الانتخابات في مهب الريح , والسعودية تساوي بين حزب الله وداعش

 

المستقبل :

عاد الشهداء العسكريون أمس إلى تراب الوطن، حيث امتزجت دماؤهم بدموع اللبنانيين من مدوخا والقلمون وشمسطار مروراً بحورتعلا واللبوة ومزرعة الشوف وفنيدق والحرفوش والضنية، وصولاً إلى كل بقعة من بقاع لبنان الذي ودّع أمس شهداء الجيش بمأتم رسمي مهيب شارك فيه رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، في مشهدية عكست الإجماع الوطني حول الجيش ودوره، سرعان ما اتّسعت لتشمل المناطق حيث شاطر اللبنانيون أهالي الشهداء حزنهم الذي توّجوه بالفخر والاعتزاز باعتبار أن أبناءهم «شركاء أساسيون في صنع الانتصار وأيقونة التحرير ودحر الإرهاب»، حسب تعبير قائد الجيش العماد جوزف عون.

يوم «شهداء ساحة الشرف» كما وصفهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي دعا إلى تكريمهم يوم الخميس المقبل في «مهرجان النصر» في ساحة الشهداء، كما كشف أمام المجلس الأعلى للدفاع أمس، كان محطة «وفاء وإكبار» لجثامين الشهداء كما قال رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، رفع فيه اللبنانيون «رأسهم عالياً في ما حقّقه جيشهم»، وأعاد الثقة بالدولة وبمؤسساتها العسكرية بوصفها المرجعية الوحيدة الضامنة لأمنهم واستقرارهم وسيادتهم.

أما المحطة الرئيسية فكانت في باحة وزارة الدفاع في اليرزة حيث أقيمت مراسم تكريمية لجثامين الشهداء العسكريين بحضور أركان الدولة وأهالي الشهداء، حيث وضع رئيس الجمهورية الأوسمة على نعوش الشهداء العشرة، فيما سلّم قائد الجيش عائلة كل شهيد العلم اللبناني عربون شكر وتقدير.

وأمام النعوش الملفوفة بالعلم اللبناني تعهّد الرئيس عون أمام أهالي الشهداء أن دماء أبنائكم «أمانة لدينا حتى تحقيق الأهداف التي استشهد أبناؤكم من أجلها»، وأكد أن جثامين الشهداء هي «شهادة للعالم على ما يدفعه لبنان ثمناً لمواجهاته الطويلة مع الإرهاب على مرّ السنين».

أما قائد الجيش العماد عون فأكد من جهته أنه «لولا القرار السيادي اللبناني الذي اتخذته الحكومة اللبنانية لما كان لعملية «فجر الجرود» أن تتحقّق»، وإذ أعلن أن الجيش «سينتشر من الآن وصاعداً على امتداد الحدود الشرقية للدفاع عنها»، أكد «التزامنا التام القرار 1701 ومندرجاته كافة والتعاون الأقصى مع القوات الدولية للحفاظ على استقرار الحدود الجنوبية».

وفيما انتقلت نعوش الشهداء إلى المناطق لتُوارى في الثرى وسط استقبالات شعبية حاشدة، انعقد المجلس الأعلى للدفاع برئاسة رئيس الجمهورية في قصر بعبدا وحضور رئيس الحكومة ووزراء الدفاع والخارجية والداخلية والمال والعدل والقادة العسكريين والأمنيين. وقرّر المجلس تكليف قيادة الجيش اتخاذ التدابير اللازمة لـ«انتشار أفواج الحدود البرّية عند الحدود الشرقية ورفع الاقتراحات لتأمين كل المستلزمات العسكرية واللوجستية في أقرب وقت». كما كلّف وزير الخارجية جبران باسيل «تقديم شكوى إلى مجلس الأمن بسبب خرق العدو الإسرائيلي الأجواء اللبنانية واستعمالها لقصف الأراضي السورية». وأبلغ وزير العدل سليم جريصاتي المجلس بأن التحقيق الذي طلب رئيس الجمهورية إجراءه في ظروف خطف العسكريين وقتلهم «سوف يتناول العناصر الجرمية لتفادي أي اتهام سياسي». وفي هذا الخصوص أكد عون أن التحقيق سوف «يحدّد المسؤوليات وفقاً للأصول ويريح قلوب أهالي العسكريين الشهداء ويوقف الاجتهادات»، فيما شدّد الرئيس الحريري على أن «لا خلفيات انتقامية أو كيدية للتحقيق بل يهدف إلى معرفة حقيقة ما حصل ومن غير الجائز استباق نتائجه وتوجيه اتهامات من هنا وهناك»، أضاف: «من المؤسف أننا لا نعرف كيف نتفق على هذا الانتصار، وكأن البعض كان يريدنا أن نخسر»

 

الديار :

اللبنانيون توحدوا خلف جيشهم واعلنوا تضامنهم ووقوفهم مع اهالي العسكريين الشهداء وما حل بهم وما عانوه من انتظار قاتل ومرير حرك قلوبهم طوال شهور كانت بمثابة دهر.
اللبنانيون شيعوا شهداء الجيش كما تليق الشهادة من وزارة الدفاع الى رياض الصلح الى قرى الشهداء حيث اصطف الاهالي على جانبي الطرقات ونثروا المواكب بالورود والارز والهتافات للجيش والوطن وحملت النعوش على الاكف.
 اللبنانيون كلهم لبسوا ثوب الحداد على شهداء ابطال نذروا حياتهم لخدمة الوطن في مواجهة عدو تكفيري لا يعرف الا لغة القتل والابادة وهزموه في معارك الشرف وخرج ذليلا من ارضنا التي تحررت من دنس ورجس هؤلاء.
من وزارة الدفاع كان الاحتفال الرسمي والتأكيد على جلاء الحقيقة ودحر الارهاب في معركة فجر الجرود وكلام رئىس البلاد وقائد الجيش على تحصين بلدنا وضرب كل من يحاول العبث بالامن وارادة العيش المشترك مع التحية للشهداء ودورهم وعطاءاتهم.
وفور انتهاء مراسم تكريم الشهداء في وزارة الدفاع، انتقل اعضاء مجلس الدفاع الاعلى الى القصر الجمهوري، وعقدوا اجتماعا برئاسة الرئيس عون، وتركزت نقاشاته على مسألة التحقيق في حوادث عرسال، وتحديد المسؤوليات، لان من شأن ذلك وضع حد لما يصدر من مواقف واجتهادات وتحليلات، كما اكد الرئيس الحريري الى ان التحقيق لا خلفيات انتقامية او كيدية له، بل يهدف الى معرفة حقيقة ما حصل من تلك الفترة».
وعلم ان النقاش تطرق الى وضع خطة امنية للبقاع لضبط الامن بالسرعة القصوى، لان من شأن ذلك منع اي عمليات «للثأر العشائري»، قد تنعكس سلباً على البقاع ولبنان، على خلفية احداث عرسال، وهذا ما يفرض توقيف من ساعد الارهابيين في احداث 2 آب 2014 لتخفيف التشنجات والتوترات، خصوصاً ان بعض اهالي الشهداء يحملون مسؤولية قتل ابنائهم العسكريين الى مصطفى الحجيري ابو طاقية ورئيس بلدية عرسال السابق ابو عجينة، واي حوادث بخلفيات الثأر قد تنعكس طائفيا على بلدات البقاع وتسيء لانجاز التحرير.
وفي هذا الاطار واصل فوج المكافحة بالجيش اللبناني بالتعاون مع المجوقل تطويق منزل ابو طاقية في عرسال المؤلف من 3 طبقات. الطابق الاول مستوصف الرحمة الميداني والثاني مسجد والذي يختبئ فيه ابو طاقية، والثالث المنزل الذي يقيم فيه، وفي معلومات من البقاع ان ابو طاقية «يزنر» نفسه بحزام مفخخ مع قياديين من «النصرة» المتورطين في خطف العسكريين والمطلوبين للجيش اللبناني.

 

الجمهورية :

ودَّع لبنانُ في مأتمٍ رسميّ وشعبي مهيب، الشهداءَ العسكريين الذين سقطوا على يد «داعش»، واحتضَن الترابُ اللبنانيّ الجثامين في جوّ من الحداد امتدّ على مساحة الوطن. ولا يعني هذا الوداع طيَّ هذه الصفحة السوداء من كتاب الإرهابيين وما اقترَفوه بحقّ لبنان وجيشِه وأبنائه، بل ترَك بابَ هذه القضية مفتوحاً على مصراعيه وصولاً حتى الاقتصاص من الجُناة. على أنّ العلامة النافرة التي رافقَت التشييعَ الوطنيّ للشهداء العسكريين، هي إصرارُ أهلِ السياسة على إدخال هذه القضية الوطنية إلى حلبة السجال السياسي وتقاذُف المسؤوليات، والذي لا يؤتى منه سوى إعادة ضخّ مناخِ التوتير فى الأجواء الداخلية، في وقتٍ وضَعت الأجهزة العسكرية والأمنية الوضعَ الداخلي في عين الرصدِ الحثيث لتضييقِ الخناق على الخلايا الإرهابية النائمة وضربِها وشلِّ حركتِها، تحسّباً لأيّ خطوات غادرة يمكن أن تلجأ إليها في الداخل اللبناني.

أعطى اجتماع مجلس الدفاع الأعلى الذي انعقد برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس، إشارةً إلى أنّ قضية العسكريين تحتلّ رأسَ قائمة الأولويات لدى أركان الدولة، مع التأكيد على المضيّ في التحقيق لجلاءِ ملابساتِ ما حصَل في 2 آب 2014، وهو ما أكّد عليه عون، موضحاً أنّ التحقيق الذي طلب إجراءَه في أحداث عرسال وجرودِها في 2 آب وما تلاها هدفُه وضعُ حدّ لِما يَصدر من مواقف واجتهادات وتحليلات.

وجاء تأكيد عون على التحقيق، بعد كلمته خلال المأتم الرسمي الذي أقيمَ للعسكريين في مقرّ قيادة الجيش في اليرزة، والتي غَمز فيها من قناة بعض مسؤولي تلك المرحلة من دون أن يسمّيهم، حيث قال: «دماء الشهداء أمانة في أعناقنا حتى تحقيقِ الأهداف التي استشهدوا من أجلها وجلاءِ كلّ الحقائق، وهؤلاء الشهداء العسكريون الذين خطِفوا وقتِلوا على يد التنظيمات الإرهابية، وَقفوا في العام 2014، على خطوط الدفاع عن لبنان غيرَ آبهين بما ظلّلَ تلك المرحلة من غموض في مواقف المسؤولين، سبَّبت جراحاً في جسمِ الوطن».

واستتبَع كلامُ رئيس الجمهورية ردّاً من رئيس الحكومة السابق تمام سلام الذي قال إنّه يضمّ صوته إلى صوت رئيس الجمهورية لضرورةِ جلاءِ كلّ الحقائق، مؤكّداً على فتحِ التحقيق على مصراعيه ورفعِ السرّية عن محاضر جلسات مجلس الوزراء، ليتسنّى للّبنانيين، وفي مقدّمتهم عائلات الشهداء، الاطّلاعُ عليها، حتى لا تصيرَ أضاليلُ اليوم كأنّها حقائقُ الأمس».

أبحاث مجلس الدفاع

وعَلمت «الجمهورية» مِن مصادر المجتمعين أنّ اجتماع مجلس الدفاع الأعلى تناوَل بالتفصيل كلَّ الأمور والتفاصيل المرتبطة بالوضع الأمني إلى جانب قضية العسكريين.

وتَقرّر أن يتمركز الجيش اللبناني في المساحة الجردية التي تمّ تحريرها، من عرسال إلى القاع وتقدّر بـ٣٠٠ كلم مربّع، وهي أراضٍ صعبة جغرافيّاً، وتحتاج الى تجهيزات عالية تَحمي العسكر، منها أبراجُ المراقبة المتطوّرة، خصوصاً وأنّ الظروف المناخية لهذه الجرود قاسية، وتُرِك لقيادة الجيش تقديرُ عديد القوى المسلّحة التي تحتاجها للانتشار في هذه المنطقة، علماً أنّها تحتاج إلى ما يزيد عن١٠٠٠ عنصر.

وتقرّر أن تعمل قيادة الجيش على رفعِ مقترحاتٍ لمكافأة الوحدات التي خاضَت معركة الجرود، إمّا عبر ترفيعٍ أو تنويهٍ أو منحِ رتبٍ استثنائية وأوسمةٍ أو جوائز مالية. وكذلك أن يَرفع قائد الجيش تقريراً شاملاً عن متطلبات ومستلزمات المنشآت لتجهيز المواقع، وخصوصاً فوج الحدود البرّية التي ستَعمل على ضبطِ التهريب بعدما أصبحت الحدود ممسوكة.

وفي السياق ذاته، أشار وزير العدل الى انطلاق مسار التحقيق، وأنّ القضاء العسكري طلبَ من مخابرات الجيش البدءَ بالتعقّبات والتحقيقات لتكوين ملفّ على أساسه تبدأ الاستدعاءات، وأصبح بحوزة القضاء العسكري العديدُ من الأدلّة والفيديوهات والاعترافات التي على أساسها ستبدأ الملاحقة القضائية. وأبلغَ وزير العدل المجلسَ الأعلى للدفاع أنّ التحقيق سيَعتمد العناصر الجرمية لا الاتّهامات السياسية.

وتطرّقَ البحث إلى الوضع الأمني في البقاع، وخصوصاً وجوبُ استدارة القوى العسكري والأمنية إلى ضبطِ الأرض بعدما انشَغلت في السنوات الماضية بمنعِ التسلّل وصدّ الهجمات الارهابية الآتية من الجرود.

وفي سياق آخَر، تمّ التوافق على تكليفِ ضبّاطٍ للتواصل مع أهالي العسكريين لتفادي وقوع عمليات انتقامية من شأنها أن تُعيد البلاد إلى مرحلةٍ من التوتّر والتفلّتِ الأمني، الأمرُ الذي يُضيّع الانتصار والإنجازَ العسكري الكبير.واتُفِق على ملاحقة كلّ من تورَّط بخطف العسكريين أو وفَّر حمايةً للمسلحين، ولن يكون هناك غطاءٌ على أحد.

الحريري وموسكو

على صعيدٍ سياسيّ آخر، يتوجّه رئيس الحكومة سعد الحريري الاثنين المقبل الى موسكو برفقة عدد من الوزراء، يلتقي خلالها الرئيس فلاديمير بوتين ونظيرَه الروسي ديمتري ميدفيديف.

وتبدو طبيعة الوفد المرافق للحريري وكذلك جدولُ الأعمال أنّهما يَمنحان الزيارة طابعاً اقتصادياً، بالدرجة الاولى، إلّا أنّ ذلك لا يَحجب عنها البُعد السياسي، خصوصاً أنّ زيارة الحريري تتمّ في مرحلة مزدحمة بالتطوّرات الاقليمية والدولية، وتحديداً على مستوى الساحة السورية، في ظلّ التطورات المتسارعة في الميدان التي تشهَد تقدّماً ملحوظاً للنظام السوري وحلفائه، والمثال الساطع الاخير تجلّى في دير الزور وما قد يَليه من تطوّرات مكمّلة لهذا التقدّم.

وكشَفت مصادر ديبلوماسية روسيّة لـ«الجمهورية» أنّ اللقاء بين الحريري وميدفيديف سيأخذ الطابَع الاقتصادي فيه حيّزاً أكبرَ مِن الطابع السياسي، حيث سيركّز على سُبل تعزيز العلاقات الثنائية، وعلى تفعيل التعاون في المجالات الاقتصادية.

على أنّ الاجتماع الأهمّ هو مع الرئيس الروسي، إذ إنّ جدولَ البحث فيه مفتوح على كلّ التطوّرات الاقليمية والدولية، إلى جانب الشقّ الأساسي الذي يَعني لبنان، المتعلّق بإحياء فرصة تنشيطِ التعاون العسكري بين موسكو وبيروت، والغاية من ذلك هي رفدُ الجيشِ اللبناني بسلاح روسيّ.

ولفَتت المصادر الروسيّة إلى أنّ ما سيُطرح على بساط البحث في الشقّ العسكري يتجاوز بكثير إطار الهبة الروسيّة السابقة التي طرِحت قبل سنوات ومن ثمّ تعثّرَت، وكشَفت أنّ بعض الافكار المقترَحة تتّصل بتعاونٍ واسعِ النطاق، إلّا أنّ القرار الأساس منوط بالقيادة العسكرية اللبنانية التي هي الجهة الصالحة والوحيدة القادرة على تحديد قائمة الأسلحة ونوعيتها التي يَحتاجها الجيشُ اللبناني لتعزيز قوّته، وخصوصاً في هذه المرحلة التي يخوض فيها الجيش حرباً قاسية ضدّ الإرهاب وحقّق إنجازات مشهودة من قبَل كلّ العالم.

إلّا أنّ الحجم الذي ستتّخذه المساهمة الروسية في تسليح الجيش، وكما قالت المصادر، يتوقّف على طبيعة الإطار المالي لهذه المساهمة، وعرَضت في السياق احتمالين: فإمّا أن يتمّ التسليح من خلال قرضِِ روسيّ، وحينها يصبح هامش الاستفادة من القدرات الروسية واسعاً، وإمّا أن يجريَ ذلك عبر الخزينة اللبنانية، وفي هذه الحالة ستتقلّص الخيارات.

عون إلى موسكو

وكشَفت المصادر الروسيّة أنّ موسكو تستعدّ لاستقبال الرئيس عون، مشيرةً في هذا المجال إلى أنّ التحضيرات قد بدأت منذ الآن لإتمام هذه الزيارة، حيث بدأت خطوط الاتّصال بين القصر الجمهوري اللبناني والكرملين تشهد حرارةً ملحوظة، في وقتٍ وجّهت القيادة الروسية تعليمات الى السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين للمباشرة بالإعداد لهذه الزيارة.

وعمّا إذا كان موعد زيارة عون الى موسكو قد تحدَّد بعد زيارة الحريري، قالت المصادر الديبلوماسية الروسية: «حتى الآن تمّ حسمُ مبدأ إتمامِ الزيارة، وأمّا الموعد فيَنتظر اختمارَ بعضِ الترتيبات اللوجستية والإجرائية، ولا سيّما تلك التي تتعلق ببرمجةِ روزنامة بوتين واختيار التوقيت المناسب للاجتماع بينه وبين الرئيس اللبناني».

السبهان مجدّداً

مِن جهةٍ ثانية، دخَل وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان مجدّداً على المشهد اللبناني بتغريدةٍ جديدة هجومية على «حزب الله» وإيران، حيث قال: «الإرهاب والتطرّف في العالم منبعُه إيران وابنُها البكر حزب الشيطان، وكما تَعاملَ العالم مع داعش لا بدّ من التعاملِ مع منابعِه، شعوبُنا بحاجة للسلام والأمن.

وهي تأتي على مسافة أيامٍ قليلة من تغريدته الأولى التي جاءت بمضمون شديد القساوة على الحزب، وخيَّر فيها اللبنانيين بين أن يكونوا مع الحزب أو ضدّه.

ووصَفت مصادر سياسية تغريدةَ السبهان، ربطاً بالثانية، بأنّها لم تكن «سنونو» عابرة، بل هي موقفٌ سعوديّ قديمٌ ـ جديد.

وفيما انشَغلت الأوساط السياسية أمس بمعرفة خلفيات هذه التغريدات من دون أن تتمكّنَ من الوقوف على جوابٍ شافٍ، كشَف مصدر لبنانيّ اقتصادي، التقى في الساعات الـ 48 الماضية بعضَ المسؤولين السعوديين في المملكة، أنّ الموقف السعودي يَهدف إلى استنهاض 14 آذار في ظرفٍ تشير فيه المعطيات إلى انحياز لبنان إلى المحور السوري ـ الإيراني، وتخشى السعودية التي بدأت انفتاحاً على بغداد، من أن يردّ الإيرانيون بتشديد القبضة على الوضع اللبناني، لذلك قرّرَت تكثيفَ الرسائل إلى اصدقائها في لبنان ليصحّحوا مواقفهم.

إلّا أنّ مصادر سياسية اعتبَرت أنّ خَلق توازنٍ لا يكون بتغريدة إنّما بمشروع متكامل، على غرار الذي كان بين العامين 2005 و2009، وهو أمر لا يبدو أنّ السعودية عازمة على تجديده، إنّما تعتقد بأنّها قادرة على خلقِ مناخٍ جديد في الوقت الحاضر، وتطوّر موقفَها لاحقاً حسب الحاجة وحسب مدى تجاوبِ حلفائها السابقين في لبنان.

وكشَفت مصادر أخرى أنّ الموقف السعودي لم يلقَ بعد تجاوباً من أيّ مسؤول لبناني، لأنّ المسؤولين اللبنانيين يعتقدون بأنّ السعودية غيرُ حاضرة بعد للعودة إلى الساحة اللبنانية.

بدوره، رأى مصدر معارض أنّ تكرار الوزير السبهان لتغريداته يؤكّد أنّ ما قاله لم يكن زلّة لسان ولا موقفاً عابراً قيل عن غير قصد.

وقال لـ«الجمهورية»: «إنّ استخدام الأسلوب نفسه في التغريدات وخلال أيام، يؤكّد أنّ الوزير السعودي يُعبّر عن موقفٍ مدروس للمملكة العربية السعودية، ويَرتكز على أنّ كَيلها طفحَ من تمادي النفوذ الإيراني في لبنان أمام تراخي السلطة اللبنانية بشكلٍ كامل».

أضاف: «وما أزعجَ الرياض أكثر هو استهدافُ الرئيس تمام سلام وغيره من القيادات، فجاء بيان سلام (الذي ردَّ فيه على عون أمس) ليلاقيَ تغريدةَ السبهان في اعتراضٍ سنّي عريض. فبدل أن يكون فتحُ ملفِّ المرحلة السابقة قضائيّاً، يتحوّل يوماً بعد يوم إلى قضيةٍ معنيةٍ فيها الطائفةُ السنّية برُمّتها.

إسرائيل و«الحزب»

إقليمياً، واصَلت إسرائيل تهديداتها بأنّها ستستمرّ في مواجهة تسليحِ «حزب الله» وتعزيز قدراته، وفي هذا السياق جاء إعلان الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفيلن، خلال لقائه المستشارةَ الألمانية أنغيلا ميركل في برلين، أنّ إسرائيل ستردّ على استمرار عملية تسليحِ «حزب الله».

وانتقَد ريفيلن، حسبَ ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية، ما وصَفته بـ«تأثير نشاط «حزب الله» تحت الرعاية الإيرانية في لبنان»، قائلاً إنّ هذا الحزب «يشكّل خطراً على السكّان المحلّيين وينتهك باستمرار قرارات مجلس الأمن الدولي».

وأضاف: «إستمرار عملية تزويد «حزب الله» بالأسلحة المحدثة سيُجبر إسرائيل على الردّ». وشدَّد على أنّ إيران تشكّل العاملَ الأكبر الذي يُزعزع الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، معتبراً أنّ سلطات طهران تنتهج عمداً مثلَ هذه السياسات.

 

 

اللواء :

دموع وآمال، توحد لبنان الدولة والشعب والمؤسسات، في حفل الوداع الأخير، لشهداء الجيش اللبناني العشرة، الذين سقطوا غيلة على ايدي تنظيم «داعش» بعد خطفهم، وتصفيتهم جسدياً، لاحقاً، في عملية «إرهابية»، أدت إلى معركة «فجر الجرود» التي طردت عناصر التنظيم من الجرود اللبنانية وسائر العناصر المسلحة الشبيهة بهذا التنظيم الارهابي.
توحد لبنان برئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة وخلفهم المؤسسات الحكومية والأمنية، وعائلات وذوي الشهداء في واحدة من ابهى عناصر الوحدة، والاحتضان والالتفاف حول علم البلاد وجيشه الواحد الموحّد.
فمن وزارة الدفاع في اليرزة إلى خيمة الشهداء في ساحة الشهداء وسط بيروت إلى بلدات الجنود الشهداء في البقاع والجبل والشمال، تحوّلت الأمكنة إلى ساحات شرف، ولفت النعوش بالاعلام اللبنانية واوسمة الاعتزاز والافتخار، وتعالت الأمهات والآباء على الجراح، فإذا الجنائز تتحوّل إلى اعراس اعتزاز وافتخار، بأبناء الوطن والجيش الذين ماتوا ليحيا لبنان.
وسط حداد عام وتنكيس الاعلام، وإقفال رسمي للادارات والمؤسسات دفنت الاجساد الطاهرة، لكن القضية التي استشهدوا من أجلها بقيت وستبقى حيّة..
ولئن كان الرئيس ميشال عون أكّد في الاحتفال الصباحي ان دماء شهداء الجيش أمانة حتى جلاء الحقيقة، فإن الرئيس الحريري اعتبر ان التحقيق الذي طلب الرئيس عون اجراءه لا خلفيات انتقامية أو كيدية له، بل يهدف إلى معرفة حقيقة ما حصل، ومن غير الجائز استباق النتائج أو توجيه الاتهامات واستغلال ذلك في السياسة.
ويغادر الرئيس الحريري في الساعات المقبلة إلى روسيا الاتحادية، حيث سيلتقي الاثنين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي (مقر اقامته) على البحر الأسود.
وفي إطار سياسي، له صلة بالوضع الإقليمي، صعّد وزير الدولة لشؤون الخليج في المملكة العربية السعودية ثامر السبهان ضد إيران وحزب الله.
وقال السبهان في تغريدة جديدة له: «الارهاب والتطرف في العالم منبعه إيران وابنها البكر حزب الشيطان وكما تعامل العالم مع داعش لا بدّ التعامل مع منابعه، شعوبنا بحاجة للسلام والأمن».
ردّ سلام
على ان كلمة الرئيس عون في مراسم التشييع الرسمي، عن «غموض مواقف المسؤولين» في ذلك اليوم المشؤوم الذي خطف فيه العسكريون الشهداء، والتي سببت جراحاً «في جسم الوطن»، لم تمر من دون ردّ مدوي للرئيس تمام سلام الذي كان التزم الصمت طيلة المرحلة التي تلت عملية «فجر الجرود» «احتراماً لأرواح الشهداء العسكريين وآلام عائلاتهم»، وحرصاً منه على عدم الانجرار إلى مناكفات سياسية والمشاركة في لعبة تصفية حسابات في مرحلة، وصفها الرئيس سلام في بيانه بأنها كانت من أصعب المراحل في تاريخ الجمهورية.
وأوضح سلام في رده ان موقف «حكومة المصلحة الوطنية» التي رأسها في فترة الفراغ الرئاسي، لم يكن غامضاً على الإطلاق بل كان واضحاً وضوح الشمس، ويتلخص في وجوب العمل على تحرير العسكريين المخطوفين بكل الإمكانات المتاحة، مع الحرص في الوقت نفسه على أرواح أبناء بلدة عرسال صوناً للاستقرار وحماية للسلم الأهلي، فيما الغموض الذي أشار إليه الرئيس عون يصح لوصف مواقف وادوار القوة السياسية التي عرقلت دورة الحياة وعطلت مصالح العباد على مدى ثلاث سنوات، والتي اجازت لنفسها إطلاق التهم جزافاً في كل الاتجاهات.
غير ان سلام الذي أعلن ضم صوته إلى صوت الرئيس عون لجهة ضرورة جلاء كل الحقائق، دعا إلى فتح التحقيق على مصراعيه، وإلى رفع السرية عن محاضر جلسات مجلس الوزراء، ليتسنى للبنانيين، وفي مقدمتهم عائلات الشهداء الاطلاع عليها، حتى لا تصير اضاليل اليوم وكأنها حقائق الأمس.
وقال ان «من حق اللبنانيين ان يعرفوا طبيعة الوقائع الميدانية في عرسال وجوارها يومذاك، وما هي مواقف من يتاجرون اليوم بأرواح الشهداء، ومن حقهم ان يعرفوا من أيد التفاوض مع الارهابيين الخاطفين ولماذا ومن رفضه ولماذا، ومن احبط المساعي التي قامت بها هيئة العلماء المسلمين وغيرها ولماذا».
وشدّد على ان الأجواء السلبية المفتعلة داخل مجلس الوزراء في تلك المرحلة لم تؤثر على الإطلاق على القوى العسكرية والأمنية، ولا على صلابة القيادة العسكرية التي كانت دائماً تتمتع بالجهوزية الكاملة، ولم تقصر في بذل أي جهد في معركة مواجهة الإرهاب في الداخل وعلى الحدود وتحرير العسكريين المخطوفين.
المجلس الأعلى للدفاع
إلى ذلك، أوضحت مصادر مطلعة على اجتماع المجلس الأعلى للدفاع انه جرى في خلاله تقييم معركة فجر الجرود ودرس الخطوات اللاحقة، ولا سيما عسكريا لمرحلة ما بعد تحرير جرود رأس بعلبك والقاع من الارهابيين، واصفة النقاش الذي دار بالجيد.
وقالت المصادر ان الاجتماع توقف عند سلسلة مسائل تتصل بالاطاحة بهذه المعركة وخطة عمل المرحلة المقبلة، وفي هذا السياق، أفادت ان قائد الجيش العماد جوزف عون قدم تقريرا مفصلا عن العملية العسكرية التي جرت وصولا الى التفاوض، عارضا للصعوبات التي واجهها العسكريون ولا سيما مشكلة الألغام التي زرعت ما قد استدعى العمل على فتح طرقات جديدة، وهو ما قد اطال مرحلة الحسم العسكري، فيما تولى المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم شرح مسألة التفاوض.
وكشفت ان نقاشا موسعا دار حول الحاجة إلى تجهيزات جديدة للجيش في ضوء الإجراءات التي ستتخذ لاحقا، ومنها موضوع جهوزية الجيش للتمركز على طول مساحة الـ300 كيلومتر مربع التي جرى تحريرها في الأراضي اللبنانية، ومعظم هذه المساحة ذات طبيعة وعرة ولا سيما في فصل الشتاء، الأمر الذي يستدعي إجراءات معينة، وبينها على سبيل المثال بناء ابراج على غرار الابراج التي بناها البريطانيون في الداخل لحماية العسكريين.
وأوضحت انه تمّ الطلب من قيادة الجيش وضع تقرير شامل عن الحاجات للمباشرة بوضع هذه الانشاءات أو التجهيزات قبل فصل الشتاء ولا فإن هناك استحالة لذلك أثناء هذا الفصل.
وقالت ان هناك حاجة ايضا لتعزيز فوج الحدود البرية بالعتاد والعناصر الأمر الذي سيكون مناط تقديره لقيادة الجيش.
ولفتت المصادر ايضا إلى انه تمّ الطلب إلى جميع الأجهزة الأمنية وضع خطط مرحلية في ما خص الكلفة والأهداف، وذلك في معرض الحديث عن زيادة عديد القوى الأمنية على ان هذه الخطط منها ما هو قصير ومنها ما هو متوسط الأمد وكل ذلك يعود إلى تقدير المؤسسات الأمنية.
وكشفت ان رئيس الجمهورية طلب من قيادة الجيش وضع خطة تتعلق بتكثيف الجهود لضبط التهريب بعدما أصبحت المنطقة المحررة مضبوطة ويتمركز فيها الجيش اللبناني، معلنة ان ذلك سيتم بالتنسيق مع مديرية الجمارك.
ولفتت المصادر المطلعة إلى ان المجتمعين تناولوا موضوع الأمن في البقاع والحاجة إلى منع أي تسلل بقصد القيام بأي تفجير أمني، مشيرة إلى وجود استدارة لمعالجة هذا الموضوع وضبط الأراضي الواسعة في المنطقة والتي ينشر الجيش فيها.
اما ملف أوضاع المخيمات فسيكون في طلب متابعة المدير العام للأمن العام مع الجهات المعنية بالتنسيق مع قيادة الجيش.
وفي ما خص التحقيق بشأن احداث عرسال 2014، فأكدت المصادر ان وزير العدل سليم جريصاتي دُعي للحضور لهذه الغاية، معلنة ان تشديدا برز على عدم توجيه اي اتهام سياسي أو وجود غايات شخصية وراءه، لافتة إلى ان اجراء التحقيق ضروري لاراحة قلوب أهالي الشهداء مثلما قال الرئيس عون واستخلاص العبر.
وقالت ان المجتمعين أكدوا على أهمية وقف الاتهامات المجانية وإنهاء الجدل حول الموضوع وسحبه بالتالي من النقاش السياسي والتركيز على التحقيق القضائي.
وذكرت ان الرئيس عون بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة طلب اجراء التحقيق، وان وزير العدل المكلف بالموضوع سيتابعه مع القضاء العسكري، مؤكدة ان الوزير جريصاتي كان واضحا في قوله ان التحقيق سيتناول العناصر الجرمية لتفادي أي اتهام سياسي.
وعلم من المصادر ذاتها ان النقاش تناول ما طرح مؤخرا عبر وسائل الإعلام من اعمال انتقامية لمقتل العسكريين الشهداء، فكان تأكيد على أهمية معالجة ما جرى لأن المضي في ترويج هذا الكلام يُعيد البلاد إلى أجواء غير سليمة، وأوضحت انه في ظل مناقشة هذا الكلام، اثير التهديد لمسؤولين سابقين بالقتل ولذلك سيطلب من وسائل الإعلام الكف عن الاضاءة على هذا الأمر واحترام مشاعر النّاس، وقالت ان المطلب واضح هو اجراء التحقيق من دون أي تجنٍ، متحدثة عن اقتناء الأجهزة الأمنية لارشيف واقراص مدمجة وافلام تتيح بملاحقة كل من تورط في خطف العسكريين أو وفّر الحماية لعملية الخطف.
على صعيد آخر، توقف المجلس عند أهمية التقيد بالمعايير عند رفع طلبات تطويع تلامذة ضباط للمدرسة الحربية إلى مجلس الوزراء واحترام الكفاءة والأنظمة المرعية الاجراء وعند وضع جداول الترقية الدورية للضباط، وذلك في ضوء ما سُرب مؤخر عمّا يجري في الكلية الحربية.
وعرض وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وفق المصادر ذاتها لموضوع التمديد لقوات اليونيفل والصعوبات التي واجهت هذا الموضوع في ضوء الضغط الأميركي الذي مورس في مجلس الأمن لتعديل مهام اليونيفل وقد كلفه المجلس رفع شكوى إلى مجلس الأمن بسبب خرق العدو الإسرائيلي الأجواء اللبنانية واستعمالها لقصف الأراضي السورية.
وكان الرئيس عون طلب في مستهل الاجتماع الوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواح الشهداء العسكريين في معركة فجر الجرود، وجدّد تهنئة اللبنانيين بالإنجاز الذي تحقق، مشددا على ضرورة عدم مقاربة ما حصل من زاوية سياسية، لا سيما وأن بعض ما قيل خلال مرحلة التحرير وما بعدها كانت له ابعاد سياسية بقصد التقليل من أهمية الإنجاز الذي حققه الجيش.
مراسم التكريم
وكانت مراسم التكريم لوداع الشهداء العشرة الذي اقامته قيادة الجيش في ساحة العلم في وزارة الدفاع، في ظل الحوار الوطني والاحتفال الرسمي الذي اعلنته رئاسة الحكومة، قد بدأت في العاشرة صباحا، بالتزامن مع وقوف اللبنانيين خمس دقائق حدادا على أرواح الشهداء، وسط تنكيس الإعلام اللبنانية على سواري الوزارات والإدارات الرسمية والرئاسات الثلاث، ومع لحظة وصول جثامين الشهداء من المستشفى العسكري في نعوش بيضاء مجللة بالعلم اللبناني، في حضور الرؤساء ميشال عون ونبيه برّي وسعد الحريري ووزير الدفاع يعقوب الصرّاف وقائد الجيش العماد جوزف عون وقادة الأجهزة الأمنية وممثلين عن رؤساء والطوائف والبعثات الدبلوماسية وأهالي الشهداء وعدد من الشخصيات.
وبعد مرور الجثامين العشرة في الباحة الواسعة وأمام المنصة الرئيسية، وإطلاق 21 طلقة تحية للشهداء، وضع الرئيس عون أوسمة الحرب والجرحى ووسام الاستحقاق العسكري على النعوش التي اصطفت امام صور الشهداء، ثم ألقى كلمة عاهد فيها ذويهم بأن «دماء ابنائكم ستبقى أمانة لدينا حتى تحقيق الأهداف التي استشهد ابناؤكم من أجلها وجلاء كل الحقائق».
وأكّد ان الشهداء العسكريين الذين خطفوا وقتلوا على أيدي التنظيمات الإرهابية في جرود السلسلة الشرقية وقفوا في العام 2014 على خطوط الدفاع عن لبنان، غير آبهين بما ظلّل تلك المرحلة من غموض في مواقف المسؤولين سببت جراحاً في حسم الوطن».
وإذ أشار إلى ان الأوطان ليست مستحقة لنا إذا لم نكن مستعدين لصونها بالشهادة، لفت إلى ان شهادة العسكريين المكرّمين هي شهادة للعالم علىما يدفعه لبنان ثمنا لمواجهاته الطويلة مع الإرهاب على مر السنين».
اما العماد عون الذي حيّا الشهداء، فقد أكّد في كلمته انه «على الرغم من أهمية الإنجاز التاريخي الذي حققه الجيش اللبناني فإننا لن ننسى ولن يسهى عن بالنا خلايا الإرهاب السرطانية النائمة»، محذراً من ان هذه الخلايا قد تسعى إلى الانتقام لهزيمتها وطردها بمختلف الأساليب وفي مقدمها «اسلوب الذئاب المنفردة»، وهذا يتطلب منا البقاء متيقظين وحاضرين للتصدي لها والقضاء عليها، كاشفاً بأن الجيش سينتشر من الآن وصاعداً على امتداد الحدود الشرقية للدفاع عنها، ومشدداً على الالتزام التام بالقرار 1701 ومندرجاته كافة والتعاون الأقصى مع القوات الدولية للحفاظ على استقرار الحدود الجنوبية، متعهداً ألا يكون حراس حدود للعدو الغاصب إسرائيل.
وبعد ان أنهى الرئيس عون كلمته، أقيمت مراسم مغادرة جثامين الشهداء ساحة العلم، ونقلت النعوش في مواكب سيّارة مع الاكاليل إلى ساحة رياض الصلح التي احتضنت خيمة الأهالي على مدى السنوات الثلاث الماضية، فاستقبل المواطنون الذين تجمعوا في الساحة، الجثامين بنثر الارز والزهور وإطلاق الزغاريد، قبل ان تشق مواكب الجثامين طريقها شمالاً وبقاعاً إلى القرى والبلدات التي ازدانت بصور الشهداء وعلمي لبنان والجيش، حيث ووريت الثرى في ما يشبه عرس وطني جماعي.

 

الاخبار :

يزداد الحديث عن المخاطر التي تطال إجراء الانتخابات النيابية المقبلة، مع الخشية من عدم القدرة على تنفيذ الاستحقاق في موعده في ظلّ الخلافات. «التسجيل المسبق» عقدة بارزة أمام العملية الانتخابية، ومع ذلك، لا تقارن بالتباينات التي لم تظهر بعد بين الكتل السياسية

 

 

مع إقفال ملفّ التهديد الإرهابي انطلاقاً من الجرود الشرقية اللبنانية، بدأت الانتخابات النيابية المقبلة تتصدّر المشهد السياسي اللبناني، في ظلّ الانقسام الذي يعصف بين الكتل السياسية، ويتمثّل في اختلاف وجهات النظر بين أعضاء اللجنة الوزارية المكلّفة ببحث كيفية تطبيق قانون الانتخاب.

وإذا كانت غالبية الأطراف لا ترى خطراً في مرور مهلة صدور مرسوم تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات في موعده المفترض، أي قبل 17 أيلول الحالي، فإن العقبات التي تقف في وجه تطبيق القانون الجديد تضع الاستحقاق الانتخابي بأسره في عين العاصفة.
الجلسة الثالثة للجنة الوزارية أوّل من أمس بدت نذير شؤم على إمكانية إجراء الانتخابات النيابية في موعدها. فالانقسام كان سيّد الموقف بين ممثّلي الكتل البرلمانية من الوزراء، وجرى الحديث فيها بشكل واضح عن الصعوبات التي تواجهها وزارة الداخلية في المدّة المتبقية قبل الموعد، لتنفيذ الإجراءات اللازمة لإجراء الانتخابات في أيار المقبل.
حتى إنه وصل الأمر بالوزير علي حسن خليل إلى القول داخل اللجنة، إنه بات مقتنعاً بأن وزارة الداخلية ستعجز عن تسليم البطاقات الممغنطة، في حال استمر الانقسام على حاله ولم يتمّ التوصّل إلى صيغة منطقية لآلية الاقتراع.


 

 

غير أن الانقسام الأبرز الآن لا يزال يتمحور حول مبدأ التسجيل المسبق للناخبين في حال أرادوا الاقتراع خارج مكان القيد. ومع أن هذا البند يزداد تعقيداً، مع انقسام الكتل إلى فريقين، إلا أنه يبدو أقلّ الأزمات، أمام ما يُعِدّ له كلّ من التيار الوطني وحركة أمل من مطالب لتعديل القانون، لا سيّما مسألة احتساب نسب الصوت التفضيلي على أساس الأقضية أو الدوائر الصغرى.
وينص اقتراح التسجيل المسبق على أن يبادر الناخب، قبل نهاية العام الذي يسبق إجراء الانتخابات، إلى إبلاغ وزارة الداخلية بالمكان الذي يريد التصويت فيه. مثلاً، إذا كان ناخب من الشوف يسكن في كسروان، يمكنه طلب الاقتراع في مركز قريب من مكان سكنه، بدل التوجه إلى بلدته يوم الانتخابات. وإذا تجاوز عدد الناخبين الشوفيين في كسروان رقماً معيناً، تخصّص لهم وزارة الداخلية قلم اقتراع حيث يقطنون، ليشاركوا في انتخاب نواب دائرة الشوف ــ عاليه. وفي هذه الحالة، تُشطَب أسماء هؤلاء الناخبين من لوائح الشطب في بلداتهم، لتوضع على لوائح شطب تمكّنهم من الاقتراع في المركز الذي خصّصته لهم الوزارة.
وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن مسألة التسجيل المسبق يعارضها التيار الوطني الحرّ وتيار المستقبل، بينما يتمسّك بها كل من حزب الله وحركة أمل والقوات اللبنانية. وإذا كان موقف التيار الوطني الحرّ، وعلى لسان الوزير جبران باسيل، مبرّراً بأن «مزاج الناخب يتحدّد قبل عشرة أيام، ولذلك علينا ترك الحرية للناخبين للاختيار يوم الاقتراع بين الاقتراع في أماكن قيدهم أو في أماكن سكنهم أو في الأقلام المركزية في بيروت»، فإن موقف تيار المستقبل ليس مفهوماً، سوى من باب دعم موقف العونيين.
وهذا الاستغراب سجّله رئيس المجلس النيابي نبيه برّي أمس، الذي قال لـ«الأخبار» إن «مبدأ التسجيل المسبق هدفه تنظيم الانتخاب، وهو قد يكون سبباً إضافياً في حال غيابه لخسارة تيار المستقبل. وأنا لا أجد مبرّراً لرفض المستقبل له سوى مسايرة التيار الوطني الحرّ». لكنّ برّي الذي بات يشعر بأن «هناك من يريد وضع عراقيل بهدف تطيير الانتخابات»، أكّد أنّه «لا أقبل إلّا بالتسجيل المسبق، وهذا ليس مصلحة لأحد معيّن، بل طريقة لتنظيم الانتخابات. ولن أقبل بإلغائه حتى لو طارت الانتخابات برمّتها».
وتشرح مصادر وزارية شاركت في الجلسة أن عدم وجود التسجيل المسبق لا يسمح بتحديد عدد الناخبين في الأقلام المركزية أو في أقلام المناطق والقرى، وبالتالي لا يسمح بتحديد عدد رؤساء الأقلام ولا عدد اللوائح المطبوعة مسبقاً، والتي تكلّف الواحدة منها دولاراً واحداً. وهذا أيضاً يُجبر وزارة الداخلية على إجراء ربط تقني بين 7 آلاف مركز انتخابي، أي 7 آلاف «جهاز قراءة إلكتروني للناخبين»، موصولة بقواعد بيانات مركزية في المناطق، تكون موصولة بدورها بقاعدة بيانات مركزية في وزارة الداخلية. وهذه العملية ستكلّف الدولة عشرات ملايين الدولارات، من دون سبب.
أمّا بالنسبة إلى البطاقة البيومترية، فليس محسوماً بعد إن كان سيتمّ اعتماد بطاقة ممغنطة مخصصة للانتخابات فقط، أم بطاقة بيومترية تحمل معلومات كاملة عن المواطنين وتستعمل لاحقاً كبطاقة هوية. إلّا أن الثابت هو أن عدد البطاقات البيومترية المطلوب إنتاجها يصل حدّ 3 ملايين و800 ألف بطاقة. وتقول المصادر إن وزير الداخلية نهاد المشنوق قال إن المطلوب لإصدار هذا العدد إنتاج حوالى مليون بطاقة شهرياً، أي حوالى 40 ألف بطاقة يومياً، في ماكينة عمل لا تتوقّف 24 ساعة في اليوم. على أن تقديم الطلبات للبطاقات البيومترية يجب أن يبدأ بداية تشرين الأول حتى نهاية العام الحالي، وهو ما يبدو بالنسبة إلى أكثر من مصدر في اللجنة أمراً مستحيلاً، وخاصة أن مئات آلاف المواطنين اللبنانيين لم يحصلوا بعد على بطاقات هوياتهم، رغم مرور أكثر من عشرين عاماً على بدء عملية إصدارها.

الجيش إلى الحدود الشرقية

وفيما أقام الجيش احتفالاً تكريميّاً للشهداء العسكريين في اليرزة وشيّعت جثامين الشهداء بعده في مناطقهم، عقد المجلس الأعلى للدفاع اجتماعاً مهمّاً في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، كُلّف خلاله الجيش بـ«اتخاذ التدابير اللازمة لانتشار أفواج الحدود البرية (على الحدود الشرقية) ورفع الاقتراحات لتأمين جميع المستلزمات العسكرية واللوجستية بأقرب وقت ممكن». كذلك جرى تكليف وزير الخارجية جبران باسيل بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، بسبب خرق العدو الاسرائيلي الأجواء اللبنانية واستعمالها لقصف الأراضي السورية، بعد الغارات المعادية الأخيرة على مركز البحوث العلمية في منطقة مصياف السورية.
وبعد تقويم نتائج العملية العسكرية في الجرود، عرض رئيس الجمهورية التكليف بإجراء تحقيق في ما خصّ ظروف خطف العسكريين وأسرهم وقتلهم، حيث أشار وزير العدل سليم جريصاتي إلى أن «التحقيق سوف يتناول العناصر الجرمية لتفادي أيّ اتهام سياسي».
وفي السياق ذاته، دعا رئيس الحكومة السابق تمام سلام إلى «ضرورة جلاء كل الحقائق في قضية العسكريين الشهداء، وفتح التحقيق على مصراعيه ورفع السرية عن محاضر جلسات مجلس الوزراء ليتسنّى للبنانيين، وفي مقدمتهم عائلات الشهداء، الاطلاع عليها، حتى لا تصير أضاليل اليوم كأنها حقائق الأمس».