الوسط السياسي اللبناني يشهد حالة ارتباك خاصة في صفوف الموالين لحزب الله باعتبار أن الاستقالة التي تقدم بها الحريري من شأنها أن تعري نشاطات الحزب وتدخلاته الإقليمية لفائدة إيران
 

أجرى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري خلال زيارته إلى مصر بمناسبة افتتاح مؤتمر شباب العالم بمدينة شرم الشيخ الأحد لقاء مطولا مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بشأن القرار المفاجئ للرئيس سعد الحريري بالاستقالة من رئاسة الحكومة اللبنانية، طالبا منه التدخل في هذه المسألة.

ويشهد الوسط السياسي اللبناني حالة ارتباك كبيرة خاصة في صفوف الموالين لحزب الله باعتبار أن الاستقالة التي تقدم بها الحريري من شأنها أن تعري نشاطات الحزب وتدخلاته الإقليمية لفائدة إيران، وقد ينتج عنها واقع جديد يقود لبنان نحو منزلق خطير.

وكان الحريري قد أعلن السبت ومن الرياض عن استقالته من الحكومة منتفضا بذلك على انتهاك إيران لسيادة لبنان وفرض وصايتها عليه قائلا إن “طهران تطاولت على سلطة الدولة وأنشأت دولة داخل الدولة وأصبحت لها الكلمة العليا”. واتهم حزب الله، المشارك في الحكومة، بـ”فرض أمر واقع بقوة سلاحه”.

وعقب اللقاء الذي جمع بين بري والرئيس السيسي قال الأخير إن بلاده ترفض مساعي التدخل في الشؤون الداخلية للبنان و”مهتمة بالحفاظ على أمن واستقرار لبنان، ووقوفها إلى جانبه ودعمه في مواجهة التحديات الراهنة”.

من جهته أعرب نبيه بري عن أمله في أن يفضي هذا اللقاء إلى حل الأزمة قائلا في هذا الصدد “رغم كل الصعوبات يفتح لقائي مع الرئيس السيسي بابا كبيرا للانفراج وآمل من أهلنا في لبنان تهدئة النفوس. كما آمل من الإعلام التحلى بالمسؤولية الوطنية والمهنية”.

وشدد بري على أهمية التوفيق بين مختلف القوى السياسية اللبنانية وإعلاء المصلحة الوطنية وتحقيق الاستقرار السياسي، شاكرا مصر على دورها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان، ووقوفها إلى جانبه ودعمه في مواجهة التحديات الراهنة.

وكان السيسي تلقى في وقت لاحق اتصالا هاتفيا من الرئيس اللبناني ميشال عون، بحثا فيه الأزمة اللبنانية الراهنة وناقشا ضرورة تحجيم تداعياتها السياسية.

وحملت الجلسة التي جمعت الرئيس المصري مع بري، والتي استمرت لأكثر من ساعة، رسائل عدة حول موقف مصر الرافض للتدخل الإيراني والمطالب بضرورة اتحاد الأطياف اللبنانية لدعم استقرار هذا البلد.

وقال أستاذ السياسة الدولية في الجامعة الأميركية بالقاهرة عصام حسين إن “تصريحات السيسي تنطوي على دلالة أن أكبر دولتين في المنطقة تدعمان الحريري وتقفان يدا بيد ضد محاولات إيران المتعاقبة لإشعال الفتن بالمنطقة وضم لبنان إلى العراق وسوريا”.

ولفت في تصريحاته لـ”العرب” إلى أن “بري كان قد قرر قطع زيارته المقررة مسبقا لمصر والعودة إلى لبنان فور معرفته باستقالة الحريري، ولكنه سرعان ما تراجع عن ذلك للقاء الرئيس المصري، واستطلاع الموقف الرسمي المصري مما يحدث”.

ويخشى البعض من تدهور الوضع اللبناني الهش، في ظل إصرار إيراني ترجمه كلام مستشار الرئيس الإيراني للسياسة الخارجية علي أكبر ولايتي خلال لقائه مع الحريري قبل ساعات من تقديم الأخير استقالته من أن لبنان جزء لا يتجزأ من نفوذ إيران.

وعلمت “العرب” أن القاهرة تبدي استعدادا ضمنيا للتحرك السياسي على خط الأزمة اللبنانية لمنع انفجار الموقف الإقليمي في مرحلة بالغة الحساسية، ويمكن أن تتجاوز تداعياتها حدود لبنان.