حداد رسمي في لبنان والتشييع غدا

 

المستقبل :

طُويت صفحة الترقب المرير وفُتحت صفحة الحقيقة المرّة في قضية العسكريين العشرة، ليتحوّل ذويهم من أهالي عسكريين مختطفين إلى أهالي عسكريين شهداء بعدما جاءهم النبأ اليقين أمس من قيادة الجيش بالتعرف على هويات أبنائهم من خلال فحوص الحمض النووي التي أجريت على الجثامين المُستعادة من الجرود. وبانضمامهم إلى قافلة الشهداء كان استقبال رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري لأهاليهم بوصفه واحداً منهم يجمعه بهم المصاب الأليم نفسه بعد أن سبقهم 13 عاماً على درب الجلجلة والفاجعة والمرارة لخسارة الأحبة على مذبح الحرية والسيادة، ومن هذا المنطلق خاطبهم بالقول: «أشعر بمعاناتكم وأتحسس

مدى الظلم الذي لحق بكم، أنا مثلكم مصاب بجريمة اغتيال والدي الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأريد أن أعرف الحقيقة في جريمة الاغتيال ومثابر منذ 12 عاماً للوصول إليها ولكن بطريقة أحافظ فيها على البلد».

وإذ أكد خلال اللقاء الذي جمعهم في السراي الحكومي «إصرار الدولة على القيام بالتحقيقات اللازمة لمعرفة الجناة الذين ارتكبوا هذه الجريمة البشعة والنكراء بكل المقاييس وإحالتهم على القضاء لينالوا عقابهم»، لفت الحريري انتباه أهالي العسكريين الشهداء إلى انطلاق «التحقيق القضائي» في قضية أبنائهم توصلاً إلى كشف الحقيقة وملاحقة المتورطين ومحاكمتهم، وأضاف: «كلنا تأثرنا بجريمة الخطف وبذلنا كل ما بوسعنا لتحرير العسكريين المخطوفين، فنجحنا في تحرير من كان منهم لدى «النصرة»، ولكن لم يكن باستطاعتنا تحرير المختطفين لدى تنظيم «داعش» الإرهابي الذي ارتكب هذه الجريمة»، مشدداً على أنّ «هذا التنظيم الإرهابي هو عدو لبنان ودخل إليه لإشعال الفتنة بين اللبنانيين وإحداث التفرقة بينهم».

وكان قائد الجيش العماد جوزيف عون قد استقبل وفد عائلات العسكريين الشهداء العشرة في اليرزة حيث تم إبلاغهم بالنتيجة الرسمية النهائية للفحوص التي جاءت مطابقة لفحوصات العيّنات المأخوذة منهم، وذلك بحضور مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر والخبير الدولي بتعريف الهوية الإنسانية رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور فؤاد أيوب. 

ونقلت مصادر عسكرية لـ«المستقبل» أنّ اللقاء الذي أعلن إنجاز مهمة التعرف على جثامين الشهداء وفق نتائج فحوص الـ«دي أن إيه»، كانت أجواؤه متداخلة بين الارتياح والألم، موضحةً أنّ أهالي العسكريين الشهداء أبدوا ارتياحهم لتعاطي قيادة الجيش مع قضيتهم سواءً لناحية استعادة جثامين أبنائهم أو لجهة طريقة دعوتهم إلى اليرزة لتبليغهم رسمياً بكشف مصيرهم تطبيقاً للوعد الذي كان قد قطعه قائد الجيش ووضعه هدفاً رئيسياً لعملية «فجر الجرود»، أما الألم فكان مشتركاً بين القيادة العسكرية وأهالي العسكريين تحت وقع النتائج المرّة التي أكدت استشهادهم، وفي هذا السياق شرح العماد عون لوفد الأهالي مسار الأمور خلال الأيام الأخيرة من العملية العسكرية ضد تنظيم «داعش» الإرهابي في الجرود، فأشار إلى أنّ كشف مصير أبنائهم العسكريين كان أولوية لدى القيادة التي وجدت نفسها في نهاية المطاف أمام خيارين إما إكمال المعركة والمخاطرة بضياع فرصة كشف مصيرهم أو القبول باستسلام الإرهابيين وانسحابهم من الأراضي اللبنانية مقابل جلاء مصير العسكريين، وعليه تم اعتماد الخيار الثاني، مع وعد قطعه قائد الجيش لذوي الشهداء أمس بأنّ «كل من أذى عسكرياً سينال جزاءه مهما طال الزمن».

حداد وطني غداً

وللمناسبة الأليمة، أصدر رئيس مجلس الوزراء أمس مذكرة إدارية قضت بإعلان الحداد الوطني غداً «على أرواح شهداء الجيش الأبرار الذين سقطوا في معركة الكرامة - فجر الجرود - وكذلك على أرواح العسكريين الشهداء الذين استشهدوا في وقت سابق وأعلن رسمياً عن استشهادهم»، وعمّمت المذكرة وجوب «إقفال جميع الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات» وتنكيس الأعلام عليها وعلى جميع السفارات اللبنانية في الخارج، فضلاً عن دعوة اللبنانيين إلى الوقوف 5 دقائق عند العاشرة من صباح الغد «تعبيراً لبنانياً وطنياً شاملاً ودعماً لجيشنا الباسل في معاركه الوطنية ضد الإرهاب والإرهابيين وتضامناً مع عائلات الشهداء والجرحى».

ولاحقاً، بادرت جمعية المصارف إلى إعلان الالتزام بيوم الحداد الوطني الذي أعلنه رئيس مجلس الوزراء وطلبت من جميع المصارف الإقفال العام غداً حداداً على أرواح شهداء الجيش.

.. ويُطالب بتحرك أممي

لوقف مأساة الروهينغا

طالب رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري مجلس الأمن والأمم المتحدة بالتدخل «لوقف القتل والتهجير وإنصاف المسلمين الروهينغا في ميانمار فوراً»، لافتاً في تغريدة على «توتير» أمس إلى أنّ «مأساة الروهينغا المسلمين في ميانمار تستدعي وقفة ضمير من المجتمع الدولي».

 

الديار :

لا يمكن اغفال ايجابيات السياسة النقدية التي يتّبعها مصرف لبنان خلال العقدين الماضيين والتي ادت الى:
1- الحفاظ على الاستقرار النقدي رغم كل التحديات التي واجهت النقد اللبناني سياسياً وأمنياً واقتصادياً.
2- لجم معدلات التضخم التي كانت تتجاوز الـ100 في المئة عام 1998 الى أقل من واحد ونصف في المئة حالياً.
3- النجاح في تطوير وتحديث وتنقية القطاع المصرفي اللبناني وتعزيز موقعه الاقليمي والدولي.
4- ارتفاع موجودات القطاع المصرفي من 13 مليار دولار الى اكثر من 200 مليار دولار في نهاية العام 2016 وظفت عبر قروض للقطاعين العام والخاص من اجل ابقاء الاقتصاد واقفاً على رجليه.
5- ارتفاع احتياطي مصرف لبنان من العملات الاجنبية من مليار دولار وتحديداً 300 مليون دولار في نهاية عهد الدكتور ادمون نعيم الى 43 مليار دولار دون احتساب قيمة الذهب الموجود لديه، وذلك لدعم تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية.
6- المساهمة في تعزيز النمو الاقتصادي في السنوات الاخيرة على صعيد منح قروض مدعومة ومخصصة للقطاعات الانتاجية، كما شجع المركزي في تطوير اقتصاد المعرفة الجديدة الذي ادى الى انشاء مشاريع جديدة وتأمين المزيد من فرص العمل خصوصاً للشباب، اضافة الى نجاحه في استعادة الليرة دورها في التداول.
7- كان الممول لاحتياجات الدولة، مع المصارف طيلة السنوات الماضية، عبر سندات الخزينة او اليوروبوندز او شهادات الايداع.
الجدير ذكره ان التسليفات الممنوحة من المصارف للقطاع الخاص المقيم وصلت في نهاية ايار الماضي الى ما يوازي 52058 مليون دولار، والتسليفات المصرفية للقطاع العام ما يوازي 56432 مليار ليرة.
وعلى الرغم من المغالاة احياناً في معدلات الفوائد لتثبيت سعر صرف الليرة التي ادت الى توجه الاموال نحو التوظيفات المالية، فان الارقام السابقة تدل على مدى حجم التسليفات للقطاعين وخصوصاً للقطاعات الانتاجية.
8- تمكن المصرف المركزي من تجنيب لبنان واقتصاده ازمات كبيرة خلال السنوات الـ20 الماضية بفضل سياساته المصرفية والنقدية، ومكّن القطاع المصرفي اللبناني ان يكون القطاع الوحيد في العالم الذي تجنب الخسائر عام 2008 خلال الازمة المالية العالمية.
9- تمكّن المصرف المركزي من حماية القطاع المصرفي من خلال وجود آلية لتطبيق قانون العقوبات الأميركية على حزب الله الذي صدر في العام 2015، وعمل حاكم مصرف لبنان المركزي الدكتور رياض سلامه على التخفيف قدر الامكان من القانون الجديد الذي يبدو اكثر تشدداً، وقد نجح في ذلك نظراً للثقة الدولية التي يتمتع بها وثقة السلطات الأميركية ووزارة الخزانة الأميركية.
في المقابل يقول الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزني الى ان غياب السياسة المالية للدولة وعدم اقرار الموازنات العامة منذ العام 2005، والعجوزات المرتفعة وتنامي الدين وانعدام الاستقرار الامني والسياسي كلها عوامل ادت الى وصول البلد حالياً ما تعيشه اليوم.
واعتبر وزني انه في العهد الجديد، يجب ان تلعب السياسة المالية دورها الذي غاب في السنوات الاخيرة بالتعاون مع السياسة النقدية التي كانت الوسيلة الوحيدة لابعاد مخاطر انهيار الليرة في المدى المتوسط.
لكن وزني اكد ان الليرة محصنة في المدى القريب بسبب احتياطيات مصرف لبنان بالعملات الاجنبية التي وصلت الى 43 مليار دولار، ويعتبر بالتالي اللاعب الاكبر والاول في سوق القطاع ولن يتمكن اي لاعب آخر التلاعب بسعر الليرة، اضافة الى السيولة المرتفعة الموجودة في المصارف والتي تفوق الـ30 مليار دولار بالعملات الاجنبية، وبسبب التوزيع الآمن وسهل التسديد لاستحقاقات الدولة بالعملات الاجنبية.
وطالب وزني بضرورة اعتماد سياسة تنسيقية بين مصرف لبنان والحكومة، اي بين السياسة النقدية والسياسة المالية لضبط العجز في المالية العامة في الدرجة الاولى وبدء عمليات الاصلاحات في البنية التحتية للدولة وفي اتخاذ الاجراءات التحفيزية للنمو الاقتصادي التي قام بها مصرف لبنان خلال السنوات الثلاث الماضية بقيمة تعدت الـ4 مليارات دولار.
واعتبر وزني ما يتم تداوله اليوم من ارقام هو «هرطقة اعلامية» ليس اكثر.
اما رئيس جمعية المصارف السابق الدكتور فرنسوا باسيل فاعتبر ما يتم التداول به «حكي لا يقدم ولا يؤخر» وان القطاع المصرفي الذي باتت موجوداته تتعدى الـ200مليار دولار، والليرة اللبنانية المدعومة باحتياطيات مصرف المركزي، هما بألف خير ووضعهما مريح جداً. ولكن باسيل طالب الحكومة الاهتمام بأوضاع البلد اقتصادياً واجتماعياً وتنشيط المشاريع النائمة خصوصاً بعد موافقة المجلس النيابي على قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص خصوصاً بالنسبة للكهرباء من خلال القانون 462 وقانون 188 لانتاج الكهرباء بحيث يقوم القطاع الخاص بادارة هذا المرفق على ان تكون الرقابة والشفافية من قبل الدولة اللبنانية، مع العلم ان الكهرباء كانت تربح عندما كان القطاع الخاص يديرها منذ العام 1962.
وحول الهندسة المالية التي قام بتنفيذها مصرف لبنان قال باسيل: لو لم يقم المركزي بذلك لكان «طار البلد» خصوصاً في ظل الفراغ الرئاسي والدولة عليها استحقاقات قدرت بـ 2 مليار و500 مليون دولار أميركي.
الجدير ذكره ان الهندسة المالية كانت ضرورية في الظروف التي أطلقها مصرف لبنان وذلك لتعزيز احتياطات مصرف لبنان بالعملات الاجنبية التي تراجعت بشكل كبير جداً حيث تحول ميزان المدفوعات من فائض يقارب 3 مليار دولار الى عجز يفوق الـ3.5 مليار دولار، لذلك كانت ضرورية رغم ان ارباح المصارف قاربت الـ5.6 مليار دولار.
لذلك كان يفترض على الحكومة ان تفرض ضريبة استثنائية على هذه المداخيل الاستثنائية للمصارف بمعدل 30 في المئة بدلاً من 15 في المئة ولكانت أمنت ملياراً ونصف المليار دولار بدلاً من 750 مليون دولار.
الجدير ذكره ان مصرف لبنان بصدد اصدار مؤشرات واحصاءات حول الوضع النقدي والمصرفي قريباً

 

الجمهورية :

رسمياً، صار العسكريون المخطوفون لدى «داعش» شهداء، بظهور نتائج فحوص الـ«D N A»، وإبلاغ قيادة الجيش ذويهم بانطباقها على جثامين أبنائهم، وغداً يوم حداد وطني عليهم، يشارك فيه كل اللبنانيين على مساحة الوطن. في هذا الوقت، حضر موضوع مكافحة الارهاب خلال اجتماع عقده رئيس مؤسسة الانتربول نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية والدفاع السابق الياس المر في دارته في الرابية مساء أمس مع وفد من قيادة الانتربول ضمّ كلاً من: باتريك ستيفنس مدير مكافحة الإرهاب عالمياً، ورالف ماركرت رئيس مكتب الارتباط، ورودولف روك ـ كوشو محلل الاستخبار الجنائي. وتركز البحث خلال الاجتماع على متابعة وتعزيز استراتيجية مكافحة الارهاب على الصعيد العالمي، وعلى تعزيز برامج الانتربول على كل الصعد وبشكل حثيث، ولا سيما ما يتعلّق منها بأمن الحدود ومحاربة الجريمة المنظمة وفق استراتيجيات حديثة. كذلك تطرّق الى سبل دعم لبنان والجيش اللبناني في مواجهة هذا الارهاب.

وإذا كان الاعلان رسمياً عن شهادة العسكريين يُجلي الصورة ويطوي صفحة الغموض الذي اعترَت واحداً من الملفات الاساسية الداخلية على مدى ثلاث سنوات، الّا انّ سائر الملفات الاخرى تبدو مقارباتها معلقة بانتظار ان تحزم السلطة الحاكمة أمرها، وتَفي بسيل الوعود التي قطعتها من اللحظة الاولى التي جلست فيها على كرسي الحكم، من دون ان يدخل ايّ من الوعود الكبرى حَيّز الترجمة الفعلية.

وعلى رغم التقلبات والتحولات التي تشهدها المنطقة، وبعضها يحصل على مقربة من لبنان في الميدان السوري، لم تظهر في الافق اللبناني أيّ مؤشرات على مستوى لبنان الرسمي توحي بمواكبة ما يجري، وتهيئة الأرضية اللبنانية لاستيعاب او احتواء الارتدادات والتداعيات المحتملة لتلك التطورات التي تجري بوتيرة سريعة معزّزة بمواقف دولية تحاكي صورة جديدة لواقع المنطقة يجري رسمها او بلورتها بالشراكة المباشرة بين اللاعبين الكبار.

بل انّ الصورة الداخلية تعكس استغراق اهل السياسة في مناخ التوتير والتقاصف الداخلي المتواصل بين المتاريس المنصوبة بين القوى السياسية الحاكمة، التي ثبت بالملموس أنها تعطي الاولوية للسجال السياسي في محاولة واضحة للهروب من المسؤولية الملقاة على عاتقها، وأقلّها إدخال الحكومة الى حيّز النشاط والانتاجية، بما يترجم خريطة الطريق الذي رسمها اللقاء الذي عقده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع أهل الحكومة، وهو الامر الذي لم يَتبدّ بعد في اي مجال، ومن دون اي مبررات او اسباب مقنعة للناس التي تنتظر ان ترى ترجمة، ولو للحدّ الأدنى ممّا وُعدت به.

المُتتبِع لمسار السلطة الحاكمة وأدائها يلمس انّ اولويات الناس في جانب، واولويات هذه السلطة في جانب آخر. ولعلّ الانجاز الذي حققته في القانون الضريبي المرافق لسلسلة الرتب والرواتب دليل ساطع على ما قدّمته للناس من أثقال ضريبية مرهقة عليهم، هي الآن أمام مشرحة المجلس الدستوري لإصدار قراره المنتظر في الايام القليلة المقبلة لتصويب المسار الضريبي الذي سلّط على رقبة المواطن اللبناني سيف الارتفاع الجنوني والعشوائي للاسعار والاقساط المدرسية منذ ما قبل سريان القانون الضريبي وقانون السلسلة.

تهريب الانتخابات

والمثال الآخر الذي قدمته السلطة الحاكمة، تجلّى في ما وصفه مرجع سياسي لـ«الجمهورية» بـ«استسهال مخالفة الدستور والعبور عليه وكأن لا قيمة له، في الوقت الذي يملأون الشاشات والمنصّات والمناسبات كلها بقصائد المديح وأناشيد التمجيد بالدستور والالتزام به».

ولاحَظ «تهرّب السلطة السياسية من ذكر الأسباب الموجبة التي حملت بعض القوى الفاعلة فيها الى صَمّ آذانها أمام المطالبات المتكررة بإجراء الانتخابات الفرعية في طرابلس وكسروان، وبدل الاستجابة الى هذه المطالبات لجأت الى التهريب المتعمّد لهذه الانتخابات، على رغم انّ هذا التهريب ينطوي على مخالفة صريحة للمادة 41 من الدستور، أخشى انّ البعض مصرّ على اعتبار الدستور إلهاً من تمر يأكله عندما يجوع».

واللافت هو انّ الكثير من الصالونات السياسية والحزبية غارقة هذه الأيام بمناخ تشكيكي ليس فقط بإجراء الانتخابات الفرعية في الوقت الراهن، بل بإجراء الانتخابات النيابية المحددة في أيار المقبل على اساس القانون الجديد.

وعلمت «الجمهورية» انّ ثمّة أصواتاً تتعالى داخل بعض التيارات السياسية التي شاركت مباشرة في إعداد القانون الانتخابي الجديد، وتضعه في موقع غير القابل للتنفيذ، وتشير الى أنّ بعض مواده الاساسية ما زالت ملتبسة ولم يوجد لها توضيح او تفسير او كيفية تطبيقها واحتساب الأصوات.

وقالت شخصية وسطية لـ«الجمهورية»: «حذّرنا بداية من قانون كهذا، بأنه ليس القانون المطلوب او انه يلائم التركيبة اللبنانية، وسبق للنائب وليد جنبلاط أن وصف هذا بالعجيب والغريب الذي لا مثيل له على وجه الارض.

حتى الآن لا استطيع ان اقول كيف سيطبّق هذا القانون، انا لا اعرف، ثم اذا كان القانون عَصياً على الفهم حتى على من أعدّه، فكيف على المواطن؟ مع العلم انّ اي مبادرة تعريفية بهذا القانون لم تبادر اليها الجهة المعنية بهذا الامر في وقت تفصلنا عن هذه الانتخابات بضعة أشهر»؟

يُشار هنا الى انّ اللجنة الوزارية المكلفة البحث في تطبيق قانون الانتخاب اجتمعت في السراي الحكومي أمس برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، وفي حضور الوزراء نهاد المشنوق، جبران باسيل، بيار بو عاصي، علي حسن خليل، علي قانصوه، أيمن شقير، طلال أرسلان، محمد فنيش ويوسف فنيانوس والأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل. وجرى البحث في التعديلات التقنية على خطة الانتخاب في حال أقرّت، بالإضافة إلى موضوع البطاقة الممنغطة.

صفقة البواخر

على انّ حماسة السلطة الحاكمة المفقودة حيال مقاربة الملفات المُلحّة للناس، تبدو في كامل حيويتها واندفاعاتها في مقاربة ملفات أخرى تثار حولها علامات استفهام وتُحاط باتهامات تضعها في خانة الشبهة، كصفقة بواخر الكهرباء التي بلغ إصرار بعض اطراف الحكومة حدّ الاستماتة على تمرير هذ الصفقة لصالح جهة معيّنة خلافاً للقانون ولأصول إعداد المناقصات، وعلى رغم أكلافها المرهقة للخزينة وعدم قدرتها على إنقاذ وضع الكهرباء من الانهيار الذي تعانيه.

وعلمت «الجمهورية» انّ تقرير إدارة المناقصات حول دفتر الشروط المتعلق ببواخر الكهرباء - 2، بلغ مراجع سياسية رفيعة المستوى، وقال احدها لـ«الجمهورية» إنه تعمّق في الملاحظات التي «تضمنها التقرير حول المناقصة، وأرى من الضروري الأخذ بها».

وعندما قيل للمرجع إنّ وزير الطاقة سيزار ابي خليل قد يحيل الموضوع للتنفيذ، أجاب: «لا يستطيع ذلك، الكلمة الفصل في هذا الموضوع هي لمجلس الوزراء، ونقطة على السطر».

بدوره، أوضح ابي خليل أنه «سيردّ هذا الاسبوع بكتاب على ملاحظات ادارة المناقصات»، مشيراً الى انّ «بعض ملاحظات ادارة المناقصات مقبول والبعض الآخر يتعارض مع نظام كهرباء لبنان المالي ولا يمكن تطبيقه في أي حال». وترك للبنانيين «استنتاج ما إذا كانت عرقلة البواخر تتمّ لأسباب سياسية أم لا».

وتبعاً لذلك، قال احد الوزراء المعارضين لِما سمّاها «صفقة العارض الوحيد» لـ«الجمهورية»: «ثمّة إجماع لدى خبراء واختصاصيين عدة بأنّ صفقة البواخر مفصّلة على مقاس شركة معينة، ولم نسمع من الوزير المعني سوى هجوم على إدارة المناقصات في الوقت الذي تتصدى لدفاتر الشروط المعلبة منذ سنين والمفصّلة على قياس شركة واحدة».

أضاف: «إنّ إصرار وزير الطاقة على اطلاق الصفقة، وإجرائها من قبل إدارة المناقصات، يبدو كمحاولة لإظهار انه يُجري مناقصة شفافة، فيما الواقع أنّ ما يجريه هو أقل من اتفاق رضائي. ذلك أنّ الأصول الإجرائية المتعلقة بالإتفاقات الرضائية، حتى وإن كان موضوعها: ضيافة أو لوازم مكتبية، تفرض إجراء استقصاء أسعار لدى عارضين عدة لاختيار العرض الأفضل قبل إبرام العقد».

وكشف «انّ الوزراء المعنيين سيطرحون هذا الملف امام مجلس الوزراء، فكما كنّا نشكّك في المناقصة السابقة، هناك أسباب كثيرة جعلتنا نشكّك اكثر بالمناقصة الثانية، والتي حاولنا ان نضع لها بعض الضوابط في جلسة مجلس الوزراء، لكن يبدو انّ ما طرحناه عمل البعض على تجاوزه وكأنّ شيئاً لم يكن.

وما نستغربه هو انّ الوزير المعني يدافع عن دفتر شروط يحتوي نقاطاً تفضيلية لعرض محدد بذاته، فيما الأفضلية الوحيدة المعمول بها لدى إدارة المناقصات هي الحفاظ على المال العام. أمّا أفضلية النقاط غير المشروعة، فهي تخالف قانون المحاسبة العمومية وتضرب مبدأ المساواة، الذي يشكّل أحد أهم المبادئ التي ترتكز عليها الصفقات العمومية.

كما انه بَدل السعي إلى تأمين العلنية الكاملة بالإعلان عن الصفقة لمدة كافية لتحضير العروض وتقديمها، يسعى جاهداً إلى اختصار المدة بأسبوعين أو ثلاثة، وكأنه مصرّ على ألا تُقَدم سوى عروض جاهزة إلى هذه الصفقة.

كما انه تجاهل أحكام قانون المحاسبة العمومية ونظام المناقصات، ليضع أحكاماً مالية خاصة تُجيز فتح العرض الوحيد، وقبوله سنداً لمادة ملغاة مرتكزة على السعر التقديري. وهنا نسأل الوزير هل وضع سعراً تقديرياً لهذه الصفقة وما هي تكلفتها ومن أين سيؤمّن مصادر تمويلها؟

أسئلة كثيرة نحتاج الى اجابات واضحة عنها، وخصوصاً في ما يتعلق بقرار مجلس الوزراء حول المناقصة، وهذا ما سنصرّ عليه في مجلس الوزراء، إذ عندما قرّر مجلس الوزراء إعادة المناقصة، كان الدافع وراء قراره إشراك أكبر عدد من الشركات فيها، بعدما أفضَت إلى عارض وحيد، ولذلك قرّر إتاحة المجال أمام المعامل الثابتة كما العائمة، واستعمال كل مواد التشغيل المُتاحة، الّا انّ الامانة العامة لمجلس الوزراء أصدرت قراراً مغايراً تماماً لِما اتفق عليه الوزراء وأعلن جزءاً منه وزير الإعلام.

وسار وزير الطاقة عكس الإتجاه، وتعمّد وضع دفتر شروط لا ينطبق إلّا على عارض وحيد، فأقفل الباب محكماً أمام خيارات البر، وخيارات التشغيل بالغاز الطبيعي، وتَمسّك بالمدة المعتمدة في دفتر الشروط السابق لتقديم العروض وتنفيذ المشروع، على رغم أنه عمل على مدى أشهر مع فريقه الإستشاري، ثم مع الإستشاري على تعديلها وإرفاق هذا التعديل بتسهيلات من دون الوصول إلى نتيجة.

فلماذا يريد وزير الطاقة عارضاً وحيداً؟ هل ليضع مجلس الوزراء أمام أمرٍ واقع يبرّر التعاقد رضائياً مع هذا العارض؟ هذا ما سنطلب توضيحه في مجلس الوزراء. مع التأكيد على إجراء مناقصة شفافة باعتماد خيار المنافسة الذي أوصَل عدم وجوده إلى إلغاء المناقصة السابقة».

وقال خبير قانوني مواكب لصفقة البواخر حول قانون المحاسبة العمومية وارتباطه بالصفقة لـ«الجمهورية»: «يوجب هذا القانون، كما نظام المناقصات، عدم إجراء الصفقة وبالتأكيد، عدم عقدها، إلّا إذا ثبت توفّر الإعتماد اللازم لها».

ونَبّه الى «انّ وضع واقعة عدم توفّر الإعتماد معطوفة على مشروع العقد المرفق بدفتر الشروط من شأنها أن تُلحق بالدولة وأموالها خسائر فادحة، من غرامات مالية غير مألوفة، إلى الإلتفاف على القوانين الضريبية، وصولاً إلى إكساب المتعاقد مع الإدارة أرباحاً غير مشروعة، إن من خلال ما يُعرف بمنح التوفير في استهلاك الفيول التي حظّرتها هيئة التفتيش المركزي بتوصيتها رقم 87/2013، لِما ألحقته من ضرر هائل وأكيد بالأموال العمومية، وإن من خلال عقد مُستتر تدفع الدولة من خلاله للشركة ثمن أيّ زيادة على طاقة الـ 400 ميغاواط مهما بلغ حجمها».

 

 

اللواء :

اقفل رسمياً، ملف العسكريين الشهداء، الذين قتلهم تنظيم «داعش».
وغداً، يكرّم لبنان، الرسمي والسياسي والشعبي «الشهداء الابرار» في اليرزة، تحت علم لبنان والجيش اللبناني، الذي زفَّ جنوده شهداء لذويهم، بعد نتائج فحوصات الحمض النووي D.N.A.
ومن مكتب قائد الجيش العماد جوزاف عون إلى خيمة ذوي العسكريين الشهداء في وسط بيروت، إلى السراي الكبير حيث استقبل الرئيس سعد الحريري أهالي وذوي العسكريين الشهداء، واستمع إليهم، ووقف على خاطرهم، وأكد امامهم إصرار الدولة على القيام بالتحقيقات اللازمة لمعرفة الجناة الذين ارتكبوا هذه الجريمة البشعة بكل المقاييس وإحالتهم على القضاء لينالوا عقابهم.
وجدّد رئيس مجلس الوزراء حرص الدولة على ان «تعرفوا الحقيقة حول كل ما حصل، وهذا حقكم، وهناك تحقيق قضائي بدأ، ويستكمل بكشف الحقيقة وملاحقة الجناة والمتورطين ومحاكمتهم وسيدفعون ثمن ارتكاباتهم»، ولئن اقفل ملف العسكريين على «نغص» أصاب نفوس الأهالي، وعتب في غير اتجاه، ومتابعة لمسار التحقيقات القضائية، فإن وزراء «القوات اللبنانية» في الحكومة سيثيرون اليوم في جلسة مجلس الوزراء في السراي الكبير، موضوع الصفقة التي أدّت إلى خروج عناصر «داعش» من الجرود، والتي عقدت بين حزب الله والتنظيم، فضلاً عن عدم التنسيق مع الجيش اللبناني، وفقاً لما أكده وزير الإعلام ملحم رياشي في لقاء تلفزيوني ليل أمس.
وكشف مصدر وزاري «قواتي» ان الوزراء لن يتجهوا إلى التصعيد، أو احراج الحكومة، بل لممارسة قناعاتهم في ما خص دور حزب الله داخل سوريا.
الوضع الحكومي
وفي سياق متصل، وفي تقدير مصادر سياسية رسمية ان الوضع الحكومي سيبقى بمنأى عن التصعيد السياسي الحاصل بين المملكة العربية السعودية وإيران، طالما ان ابعاده إقليمية أكثر مما هي محلية، ما يجعل انعكاساته الداخلية محدودة، وإن اتخذ طابعاً سجالاً أو تصعيداً في المواقف، واعتبرت المصادر نفسها ان هذا الوضع ما زال تحت السيطرة، خاصة وأن تطيير الحكومة بقرار إقليمي غير وارد في هذه المرحلة، نظراً لاستحالة تشكيل أي حكومة أخرى في ظل المناخ المتوتر والمتصاعد.
وتبعاً لهذه التقديرات، تعتقد مصادر وزارية لـ«اللواء» ان تبقى الحكومة تعتمد سياسة النأي بالنفس تجاه التصعيد الحاصل، وأن تكون جلسة مجلس الوزراء اليوم عادية الأجواء وغير متشنجة رغم بعض البنود الساخنة في جدول الأعمال، والتي اعتاد اللبنانيون على تمريرها بأقل خسائر ممكنة، إن لم يكن بلا خسائر.
وتوقعت المصادر ان يتجنّب الوزراء طرح الملفات الخلافية، سواء بالنسبة لتداعيات معركة الجرود، احتراماً لارواح الشهداء العسكريين الذين سيجري تكريمهم غداً في وزارة الدفاع، في ظل الحداد الوطني الرسمي الذي اعلنته الحكومة، أو بالنسبة للمواقف المعلنة من قبل نواب «حزب الله» على اعتبار ان الهدوء هو المطلوب في هذه المرحلة التي تستوجب وضع المصلحة الوطنية العليا، فوق أي اعتبار ومهما علت السقوف.
ولا تخفي المصادر ان رئيسي الجمهورية والحكومة سيسعى كل من موقعه لمعالجة واستيعاب التصعيد الحاصل وحصره في مكانه وحجمه، لتفعيل عمل مجلسي النواب والوزراء، وعزل لبنان عن التجاذب الإقليمي الذي لا أفق له حتى الآن، في ضوء المتغيّرات الميدانية والسياسية السريعة بين يوم وآخر، لا سيما في سوريا. ولذلك رجحت المصادر عدم ادراج أي بند أو موضوع خلافي خلال جلسة مجلس الوزراء اليوم، خاصة ان الجلسة تعقد في السرايا الحكومية وليس في القصر الجمهوري.
اما «الملف المكهرب» المتعلق بصفقة بواخر الكهرباء فسيجد طريقه إلى الحل بطريقة أو بأخرى أو ستبقى الأمور كما هي عليه في حال التيار الكهربائي لفترة وقد تضع الحكومة يدها على كامل الملف بعدما جاء تقرير إدارة المناقصات حول دفتر الشروط الجديد لبواخر الكهرباء مناقضاً لتقرير وزير الطاقة، علماً ان أحد الوزراء قال ان هذا الملف غير مطروح، وأن المطروح بند آخر يتعلق بالمخطط التوجيهي لنقل الكهرباء، وفق البرنامج المقترح والذي يمتد إلى العام 2023.
وتوقع هذا الوزير ان يغيب على الارجح ملف الانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس، لاعتبارات تتعلق بشروط التسوية السياسية، على ان يكون الحاضر الأبرز ملف تعيين مدير عام التعاونيات في وزارة الزراعة، فيما لا تزال المديرة الحالية غلوريا أبو زيد في إجازة قسرية على خلفية الخلاف بينها وبين الوزير غازي زعيتر.
وفي السياق، نقل النواب عن الرئيس نبيه برّي قوله بعد «لقاء الأربعاء» النيابي أمس، ان عدم اجراء الانتخابات الفرعية هو تجاوز وانتهاك للدستور، مترحماً على هذه الانتخابات.
ودعا برّي إلى عقد جلسة تشريعية عامة عند الحادية عشرة من قبل ظهر يومي الثلاثاء والاربعاء في 19 و20 أيلول الحالي نهاراً ومساءً لدرس وإقرار مشاريع اقتراحات القوانين المدرجة على جدول الأعمال، وبينها اقتراح قانون يتعلق بالضرائب على الشركات النفطية، واقتراح قانون تعديل بعض بنود قانون الأحوال الشخصية لدى الطائفة الدرزية، إضافة إلى مجموعة اقتراحات معجلة مكررة يتعلق جزء منها بسلسلة الرتب والرواتب والاتفاقات التي حصلت لتصحيح بعض الشوائب في قانون الضرائب الممولة للسلسلة وقانون السلسلة نفسها.
وأوضح عضو هيئة مكتب المجلس النائب انطوان زهرا بعد اجتماع المكتب برئاسة برّي ان موعد الجلسة التشريعية غير متعلق بقرار المجلس الدستوري حول الطعن بقانون الضرائب للسلسلة، بل بتوفر الظروف الملائمة لعقد الجلسة بوجود رئيس الحكومة، نظرا لسفر الرئيس الحريري إلى موسكو الأسبوع المقبل.
إلغاء البطاقة الممغنطة
وعلى صعيد آخر، أكدت مصادر وزارية شاركت في اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة بحث تطبيق قانون الانتخاب، الذي انعقد مساء أمس برئاسة الرئيس الحريري، ان هناك نقاطاً كثيرة لا تزال بحاجة إلى اجراء مناقشات وبحث حولها، مشددة على ضرورة الإسراع في اتخاذ القرارات المطلوبة لرفعها إلى مجلس الوزراء لدرسها وإعطاء ملاحظاته من أجل اقرارها قبل نهاية الشهر الحالي.
وكشفت المصادر لـ «اللواء» ان موضوع البطاقة الممغنطة لم يعد ضمن مباحثات اللجنة، بعد التوافق على اعتماد «الهوية البيومترية» في الانتخابات النيابية.
وكشفت هذه المصادر ايضا ان وزير الداخلية نهاد المشنوق وزّع على أعضاء اللجنة قبيل انعقادها بقرابة الساعة دراسة نهائية حول آلية الانتخابات والكلفة المالية الإجمالية وتفاصيلها التقنية والحاجة إلى أجهزة كمبيوتر وشبكة انترنيت متطورة، لكن الوزراء لم يتسن لهم الاطلاع عليها بشكل مفصل، فتقرر عقد الاجتماع المقبل يوم الخميس المقبل بعد عودة الرئيس الحريري من موسكو، لأجل هذا الغرض، وبعد ان يكون قد تمّ عرضها على الماكينات الانتخابية التابعة لكل منهم، والقادة السياسيين أيضاً.
وأملت المصادر ان يكون الاجتماع المقبل هو الأخير لإنجاز مهمة اللجنة ورفع الملف إلى مجلس الوزراء، علما ان الوزير المشنوق أكّد لأعضاء اللجنة ان وزارة الداخلية تحتاج إلى ثلاثة أشهر من أجل إنجاز بطاقات الهوية الجديدة.
تشييع الشهداء العسكريين
إلى ذلك، أعلنت قيادة الجيش انها ستقيم في العاشرة من قبل ظهر غد الجمعة في باحة وزارة الدفاع في اليرزة احتفالاً رسمياً لتشييع العسكريين الشهداء العشرة الذين جرى التعرف على هويات جثامينهم رسمياً،وسط حداد رسمي على أرواحهم وتنكيس الاعلام على الادارات والمؤسسات العامة والبلديات وعلى كل السفارات اللبنانية في الخارج واقفال عام في كل مرافق الدولة والمؤسسات الخاصة، وفق المذكرة الإدارية التي اصدرها الرئيس الحريري.
ويحضر احتفال اليرزة الرؤساء الثلاثة عون وبري والحريري ووزير الدفاع يعقوب الصراف وقائد الجيش العماد جوزاف عون وأركان القيادة واهالي الشهداء وشخصيات رسمية وروحية وإجتماعية، على ان يتم بعد ذلك نقل الجثامين في مواكب ستمر في ساحة رياض الصلح حيث خيم الاهالي قبل توجهها الى قراها لتوارى الثرى.
وستشارك في مراسم التشييع في اليرزة والتي ستتحول الى مراسم تكريم،فصائل رمزية من كل قطع الجيش اللبناني البرية والجوية والبحرية،والتي بدأت امس تمارينها على الاحتفال في اليرزة،فيما استعدت بلديات وفعاليات واهالي قرى عكار والبقاعين الغربي والشمالي والشوف لاستقبال الشهداء خلال انتقال مواكب التشييع الى قراهم حيث سيوارون الثرى.
وكان الرئيس الحريري، أكّد خلال لقائه أهالي وذوي العسكريين الشهداء، الذين زاروه في السراي الحكومي، بعد تبلغهم من قائد الجيش رسميا مطابقة فحوصات الحمض النووي D.N.A لابنائهم العسكريين إصرار الدولة على القيام بالتحقيقات اللازمة لمعرفة الجناة الذين ارتكبوا جريمة خطفهم وقتلهم، واحالتهم على القضاء لينالوا عقابهم.
وخاطب الأهالي قائلاً انه حريص على ان يعرفوا الحقيقة حول كل ما حصل، وهذا حقكم، وهناك تحقيق قضائي بدأ، وسيستكمل لكشف الحقيقة وملاحقة الجناة والمتورطين ومحاكمتهم وسيدفعون الثمن.
اما الأهالي، فأكدوا بلسان المتحدث باسمهم حسين يوسف والد الشهيد محمّد يوسف، بأنهم لن يسمحوا لأحد بأن يلعب بقضيتهم، وقال: ان «ما يعزينا ان ابناءنا رفعوا رؤوسنا، وتحملوا كل المآسي والوجع والألم والضغط والإرهاب، واختاروا ان يموتوا بكرامتهم وشرفهم وفي ملابسهم العسكرية، مكررا المطلب الأوّل للاهالي وهو محاسبة الموقوفين عمر وبلال ميقاتي اللذين لهما علاقة مباشرة باستشهاد العسكريين، لافتا إلى ان قضية العسكريين أصبحت اليوم أمانة في عنق الرئيس الحريري ووعدنا بمتابعة الموضوع حتى النهاية، ولن نقبل الا ان يتكرم الشهيد بقتل من قتله.
تجدر الإشارة إلى ان يوسف أعلن انه طلب من الرئيس الحريري عدم حضور الوزير المشنوق مراسم التشييع بسبب مواقفه في العام 2015.
ولاحقاً، ردّ المكتب الإعلامي لوزير الداخلية، موضحا ان ما نسب إلى المشنوق قوله عن العسكريين انهم قتلوا ونعتبرهم شهداء وسنعلق صورهم على الحيطان، غير صحيح وهو لم يرد على لسانه لا كتابة ولا شفهياً ولا هذا اسلوبه في الكلام أو الكتابة، مشيرا إلى ان العملية الأمنية في المبنى «ب» من سجن رومية تمت بعد إعلان المجموعة التكفيرية الإرهابية عن اعدام الجندي علي البزال، مؤكدا انه لا يشاطرهم الرأي بوجود رابط بين تحرير سجن رومية من احتلال الموقوفين وادارتهم الإرهاب من المبنى «ب» وبين قتل العسكريين الشهداء.
وكشف المشنوق أنّ التحقيقات الرسمية المبدئية التي رافقت الكشف عن مصير العسكريين، أفادت بأنّ «أمير داعش الشرعي ولقبه أبو بلقيس قتل العسكريين المخطوفين قبل عامين، (أي بعد عام من تنفيذ عملية تحرير سجن رومية) بعدما جاء خصيصاً من الرقّة لتنفيذ حكم الإعدام بهم، ولمنع التفاوض بشأن مصيرهم، وغادر بعدها إلى الرقّة مصطحباً معه قيادات داعش التي شاركت في خطفهم وتخلّص هناك من تلك القيادات حتى لا يبقى أثر ولا قدرة على المتابعة»

 

الحياة :

ينكس لبنان غداً الجمعة أعلامه حداداً على العسكريين شهداء الجيش اللبناني بعدما تبلغ أهاليهم أمس رسمياً نتائج الحمض النووي على رفات جثثهم التي نُبشت في جرود عرسال.

واعلان الحداد يترافق مع اقفال الادارات والمؤسسات العامة والمصارف. ودعا رئيس الحكومة سعد الحريري «اللبنانيين الى الوقوف خمس دقائق صمت في العاشرة صباح اليوم المذكور وحيثما وجدوا، تعبيراً لبنانياً وطنياً شاملاً، ودعماً لجيشنا الباسل في معاركه الوطنية ضد الارهاب والارهابيين».

ويشيع لبنان الرسمي العسكريين الشهداء في حفل تكريمي، في باحة وزارة الدفاع يحضره رؤساء الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري والحريري، وقائد الجيش العماد جوزيف عون وقادة الأجهزة الأمنية إلى جانب عائلات الشهداء وشخصيات.

وكان قائد الجيش التقى اهالي العسكريين في مكتبه في حضور مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر والطبيب المختص الذي أشرف على فحوص الحمض النووي وأبلغهم رسمياً نتائج الفحوص التي تثبت ان الجثامين تعود الى ابنائهم.

وانتقل الوفد الى مكتب وزير الدفاع يعقوب رياض الصراف الذي قدم للاهالي تعازيه، معبراً «عن فخره واعتزازه بالأبطال». وأبلغهم، بحسب مكتبه «ان قضية أبنائهم قضية وطنية ويجب إبعادها من التسييس».

وانتقل الاهالي الى خيمة اعتصامهم في ساحة رياض الصلح التي امضوا فيها اكثر من 3 سنوات في انتظار معرفة مصير ابنائهم. ثم قابلوا الحريري في السراي الكبيرة. واكد رئيس الحكومة امام الوفد «إصرار الدولة على القيام بالتحقيقات اللازمة لمعرفة الجناة الذين ارتكبوا هذه الجريمة البشعة والنكراء بكل المقاييس واحالتهم على القضاء لينالوا عقابهم».

وقال: «نشعر بمعاناتكم ومدى الظلم اللاحق بكم، كلنا تأثرنا بجريمة الخطف وبذلنا كل ما بوسعنا لتحرير العسكريين ونجحنا في تحرير من كان منهم لدى النصرة، ولكن لم يكن باستطاعتنا تحرير المختطفين لدى تنظيم داعش الارهابي الذي ارتكب هذه الجريمة، داعش عدو لبنان، دخله لإشعال الفتنة بين اللبنانيين».

وأضاف قائلاً: «نحن حريصون على ان تعرفوا الحقيقة وهذا حقكم، وهناك تحقيق قضائي بدأ وسيستكمل وسيدفع الجناة والمتورطون ثمن ارتكاباتهم. انا مثلكم مصاب بجريمة اغتيال والدي الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وأريد ان أعرف الحقيقة في جريمة الاغتيال ومثابر منذ 12 سنة للوصول اليها ولكن بطريقة أحافظ فيها على البلد».

وقال الناطق باسم الاهالي حسين يوسف: «في قلوبنا حزن كبير وهناك دموع في العيون منذ ثلاث سنوات ولكن في الوقت ذاته هناك فخر وعزة وكرامة. وبعدما تأكدنا اليوم من كل نتائج الفحوص التي اجريت، أصبحنا نطلق على العسكريين المخطوفين العسكريين الشهداء، ولن نسمح لاحد بأن يلعب بقضيتنا اكثر مما تم اللعب بها، وما يعزينا ان ابناءنا رفعوا رؤوسنا وتحملوا كل المآسي والوجع والالم والضغط والارهاب الذي مورس عليهم واختاروا ان يموتوا بكراماتهم وشرفهم وفي ملابسهم العسكرية».

وقال: «لم نتخل عن ملفهم، وخيمة رياض الصلح انتهى دورها، ولكن خيام اهالي العسكريين في بيوتهم وساحات قراهم ستبقى موجودة. وكل من تواطأوا في ملف العسكريين وكانت لهم علاقة بمقتلهم سيطاولهم القانون، والمطلب الاول لنا هو محاسبة عمر وبلال ميقاتي اللذين لهما علاقة مباشرة باستشهاد العسكريين وهذا المطلب طرحناه مع وزير العدل وتفاعل كثيراً معه. كذلك اعلناه من القصر الجمهوري وتم التفاعل معه واليوم عند قائد الجيش والآن مع الرئيس الحريري المجروح مثلنا منذ 12 سنة وهو يطالب بحق قضية والده. وقضية العسكريين اصبحت اليوم امانة في عنقه وهذا حمل كبير عليه، ولن نقبل الا ان يتكرم الشهيد بقتل من قتله».

وشدد على ان «في البلد قوانين والانسان المجرم والدموي والذي يقطع رؤوساً ويذبح فلتسمح لنا منظمات العفو والهيئات الانسانية التي تدافع عن حقوق الانسان. نتمنى استصدار حكم اعدام بحق كل مجرم وضع يده على عسكري، كنا نخاف من انشقاق العسكريين وصدرت اشاعات كثيرة والحمد الله اولادنا اكدوا استمرارهم بالحفاظ على الكرامة وشرف البدلة».

واعلن يوسف معارضة الاهالي مشاركة وزير الداخلية نهاد المشنوق في مراسم تشييع الشهداء، وقال: «في العام 2015 قال انه يعمل على تنظيف السجون ولم نكن ضد ذلك، ولكن توقيت ذلك في تلك المرحلة كان قاسياً بالنسبة الينا واثر في مكان ما على الملف. لا اريد ان اقول انه شارك في قتلهم ولكن في تلك المرحلة استشهد العسكريون وقال يومها الوزير: قتلوهم ونعتبرهم شهداء ونلصق صورهم على الجدران، وهذا المشهد رأيناه اليوم في وزارة الدفاع. مطلبنا إليه اليوم، حرصاً منا ومحبة واحتراماً لموقعه وزيراً للداخلية، أن امهات الشهداء لا يستطعن رؤيته هناك، لانه من الممكن ان يحصل اي تصرف يسيء له وللشهداء، ولذلك تمنينا عدم حضوره».

وحيا المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، «وعتِبنا عليه لأنه قال كلاماً آذانا كثيراً وأوجعنا، قد يكون له وضعه وظروفه ولكن كان يجب ان يضعنا في الأجواء حتى نتدارك تعرضنا للموت على مدى سنتين، ولم نكن لنرسل أمهات ونساء الى مجرمين وسفاحين».

ودان يوسف مصطفى الحجيري، الذي ظهر في شرائط مصورة، واعتبره «مجرماً لان كل من يواجه الجيش يكون مجرماً ويجب ان يحاسب». وعن الصفقة التي تمت بين «حزب الله» و «داعش»، قال: «لنا عتب كبير على حزب الله كما عتبنا على اللواء ابراهيم، لانه كان يجب التعاطي مع المجرم كمجرم».

وكان القاضي صقر أحال على مديرية المخابرات في الجيش، ملف العسكريين الشهداء لإجراء التحقيقات الاولية وضمه الى ملف القضية الذي فتح في أثناء خطفهم.

على صعيد آخر، شيع «حزب الله» وأهالي بلدة أرنون أحد عناصره ربيع عفيف عليق (ابو هادي) الذي استعيد جثمانه من ايدي «داعش» منذ ايام في اطار صفقة التبادل بين الطرفين.

الا ان «حزب الله» لم يتمكن حتى الساعة من استعادة اسيره لدى «داعش» احمد معتوق، وذلك بسسب الغموض الذي يلف مصير قافلة مسلحي «داعش» التي كانت عالقة في الصحراء بعد خروجهم من الجرود اللبنانية والسورية. وعلمت «الحياة» ان اهل الاسير والحزب كانوا استعدوا لاستقبال ابنهم الا انهم جمدوا كل مظاهر الاحتفال.

 

مواقف

وفي ردود الفعل، وجهت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، تعازيها إلى عائلات العسكريين والدولة، مؤكدة ان العسكريين «سيبقون رمزاً للشجاعة والالتزام والتفاني في سبيل بلدهم». كما توجهت بالتعازي إ