول العربية وبشكل خاص المادة الثامنة منه، مشيرا إلى ان لبنان نأى بنفسه عن النزاعات العربية، ولكن للأسف الآخرين لم ينأوا بنفوسهم ولا بنفوذهم، موجها في هذا السياق ثلاث رسائل في آن، فدعا اللبنانيين الى ان لا يسمحوا للفتنة ان تطل برأسها بينهم لأنها الدمار الشامل الذي لا ينجو منه أحد، واصفاً الجيش والقوى الأمنية بأنهم «حراس الوحدة الوطنية وحماة الحدود».
وفي رسالته إلى الدول العربية، اعتبر عون ان التعاطي مع لبنان يحتاج إلى الكثير من الحكمة والتعقل، وخلاف ذلك دفع له باتجاه النار، داعياً جامعة الدول العربية إلى ان تتخذ المبادرة انطلاقاً من مبادئ وأهداف وروحية ميثاقها. كما دعا المجتمع الدولي إلى أن يصون الاستقرار في لبنان من خلال التطبيق الكامل للعدالة الدولية.
وتطرق إلى مواصلة اسرائيل انتهاكاتها لسيادة لبنان براً وبحراً وجواً، سائلاً: أليس أجدى أن تبادر الأسرة الدولية الى مقاربة جديدة تقوم على الحقوق والعدالة وحق الشعوب بتقرير مصيرها تعالج عبرها قضايا السلاح والتسلح والحروب؟
وفي ما يُمكن ان يكون أول تعليق على مواقف الرئيس عون، غرّد القائم بأعمال السفارة السعودية في لبنان وليد بخاري عبر تويتر، مستعيداً عبارة قالها الأمير خالد الفيصل في بيروت، قبل نحو عام، عندما أعلن: «اننا لا نريد لبنان ساحة خلاف عربي، بل ملتقى وفاق عربي».

 

الاخبار :

وأخيراً، عاد الرئيس سعد الحريري إلى بيروت، بعد احتجازه وإجباره على تقديم استقالته في المملكة العربية السّعودية، ثمّ انتقاله إلى باريس بوساطات عربية ودولية. وإذا كانت زيارة رئيس الحكومة إلى مصر في طريقه إلى بيروت للقاء الرئيس عبد الفتّاح السيسي مفهومة، بفعل الدور الذي قامت به مصر لإطلاق سراحه من الإقامة الجبرية في السعودية، فإن توقّفه للقاء سريع في قبرص ليل أمس مع الرئيس القبرصي نيكوس أناستسياديس بقي غير واضح المعالم.

إلّا أن مصدراً فرنسياً مطلعاً أكّد لـ«الأخبار» أن اجتماعاً عقد في الساعات الماضية بين السيسي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقي بعيداً من الأضواء، وتم خلاله الاتفاق على مبادرة مشتركة لمعالجة الوضع في لبنان. ورفض المصدر تأكيد أو نفي أن يكون الاجتماع عقد في قبرص، بعد زيارة خاطفة للرئيس الفرنسي للقاء نظيره المصري الذي زار نيقوسيا للمشاركة في قمة ثلاثية مع نظيريه اليوناني والقبرصي. وقال المصدر إن الرئيسين اتفقا على ثوابت أساسية، وهي منع جرّ لبنان إلى مواجهة سياسية تؤدي إلى تصعيد وتوتر أمني وسياسي واقتصادي. كما أكّدا تمسكهما ببقاء الحريري في رئاسة الحكومة. وبحسب المصدر، سيوفد ماكرون في اليومين المقبلين مساعداً بارزاً له إلى بيروت، للقاء الرؤساء الثلاثة وقيادات أخرى، للتركيز على ضرورة منع حصول فراغ حكومي، ولشرح طبيعة الاتصالات التي جرت مع الجانب السعودي. ولفت المصدر إلى أن ال