تضامن لبناني مع تمام سلام ضد إفتراءات حزب الله

 

المستقبل :

يبدأ رئيس مجلس الوزراء اليوم زيارة لروسيا يلتقي خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد غد الأربعاء، ويناقش معه العلاقات الثنائية وأوضاع المنطقة والاهتمام المشترك باستقرار لبنان وعدم انتقال حروب الإقليم إليه، مع التركيز على ملف دعم الجيش اللبناني وتصوّر الحكومة اللبنانية لإعادة النازحين السوريين.

الرئيس الحريري الذي وصل أمس إلى موسكو على رأس وفد وزاري موسع، سيوقّع والوزراء المعنيين مجموعة اتفاقيات تفاهم اقتصادية وثقافية، من أجل تطوير العلاقات الإقتصادية بين البلدين. كما سيركّز في هذه الزيارة، حسب أوساط في الوفد المرافق على دور لبنان وموقعه في عملية إعادة إعمار سوريا بحيث يكون نقطة انطلاق للشركات الروسية وغيرها من الشركات الدولية.

وسيلتقي الحريري غداً الثلثاء نظيره الروسي ديمتري ميدفيديف، ووزير الخارجية سيرغي لافروف.

في المصيطبة

وقبل توجهه إلى موسكو مساء، زار الرئيس الحريري قبل الظهر رئيس الحكومة الأسبق تمام سلام في دارته في المصيطبة متضامناً، بعد الحملات التي تعرّض لها على

خلفية أحداث عرسال. وبعد اللقاء ذكّر الحريري بالخلاف والاحتقان الكبير جداً «الذي ساد البلد في 2014 وكان على الرئيس سلام أن يتخذ قرارات تحمي كل لبنان». ووصف ما أطلق بخصوص التحقيق الذي فتح بـ «المزايدات»، مؤكداً «أننا جميعاً نريد أن نعرف الحقيقة ولكن المرفوض هو تسييس هذه الحقيقة».

وأسف الحريري لنسيان البعض أمراً أساسياً وهو أن «الذين قتلوا العسكريين هم داعش.. لذلك كفى مزايدات.. وأتمنى على الجميع، أكانوا سياسيين أم وسائل إعلام، أن يلعبوا دوراً إيجابياً في الانتصار الذي أنجزه الجيش اللبناني». أضاف:«لا أحد يزايد علينا في هذا الموضوع. أكان تمام سلام أو سعد الحريري قمنا بحماية لبنان ولن نسمح لأحد بأن يحاول إشعال الفتنة بين السنة والشيعة، فقد رأينا ما حصل في سوريا والعراق، ونحن نحمي لبنان من أجل أهل لبنان».

أما الرئيس سلام، فأكد من جهته أن «في الظروف الصعبة التي مررنا بها، كان الرئيس الحريري خلالها يقف مواقف واضحة، على حساب بعض الذين يعتقدون أن المزايدة الطائفية او المذهبية يمكن أن تحقق شعبية»، مشدداً على «أننا اليوم نقف الى جانبه كما كان هو بجانبنا حينها، ومتضامنون لمواجهة كل أعداء لبنان كائناً من كانوا، من الخارج والداخل، وحذار من الداخل».

جعجع 

وتحدث رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع خلال كلمته في احتفال لراحة أنفس «شهداء المقاومة اللبنانية»، تحت شعار «نحن هنا»، في باحة المقر العام للحزب في معراب أمس، عن معضلتين كبيرتين يعاني منهما البلد «ازدواجية السلاح والقرار الاستراتيجي وغياب الرؤيا وتفشي الفساد وعدم الجدية في التعاطي بالشأن العام»، داعياً اللبنانيين إلى «ثورة بيضاء نحن بأمسّ الحاجة إليها».

 

الديار :

خلال أقل من شهر، ظهر في لبنان أن هنالك جمهورين كبيرين متحركين وفاعلين هما الجمهور الشيعي والجمهور المسيحي. أما الجمهور السني، فهو منقسم بين الرئيس الحريري والرئيس نجيب ميقاتي واللواء أشرف ريفي والفريق الاسلامي المتطرف.
لم يكن أحد يتوقع أن تستطيع حركة أمل والرئيس بري أن يجمعا هذا الجمهور الضخم في ذكرى الامام الصدر المغيب، فقد امتلأت الساحات بشكل لم يسبق له مثيل إلا نادراً في مهرجانات حركة أمل. وصحيح أن أكثرية الجمهور الشيعي الذي اشترك في مهرجان حركة أمل هو من الجنوب، غير ان قسماً كبيراً لا يستهان به جاء من البقاع إلى المهرجان بعدد ضخم من السيارات يفوق الآلاف، وأعاد الرئيس بري إليه وإلى حركة أمل الوجه الكبير في حشد الجماهير الشيعية، ولم يكن أحد يتوقع أن يحصل هذا الحشد الكبير.
بعد أقل من أسبوع، أقام حزب الله مهرجاناً ضخماً في بعلبك حشد فيه عشرات الآلاف، وكانت الاكثرية من البقاع مع مجيء جمهور من الجنوب، لكن الاكثرية كانت من البقاع. وكان الجمهور شيعياً بامتياز وبين جمهور حركة أمل الشيعي وجمهور حزب الله الشيعي حيث حصل مهرجانان من أضخم المهرجانات، مع الاحتفال بانتصار معركة الجرود في عرسال وبيان سماحة السيد حسن نصرالله امتلأ الاسبوعان اللذان مضيا بحركة شيعية ضخمة ظهر فيها الجمهور الشيعي كم هو متحرك وفاعل. وانطلق الجمهور الشيعي من زحلة حتى بعلبك في مهرجان حزب الله، وانطلق الجمهور الشيعي في مهرجان حركة أمل من الجنوب حتى بيروت. وهكذا ظهرت كتلة شيعية ضخمة في لبنان لم تجتمع منذ فترة الامام المغيب موسى الصدر.
 

 

 

 المهرجانات المسيحية


ما إن انتهت المهرجانات الشيعية حتى ظهرت المهرجانات المسيحية، فجمع الدكتور سمير جعجع في ذكرى شهداء القوات عشرات الآلاف من المحازبين وألقى خطبة عنيفة ذكر فيها بانتصار القوات عند انتخاب العماد عون ضد الوزير سليمان فرنجية. وركز الدكتور جعجع على مبدأ الدولة وعدم ازدواجية السلاح. وبالتالي قال كلاماً باسم جمهور مسيحي ضد جمهور شيعي يمثله حزب الله وحركة أمل. وهنا يظهر الخلاف السياسي العميق بين حزب مسيحي مثل القوات اللبنانية يمثل جمهوراً مسيحياً ضد سياسة جمهور شيعي تمثله حركة أمل وحزب الله.
ثم أقيم مهرجان ثان برئاسة رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، ولم يقل كلام الدكتور سمير جعجع، لكنه لم يشر بشيء إلى المقاومة، وظهر كأنه يريد الابتعاد عن هذا الموضوع. لكن من يقرأ خطاب الوزير باسيل، يرى أنه يقود الجمهور المسيحي نحو الدولة فقط، دون مراعاة الجمهور الشيعي من حركة أمل وحزب الله، وبخاصة أن بين العونيين وحزب الله ورقة تفاهم في كنيسة مار مخايل تتحدث عن السياسة الدفاعية، وعن وحدة الدفاع عن لبنان حتى تحريره في شبعا وكفرشوبا بواسطة الجيش والمقاومة. لكن الوزير باسيل ابتعد عن هذا الموضوع، وكان خطابه مسيحياً بامتياز. وكان خطابه أيضاً باتجاه الدولة اللبنانية الواحدة، دون الاشارة إلى انتصارات المقاومة في جرود عرسال. ويمكن اعتبار خطاب الوزير باسيل خطاباً مسيحياً مثل خطاب القوات، ولكن بلهجة أخرى. وهكذا يكون قد ظهر جمهوران على خلاف عميق بالنسبة لسلاح المقاومة وبالنسبة للمقاومة بحد ذاتها وبالنسبة للنظام في سوريا.
فالوزير جبران باسيل، وهو وزير خارجية لبنان، رفض حتى الآن أن يقوم بزيارة سوريا وهو وزير خارجية لبنان. ومفروض فيه أن يرتب لقاء بينه وبين وزير خارجية سوريا الاستاذ وليد المعلم، سواء على الاراضي اللبنانية أم على الاراضي السورية أم على الحدود. لكن الوزير باسيل اعتمد سياسة 14 آذار في سياسته مع النظام السوري بعدم التعاطي مع نظام الرئيس بشار الاسد، وإن كان الوزير باسيل اتخذ مواقف لا تناسب السعودية في مؤتمرات عربية وتناسب الموقف السوري.
 

 جنبلاط وحركة حزبه

 
أما الوزير وليد جنبلاط، فقد قرر القيام بحركة جذرية على مستوى الحزب التقدمي الاشتراكي وقيادة الطائفة الدرزية. واتخذ قراراً نهائياً بتسليم نجله تيمور قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي. وأعلن أنه سيقوم بتغيير 70% من مسؤولي الحزب والوزراء والنواب تمشياً مع سياسة جديدة تلاقي سياسة نجله تيمور. فمعروف عن السيد تيمور وليد جنبلاط أنه معتدل يحافظ على الطائفة الدرزية، لكنه غير متطرف بل معتدل ومنفتح على الجميع ولا يدلي بتصريحات عنيفة. ولذلك فهو بحاجة إلى فريق جديد قرر الوزير وليد جنبلاط تحضير له هذا الفريق ليرافقه في سياسة للحزب التقدمي الاشتراكي تتناسب مع الخلاف بين الجمهور الشيعي والجمهور المسيحي، وفي الوقت نفسه يظل بعيداً عن النظام السوري، وعلى علاقة ودية مع السعودية، دون أن يغرق في هذه السياسة.
وسيكون للسيد تيمور جنبلاط دور هام في السياسة اللبنانية، لأن الكتلة النيابية التي سيرأسها ويأتي بها إلى المجلس النيابي، ستكون كتلة وازنة وكبيرة وترجح الكفة في الصراع النيابي والوزاري وفي الخلافات الاساسية. وعند اللزوم، سيقف تيمور وليد جنبلاط على الحياد، ولن يشترك في النزاع الحاصل بين المذاهب الكبرى الشيعية والمسيحية.
 

 الوضع السني


عندما عاد الرئيس الحريري إلى رئاسة الحكومة كان ضعيفاً شعبياً، وكانت أحواله المادية سيئة جداً. لذلك، وقف ضد الانتخابات النيابية وعمل على تأجيلها حتى نيسان 2018، لأنه لو جرت الانتخابات وقتذاك، لكان خسر الرئيس الحريري الكثير من نوابه، وظهر أن تيار المستقبل قد أصبح ضعيفاً جداً. لذلك وضع كل جهده في التنسيق مع الرئيس بري والوزير جنبلاط لتأجيل الانتخابات حتى نيسان 2018، ونجح في ذلك. وبدأ الرئيس الحريري بتحسين وضعه تدريجياً. وكانت هنالك حاجة كبرى لتوظيف مسؤولين وموظفين من الطائفة السنية، فعمل على ملء المراكز بقسم كبير جداً من الطائفة السنية الموالية لتيار المستقبل، سواء من طرابلس حتى صيدا وبخاصة في بيروت وحتى البقاع الاوسط، وصولا الى عنجر وبرالياس. وهكذا استطاع الرئيس الحريري تحسين أوضاعه الشعبية بنسبة 20 %. ثم قام بتسوية مالية بشأن شركته في اوجيه سعودي في المملكة العربية السعودية، مما أراحه مالياً واستفاد مصرفياً لتحسين السيولة بين يديه. وإذا كان الرئيس الحريري قد وضع كخصم له اللواء أشرف ريفي، فقد ظهر أن الرئيس نجيب ميقاتي هو من أقوى الشخصيات والرؤساء السنة المعتدلين والصالحين لرئاسة الحكومة في المرحلة القادمة. واستطاع الرئيس ميقاتي، عبر تيار العزم وعبر المساعدات المالية في طرابلس، أن يصبح قوياً جداً في عاصمة الشمال. وهو أقوى من الرئيس الحريري في طرابلس ومحيطها، وسوف تنتصر لائحة الرئيس نجيب ميقاتي على لائحة تيار المستقبل في طرابلس انتخابيا. وحتى الآن لم تتدخل المملكة العربية السعودية في إيجاد خط وصل وتلاق بين الرئيس الحريري والرئيس ميقاتي، علماً أن جمهور الرئيس ميقاتي لا يقبل كلياً التحالف مع تيار المستقبل.
وفي المقابل، هنالك حزب الله الذي يصر على دعم فيصل عمر كرامي، ويريده نائباً في طرابلس. ويصر حزب الله على دعم أسامة سعد في صيدا كي يكون لحزب الله نائبان سنيان حليفان له. وهذا يعطي حزب الله نكهة هامة من خلال وجود نواب من الطائفة السنية حلفاء له. كما أنه يدعم النائب السابق عبدالرحيم مراد في البقاع ويعمل على إيصاله الى النيابة.
لكن في مجمل الاوضاع، فإن الطائفة السنية منقسمة على نفسها، والمملكة العربية السعودية لم تتدخل حتى الآن. وإذا تدخلت، قد لا تنجح في إقناع الاطراف بالتحالف بين بعضها بعضاً، إلا إذا دفعت حوالى 300 مليون دولار وأكثر، كما دفعت في آخر انتخابات نيابية حوالى 800 مليون دولار.
بالخلاصة يمكن القول ان هنالك جمهورين كبيرين فاعلين الجمهور الشيعي والجمهور المسيحي. والجمهور السني منقسم على نفسه، والجمهور الدرزي تقريباً على الحياد، ويقوم بترتيب أوضاعه. وهكذا نقترب من الانتخابات النيابية بهذه الصورة السياسية، ولا أحد يعرف ماذا ستكون نتيجة النسبية في الانتخابات النيابية. لكن من المؤكد أنها ستعيد حوالى 20 نائباً سقطوا في الدورة الاخيرة في الانتخابات، وتعيدهم بنسبة 10% إلى المجلس النيابي، لكن لن يحصل تغيير جذري وحقيقي في مجلس النواب بل سيبقى على حاله.

 

 

الجمهورية :

فيما ينتظر الجميع قرارَ المجلس الدستوري في الطعن الذي قدّمه حزب الكتائب وخمسة نوّاب آخرين في شأن قانون الضرائب، علمت «الجمهورية» أنّ صرفِ الرواتب على أساس السلسلة لشهر أيلول ليس محسوماً حتى الآن في انتظار تبلورِ مسار هذا الطعن، علماً أنّ اتّفاقاً ضمنياً تمّ بين القوى السياسية خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة ويقضي بالتريّث في البدء بدفعِ الرواتب على أساس «السلسلة» بعدما أبلغ وزير المال علي حسن خليل إلى المجلس أنه أعدّ الجداول. وكان هناك شِبه اتّفاق على وجوب الحفاظ على المالية العامة بتلازمِ الضرائب مع السلسلة، بحيث إنه عندما يُقرّ الأوّل يبدأ الصرف.

التحقيق القضائي

في هذا الوقت، يبقى التحقيق في قضية خطفِ العسكريين وقتلِهم في عرسال عام 2014، الذي دعا إليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في صدارة الاهتمامات الداخلية. ويأتي ذلك فيما التحضيرات جارية للاحتفال بالانتصار على الإرهاب في مهرجان سيُقام الخميس المقبل في ساحة الشهداء ويتحدّث خلاله الرؤساء الثلاثة.

وفي سياق التحقيق، قال مصدر سياسي بارز «إنّ هذا التحقيق يجب حصوله ولكن بموضوعية وليس بخلفية الافتراء على أحد». وأضاف: «للأسف هناك فريق في البلد يحاول تكبيرَ أيّ مسألة بدلاً من تصغيرها، وهناك مَن يكبّر المسألة لتصغيرها، ولكن في حالتنا الراهنة هناك مَن يضخّ إعلامياً وسياسياً، ليس تمجيداً بالجيش، وإنّما بهدف مصالح سياسية».

وردّاً على سؤال قال المصدر نفسُه: «الفتنة ممنوعة في لبنان على مستوى الداخل، أو بين الجيش و«حزب الله»، فهذا الأمر لن يحصل مع أنّ هناك مَن يتمنّى ذلك ليلاً ونهاراً».

وانتقد المصدر ما وصَفها «الطريقة الدعائية والاستعراضية» التي دُعِيَ فيها إلى التحقيق، وقال: «التحقيق يجب أن يحصل من حيث المبدأ، وهو ضروريّ لتقييم الإنجازات والإخفاقات ويُفترض أن يكون هناك حدٌّ أدنى من اعتماد الاحترام لأنفسِنا ولمؤسساتنا ولأسرار الدولة، وهنا أقول إنّ الجيش في معارك عرسال قام بكلّ ما هو مطلوب منه ولم يقصّر أبداً، ولذلك عودوا إلى محاضر مجلس الوزراء التي تُظهر كلّ الحقائق، وجميعُنا نَعلم ماذا حصل آنذاك، نحن مع فتحِ هذه المحاضر وكذلك مع فتحِ محاضر أُخرى لبعض الحوارات».

وأشار المصدر إلى «أن لا رئيس الحكومة السابق تمام سلام ولا قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي يتحمّلان المسؤولية، بل المسؤولية تقع على الواقع السياسي الذي كان سائداً آنذاك والذي كان يقف يومها على حافة الفتنة السنّية ـ الشيعية، وتبعاً لذلك فإنّ الجيش لو بادرَ آنذاك الى الدخول في معركة في عرسال مع الإرهابيين لكانت هذه المعركة مستمرّة حتى الآن ولم تنتهِ».

ولفتَ المصدر إلى «أنّ الوضع السياسي حسّاس جداً، وأكثر من ذلك، هناك مَن يساهم في العبثِ به قصداً أو من غير قصد، وقد قدّموه نموذجاً سيئاً من خلال تشويه الانتصار الذي حصَل، والبعض ممّن يفترض فيهم ان يحموا هذا الانتصار يتعاطون معه مِثل العميان الذين رُزِقوا بطفل و«مِن كِتر المحلسِة عَموه».

وأبدى المصدر ارتياحَه لزيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى سلام أمس ووصَفها بأنّها «خطوة موفّقة».

عون

وكان عون قد غَمز من قناة «من يسعى لعرقلة التحقيق» لمعرفة المسؤولين عن مقتل العسكريين، فسألَ في تغريدة عبر حسابِه على «تويتر»: «هل يَعلم من يسعى لعرقلة التحقيق قولاً أو فعلاً أنّه يشجّع على الثأر والانتقام الفردي؟ فاختاروا بين الدولة وعدالة القضاء أو العشيرة وعدالة الثأر».

الحريري وسلام

في غضون ذلك، كانت لافتةً زيارةُ الحريري لسلام وإعلانه من دارته في المصيطبة رفضَه «المزايدات» الحاصلة في شأن قضية العسكريين، معتبراً أنّ «الطريقة التي يتعامل بها البعض تهدف الى إحداث شرخٍ في البلد». وأضاف: «جميعُنا يريد أن يعرف الحقيقة ولكنّ المرفوض هو تسييسُها».

وأشار الى أنّ «هناك خلافات بيننا وبين «حزب الله» لا يمكن إصلاحها، لكنّنا متفقون مع الحزب على أمور عدة، من بينها الحفاظ على الاستقرار والأمن». وقال: «لن نسمح لأحد بإشعال فتنة مذهبية بين السنّة والشيعة».

أمّا سلام فقال عن التحقيق بقضية العسكريين: «القصّة واضحة، نحن أردنا الحفاظ على لبنان وعلى عرسال».

أمنياً، أكّد مصدر مطّلع على التحقيقات لـ«الجمهورية» أنّ «هناك مجموعة اتّهامات لعلي الحجيري الملقّب «أبو عجينة» أدّت الى توقيفه، منها قديمة وأخرى جديدة، من بينِها خطفُ فتيات روسيّات مقابل فدية مادية وتسليمهنّ لـ»جبهة النصرة» بحسب اعترافات ابن مصطفى الحجيري «أبو طاقية»، إلّا أنّ الملف الأساسي الذي يهمّ الجيش هو ما حصَل في البلدية يوم استُشهد النقيب في الجيش اللبناني بيار بشعلاني والرقيب أوّل ابراهيم زهرمان والذي حصَل قبل الهجوم على عرسال، وعملية توقيف «أبو عجينة» مرتبطة بفتح ملفّ العسكريين، حيث ثبتَ تورّطه في ما حصل من خلال أفلام مصوّرة، إضافةً إلى اعترافات موقوفين من «النصرة» و«داعش» قطعَت الشكّ باليقين وأكّدت علاقته وأولاده بما حصَل في البلدية في ذلك النهار، خصوصاً أنّ زهرمان صُوِّر حيّاً داخل البلدية ليُعلَن استشهاده بعدها».

باسيل وجعجع والجميّل

إلى ذلك، شهد أمس ثلاثَ إطلالات مسيحية: الأولى لـ«التيار الوطني الحر» الذي جالَ رئيسُه الوزير جبران باسيل قبل الظهر في بشرّي عرين «القوات اللبنانية»، حيث افتتح مكتباً لـ«التيار» في المدينة قبل أن يطلّ مساءً في مجمع فؤاد شهاب الرياضي في جونية لتسليم بطاقات لمنتسبين الى «التيار».

والثانية كانت لجعجع في قدّاس «شهداء المقاومة اللبنانية» في معراب، أمّا الثالثة فكانت تلفزيونيةً لرئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل الذي تحدّث عن مجمل الملفات.

وقال باسيل من بشرّي «إنّ القانون النسبي فعلناه لكلّ لبنان، ليس مسايرةً من أحد، وحتى تربحوا في بشرّي دفعنا الثمن في المتن وجبيل وتنازلنا عن حقّنا ونفكّر في أن تنال الأقلية حصصَها». ولاحقاً قال في جونية إنّ «التيار سيبقى رمزَ الإصلاح ورأسَ الحربة بمحاربة الفساد».

أمّا جعجع فأكّد أنّ «التّفاهُم بين «القُوات» و«التيّار» «ضرورةٌ، وسيبقى»، وقال: «عوَض أن يُعطي تحريرُ الجُرود من الإرهابيين الدّولة قُوّة دفعٍ كبيرةٍ في اتّجاه بسطِ سيادتها وسيطرتها على كلّ تُرابها الوطنيّ نجدُ بعضَ الأطراف مُنزعجاً من الانتصار الكامل الذي أوشك الجيشُ على تحقيقه. وأكّد «أننا مع كُلّ تحقيقٍ يجري، من دون إغفال الفصل الأخير والأهمّ: من عملَ على تهريب «داعش» وتخليصها من قبضة العدالة؟».

واعتبَر أنّ لبنانُ يعيش أزمةً جوهريّةً وبالعُمق على مُستوى وُجود الدّولة والكيان بحُكم ازدواجيّة السّلاح ومُصادرة أيّ حزبٍ من الأحزاب اللبنانيّة قرارَ السّلم والحرب».

أمّا الجميل، فاعتبَر أنّ «مشكلتنا أنّ «حزب الله» فاوَض «داعش» بلا تفويض حكومي رسمي». وقال: «منذ بداية الأحداث السورية وقبل دخول المسلّحين طالبتُ بنشر الجيش على الحدود ومراقبتِها، فهوجمتُ، ولو نفّذنا ما طالبتُ به لكُنّا تجَنّبنا ما حصل في الجرود». وطالبَ بلجنة تحقيق نيابية «لأنّ المشكلة هي في القرار السياسي، والتحقيقُ يمكن ان يشملَ رؤساء ووزراء ومسؤولين كباراً».

مصادر «التيار»

ولدى سؤال «الجمهورية» «التيار الوطني الحر» عن تزامنِ افتتاح مكتب «التيار» في بشرّي وتسليم بطاقات انتساب في جونية مع احتفال معراب بذكرى شهداء «القوات اللبنانية» اكتفَت مصادر» التيار«بالقول : «إنّها مصادفة»، وأشارت الى أنّ الاستعدادات كانت جارية قبلاً، ومكاتب التيار يفتتحُها رئيسُه عادةً». وتساءلت: «هل من الضروري كلّما قام تياران سياسيان بعملٍ ما في الوقت نفسِه أن يكون لذلك معنى محدّد؟».

«حزب الله»

إلى هذه الإطلالات الثلاث، برَز موقفٌ متقدّم لـ«حزب الله، إذ أكّد نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أنّ «الرئيس سعد الحريري يتصرّف بعقلانية لحماية الاستقرار وهو متأذٍ من الأصوات التي تثير البَلبلة، ولا يوجد مانعٌ من الحوار الثنائي معه»، معتبراً أنّ «كلّ الظروف متاحة لإجراء الانتخابات في موعدها، وندعو لتوفير الظروف المناسبة لها، ونحن بدأنا مناقشة الدوائر الانتخابية والسيناريوهات المحتملة في هذه الدوائر».

ولفتَ في مقابلة تلفزيونية الى أنّ «موافقة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير على مناطق خفضِ التوتّر في سوريا إقرارٌ سعودي بالهزيمة»، لافتاً إلى أنّ مواقف الوزير ثامر السبهان «لا قيمة لها، والسعودية تمرّ في لحظة صعبة جداً وخياراتُها فشلت».

وقال إنّ «حزب الله شريك رئيس في الانتصار الذي حصَل كما الجيش اللبناني»، مشيراً إلى أنّ «حزب الله» والجيش في ألف خير، فالتنسيق بين المقاومة والجيش كان موجوداً بالشكل المطلوب وبما حقّقَ الانتصار في الجرود، ونحن لسنا بديلاً عن الجيش ولا نريد شيئاً من صلاحياته»، مضيفاً: «إنّ قائد الجيش أرسَل إلى السيّد حسن نصر الله بأنّ لدى الجيش نيّة تحرير الجرود، والسيّد ردّ عليه بالقول «إنّنا معكم».

الحريري في موسكو

ويبدأ الحريري اليوم زيارته الرسمية إلى روسيا التي وصَل إليها مساءً على رأس وفدٍ وزاري، وسيُجري محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء ديميتري مدفيديف ووزير الخارجية سيرغي لافروف، تتناول آخر المستجدات والعلاقات الثنائية.

وتابعَت وسائل الإعلام الروسية باهتمام زيارةَ الحريري، وأكّدت مصادر ديبلوماسية - عسكرية روسية أنّ قائمة أنواع الأسلحة جاهزة، وأنّ الاتفاق بشأنها جرى خلال منتدى «الجيش- 2017»، الذي أقيمَ في شهر آب الماضي.

ونَقلت هذه الوسائل عن مسؤولين روس تأكيدهم أنّ «الأسلحة التي يطلبها لبنان هي بنادق «كلاشينكوف» رشاشة، ورشاشات ثقيلة، وبنادق قنص، ومدافع هاون وقاذفات صاروخية من طراز (آر. بي. جي-7»).

 

اللواء :

قبل وصوله إلى موسكو على رأس وفد وزاري سباعي، أعلن الرئيس سعد الحريري من دارة المصيطبة، حيث نقل موقفاً تضامنياً مع الرئيس تمام سلام واداء حكومته، طوال فترة اختطاف العسكريين اللبنانيين في 2 آب عام 2014، سلسلة مواقف مفصلية، تجاوزت زيارة التضامن، حتى لا يكون رئيس الحكومة في لبنان مكسر عصا ولا كبش محرقة (والكلام للوزير السابق فيصل كرامي)، بل لوضع الأمور في نصابها الصحيح، وسياقها الموضوعي، كأحداث وقعت في ظروف معروفة، وكانت طريقة التعامل معها حسّاسة لدرجة خطيرة، فالخطأ كارثي، والتقديرات غير الصائبة مدمرة.
1- قال الرئيس الحريري لا أحد يزايد علينا، الرئيس تمام سلام كانت مهمته حماية لبنان وتجنب الخلاف بين الشيعة والسنة.
2- أكان الرئيس سلام «أم أنا سعد الحريري» لن نسمح لأحد بأن يحاول إشعال الفتنة بين السنة والشيعة.
3- داعش قام بهجوم لزرع الفتنة وحرق عرسال.
4- عض كلانا الرئيس سلام وأنا على الجرح لحماية لبنان.
5- من قتل العسكريين هم «داعش»، وهم ارهابيون وبالتأكيد ليسوا لبنانيين.
6- كفى مزايدات وكلاماً على الهواء، فلنبحث عن الدور الإيجابي في انتصار الجيش على الإرهاب وحرام ان نضيع إنجازه.
7- هناك خلافات بيننا وبين «حزب الله» لا يمكن إصلاحها، لكننا متفقون على الحفاظ على الاستقرار والأمن.
8- إذا أردنا تحديد المسؤوليات فكلنا مسؤول وكل القيادات السياسية كانت تجلس على الطاولة.
ولم يتأخر ردّ «حزب الله» إذ وصف نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم تصرف الرئيس الحريري بالعقلانية لحماية الاستقرار، مؤكداً ان لا مانع من الحوار معه.
وقال مصدر مطلع في 8 آذار لـ«اللواء» ان موقف الرئيس نبيه برّي الذي هو على تشاور دائم مع حزب الله، إزاء التطورات الجارية قبل معركة الجرود وبعدها، يخدم فكرة استمرار التسوية السياسية، والتي تضمن استمرار الحكومة، معتبراً ان الوفد الوزاري الذي يرافق الرئيس الحريري إلى موسكو يعكس حجم التفاهم الداخلي على استمرار الحكومة ومنعها من الاهتزاز، إذ تمثلت فيه القوى والكتل والأحزاب المؤتلفة في حكومة استعادة الثقة.
وكان الرئيس برّي قال امام زواره: إن مبدأ مصلحة الدولة العليا لا نعرفه، وهذا أمر يؤدي لاتهامنا بالثرثرة «حاجي النّاس تهبّط حيطان برّات الصحن»، معتبراً ان الفتنة السنية – الشيعية عام 2014 هي التي منعت إطلاق سراح العسكريين، معرباً عن اعتقاده ان ما يجري سيؤثر على مصير الحكومة «وهذا شرّ لا بدّ منه».
الحريري في موسكو
ومن موسكو، أفادت موفدة «اللواء» إلى ان الرئيس الحريري الذي وصل مساءً، ويقيم في فندق كارلتون سيبدأ غداً لقاءاته مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ثم يلتقي في اليوم نفسه رئيس الوزراء فلاديمير ميديف، وسيصار إلى توقيع عدد من الاتفاقيات في المجالات كافة، من الاقتصاد وتسهيل مرور وتجارة، ويختتم الزيارة بلقاء الرئيس الروسي فلاديمر بوتين الأربعاء في سوتشي على البحر الأسود.
وقال مصدر روسي لـ«اللواء» ان بلاده تعطي اهتماماً خاصاً لزيارة الرئيس الحريري، مشدداً على استقرار لبنان وسيادته.
تداعيات الجرود
في هذا الوقت، بقيت تداعيات معركة الجرود وانكشاف مصير العسكريين الشهداء الذين خطفوا في احداث عرسال 2014، في واجهة انشغالات السياسيين الذين تبادلوا الاتهامات حول مسؤولية حكومة الرئيس تمام سلام التي تولت السلطة في ظل الفراغ الرئاسي، بحيث بدا مصير حكومة الرئيس سعد الحريري في مهب الريح بفعل الاهتزازات التي اصابتها مع السهام التي طاولت الرئيس الحريري مع الرئيس سلام من قبل مسؤولين ووزراء شاركوا في الحكومة السابقة واللاحقة، فيما التحقيقات القضائية التي طلبها رئيس الجمهورية متواصلة لمعرفة ملابسات خطف هؤلاء العسكريين واحتلال اجزاء من الأرض من قبل التنظيمات الارهابية المسلحة، بعد توقيف رئيس بلدية عرسال السابق علي الحجيري المعروف «بأبو عجينة» بناءً لاعترافات عبادة الحجيري ابن مصطفى الحجيري الملقب بـ«ابو طاقية».
وكان لافتاً على هذا الصعيد، تغريدة الرئيس ميشال عون عبر «تويتر» اتهم فيها مسؤولين بالسعي لعرقلة التحقيق، معتبراً بأن هذه العرقلة «تشجع على الثأر والانتقام الفردي»، طالباً من هؤلاء «الاختيار بين الدولة وعدالة القضاء أو العشيرة وعدالة الثأر».
ومع انه لم يعرف ما المقصود من تغريدة الرئيس عون ولا هؤلاء الذين يسعون لعرقلة التحقيق، فإنه لوحظ ان وزير البيئة السابق محمّد المشنوق، وهو أحد أبرز معاوني الرئيس سلام، ردّ على عون بتغريدة مماثلة جاء فيها: «الذين يعرقلون التحقيق هم من يصدرون الاحكام ويوجهون الاتهامات والاكاذيب باحثين عن الانتقام والتطاول، ومنهم وزراء وعسكريون سابقون.
وكان الرئيس عون استبق تغريدته، بملاحظات سجلها خلال استقباله قبل ظهر السبت قائد الجيش العماد جوزف عون مع قادة الوحدات العسكرية الذين شاركوا في عملية «فجر الجرود»، بغياب رئيس الأركان اللواء حاتم ملاك، ما اثار استغراب واستهجان رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، لم تخل من توجيه رسائل وربما اتهامات مباشرة إذ أشار إلى ما وصفه بلغط، بحيث «بات من سلم الأرض خارج المحاسبة، ومن حررها أصبح وكأنه مسؤول عمّا حصل في السابق»، وأن البعض «حاول ان يسلب من الجيش انتصاره»، موضحا بأنه طلب فتح تحقيق في الموضوع كي نرد على هذه الاتهامات، مذكرا بما سبق واعلنه من انه «يجب عدم إدانة البريء وتبرئة الجاني المهمل والمتساهل الذي أدى تصرفه إلى تطوّر الأوضاع ووصولها الى ما وصلت اليه».
زيارة الحريري للمصيطبة
في المقابل، شكلت زيارة الرئيس الحريري لدارة المصيطبة أمس، قبيل سفره إلى موسكو، ثم المواقف التي اعلنها بعد الزيارة، رسالة دعم وتضامن قوية للرئيس سلام في وجه الحملات المغرضة التي تستهدفه وتحمله مسؤولية التقصير حيّال إعطاء الأوامر لقيادة الجيش السابقة لتحرير العسكريين المخطوفين يومذاك.
وأكّد الرئيس الحريري في تصريحه ان الجميع يعرف المرحلة التي حصلت فيها عملية الخطف، ويعرف انه كان هناك خلاف سياسي واحتقان كبير جدا في البلد، وكان على الرئيس سلام ان يأخذ قرارات تحمي كل لبنان، مشددا على ان المزايدات الحاصلة بخصوص التحقيق وتسييسه مرفوضة، خصوصا وانه كانت هناك مهام صعبة على الجيش ان يقوم بها، وهناك قرارات سياسية كان يجب اتخاذها في ظل خلافات سياسية، لافتا النظر إلى ان تحرير الجرود تمّ لأنه كان هناك اتفاق سياسي شامل بأن ينفذ الجيش هذه المهمة.
وإذ دعا الحريري إلى الكف عن المزايدات وإطلاق الكلام في الهواء، تمنى على الجميع، سواء كانوا من السياسيين أو وسائل الإعلام ان يلعبوا دورا ايجابيا في الانتصار الذي انجزه الجيش، قائلاً: «حرام ان نضيع هذا الإنجاز بتبادل اتهامات وحشر بعضنا البعض وعلى ماذا؟».
وشدّد على ان الجيش تعامل مع هجوم آب 2014 بطريقة حالت دون تفجير الوضع في البلد، وأن القيادة السياسية، حتى باختلافها وانقسامها، اتخذت القرارات الصحيحة لحماية لبنان، كاشفا بأن مهمة الرئيس سلام يومذاك كانت حماية لبنان والعمل لتجنب الخلاف بين الشيعة والسنّة، واصفا ذلك بأنه كان الأساس، وقد قمنا بذلك سواء كان سلام أم أنا، ولن نسمح لأحد بأن يحاول إشعال الفتنة بين السنّة والشيعة، معتبرا ان داعش قام بهجومه على عرسال من أجل زرع الفتنة وحرق عرسال.
وكانت دارة المصيطبة قد غصت أمس بالوفود الشعبية والسياسية للتضامن مع الرئيس سلام واستنكار الحملات السياسية والإعلامية التي طاولته، والاعراب عن تأييدها لمواقفه التي حمت البلد من الانقسام والانهيار، وحفظ وحدة الدولة والمؤسسات في ظل الشغور الرئاسي.
وفي حين رفض سلام رداً على سؤال لـ «اللواء» التعليق على الحملات التي استهدفته، مؤكدا على كل كلمة قالها الرئيس الحريري، مشيرا إلى ان ما عاناه هو والرئيس الحريري في تلك الأيام ما زلنا نعاني منه نحن اليوم، اعتبر زوّار المصيطبة أمس «ان الحملة عليه هي بمثابة نوع من الانتقام والحقد مع مفعول رجعي بسبب تمديد ولاية قائد الجيش وقتها العماد جان قهوجي مرتين، وبسبب التفاوض وقتها مع المسلحين عبر هيئة العلماء المسلمين من اجل استرداد العسكريين المخطوفين، وهو الامر الذي رفضه احد الفرقاء في الحكومة، وبسبب عدم زج الجيش في معركة خاسرة كان سيذهب ضحيتها العشرات من العسكريين والمدنيين والنازحين السوريين، خاصة ان مخيمات النازحين كانت تضم عشرات المسلحين الارهابيين، ولإحراج العماد قهوجي وتحميله المسؤولية».
واشار زوار سلام «الى أن الجيش كان يفتقر وقتها الى السلاح والعتاد والذخيرة التي يمتلكها الان، وكان تنظيم داعش الارهابي وقتها يحتل دولاً بكاملها وكان من الصعب على الجيش فتح معركة كبيرة وطويلة ضده».
وأكد زوار سلام على وجوب إجراء تحقيق في اسباب تمكن المسلحين الارهابيين من مهاجمة مراكز الجيش وقوى الامن وخطف العسكريين، لكن بعيدا عن تسييس الملف.
الى ذلك، علمت «اللواء» من مصادر رسمية إن هناك مساعٍ سياسية وامنية تُبذل من أجل وقف الانفلاش السياسي والاعلامي، ووضع القضية في إطارها الطبيعي، «لا سيما انها اصبحت بيد القضاء، ولا يجوز ان تستمر المحاكمات السياسية والاتهامات المسبقة تحقيقاً للأغراض سياسية وانتخابية كيدية».
جعجع
وعلى هامش المواقف السياسية، استحوذت «معركة الجرود» بحيّز من خطاب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع خلال القدّاس الذي أقيم في معراب لذكرى شهداء «القوات» حيث لاحظ ان بعض الأطراف منزعج من الانتصار الكامل الذي اوشك الجيش على تحقيقه، محاولا حرمانه وحرمان اللبنانيين من جني ثمرة هذا النصر، معنويا وبالمحاسبة القضائية، معلنا انه مع كل تحقيق يجري من دون اغفال الفصل الأخير والاهم وهو: من عمل على تهريب داعش وتخليصها من قبضة العدالة؟
السلسلة.. وقرار الدستوري
في شأن داخلي، تتجه الأنظار إلى جلسة المجلس الدستوري في 15 أيلول للبحث في قرار الطعن الذي تقدّم به 10 نواب بمبادرة من حزب الكتائب وقضى في اجراء تمهيدي بوقف تطبيق قانون الضرائب لتمويل سلسلة الرتب والرواتب.
وتحدثت مصادر عن احتمالات تتصل بخيارات المجلس، منها ابطال جزئي لبعض المواد أو عدم اكتمال النصاب، ليصبح القانون نافذاً وساري المفعول.
وكشف رئيس حزب الكتائب سامي الجميل بأن حزبه سيتقدم بعدة اقتراحات لضرائب لا تصيب الطبقات الفقيرة أو الوسطى، معتبراً ان لا مشكلة بتمويل السلسلة هذا العام..

 

الاخبار :

سوف تحتاج سوريا، كما العراق واليمن، إلى سنوات إضافية حتى تستعيد فيها الدولة كامل سلطتها على كامل أراضيها. وسوف تدفع المجموعات المسلحة الأثمان الإضافية كلما راهنت أكثر على دول الغرب أو دول الإقليم التي دخلت جميعها مرحلة «خسارة الحرب». وما يحصل الآن في سوريا والعراق يشير إلى دخولنا جميعاً مرحلة الحسم النهائي لمصلحة انتصار محور المقاومة.

لكن، علينا التدقيق في هويات المهزومين، الحقيقيين منهم، أو الذين يضعون أنفسهم في موقعهم، لمجرد أن المنتصر هو خصمهم. وهو حال تيار كبير يسود الشارع العربي. حيث فلحت التعبئة المذهبية وفعلت فعلها، فصار كثيرون من السنّة يعتقدون أن خسارة الحرب في سوريا والعراق، تمثل هزيمة جماعية لهم. حتى ولو كانوا من أعداء تنظيم «القاعدة» وفروعه، ولو كانوا أيضاً ضد «الإخوان المسلمين» وضد حكومات الجزيرة العربية. ذلك أن الأمر لا يتعلق بمن خسر، بل بمن ربح الحرب. وهم هنا يعيشون كابوس أن إيران وجماعاتها من الشيعة العرب سيتحكمون بالأمور عندنا، وأن هذا المحور سيبني ديكتاتورية جديدة، لكنها بهوية تطابق السردية الشيعية.


 


منطقيٌّ أن يسعى كوادر التنظيمات المسلحة المنهزمة وأفرادها إلى الانتقام. ولديهم من الخبرات الأمنية والعسكرية ما يتيح لهم تنظيم عمليات أمنية متفرقة، لكنها مدروسة، تتيح لهم إيلام الفريق المنتصر في الحرب الكبرى. والفكر الذي يحملونه لا يمنعهم من ضرب أي شيء يخصّ المنتصرين. وهذا وحدَه، سيكون عنوان معركة طويلة قد تمتد لاكثر من عقد بعد وقف صوت الرصاص على الجبهات.
لكن هذا الانتقام ليس فعلاً تراكمياً من النوع الذي يجعل المحور المنتصر يخشى المصاعب الكبيرة، بل الخشية الحقيقية تخصّ فريق المهزومين الحقيقيين، حيث الداعم والمحرض والممول والمدير لهذه المجموعات، مباشرة أو غير مباشرة. وهؤلاء هم الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإسرائيل وتركيا، ومعهم إمارات وممالك القهر في الجزيرة العربية. وحتى إشعار آخر، فهم في وضع يمكنهم، بالإمكانات التي بحوزتهم، من القيام بالكثير ضد المنتصر في هذه الحرب. وهنا التحدي الكبير.
لن ينتج عقل هذه الحكومات ــ العصابات، أفكاراً جديدة لمحاربة خصومهم. وكلما أُتيح لهم استخدام القوة المباشرة، سيفعلون، وسيقدّمون إلى من يرغب الذرائع والحجج. لكنهم يشعرون اليوم بأنّ الخصم لا يملك قوة تثبيت انتصاراته فقط، بل قدرة كبيرة على حماية هذا الانتصار، من خلال سياسة هجومية تمكّنه من إيلام الآخرين. ولذلك، سيعود الغرب وعملاؤه إلى الخبث وسيلة للتخريب والإرهاب.
قبل شهور عدة، كان واضحاً السعي الأميركي ــ الأوروبي ــ الإسرائيلي ــ الخليجي، لإطلاق عملية مركزة اسمها «فتنة الحلف المقابل»، وأساسها العمل على مراكز القوة. وذكر بالاسم يومها أن الخطة تقتضي إحداث فتنة تصيب لبنان والعراق واليمن. واستثناء سوريا له أسبابه، ليس أقلها استمرار الرهان على تحولات ميدانية، بل لكون مرجعية النظام حاسمة لدى الفريق الذي يقود معركة محور المقاومة هناك. إنما، تقدر دول الغرب على ادعاء أنها في استهدافها لبنان والعراق واليمن، قد يمكّنها من شق الصف بطريقة عنيفة لا تقود إلى انفراط عقد الحلفاء، بل إلى إدخال المحور في أتون حروب إشغال دامية.
في لبنان، كان الرئيس نبيه بري، أكثر المتيقظين لهذه الفتنة. وهو بادر إلى القيام بكل ما يجب لمنع حالات الاختراق التي تقود إلى التوتر. حتى في طريقة إدارته الاختلاف بينه وبين حزب الله في ملف الانتخابات الرئاسية، ولم يسمح للآخرين بالتسلل. وهو موقف أراد الغرب والخليج معاقبته عليه. وكانت محاولة إخضاعه لبرنامج عقوبات ودفع انصاره وبيئته إلى التوتر ضد حزب الله.
وإذا كان أداء رئيس حركة أمل، وملاقاته الدائمة من جانب حزب الله قد أفسدا هذه المحاولة، ولو بجانبها السياسي، إلا أن ما يجب لفت الانتباه اليه والتحذير منه، هو محاولة جهات دينية، محسوبة على تيارات شيعية خرقاء، تأسست وعملت ولا تزال تحت إشراف الاستخبارات البريطانية، العمل باستمرار على الفتنة، ولو من زاوية الشعائر الدينية. ولذلك، فإن دورالرئيس بري سيكون حاسماً، في كبح جماع «دواعش الشيعة» في عاشوراء المقبلة. وللأمانة، فإن قسوة الرئيس بري على هؤلاء ستظل الأكثر تأثيراً وفعالية، برغم كل ما يملكه حزب الله من قوة.
لكن في بقية الأمكنة، لا تسير الأمور على هذا النحو. في العراق، هناك مشكلة حقيقية. جانب منها تاريخي، وجانب آخر رافق استيلاء شيعة العراق على الحكم هناك. وهناك مشكلات لا يمكن علاجها باليسر كما يعتقد كثيرون. فمن تولى السيطرة والنفوذ على الدولة وثرواتها بعد إطاحة حكم صدام حسين، ثم بعد انسحاب الجيش الأميركي (قبل إعادته من قبل الفريق نفسه) لم يترك مجالاً لتوقع ما هو أفضل. لذلك، سيكون من المحزن متابعة بعض التطورات السلبية في عراق ما بعد «داعش». وهو أمر يريد الغرب ومعه حلفاؤه في ممالك القهر، تحويله إلى مأساة مستمرة على هذا الشعب المسكين. وهدفهم الأول والأخير، منع قيام دولة قادرة، وخلق فتنة دامية مع إيران ومع حزب الله في لبنان، ومنع قيام علاقة سليمة بين العراق وسوريا.
صحيح أن على إيران لعب دور مركزي في إزالة الهواجس حيال طموحاتها في العراق والعالم العربي. لكن الملحّ، هو الإسراع في وضع برنامج هدفه تحقيق المصالحة الوطنية في العراق. وهي مصالحة تستلزم إعادة النظر بكل القوانين والإجراءات التي اتُّخذت بعد الغزو الأميركي، والتي تتيح استعادة الدولة لثقة جميع المواطنين، وترك «المكونات»، على تشوهاتها، تعبّر عن تطلعاتها بما لا يتعارض مع فكرة بقاء العراق موحداً. ويمكن إيران في هذا المجال أن تلعب دوراً إيجابياً كبيراً. كذلك يمكن الرهان على دور كبير لسوريا، إن التقطت أنفساها، في تحقيق هذه المصالحة. لكن المسؤولية تبقى أولاً وأخيراً على الطرف العراقي.
ومن يرغب في توزيع عادل للمسؤولية، يمكنه لوم من أطلق عليهم اسم «العرب السنّة» على عدم مقاومتهم مشاريع المجموعات المتطرفة، وطموحات الممالك المتخلفة في الخليج. كذلك يمكن مطالبة هؤلاء بمراجعة حاسمة تجعلهم شركاء في بناء العراق الجديد، بعيداً عن كل رهان أو وهم أرباح إذا بقيت التحالفات مع الخارج.
لكن كيف للفريق الآخر أن يتصرف؟ وهل من جهة غير المرجعية النافذة في النجف، تقدر على مبادرة سريعة، تهدف إلى رسم إطار يمنع بعض المجانين من ركب موجة التخريب الشامل للبلاد؟
سيكون من الصعب إيجاد مرجعية في العراق اليوم، غير مرجعية النجف للقيام بهذه المهمة. ذلك أن الآخرين، في جميع المواقع الدستورية، ليس بينهم من يمثل مركز الجمع. أضف إلى ذلك استسهال لجوء بعض القيادات السياسية إلى استخدام الغطاء الديني لحركة لن تفيد إلا في تفتيت المجتمع أكثر فأكثر.
والمرجعية هي الجهة الوحيدة التي تقدر على تنظيم أي خلاف، مع الأطراف الخارجية المؤثرة، من إيران إلى حزب الله في لبنان، مروراً بالحشد الشعبي في العراق نفسه. وهي التي لا يمكنها انتظار ارتفاع الصراخ وألسنة اللهب حتى تتدخل. ذلك أن وحش الفتنة هذه هو أقوى بكثير، وبكثير جداً، من وحش «داعش» الذي دفع المرجعية إلى تولي دور القيادة في مواجهته، من دون انتظار حكومة أو جيش أو مرجعيات سياسية.


 


وفي اليمن، ثمة معادلة بسيطة لا تحتاج إلى كثير شرح لفهم ما يجري. فالوضع هناك اليوم، لا يشبه ما كان عليه قبل ثلاث سنوات. لا عسكرياً ولا سياسياً ولا على مستوى إدارة الدولة. وطبيعة الحرب القائمة في مواجهة العدوان الأميركي ــ السعودي، لا تسمح بأي ترف خاص.
«أنصار الله» تنظيم جهادي تعاظم دوره في مواجهة حروب الإلغاء التي تعرّض لها، بما يمثل سياسياً واجتماعياً. وهو لا يقدر على ادعاء القدرة والخبرة الكافيتين لإدارة الدولة ومؤسساتها كافة. وإن كانت هناك ضرورة للعودة، يوماً ما، إلى مراجعة أسباب توسع انتشاره