اليوم تنتهي الحكاية.. حكاية عسكريين أبطال واجهوا مصيرهم بأنفسهم، بعدما عجزت الدولة عن إستعادتهم أحياء..

اليوم تنتهي مأساة العسكريين الشهداء، من تاريخ الخطف في 2 آب 2014، الى تاريخ الاعدام في شباط 2015، الى التغييب القسري لجثامينهم التي دفنها الارهابيون في مكان مجهول الى أن إستعيدت رفات.

اليوم تنتهي مأساة أهالي العسكريين الذين ملأوا الدنيا وشغلوا الناس بمعاناتهم وحزنهم وخوفهم  ولقاءاتهم وتحركاتهم وإعتصاماتهم ضمن خيمتهم في ساحة رياض الصلح.

اليوم يُقفل ملف العسكريين الشهداء بعد ثلاث سنوات ونيّف من الاستغلال السياسي والوعود العرقوبية للأهالي، والاجتهادات الاعلامية، والتسريبات الأمنية، والفشل الرسمي في معالجة هذا الملف الذي لم تكن نهايته سعيدة، على غرار العسكريين المخطوفين لدى جبهة النصرة، بل كانت بمثابة معمودية حزن وأسى على الأهالي الذين فقدوا الثقة في دولة غير قادرة على حماية أبنائها، وتعتبر أن التفاوض مع داعش لاستعادتهم أحياء إنتقاص من السيادة الوطنية، بينما إعتبرت التفاوض مع داعش لاستعادة رفاتهم إنتصارا.

اليوم تضع الدولة اللبنانية ممثلة برأس الهرم، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أوسمة على نعوش العسكريين الشهداء خلال مراسم التكريم التي ستقام في باحة وزارة الدفاع في اليرزة، قبل أن يتسلم الأهالي رفات أبنائهم لنقلها ودفنها في البلدات الوادعة من فنيدق في عكار والضنية ومرورا بالقلمون وصولا الى الجنوب والبقاع التي كانت تنتظر وتمني النفس في أن يأتي أبناؤها أحياء رافعين شارات النصر ومرفوعين على الأكتاف، بدل أن يأتوها  في نعوش محمولة على الأكف.

جميل أن تكرم الدولة عسكرييها الشهداء، فالجيش أمامه طريقان، إما النصر أو الشهادة، لكن في قضية العسكريين الشهداء يكون التكريم قبل منح الأوسمة، بتحديد المسؤوليات التي من شأنها أن تبرد قلوب الأهالي التي إنكوت بجمر الانتظار، ونيران الخوف والهلع على مدار ثلاث سنوات.

التكريم يكون بكشف كل المقصرين في هذا الملف، وكل المعرقلين، وباعطاء صورة واضحة نقية، عن كل ما حصل منذ تاريخ الاختطاف الى اليوم، بما يتعلق بالهجوم العسكري الذي لم يُستكمل، والتفاوض الذي تأرجح بين الايجابيات والسلبيات، والوعود، ومحاولات الاستغلال بكل أنواعه، والتدخلات الخارجية، والوسطاء المحليين، لأن هيبة الدولة في هذا الملف ما تزال على المحك، فاما أن تضيء للبنانيين عموما ولأهالي العسكريين خصوصا كل جوانبه، وإلا فان الثقة ستتهاوى أكثر فأكثر.

في خلاصة القول، يُقفل اليوم ملف العسكريين الشهداء بدفنهم في تراب بلداتهم، لكن ملفات أخرى ستفتح بعد إنتهاء مراسم العزاء، أبرزها مواقف الأهالي من بعض القيادات السياسية وفي مقدمتهم وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي رفض الأهالي توجيه الدعوة إليه للمشاركة في مراسم تكريم الشهداء، وملف إعدام المشاركين في قتل أحد العسكريين بعد عملية الاختطاف بأيام، وإصرار الأهالي على معرفة كل التفاصيل المتعلقة بملف أبنائهم، وعلى معاقبة المقصرين، وطبعا ستكون المزايدات السياسية حاضرة، عشية الانتخابات النيابية المقررة عام 2018.  

 

 

سفير الشمال