ألمانيا مدينة مونستر ١٠-١٢ سبتمبر ٢٠١٧م المؤتمر الدولي لجمعية سانت إيجيدو
 

 

- بعد فشل القوى السياسية المتصدية للسلطة .. والفساد الذي نخر الجسد العراقي من اقصاه الى اقصاه ماليا واداريا مما دعى المرجعية العليا لغلق بابها بوجه السياسين في بداية عام 2010 .. وأبدت توجيهها بالاصلاحات بدأ بمؤسساتهم ومكاتبهم .. وهذا لم يحصل ووصل الفساد بدأ من الخدمات والصحة، للمؤسسة العسكرية ونتائجه سقوط الموصل من كبريات المدن العراقية.
الفساد في العراق أخطر من الأرهاب ويؤدي للمزيد من العنف والكراهية
 

- المرجعية الدينية في الحوزة العلمية في النجف الأشرف تؤمن بالتعايش السلمي بين ابناء المذاهب الاسلامية من سنة وشيعة .. وبينهم وبين ابناء الاديان الاخرى وقد اصّلت ذلك بمنهج عملي يبتعد عن الشكليات غير المنتجة لحساب المضمون الذي يكرس ثقافة التقارب والتحابب والتعايش.
 
- الايمان بأن التعدد الديني والمذهبي امر واقع لا مناص منه واقتضته المشيئة الالهية، فالتعايش السلمي ضرورة يفرضها الواقع وحقائق التاريخ وينبغي معرفة كيفية التعامل الايجابي البناء مع التعددية بما يصون المجتمع المتعدد الانتماءات من الصراع واستخدام العنف والمطلوب التعامل بعقلانية وواقعية وعدالة مع التعددية...اذن التعددية بحد ذاتها ليست مشكل بل شيء إيجابي لرفد المجتمع ثقافيا وعلميا واقتصاديا ولكن الأزمة تكمن في عدم ادارة التنوع بشكل صحيح.
 
- ان من حق صاحب كل فكر ان يدافع عنه ويحاول اقناع الاخرين به بإقامة الدليل عليه واتباع الاسلوب العلمي في اثبات احقيته من وجهة نظره، ولكن من دون المساس بكرامة من يخالفه في الفكر وجرح مشاعره والاساءة الى مقدساته بما قد يؤدي الى الاخلال بالتعايش السلمي بين ابناء الوطن الواحد، فليس المطلوب ان يكف اهل الحق عن بيان ما هو الحق وما هو الباطل ولكن لابد من إتباع الاسلوب الصحيح في ذلك والابتعاد عما يثير الكراهية والبغضاء بين الناس.
الدعوة الى عيش مشترك والتعايش السلمي والسلم الأهلي  وأدنى حد منه عدم التعدي والتجاوز بسب وهتك مقدسات ورموز الآخرين وترك الكلمات النابية الخشنة والتعرض لهم بل استعمال كل الأدب والاحترام والتعاون على القواسم المشتركة التي هي كثيرة جدا.
وهذا مبدأ واضح وصريح من تعاليم أئمة أهل البيت عليهم السلام لشيعتهم.
 

- ان من الامور الخطيرة التي اريقت بسببه الكثير من الدماء البريئة هو تكفير الاخر لمجرد المخالفة في بعض القضايا العقدية وما يتبع ذلك من تأويل للنصوص على غير ما هو المراد الحقيقي منها خصوصا التي حفظت وصانت المجتمع في دماء ابنائه واعراضه وامواله.
 
- ان الوعي لما تفرضه المصالح العليا للمجتمع الإنساني والمصالح الوطنية العامة هي اهم بكثير من المصالح الضيقة (التي يتصورها البعض انها مصالح للمذهب والطائفة والقومية) يستدعي مراعاة الحقوق الثقافية والاقتصادية والاجتماعية للجميع ضمن دائرة المواطنة التي يتساوى فيها الجميع في الواجبات والحقوق والتعايش على قاعدة المبادئ والمصالح المشتركة ودرء مفاسد الاختلاف والشقاق المضرة للجميع.
 
- ان مما يزعزع التعايش السلمي كثرة الجدال والمراء والانتقاد للاخر في الخطاب العام والابتعاد عن فاسلوب الطرح العلمي ضمن دائرة اصحاب الاختصاص.. ونحن لسان ضد الاختلاف كمبدأ بل ضد الخلاف الذي يؤدي للكراهية والعنف والاختلاف موجود في كل الاديان بل حتى في المذهب الواحد توجد قراءات متعددة ومدارس مختلفة، والمسؤولية الاسلامية في البلاغ وحسن البيان للمطالب الحقة، فمن آمن فقد احسن لنفسه ومن لم يؤمن فحسابه على الله تعالى (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ). فالأنبياء ليسوا سجانين وشرطة بل رسل سلام ومحبة واخلاق وينبغي على رجال الدين ان يتخذوا ويسروا على هذا المنهج السماوي.
 
----------
 
نذكر الان الاسس التي وضعها الاسلام ومن خلال الايات القرانية والاحاديث الشريف.. يعني كيف نصل الى هذا التعايش الاجتماعي السليم المبني على هذه النظرة: 
 
الاسس المهمة التي ترتكز عليها هذه المنظومة:
 
الاول: وحدة الاصل الانساني:
حيث خلقوا جميعا من نفس واحدة ، سورة النساء آية ١.
وهذه الاية الكريمة تعطي النظرة الصحيحة للانسان تجاه الاخرين وان اختلفوا بالدين والمعتقد، فالكل مخلوق من نفس واحدة أي هنالك وحدة في الاصل الانساني والناس ابناء عائلة انسانية واحدة وكما تقول المسيحية: كلنا أبناء الله.  والله عزوجل هو الذي كرم الانسان دون تمييز وهذا الاختلاف والتنوع والتعدد في اللغات والالوان من آياته للعالمين.. وتحدد الآيات القرآنية معيار التفاضل بالتقوى، سورة الحجرات١٣.
فلابد من التعارف بين الشعوب وهو عهد للتفاهم والتعاون والتعايش والقبول بالاختلاف مع الاخرين ورفض القهر والاكراه فيما يتعلق بالدين والمعتقد.
والاسلام يكرس متطلبات ودعائم التعايش مثل القسط والعدل والانصاف والصفح والعفو واحقاق الحق ونفي الظلم والاعتداء وغيرها..
 
وقد بين ذلك علي بن ابي طالب في عهده لمالك الاشتر لما ولاّه مصر:
(وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنه صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق).
والتركيز على وحدة الاصل الانساني تهيئة نفسية وتسهيل لسبل التقارب وانتزاع الشعور بالعداء او بالتمييز الذاتي وما يحب ان يستحضره المؤمن هو ان الاخر مهما كان دينه ومذهبه وعقيدته فهو شريك له في هذه الحياة ولابد من التعامل معه على هذا الاساس..
 
إنّ حرمة الإنسان ـ بغض النظر عن دينه ومعتقده ـ أصل ثابت في الإسلام، فالإنسان بنفسه مستوجب للاحترام ما لم يعتدِ أو يُفسد، ويحظر ظلمه والاعتداء عليه وإلحاق الأذى به ومضارّته، بل يجب الدفاع عنه في مقابل ما يتعرض له من الظلم.. ولا مخرج عن هذا الأصل إلا مجازاة الاعتداء بالمثل أو الإفساد في الإرض.
 
 
 الثاني: حفظ حرمة الدماء والاموال والاعراض:
 
هنالك الكثير من النصوص التي وضعت محددات بالنسبة للدماء والاموال والاعراض واحتاطت فيها كثيراً وذلك من اجل حفظ الامن والسلام وابعاد المجتمع عن ألوان العنف والقتل والخطف والجريمة وهذا لا يقتصر على المسلمين فقط بل يشمل الاخرين ايضاً، (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا )  سورة المائدة ٣٢.
 
الثالث: اقامة العدل والقسط في الحكم بين جميع الطوائف:
 
فلا يجوز ان يكون الموقف السلبي للشخص تجاه الاخر لأي سبب كان ولا سيما الاختلاف في الدين والعقيدة موجباً لسلب حقه والاجحاف في الحكم عليه بابطال حق او احقاق باطل قال الله تعالى، سورة النساء ٥٨.
و سورة المائدة ٨.
 
الاساس الرابع: التعامل الاجتماعي الانساني واخلاقيات التعاطي مع الاخرين:
فنجد هنا حرص الاسلام على التعامل مع الاخرين على اساس المحبة والاخوة الانسانية:
أ- الجدال بالتي هي احسن، سورة العنكبوت ٤٦.
ب- صلة الارحام فالاسلام يأمر بصلة الرحم ولو لم يكن مسلما.
ج- مشايعة صاحب الطريق فقد ندب الرسول محمد الى مشايعة الصاحب في الطريق ولو كان غير مسلم، وعن الإمام علي انه صاحب رجلا ً غير مسلم.
 
الاساس الخامس: الاعتراف والاقرار بوجود الاخر:
وهذا الامر نريد ان ننبه عليه وهو ان نفرّق بين شيئين: بين كون الاخر في عقيدته ودينه على حق صحيح او لا، وبين حقه في الوجود والعيش بسلام مع الاخرين، تارة له دين ومعتقد حق صحيح او لا هذا شيء، والشيء الاخر ان هذا الانسان الذي يخالفني في المعتقد والدين له الحق في ان يوجد ويعيش معي بسلام وفق قواعد ومبادئ العدالة..
فقدر المجتمعات البشرية الى يوم القيامة ان تعيش مختلفة في دياناتها ومعتقداتها.. ويروض القران الكريم نفوس المؤمنين ليتعايشوا مع واقع الاختلاف في العقيدة والدين فهو قدر البشرية الى يوم القيامة فلا يتوهم احد امكانية الفصل والحسم بين الديانات والعقائد المختلفة، سورة السجدة آية ٢٥.
فهنا مع هذا الاختلاف في العقيدة والدين الاسلام امر ان يكون هناك تعايش اجتماعي مبني على قبول الاخر والاعتراف بوجوده ضمن مبادئ اعطاء الحقوق واداء الواجبات، كما انه تعطي لهم الحقوق لابد ان تؤدي الواجبات التي عليهم من اجل ان نضمن لهذا البلد ولهذا الشعب ونحن في العراق الان في ظل وجود اسباب عديدة للنزاع والصراع والاحتقان والتناحر.. احوج الى تطبيق هذه المبادئ والاسس التي وضعها الاسلام لكي نصل الى حالة الامن والاستقرار الذي يؤدي الى تطور البلد وازدهاره وتحقيق الامن الاجتماعي..