حزب الله يخشى من حرب مقبلة بعد العقوبات
 

لطالما كانت العقوبات الإقتصادية أهم أداة من أدوات السياسة الخارجية الأميركية لمعاقبة كل من تعتبره أميركا مصدر تهديد لمصالحها ومصالح حلفائها في العالم.
وشكلت هذه العقوبات عاملا مهما في تغيير سلوكيات بعض الأنظمة حول العالم ودفعها لتقديم تنازلات لأميركا في أكثر من قضية.
ولعل ما حصل بين أميركا وإيران حول الإتفاق النووي الإيراني يعتبر أهم مثال على جدية وقوة هذه العقوبات على عكس ما تحاول إيران وحلفائها في المنطقة إظهاره بأن لا قيمة فعلية لها.
فمن بنود الإتفاق النووي أن ترفع أميركا  العقوبات عن طهران مقابل تنازلات تقدم عليها إيران، والسؤال المهم هنا لماذا تطالب إيران برفع العقوبات وهي تعتبر هذه العقوبات من دون جدوى ؟ ولماذا برر الرئيس حسن روحاني الإتفاق النووي للداخل الإيراني بالضرورات الإقتصادية التي تبيح محظورات التنازل في الإتفاق النووي ؟
إذا، فهذه العقوبات لا تزال الوسيلة الأفضل والفعالة للولايات المتحدة الأميركية التي تجنبها خوض الحروب والمعارك أو تضعف الأنظمة المعادية لها فتسقطها  عسكريا بسهولة لاحقا  كما حصل مع نظام صدام حسين في العراق.
أما فيما يخص حزب الله فإن قصة العقوبات عليه قديمة قدم تأسيسه وهي رافقته منذ نشأته ، لذلك يكرر الخطاب الإعلامي لحزب الله دائما أن هذه العقوبات لا تنفع معنا والدليل أننا لا زلنا موجودين في الساحات.
بالطبع يحاول حزب الله إستغباء جمهوره بالدرجة الأولى بهذه الحكايات لأن الهدف من العقوبات الأميركية في الأساس ليست إنهاء كيان معين أو إزالته من الوجود بل إضعافه أو دفعه لتغيير سلوك معين في قضية ما وهذا ما يحصل مع الحزب بالتحديد ولو أن الهدف إنهاء حزب الله لما تطلب الأمر أكثر من ضربة عسكرية أميركية حاسمة تنهي وجوده كون لأميركا أعداء أقوى من حزب الله وأزالتهم من الوجود كنظامي صدام حسين وطالبان.
ويدرك الحزب هذا الموضوع جيدا لكنه يجيد إستثمار أي خطر عليه أو إحراج لصالحه فيطل دائما الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ليكرر أن العقوبات لن تضرنا بشيء.

إقرا أيضا: حزب الله يستكمل هيمنته على البلد

لكن في خطابه بالأمس إعترف نصر الله لأول مرة أن هذه العقوبات ستلحق ضررا بحزب الله لكنه بسيط وقال أن حزب الله لا يمانع من أن تأخذ الدولة اللبنانية أي إجراء لتجنب أثر العقوبات عليها .
ماذا يعني هذا الكلام ؟
يعني أن الحزب تخلى عن سياسة تعميم المشكلة لتهوينها إلى سياسة تقبل الواقع والتفكير في إيجاد وسائل لحماية نفسه خصوصا أن حزمة العقوبات الأخيرة قاسية جدا وسيتبعها بالطبع عقوبات أقسى وأشد في حال تعرقلت التسويات بالمنطقة فهذه العقوبات ستطال كل من يمول حزب الله أو يتعاطى معه بالشأن المالي وكان من المرجح أن تطال حلفائه المسيحيين  والشيعة مباشرة كنص عليهم في القانون إلا أنهم إستطاعوا تقديم ضمانات للأميركيين في الزيارات المتكررة إلى أميركا بأنهم سيبتعدون ماليا عن حزب الله ومن هنا كلام نصر الله أنه لن يمانع في إتخاذ الدولة أي إجراءات لحماية نفسها ويعرف أن الدولة اليوم تضم معظم حلفائه.
أما بالسياسة فتأتي هذه العقوبات مع الحديث عن أفكار يتم تداولها لتحالف دولي ضد حزب الله شبيه بالتحالف ضد داعش، هنا تأتي أهمية التوقيت كتمهيد إضافي لعزل حزب الله عن أقرب المقربين له وبعدها تأتي الضربة الحاسمة.
هذه الضربة ستكون مستبعدة في حال قرأ حزب الله جيدا المتغيرات وعرف كيف يخفف من وتيرة تدخلاته في المنطقة والعودة إلى حجمه المحلي كي لا يتحول الضرر البسيط الذي تحدث عنه نصر الله إلى ضرر كبير وخطير.