الرئيس عون سيجد نفسه في وضع لا يحسد ليس بسبب استقالة الحريري فحسب، بل لإتجاه جامعة الدول العربية إلى اتخاذ قرارات قوية ضد إيران
 

مع وصول رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى باريس للقاء الرئيس إيمانويل ماكرون اليوم، توقّع مصدر سياسي لبناني رفيع المستوى عودة الحريري إلى بيروت في غضون أيّام قليلة.

وكشف هذا المصدر نقلًا عن صحيفة "العرب اللندنية" أن وزير الداخلية نهاد المشنوق قابل رئيس الجمهورية ميشال عون أمس الجمعة ليؤكد له أن رئيس الوزراء المستقيل عائد إلى لبنان وذلك من أجل تقديم استقالته، وأوضح أن المشنوق أبلغ عون أن ما سيكون مطروحًا في المرحلة المقبلة هو البحث في مضمون بيان الاستقالة الذي تلاه الحريري من الرياض وتضمّن الأسباب التي دفعته إلى الاستقالة، وتأتي في مقدمة هذه الأسباب الهيمنة الإيرانية على لبنان ونشاطاتها في المنطقة عبر "حزب الله" الذي يمثل ذراعها اللبنانية.

وذكر المصدر أن عون أبدى استعداده لمناقشة مضمون بيان الاستقالة وذلك في إطار مسعى لتشكيل حكومة جديدة تجعل لبنان قادرا على المحافظة على الاستقرار النسبي الذي نعم به في السنوات القليلة الماضية، ونعم لبنان بهذا الاستقرار على الرغم من الأوضاع المضطربة في محيطه، خصوصًا في سوريا، ولاحظ المصدر السياسي الرفيع المستوى أن رئيس الجمهورية سيجد نفسه في وضع لا يحسد عليه وذلك ليس بسبب استقالة الحريري فحسب، بل بسبب اتجاه مجلس جامعة الدول العربية إلى اتخاذ قرارات قوية ضدّ إيران أيضا.

ومن المقرر أن يجتمع مجلس الجامعة، على مستوى وزراء الخارجية، غدا الأحد للبحث في النشاطات التخريبية لإيران في البلدان العربية، بما في ذلك دور حزب الله في اليمن وتدريبه الميليشيات الحوثية فيه.

وفي المقابل قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة إنه سيستقبل سعد الحريري في باريس اليوم كرئيس لوزراء لبنان، وأوضح ماكرون في حديث صحافي في ختام قمة أوروبية في مدينة غوتبورغ السويدية أن الحريري "ينوي، على ما أعتقد، العودة إلى بلاده في الأيام أو الأسابيع القادمة"، مشيرًا إلى أن "الأمر يعود إليه في الكشف عن أجندته، ولكن لا يساورني شك في ذلك".

ويرى متابعون للشأن اللبناني نقلًا عن "العرب اللندنية" أن التحرك الفرنسي لاستقبال الحريري كرئيس للوزراء سحب البساط من عون الذي حمل على السعودية بشكل يثير الاستغراب وبدا وكأنه مدفوع من أمين عام حزب الله حسن نصرالله لتصفية الحساب مع المملكة، وليس كرئيس لبناني يسعى عبر خطاب للطمأنة ونزع فتيل الخلاف ليساعد رئيس وزرائه على العودة والتراجع عن الاستقالة التي جاءت لتلفت نظر اللبنانيين إلى خطر سيطرة حزب الله ومن ورائه إيران على القرار الوطني اللبناني.

ويضيف المتابعون أن ما يثير الشكوك حول وجود حملة على السعودية تستثمر استقالة الحريري، أن الأمر لم يقف عند الرئيس عون، وأن وزيره للخارجية جبران باسيل لم تكن تعنيه عودة الحريري بالقدر الذي استثمر فيه تأخر عودة رئيس الوزراء لإطلاق تصريحات ضد السعودية.

وذكرت وكالة الإعلام الروسية أن وزير خارجية لبنان جبران باسيل قال في موسكو الجمعة إن سيادة بلاده ليست للبيع وإن لبنان سيرد على أي محاولة للتدخل للخارجي، وقال باسيل في تصريحات أخرى نقلتها محطات تلفزيونية محلية لبنانية إن الأزمة المتعلقة باستقالة الحريري هي جزء من “محاولة لخلق فوضى في المنطقة"، مستبعدًا مسألة ترحيل اللبنانيين العاملين في السعودية، مشيرًا إلى دورهم الفعال في العملية الاقتصادية للمملكة ودول الخليج. وقال إن "لبنان لديه القدرة بما يكفي لفعل ذلك في حال حدث".

ويعتقد مراقبون إنه إذا كانت أغلب الشخصيات اللبنانية تبحث عن تهدئة مع السعودية لتحييد بلادهم عن الصراع مع إيران، فإنه من الواضح أن وزير الخارجية اللبناني يدفع نحو التصعيد في أجندة فوق لبنانية.