الحكومة اللبنانية تقرّ الموازنة مع خروقات للدستور

 

المستقبل :

نحو موازنة العام 2018 تدور بوصلة العمل الحكومي بدءاً من الأسبوع المقبل على الطريق نحو إعادة الروح والانتظام إلى هيلكية مالية الدولة، بعدما نجح تضافر الجهود التنفيذية والتشريعية في وقف الاستنزاف المزمن للإنفاق خارج الإطار الدستوري والقانوني على مدى 12 عاماً، مع طي صفحة موازنة العام 2017 أمس من خلال إقرارها في مجلس النواب بأكثرية 61 صوتاً مقابل معارضة 4 نواب وامتناع 8 عن التصويت، على أن تتولى وزارة المالية إنجاز «قطع الحساب» خلال مهلة سنة. وتجديداً للعهد في استكمال «مسيرة بناء الدولة والمؤسسات»، شكلت الذكرى الخامسة لاغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن «الأخ والرفيق» في هذه المسيرة، مناسبةً لتأكيد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري «إكمال الطريق لإحقاق الحق وقيام الدولة»، معاهداً الشهداء وذويهم بملاحقة القتلة «الجبناء» بقوله إثر زيارته ضريح اللواء الشهيد ومرافقه أحمد صهيون: «لن ننسى هذه القضية بل سنحملها حتى النهاية، فمن اغتال رفيق الحريري أو وسام الحسن هم جبناء ارتكبوا هذه الجريمة للنيل من هذين الرجلين اللذين قدما الكثير للبلد، فيما هم يريدون للبنان أن يخسر».

وفي حديثه الى الصحافيين، لفت الحريري إلى أنّ الشهيد الحسن كان بالنسبة إليه «أخاً وخسارته على الصعيد الشخصي كانت كبيرة جداً، لكنها أيضاً خسارة أكبر على الصعيد الوطني لأنه كان رجل القرار الذي عمل فعلاً لحماية لبنان من كل ما يحدق به من أخطار»، متوجهاً بالعزاء إلى «عائلة اللواء الشهيد وأبنائه وزوجته ووالديه وأخوته» وسط تجديده التأكيد على كون الخسارة كبيرة جداً «للبنان ككل».

مجلس الوزراء

واليوم يستأنف مجلس الوزراء دورة عمله الإنتاجية تفعيلاً لعجلة الدولة ومؤسساتها، فيعقد جلسة في قصر بعبدا على جدول أعمالها 60 بنداً تتمحور حول مشاريع وملفات حيوية واقتصادية وإنمائية ومعيشية كشفت «المستقبل» النقاب عنها في عددها أمس، لتعود أمانة مجلس الوزراء خلال الساعات الأخيرة إلى إلحاق بنود أخرى بالجدول يتناول أبرزها إقرار سلة تعيينات تنعش المستشفيات الحكومية. وأوضحت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنه سيُصار خلال جلسة اليوم إلى تعيين رؤساء وأعضاء مجالس إدارات ومديرين ومفوضي الحكومة في 7 مستشفيات حكومية ستكون حصة النساء فيها 30% حسبما أصرّ رئيس مجلس الوزراء أثناء تحضير وزارة الصحة لإنجاز هذه التعيينات. 

وإذ نوهت بهذا الإنجاز الجديد لكون المواقع التي سيتم ملؤها في هذه المستشفيات الحكومية كانت شاغرة منذ سنوات عدة وبعضها استمر الشغور فيها منذ العام 2003 بسبب الخلافات والنزاعات السياسية، كشفت المصادر أنّ التعيينات ستشمل مستشفيات بيروت (الكرنتينا)، طرابلس، فتوح كسروان، سبلين، الياس الهراوي، صيدا وجزين.

 

الديار :

«ولدت» الموازنة العامة بعد 12 سنة انقطاع، لكن الجلسة العامة لمجلس النواب اطاحت بـ42 اجتماعا للجنة المال النيابية وطارت كل الاقتراحات بتوفير مبالغ طائلة على المالية العامة، بعد ان نجحت مزايدات النواب في تخفيض الوفر من الف مليار ليرة الى نحو 160 مليار فقط، وقد صوت  61نائبا على الموازنة و4 ضد وامتنع 8 نواب عن التصويت... وفيما يعقد مجلس الوزراء اليوم في بعبدا وعلى جدول اعماله مناقصة التفكك الحراري الخاص بموضوع النفايات، ومسألة استدراج العروض في ملف الكهرباء، وتعيينات لمديرين في المستشفيات الحكومية، يبدو ان زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون الى طهران قد وضعت على «نار حامية»، فيما كشفت معلومات ديبلوماسية في بيروت عن «سخط» سعودي من الحلفاء في لبنان بعد نتائج مخيبة لاجتماعات حصلت في بيروت وفي المملكة، وهو ما عبر عنه وزير شؤون الخليج ثامر السبهان بوصفهم «بالجبناء»..
وفي هذا السياق يعد حضور وزير الدولة السعودي برفقة مبعوث الرئيس الأميركي للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش بريت ماكجورك الى بلدة عين عرب السورية بريف الرقة، الظهور العلني الأول لمسؤول سعودي في منطقة تقع تحت سيطرة المسلحين الأكراد في سوريا، ومن خلاله وجهت الرياض «رسائل» متعددة الاتجاهات الى تركيا وايران وروسيا، الا ان «الرسالة» اللبنانية الاهم التي تفسر الكثير من الحراك السعودي الاخير على الساحة اللبنانية كانت في وصف السبهان حلفاء المملكة اللبنانيين «بالجبناء» بعد لقاءات عقدها معهم في بيروت وزيارة بعضهم الى السعودية...هذا الوصف تداولته اوساط ديبلوماسية في بيروت نقلا عن رئيس الاتحاد الديموقراطي الكردي في سوريا صالح مسلم الذي رافق عدداً من المحيطين به السبهان خلال زيارته الاخيرة...
ووفقا لتلك الاوساط، جرى نقاش بين المسؤولين الكرد في «قسد» والسبهان حيال طبيعة التعاون على الساحة السورية في المرحلة المقبلة، وبعد ان استعرض الوزير السعودي ما يمكن ان تقدمه المملكة من مساعدات «سخية» في مرحلة ما بعد «داعش»، مستوضحا خيارات قوات سوريا الديموقراطية في سوريا الجديدة، توجه الى محدثيه بالقول «نحن في المملكة نعرف كم ان الشعب الكردي يملك من الشجاعة لمواجهة الاخطار، ونعرف ايضا انكم لن تخذلونا كما خذلنا البعض من حلفائنا سواء القطريين الذين شقوا الصف الخليجي وارتموا في «الحضن» الايراني او بعض اللبنانيين «الجبناء» الذين يتقاعسون في مواجهة حزب الله «الذراع» الايرانية في المنطقة...
هذه الجملة التي كانت جزءا من نقاش طويل لاستكشاف حدود الدور السعودي في مناطق الاكراد، تؤكد تلك الاوساط ان السبهان قالها «بانفعال»، وهي تأتي على خلفية فشل وزير الدولة لشؤون الخليج في تحفيز من التقاهم من حلفاء في بيروت ومن دعتهم المملكة الى السعودية لمواجهة جديدة مع حزب الله على الساحة اللبنانية، ووفقا لتقاطع المعلومات من اكثر من مصدر عليم بما حصل مع رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل خلال زيارتهما الاخيرة الى المملكة، فإن المسؤولين السعوديين اصيبوا «بخيبة أمل» ازاء ما سمعوه من الرجلين، مع العلم ان تمايزا مقصودا حصل بينهما منذ وصولهما الى ارض المطار، حيث تولى وفد من الاستخبارات السعودية مرافقة جعجع الى مكان اقامته، فيما تولت التشريفات الخاصة بالديوان الملكي السعودي ترتيبات استقبال الجميل...
 

 

 

 الجميل ـ جعجع «وخيبة الامل»


ووفقا لتلك الاوساط، فان الاجواء التي نقلها رئيس حزب الكتائب الى والده الرئيس امين الجميل وعدد من المستشارين عن طبيعة الزيارة عكست «واقعية» متناهية في مقاربة الملف اللبناني وخصوصا طبيعة العلاقة مع حزب الله، وكان الجميل صريحا بقوله ان عدم موافقته على الكثير من سياسات الحزب على الساحة اللبنانية وخارجها شيء، والانتقال الى مواجهة مفتوحة معه شيء آخر، مؤكدا انه جزء من النسيج الاجتماعي اللبناني والذهاب بعيدا في مواجهته ستعني حكما حربا اهلية لا قدرة لاحد من «خصومه» على القيام بها، فضلا عن عدم وجود رغبة بذلك... وفهم السعوديون ان ما يقوم به حزب الكتائب الان هو الحد الاقصى الممكن، خصوصا ان الجميل لم يحصل على اجابة واضحة حول موقف رئيس الحكومة سعد الحريري من مسألة «التصعيد»، وعن استعداده للتخلي عن رئاسة الحكومة، والذهاب الى المجهول؟
في المقابل، لم يكن جعجع مرتاحا في بداية المحادثات، كما ابلغ المحيطين به في بيروت عندما عقد معهم «جلسة» تقويم للزيارة بعد عودته الى بيروت، فـ «الحكيم» فوجىء باتهامات سعودية له بالمسؤولية عن انتخاب الرئيس ميشال عون رئيسا، وقيل له انه هو من حشر الرئيس الحريري في «الزاوية» واجبره على الذهاب الى هذا الخيار، عندما وقع تفاهم معراب مع التيار الوطني الحر وتبنى ترشيح رئيسه الذي لم يوفر فرصة حتى الآن لتأكيد انتمائه الى «المعسكر الايراني»... طبعا رفض جعجع هذه الاتهامات وقدم عرضا لتلك المرحلة منتقدا اداء رئيس الحكومة الذي عمل من وراء «ظهر الجميع» وذهب لمفاوضة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، واضعا حلفاءه امام الامر الواقع، مؤكدا ان الحريري هو من وضعه في «الزاوية» واضطره الى اتخاذ القرار بدعم «الجنرال»...
وحيال تفعيل المواجهة مع حزب الله، لم يبد جعجع اي حماسة في هذا الملف، واخبر من التقاهم في بيروت انه شرح بشكل واضح للسعوديين الاختلال الكبير في موازين القوى على الساحة اللبنانية بعد ان تحول الحزب الى قوة اقليمية تتجاوز قدرة اي طرف لبناني على مواجهته، منبها السعوديين الى مسالة شديدة الاهمية تتعلق بعلاقة المؤسسة العسكرية مع حزب الله، ولفت الى ان ما يجب ان تعرفه المملكة ان العلاقة بين الطرفين تجاوزت مرحلة التنسيق الى التكامل، ولا تظن ان في اي مرحلة من المراحل يمكن تحييد الجيش او اعتباره جزءاً من منظومة معادية لحزب الله... وانتهى النقاش عند هذه الحدود وتوصل السعوديون الى خلاصة مفادها عدم وجود استعداد من قبل الحلفاء المسيحيين لتجاوز حدود سياسة الاعتراض الحالية ضد الحزب، في وقت كان «الشغل الشاغل» للجميل وجعجع تحقيق نتائج وازنة على الساحة المسيحية في الانتخابات النيابية المقبلة.. وهذا ربما ما يفسر نعتهم من قبل السبهان «بالجبناء» خصوصا ان هذه الاجواء لم تختلف عن استنتاجاته التي توصل اليها خلال زيارته الاخيرة الى بيروت..
 

 الحريري ـ جنبلاط وترقب النتائج...


في هذ الوقت تؤكد اوساط سياسية بارزة دقة هذه المعلومات، وتشير الى ان رئيس الحكومة سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط كانا يترقبان نتائج هذه اللقاءات في السعودية، وهما عبرا بشكل منفصل عن ارتياحهما الى موقفي الجميل وجعجع، لانهما رفعا عنهما الحرج ازاء المطالب السعودية، ومن الواضح ان الرجلين لا يرغبان ايضا بأي تصعيد داخلي، فجنبلاط يتحلى بواقعية متناهية تصل الى حدود التنسيق في الكثير من الملفات الحيوية مع الحزب، ولا يرغب ابدا بعودة العلاقات الى مرحلة التوترات، وكذلك يدرك الرئيس الحريري حدود القدرة لديه في ظل ازمته في الساحة السنية، وبقائه على رأس الحكومة احد المكاسب التي لا يريد خسارتها... وفي هذا السياق تؤكد تلك الاوساط ان رئيس مجلس النواب نبيه بري «لعب» دورا محوريا في زيادة الاطمانان لدى الحريري وجنبلاط خلال اللقاء الثلاثي الاخير في كليمونصو، وعمل على طريقته في «احتواء» الرجلين بعد ان بلغه وجود نوع من «التوتر» بعد خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي تحدث فيه عن «قطع يد» كل من ستمتد يده الى لبنان...
 

 نائب الرئيس الايراني الى بيروت


في هذه الاثناء تعمل السفارة الايرانية في بيروت على اتمام الاجراءات اللوجستية والبروتوكولية لزيارة مرتقبة سيقوم بها النائب الأول للرئيس الإيراني إسحق جهانغيري، الى بيروت منتصف الشهر المقبل، على رأس وفد رفيع المستوى للقاء المسؤولين اللبنانيين وفي مقدمهم رئيس الجمهورية ميشال عون،  لبحث سبل تطوير العلاقات الثنائية، وكذلك التطورات المتسارعة في المنطقة، إلى جانب العلاقات الثنائية، ومن المرتقب ان يرافق جهانغيري في هذه الزيارة عدد من الوزراء ورئيس البنك المركزي الإيراني...ووفقا لتلك الاوساط، فان الوفد الايراني لديه توجيهات من اعلى المراجع السياسية في طهران بتقديم كل ما يحتاجه اليه لبنان من خبرات ايرانية في جميع المجالات الاقتصادية وكذلك العسكرية حيث من المرتقب ان تجدد الجمهورية الاسلامية عرضها للمساعدة في تقديم ما يحتاجه اليه الجيش من معدات عسكرية، كما سيحمل جهانغيري دعوة لرئيس الجمهورية لزيارة الجمهورية الاسلامية الايرانية، ومن المرتقب ان لا تتاخر تلك الزيارة بعد ان اصبحت كل ظروفها ناضجة، كما تؤكد تلك الاوساط التي أشارت الى ان طهران ليست في صدد ممارسة اي ضغوط على الرئاسة الاولى استعجالا لتلك الزيارة، فالثقة مطلقة بالرئيس عون ومسألة التوقيت تبقى رهنا لتقديراته، لكن الايرانيين باتوا في اجواء تفيد بأن تلك الزيارة لن تتأخر كثيرا وستتم في اقرب موعد ممكن بعد زيارة جهانغيري الذي سيكون ارفع مسؤول ايراني يزور لبنان منذ سنوات... 
 

 توقيف خلية ارهابية


في غضون ذلك تمكنت المديرية العامة لأمن الدولة من توقيف خلية في منطقة حاصبيا، تتألف من 10 اشخاص اربعة منهم عناصر تنفيذية، كانوا يرصدون مواقع استراتيجية تمهيدا لتنفيذ عمليات تفجيرية في لبنان. ووفقا للمعلومات، فان بعض العناصر لا يزالون متوارين ويجري تعقبهم لالقاء القبض عليهم، ولم يكن بالامكان تأجيل عملية توقيف هذه المجموعة بعد ان دخلت اعمالها في «مرحلة تنفيذية»...
واعترف الرأس المدبر للخلية بأنه انشأ مجموعات مؤيدة لداعش على شبكات التواصل الاجتماعي، ونشر تعليمات وصورا حول كيفية صناعة الاحزمة ناسفة والالغام، فضلا عن الترويج لبيانات تحريضية مذهبية، واخرى موجهة ضد رئيس الجمهورية والجيش اللبناني، وتواصله مع عناصر ارهابية داخل مخيم عين الحلوة وفي سوريا والعراق، وذلك بعد انهيار داعش في مدينة الرقة السورية. واعترف الراس المدبر للخلية انه رصد مراكز لحزب الله من اجل استهدافها، وكان يرغب في استهداف كازينو لبنان ومناطق سياحية اخرى... وكذلك كانت قوات الطوارىء الدولية على لائحة الاهداف..

 

 

الجمهورية :

وأخيراً أقِرّت موازنة مالية سنوية للدولة للمرّة الأولى منذ العام 2006، وإنْ كانت لسنة 2017 التي تنصرم، ولكن السؤال هل ستقَرّ موازنة 2018، أم سيعود المعنيون سيرتهم الأولى ليتّخذوا أرقام موازنة 2017 للإنفاق على القاعدة الاثني عشرية، لتجنّبِ انفجار صاعق قطع الحساب الذي يتمّ تهريبه مع كلّ حديث عن دفعِ موازنة لئلّا يتسبّب بانفجار لغم مبلغ الـ11 مليار دولار الضائعة منذ العام 2006؟. وعلمَت «الجمهورية» أنّ رئيس الحكومة سعد الحريري سيدعو مجلس الوزراء الى جلسات متتالية لمناقشة موازنة سنة 2018 أيام الثلثاء والاربعاء والخميس من الاسبوع المقبل، على ان يدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسات تشريعية لمناقشتها وإقرارها في مهلة أقصاها شهراً. ويرى المراقبون انّ موازنة 2018 ستكون المحكّ، بل امتحان صدق النيات لجهة تأمين الانتظام المالي العام للدولة لجهة ضبطِ وارداتها ونفقاتها وترشيد الإنفاق وتحفيز النمو وتنشيط عجَلة الاقتصاد وتشجيع الاستثمار وضبطِ الهدر في المال العام ووقفِ سلفات الخزينة التي تشكّل أحد أبواب هذا الهدر غير المباشرة، ففي حال لم تقَرّ هذه الموازنة خلال المهلة القانونية والدستورية التي تنتهي في 31 كانون الاوّل المقبل، أو حتى في دورة تشريعية استثنائية تفتح لهذه الغاية مطلع السنة الجديدة، فإنّ ذلك سيعني انّ بعض القوى والجهات السياسية المتهمة بالتورّط بالهدر والفساد تريد الإمعان في الهروب الى الامام وخوضَ الانتخابات النيابية بعيداً من «قطع الحساب» الذي بات كأنّه «قطع أعناق» في السياسة، خصوصاً أنه يمكن ان يكشفَ مصير المليارات الـ11 من الدولارات التي يريد اللبنانيون أن يعرفوا أين تبخّرت، خصوصاً إذا صحّ ما يقال من أنّه تمّ التصرّف بها من دون قيود في الإدارات المختصة تدلّ الى المجالات التي أنفِقت فيها.

على وقعِ مليارات العجز التي تتراكم، أقرّ مجلس النواب مساء أمس موازنة 2017، بأكثرية 61 صوتاً، ومعارضة 4 أصوات وامتنَع 8 نواب عن التصويت، وذلك بعد نقاش واسع في بنودها، وجاءت إنجازاً فارغاً، خصوصاً أنّ أرقامها قد صُرفت مع بلوغ السنة نهاياتها، وتمّ خلال النقاش سحبُ البند المتعلق بتسوية مخالفات البناء، وإحالتُه إلى اللجان لدرسه خلال مدة شهر. فيما طالب نواب الكتائب بتسجيل اعتراضهم وتحفّظهم عن إقرار الموازنة من دون «قطع الحساب».

قراءة اقتصادية

بعيداً من القراءة السياسية ولعبة عضّ الاصابع، تُظهر القراءة الاقتصادية لهذه الموازنة هشاشة الوضع المالي في البلاد. وعلى رغم كل ما قيل عن وفرٍ تحقّق بفضل مراجعة لجنة المال والموازنة للقانون، يتبين انّ العجز السنوي يقترب من نحو 5 مليارات من الدولارات، وهو رقم اكثر من مُقلق على المستوى المالي.

ويأتي هذا العجز على رغم الوفر الحقيقي الذي تحقَّق جرّاء انخفاض اسعار النفط، وتراجُع حجم الدعم المالي لشراء الطاقة لمصلحة كهرباء لبنان بنحو 800 مليون دولار.

وإلى ذلك، ليس واضحاً في الارقام ما إذا كانت الواردات الاستثنائية التي دخلت الى الخزينة جراء الارباح الاستثنائية على الهندسات المالية التي أجراها مصرف لبنان، قد تمّ تقييدها في باب الواردات، وهي تقدَّر بنحو 800 مليون دولار أيضاً. بما يعني انّ هناك وفراً يناهز الـ1600 مليون دولار.

وعلى رغم ذلك، وصل العجز الى رقم قياسي. وهذا يعني ايضاً، انّ الايرادات ستخسر في السنة المقبلة مبلغ 800 مليون دولار الذي جنته جراء الضرائب على ارباح الهندسات المالية، وبالتالي، سيكون خفض العجز، او حتى الحفاظ على مستواه الحالي، ضرباً من الخيال. ومع احتساب الزيادة التي ستطرأ على خدمة الدين العام بسبب نموّه السنوي بنسبة 8%، يمكن القول إنّ الأزمة تزداد تعقيداً مع الوقت.

البواخر

وعشية جلسةِ مجلس الوزراء التي تعقَد اليوم في قصر بعبدا وتبحَث في عرض وزارة الطاقة والمياه لمحضر لجنة المناقصات لتلزيم استدراج عروض لاستقدام معامل توليد الكهرباء وفق إطار اعمال تحويل الطاقة، بدت المناقشات التي شهدها مجلس النواب على مدى الايام الثلاثة المنصرمة وكأنها تمهّد لجلسة مجلس الوزراء اليوم، الذي سيستعرض تقرير لجنة فضّ عروض معامل توليد الكهرباء وفق إطار أعمال تحويل الطاقة.

وفيما دعا بري إلى حصر التلزيمات بإدارة المناقصات، وتساءَل نواب عن الهدر والفساد وعجزِ كهرباء لبنان ودعوا إلى تقليصه مع انخفاض أسعار النفط، يصِرّ وزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل على التحرر من ضوابطها. ويتساءل رئيس الحكومة عمّا إذا كان عليه أن يترك الناس بلا كهرباء، وذلك بالتزامن مع وعد وزير الطاقة والمياه من رشميا بتأمينها في أسرع وقت وبأفضل تكلفة، بعد أن نجَح في مصادرة خيار البر، في محاولة للعودة إلى البواخر، على الرغم من ثبوت فشلِ دفتر الشروط في تأمين منافسة جدّية.

وفيما أعلن وزير المال علي حسن خليل أنّ مجموع ما دفع من المالية ابتداءً من 2005 بلغ ستة عشر الف مليار ليرة، دعا النائب ياسين جابر إلى إفساح المجال للقطاع الخاص ليساهم في معالجة مشكلة الحاجة إلى طاقة إضافية. واستغرَب النائب سامي الجميّل أن تذهب الحكومة في اتجاه استئجار بواخر بتكلفة تفوق بكثير كلفة بناء المعامل.

من المتوقع أن يطلب وزير الطاقة والمياه، خلال جلسة مجلس الوزراء اليوم، الموافقةَ على تكليف إدارة المناقصات استكمالَ مستندات عروض معامل الكهرباء غير المقبولة، في محاولةٍ جديدة لتغطية العرض الوحيد للشركة التركية، الذي بقيَ عارضاً وحيداً مرّتين، على الرغم من فشلِ المحاولات المتعددة لإمرار دفتر شروط التلزيم الذي تمّت هندسته على قياس الشركة التركية، والتي تمّ ضبطها في إدارة المناقصات وإعادتها للمرة الثانية إلى المربّع الأول.

وقال احدُ الوزراء لـ«الجمهورية» انّه سيطرح امام مجلس الوزراء اليوم صرفَ النظر نهائياً عن المشروع، نظراً للانتقادات الجوهرية التي اكّدت عدم جدواه الاقتصادية والمالية وارتفاع تكلفة الاستئجار مقارنةً بتكلفة إنشاء المعامل.

«القوات»

الى ذلك، أكّدت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» رفضَها فتحَ العرضِ الوحيد، وتشديدَها على الأخذ بكامل ملاحظات إدارة المناقصات وبالمسار القانوني وإعداد دفتر شروط جديد يصار على أساسه إلى إطلاق مسار المناقصات مجدّداً.»

وفي سياق آخر قالت المصادر «إنّ زيارة أيّ وزير سوري إلى لبنان ستكون مجرّد زيارة سياحية واستفزازية لشريحة واسعة من اللبنانيين تستغرب الإمعان في تجاهل الأحكام القضائية في حقّ النظام السوري المتّهَم بتفجير المسجدين ومتفجّرات ميشال سماحة، كذلك هي سعيٌ من هذا النظام الى تفجير لبنان في محاولة يائسة للعودة إليه».

وأضافت: «لن يكون للزيارة ايّ مفاعيل قانونية، والحكومة لن توافقَ على ايّ اتفاق يتمّ توقيعه، بل تَعتبر الزيارة خرقاً خطيراً للتسوية السياسية، وإصراراً على إثارة الملفات الخلافية التي كان قد تمّ الاتفاق على تحييدها».

ورأت «أنّ الهدف من الزيارة إمرار التطبيع مع النظام السوري خلافاً لإرادة لبنان الرسمي والشعبي، كذلك خلافاً لإرادة الجامعة العربية، في محاولةٍ لسلخِ لبنان عن عمقِه، الأمر الذي لن يتحقّق، والأطرافُ الساعية إلى التطبيع ستتحمل مسؤولية ضربِ الاستقرار السياسي». وختمت: «التطبيع لن يمرّ».

عودة النازحين

ولم يحُلِ الانشغال بمناقشة الموازنة دون الاهتمام بملفّ عودة النازحين السوريين الى بلادهم. إذ بلغ تحرّكُ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في شأنه مرحلةً متقدمة لجهةِ وضعِ المجتمع الدولي امام مسؤولياته، الّا انّ هذا التحرّك لم يترافق مع تجاوبِِ حكومي بعد، إذ لوحِظ انّ رئيس الحكومة لم يدعُ اللجنة الوزارية المكلفة شؤونَ النازحين الى الانعقاد بعد.

وفي حين لفتَ غياب وزير شؤون النازحين معين المرعبي عن اجتماع عون مع سفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي قبل ايام، تبيّن انّ هذا الغياب ليس ناجماً من رغبة رئيس الجمهورية في عدم دعوة المرعبي، بل هو ناجمٌ من مواقف الحريري واستطراداً المرعبي المناقِضة للموقف الرئاسي حيال معالجة ملفّ النازحين.

وعلمت «الجمهورية» من مصادر مواكبة انّ السفراء رفعوا تقارير الى دولهم متضمّنةً طلبَ عون البدءَ بإعادة النازحين الى مناطق آمنة داخل سوريا، لكنّهم ارفقوها بالإشارة الى التباين الحاصل بين رئيسي الجمهورية والحكومة حول هذا الموضوع، علماً انّ الحريري كان قد جدّد من الفاتيكان موقفَه القائل «إنّ الحديث عن إجبار النازحين على العودة أمرٌ غير وارد». واعتبرَت المصادر «أنّ هذه الثغرة، يمكن المجتمع الدولي ان يستغلّها بعدم اتّخاذ قرارٍ حاسم حيال موضوع النازحين.

ولذلك، حريّ برئيس الجمهورية ان يسدّ هذه الثغرة عبر دعوة رئيس الحكومة الى اجتماع لتوحيد رؤية لبنان حيال النازحين، إذ إنّ كلّ هذه الجهود قد تذهب سدىً إذا لم يتحقّق موقف لبناني موحّد يُفرض على المجتمع الدولي، ويضعه أمام الأمر الواقع، بل أمام الواقع اللبناني المأسوي بسبب ثقلِ النزوح السوري على الاراضي اللبنانية».

روسيا وإسرائيل و«الحزب»

على صعيد آخر، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اللبنانيين إلى «التحرّك نحو التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن 1559»، مذكّراً بـ«ما يشكّله من التزام دولي على الحكومة اللبنانية لنزع سلاح «حزب الله» وبقيّة المجموعات المسلحة»، وقال في تقريره نِصفِ السنوي إلى مجلس الأمن عن تطبيق القرار 1559 إنّ «مشاركة «حزب الله» ومجموعات لبنانية أخرى في النزاع في سوريا خرقٌ للقرار الدولي ولإعلان بعبدا وسياسة «النأي بالنفس»، وتشكّل خطراً على استقرار لبنان».

وكشَفت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» انّ لبنان حضَر بقوّة في محادثات وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في اسرائيل، من زاوية سلاح «حزب الله» في لبنان ودوره في سوريا .

وقالت هذه المصادر: «إنّ المسؤولين الاسرائيليين أبلغوا الى شويغو، أنّ اسرائيل لن تُميّز في ايّ مواجهة مقبلة بين دولة لبنان و«حزب لله»، وأنّ الاتصالات التي أجرتها لم تؤدِّ الى نتيجة على صعيد لجمِ «حزب الله» وايران، وقد ابلغت الى الادارة الاميركية أنّها اخَذت بنصيحتها في العام 2006 بعدم المزجِ بين الجيش اللبناني و«حزب الله»، لكنّ هذا التمييز لن يُحترَم اذا حصلت ايّ مواجهة».

وأوضحت انّ شويغو «طلب من اسرائيل ان تحاولَ ضبط النفسِ لأنّ تمدُّد ايران و«حزب الله» لا بدّ من ان ينتهي بنحوٍ او بآخر حين تنتهي المعارك في سوريا. الّا انّ المسؤولين الاسرائيليين خالفوا الوزير الروسي اعتقادَه وأبلغوا اليه انّ لديهم تقارير استخباراتية تؤكد انّ دورَ ايران والحزب سيتضاعف بعد انتهاء القتال في سوريا، وأنّ هذا الامر هو هاجس إسرائيل الأوّل في الوقت الحاضر».

ولفتت المصادر الى انّ «روسيا تأخذ تهديدات اسرائيل على محمل الجدّ، والدليلُ الى ذلك، انّ شويغو يزورها للمرة الاولى على رغم انّه وزير دفاع منذ عام 2012».

واكّدت «انّ المسؤولين الاسرائيليين لم يكونوا مرتاحين الى نتائج المفاوضات لأنّ روسيا، وإن كانت تتفهّم الهواجسَ والمخاوف الاسرائيلية، فإنّها تريد ان تحافظ على التوازن في علاقتها مع سوريا وايران، خصوصاً أنّ موسكو تحتاج في المرحلة الحالية الى الدعم البشري الايراني في سوريا».

ولفتت المصادر الى «أنّ الامر الوحيد الذي اسفرَت عنه المحادثات الروسية ـ الاسرائيلية هو وعدٌ إسرائيلي بإعطاء فرصة جديدة للمفاوضات السلمية السياسية، وتأكيد روسي على العمل على ضمان منطقة آمنة لإسرائيل على حدودها مع لبنان».

وكانت صحيفة «جيروزاليم بوست» قد ذكرَت قبل ايام بأنّ شويغو أبلغ الى تل أبيب «موافقة» موسكو توسيعَ المنطقة العازلة عند الحدود السورية ـ الإسرائيلية. ونسَبت الى ديبلوماسي إسرائيلي قوله «إنّ موسكو رفضَت طلب إسرائيل بإنشاء منطقة عازلة بطول 40 كلم، لكنّها أعربَت عن نيتِها بتوسيعها إلى ما بين 10 إلى 15 كلم».

 

 

اللواء :

بتأييد أقل من نصف عدد أعضاء المجلس النيابي (61 نائباً) وامتناع 8 نواب، ورفض 4 نواب، أقرّت موازنة العام 2017، بعد نقاشات مالية، واعتراضات، وانسحابات وإثارة نقاط دستورية، أبرزها تمرير الموازنة من دون قطع الحساب، الذي يتصل بعمل الحكومة من خلال التأكيد من المصاريف التي تتم على أساس الموازنة السابقة، وهذا في صلب العمل الرقابي.

ومن المتوقع ان يحتدم الجدل الدستوري حول ما إذا كان مجلس النواب عدّل مادة دستورية، أو علّق العمل بها من قبل الحد المطلوب للتعديل الدستوري، الذي له اصوله الاجرائية والعددية، فضلاً عن مخالفته الصريحة للمادة 87 من الدستور.

وإذا كانت المواقف تتراوح بين اعتبار إقرار الموازنة أكثر إيجابية من عدم اقرارها وانها تمهّد للانطلاق بموازنة العام 2018، التي أعلن الرئيس سعد الحريري ان الحكومة ستنجزها في الأيام القليلة المقبلة، فإن معلومات لم تحسم ليل أمس، تحدثت عن اتجاه لدى بعض النواب للمراجعة امام المجلس الدستوري بعد نشر قانون الموازنة.

الموازنة بالمناداة

تلافياً لاحتمال الطعن به، على غرار ما حصل مع قانون ضرائب سلسلة الرتب والرواتب، أقرّ المجلس النيابي مشروع قانون موازنة العام 2017 بالمناداة على أسماء النواب الحاضرين، الذين لم يكن يتجاوز عددهم عند التصويت الـ73 نائباً، فنال موافقة 61 نائباً ومعارضة 4 نواب وامتناع 8 نواب هم نواب «حزب الله» والرئيس نجيب ميقاتي وانطوان زهرا، فيما طالب نواب الكتائب الثلاثة الذين كانوا حاضرين وعارضوا المشروع مع النائب بطرس حرب تسجيل تحفظهم عن إقرار الموازنة من دون قطع الحساب الذي كان أقرّ ليل أمس الأوّل مشروع الحكومة بهذا الصدد بما يعني تعليق العمل بالمادة 87 من الدستور مؤقتاً ولمدة تتراوح بين ستة أشهر وسنة.

وجاء إقرار الموازنة للمرة الأولى في لبنان منذ 12 عاماً بعد ثلاث جلسات متواصلة وعلى مدى ثلاثة أيام صباحاً ومساءً، تخللتها مداخلات لـ35 نائباً، وردين مفصلين من الرئيس سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل، قبل ان تغرق الهيئة العامة في نقاش تشريعي وتفصيلي لمواد مشروع القانون مادة مادة، استغرق نحواً من 7 ساعات متواصلة كان نجمها الرئيس فؤاد السنيورة، صباحاً ومساء خرج بعدها القانون مثخناً بالتعديلات والاضافات على أرقام النفقات والواردات، بحيث ذهبت التخفيضات التي ادخلتها لجنة المال والموازنة والمقدرة بنحو 1004 مليارات ليرة، ادراج الرياح، ما دفع رئيسها النائب ابراهيم كنعان الى القول: «يبدو ان لكل جمعية ملائكتها ولكل وزارة من ينصرها»، في حين اعتبر زميله النائب حسن فضل الله ان مداولات 4 أشهر في لجنة المال ذهبت هباءً وطارت بفعل التنفيعات والمحاصصات.

ومع ذلك، فقد أصرّ كنعان على تضمين موازنة العام 2018 التخفيضات على الاحتياطي والجمعيات وابعاد قوانين الضرائب والبرامج من متن الموازنة، متحدثاً عن اتفاق على هذا الشأن مع الرئيس برّي والوزير خليل، منوّهاً بأنه حافظ على وفر الاتصالات بـ155 مليار ليرة.

وكان جرى نقاش مستفيض حول موازنة وزارة الاتصالات بعد اعتراض عدد من النواب ومنهم الوزير مروان حمادة والنواب بطرس حرب وحسن فضل الله وياسين جابر على السلفة الكبيرة المعطاة للوزارة وعلى تكليف شركة او شركتين احتكار تنفيذ مشروع تمديد شبكة «الفيبر اوبتيك» لتوسعة الهاتف الثابت والانترنت من دون اجراء مناقصة واستدراج عروض، بل تم الامر بقرار وزاري غطاه رئيس الحكومة.

واشارت معلومات احد المعترضين الى ان بعض الشركات التي كانت راغبة بالاشتراك في مشروع تمديد الشبكة تقدمت بشكوى امام مجلس شورى الدولة وقد تربحها. وتقرر في نهاية النقاش إنتظار قرار مجلس الشورى من اجل تهدئة اعتراضات النواب، لكن جرى تخفيض سلفة وزارة الاتصالات لتمويل المشروع من 150مليار ليرة الى النصف تقريباً.

ومثل هذا النقاش جرى أيضاً حول موظفي برنامج الأمم المتحدة للتنمية UNDP، وايجارات الأبنية الحكومية، ولا سيما مبنى «الاسكوا»، فضلاً عن المدارس المجانية والجمعيات الأهلية.

واعتبر الرئيس برّي خلال هذا النقاش المالي، ان ما يجري هو نوع من ترقيع الأمور، داعياً إلى ان تكون أكثر جدية في موازنة العام المقبل.

وقال: هذه الحكومة هي حكومة المجلس، لذلك أي باب يأتيك منه الريح سده وأستريح، فلنذهب إلى دائرة المناقصات عند أي تلزيم.

وإذ لم يسجل في الجلسات أي احتكاك أو سجال شهدت الجلسة المسائية حالة اعتراض قام بها وزير شؤون النازحين معين المرعبي بسبب عدم إقرار 50 مليار ليرة لموضوع الاستملاكات في عكار وكذلك بعلبك الهرمل وقد وصل الأمر إلى حدّ خروجه من الجلسة معترضاً على ترك الأمر للموازنة المقبلة، لكنه عاد في وقت لاحق وصافح الرئيسين برّي والحريري وقبلهما.

اما الرئيس الحريري، فقد حرص بعد الانتهاء من إقرار الموازنة على لقاء الصحافيين في بهو المجلس وتحدث إليهم مهنئاً اللبنانيين على الإنجاز الكبير الذي تحقق بعد 12 عاماً بإقرار الموازنة بالتعاون مع المجلس النيابي ومع الرئيس برّي الذي كانت له اليد الطولى في هذا الإنجاز، وقال: كانت هناك بعض الخلافات في وجهات النظر وهذه هي الديمقراطية، فخلال 12 سنة صحيح ارتكبت مخالفات دستورية لأنه لم تكن هناك موازنة، والبعض تبجح بأن عدم إقرار قطع الحساب مخالفة وهذا صحيح، ولكن أيضاً عدم إقرار الموازنة مخالفة دستورية.

اضاف: ليس لدينا عصا سحرية، ولكن التوافق السياسي الموجود يصحح الأخطاء التي كانت تقع فيها الدولة، مؤكداً ان الحكومة تقوم بجهود لمكافحة الفساد ووقف الهدر، ومن يتحدث عن الهدر والفساد هو نفسه كان مشاركاً في حكومات سابقة فماذا فعل لوقف الهدر ومحاربة الفساد؟

وجدّد التأكيد بأننا نحاول التسريع في وضع الدولة على المسار الصحيح.

 

 

بدوره وزير المال علي حسن خليل وصف ما حصل الإنجاز الحقيقي الذي يعيدنا إلى مرحلة الانتظام المالي، وقال: سنعمل على إقرار موازنة العام المقبل في الموعد الدستوري وسنبدأ بتحديد جلسات نقاش في مجلس الوزراء لهذه الغاية.

تعيينات في مجلس الوزراء

من ناحية ثانية، وزّع أمس على الوزراء ملحق لجدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد عصر اليوم في القصر الجمهوري، يتضمن مجموعة مراسيم لتعيين أعضاء مجلس إدارة لمستشفيات حكومية في بيروت وطرابلس وصيدا وزحلة وجزين وفتوح كسروان وسبلين، خلال السنوات الثلاث المقبلة.

وبحسب هذه المراسيم، فقد توزعت التعيينات على الشكل الآتي:

{ مستشفى بيروت الحكومي - الكرنتينا.

- ميشال حنا مطر رئيساً لمجلس الإدارة.

- الدكتور جورج إبراهيم الكعدي، الدكتور نقولا نصري رباط، الدكتور كريكور بيدرو ناجريان، والمحامي محمّد محمود يموت، أعضاء. بالإضافة إلى الصيدلية ديانا نبيل شربل مفوضا للحكومة، والسيدة كارين صقر مديرة عامة لمستشفى بيروت.

{ مستشفى طرابلس الحكومي:

- الدكتور محمّد فواز عمر حلاب رئيساً لمجلس الإدارة.

- الدكتور عمر أحمد رضوان مولوي والمحامي محمود سعيد أم هاني، الدكتور مصطفى محمّد إسماعيل الأيوبي، الدكتور إيمان عبد السلام البابا والدكتور عمر فايز البيطار (اعضاء) بالإضافة إلى تعيين جمال خالدعبدو مفوضا للحكومة، وناصر يوسف كنعان عدرا مديرا عاما.

{ مستشفى صيدا الحكومي:

- الدكتور أحمد إسماعيل المهدي رئيسا لمجلس الإدارة (ومدير).

- الدكتور أحمد علي حسن موسى، السيدة منى مصطفى ترياقي، الدكتور رفيق يوسف كنعان والمحاسبة سهى عبد القادر عنتر (اعضاء).

بالإضافة إلى تعيين الدكتور حسن نمر علوية مفوضا للحكومة.

{ مستشفى زحلة الحكومي (مستشفى الرئيس الياس الهراوي).

- الدكتور نقولا معكرون رئيسا لمجلس الإدارة.

- المحاسبة كريستين الياس سبانغ، المحامي موسى الياس إبراهيم، الدكتور زين الدين علي السيّد والدكتور عبد الله موسى (اعضاء) بالإضافة إلى تعيين الدكتور غسّان ندرة زلاقط مفوضا للحكومة والدكتور سامي خطار أبو رجيلي مديرا عاما.

{ مستشفى جزّين الحكومي:

- الدكتور جوزف طانيوس المعروف بانطوان الكسرواني رئيسا لمجلس الإدارة (ومدير).

- الدكتور يوسف خليل ناصر، والمحامي روني جرجي عون (عضوين)، بالإضافة إلى تعيين الدكتورة ماريز انطوان كرم مفوضا للحكومة.

{ مستشفى فتوح كسروان الحكومي - البوار.

- الدكتور اندره منصور قزيلي رئيسا لمجلس الإدارة (ومدير).

- المحاسبة كوليت توفيق عطاالله، الدكتور رضوان نقولا ناضر، الدكتور جيزيل جوزف نادر، الصيدلي كريستيان سمعان لطيف (اعضاء)، بالإضافة إلى تعيين الدكتور ناظم اميل متى مفوضا للحكومة.

{ مستشفى سبلين الحكومي:

- الدكتور غنوة خليل الدقدوقي رئيسا لمجلس الإدارة، الدكتور أحمد الصغير، الدكتور فاطمة إبراهيم الحاج، الدكتور ناجي جوزف القزي والدكتور فادي سليمان (اعضاء).

بالإضافة إلى تعيين الدكتور يونس حمزة مفوضا للحكومة، ولينا راضي نجم مديراً.

ويناقش مجلس الوزراء، الى ذلك جدول اعماله المؤلف من ٦٠ بنداً من بينها: طلب الموافقة على اجراء دراسة حول مستقبل لبنان الاقتصادي للسنوات الخمس المقبلة تحت عنوان «هوية لبنان الاقتصادية والاجراءات الكفيلة لتحقيقها» وتكليف وزير الاقتصاد والتجارة التفاوض مع شركة «ماكينزي» للاستشارات لهذه الغاية. ومن المفروض ان تعطي الحكومة هذه الشركة توجهاتها الاقتصادية وهي تضع الدراسة حول تفاصيل الخطة وكيفية تنفيذها.

 وقد اثار هذا الموضوع تحفظ عدد من الوزراء في اللجنة الوزارية الاقتصادية التي بحثت الخطة الاقتصادية للحكومة، مفضلين لو انه تمت الاستعانة بخبرات وكفايات لبنانية اقتصادية وهي موجودة بدل تكليف الحكومة اعباء مالية نتيجة تكليف هذه الشركة الاجنبية إجراء الدراسة، مشيرين الى ان هذه الشركة ستستعين هي بدورها باختصايين لبنانيين لإعداد هذه الدراسة.وقديشهد هذا البند نقاشا مستفيضا خلال عرض تفاصيل الموضوع حوله قبل اتخاذ قرار تكليف الشركة.

 ورحبت المصادر الوزارية بإدراج ملف التلزيم العائد لمناقصة التفكك الحراري وتحويل النفايات الى طاقة، الذي اعدّه الاستشاري»رامبول»، وفي البند الذي يليه مباشرة ويتضمن عرض وزارة البيئة لسياسة الادارة المتكاملة للنفايات المنزلية واجراءات إنفاذ السياسة المقترحة لهذه الغاية، معتبرة ان تلزيم ملف النفايات امر ايجابي ويبشّر ببدءمرحلة معالجة ازمة النفايات.لكنها ابدت مخاوف «من حصول مفاجآت كما يحصل عادة» تؤجل الموضوع.

اما بالنسبة إلى موضوع معامل الكهرباء، والمطروح ايضا على الجلسة، فقد أوضح وزير الطاقة سيزار أبي خليل لـ «اللواء» انه رفع إلى مجلس الوزراء تقرير إدارة المناقصات عن نتيجة فض عروض شركات استجرار الكهرباء التي لم ترس على أي شركة الا التركية. وقال انا منفتح على النقاش في مجلس الوزراء لأي قرار سيتخذ والمهم ان نجد حلا لمشكلة الكهرباء.

وأوضح أبي خليل ان المناقصة هي واحدة لتأمين الكهرباء سواء في البحر أو إنشاء معامل في البر، لكن بما ان البحر مجاني ومتاح ذهبنا إلى بواخر توليد الطاقة ولا مانع من إنشاء معامل في البر إذا وجدنا الأرض لذلك، لافتا إلى اننا بحاجة إلى 800 ميغاوات، ولا يهم كيف نؤمنها سواء عبر البحر أم بمعامل في البر.

وقالت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن جلسة مجلس الوزراء تشكل اختبارا لما ساد الجو السياسي في أعقاب المواقف التي أطلقت مؤخرا. ولفتت المصادر إلى أن أصداء جلسات مجلس النواب ستتردد في الجلسة، موضحة ان ما من احد راغب في زعزعة الحكومة، لكن ذلك لا يمنع الأطراف من التعبير عن مواقفها.

وأفادت أن الرئيس ميشال عون سيضع المجتمعين في أجواء لقائه مع السفراء الخمسة والموقف من قضية النازحين السوريين. وكشف وزير الإعلام ملحم الرياضي انه سيعيد طرح ملف تلفزيون لبنان لجهة تقاضي الموظفين رواتبهم، علماً ان الرئيس الحريري كان أعلن خلال جلسة إقرار الموازنة أمس ان تعيين مجلس إدارة تلفزيون لبنان قد يتم اليوم أو في الجلسة التي تلي.

وسيتطرق مجلس الوزراء إلى زيارة الرئيس ميشال عون إلى كل من إيران وإيطاليا وإلى الكويت المقررة في 5 ت2 المقبل.