يتعامل الرئيس اللبناني ميشال عون مع استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري على أنها «معلّقة» بانتظار عودة الحريري إلى بيروت «للاستماع منه شخصيا لأسباب الاستقالة ودوافعها»؛ فلا هو قبلها، ولا رفضها، تاركا المجال مفتوحا أمام كل الاحتمالات، مما يلغي عمليا أي إمكانية في الوقت الحاضر للشروع في العملية الدستورية لاختيار رئيس جديد للحكومة، عبر الدعوة إلى استشارات نيابية لتسمية الرئيس الذي سيكلف تشكيل الحكومة الجديدة.
وقالت مصادر الرئيس عون لـ«الشرق الأوسط» إن «مصير الاستقالة لم يحسم لغاية الآن؛ لا سلبا ولا إيجابا، والرئيس عون ينتظر عودة الحريري للقائه والبحث في الموضوع، كما انتظار المواقف؛ من بينها (حزب الله)، ليبنى بعدها على الشيء مقتضاه، ومعرفة الصورة التي سترتسم في الساعات أو الأيام القليلة المقبلة».
وأوضحت مصادر قريبة من الرئيس عون لـ«الشرق الأوسط» أن الأولوية بالنسبة لعون الآن هي المحافظة على الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، وأنه قام، ولا يزال، باتصالات ولقاءات مع المعنيين بهذا الشأن، وأنه قد لمس تجاوبا وضمانات من مختلف الأطراف في هذا الإطار. وتشير إلى أن عون لديه حاليا 3 هواجس يسعى إلى تبديدها وتجنيب البلاد خضّاتها؛ الأول اقتصادي، والثاني أمني، والثالث سياسي - وطني. فاليوم صباحا سيكون لبنان على موعد مع افتتاح السوق المالية، وبالتالي لا بد من طمأنة السوق والناس على متانة الوضع النقدي والاقتصادي ومحاولة منع الضغوط على الليرة، مؤكدة في هذا المجال أنه لا خوف على الوضع النقدي، لكن الضغوط على المصرف المركزي قد تكون مزعجة. يمرّ لبنان بأزمة سياسيّة وحكوميّة تسببت باستفسارات حول مستقبل الليرة اللبنانية. وقد لاقى حاكم «مصرف لبنان»، عون في السعي إلى طمأنة الناس، بتأكيده في بيان أصدره على استقرار سعر صرف الليرة أمام الدولار الأميركي، عادّاً أن «هذا الاستقرار هو لمصلحة لبنان ويحظى بإجماع لبناني» وطمأن إلى أن «الإمكانات متوفّرة بفضل الهندسات والعمليات المالية الاستباقيّة التي أجراها (مصرف لبنان)، والتعاون قائم مع القطاع المصرفي بما هو لمصلحة لبنان واللبنانيين والاستقرار النقدي».
أما الهاجس الأمني، فهو يواجه بزيادة يقظة القوى الأمنية، التي تواصل عون مباشرة مع قادتها، مؤكدا على ضرورة الحذر واليقظة «من أي محاولة لهز الاستقرار». وقد بثت هذه الأجهزة بيانات منفصلة عن الجيش وقوى الأمن الداخلي وجهاز الأمن العام تأكيدا على متانة الوضع الأمني. أما الشق الثالث فيتعلق بـ«الوحدة الوطنية» التي شدد عون في اتصالاته مع مختلف القيادات اللبنانية على ضرورة أن يساهم كل منهم في التأكيد عليها وحمايتها بصفتها من الأولويات الأساسية في لبنان.
وتلقى الرئيس عون اتصالا هاتفيا من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أطلعه على نتائج لقائه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كما تداول معه في التطورات التي نتجت عن إعلان الرئيس الحريري استقالة الحكومة. واتصل الرئيس عون بالرئيس المصري وبحث معه المستجدات الراهنة. ونقل بيان رسمي لبناني عن الرئيس المصري «وقوف جمهورية مصر العربية إلى جانب لبنان رئيسا وشعبا، ودعمها لسيادة لبنان وسلامة أراضيه ووحدة شعبه».
كذلك، أجرى الرئيس عون اتصالا بالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين واستعرض معه الأوضاع الراهنة؛ حيث أكد العاهل الأردني - وفق بيان الرئاسة اللبنانية - «دعم بلاده لوحدة اللبنانيين ووفاقهم الوطني وكل ما يحفظ استقرار لبنان».